الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 19 أكتوبر 2020

الطعن 28 لسنة 40 ق جلسة 27 /3/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 أحوال شخصية ق 94 ص 587

جلسة 27 من مارس سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجودة أحمد غيث، وإبراهيم السيد ذكرى، وإسماعيل فرحات عثمان.

---------------

(94)
الطعن رقم 28 لسنة 40 ق "أحوال شخصية"

(1، 2  ) شركات. "شركات التوصية" ملكية.
 (1)شركة التوصية. شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء. خروج حصة الشريك عن ملكه وصيرورتها مملوكة للشركة.
(2) الأصل أن حصة الشريك في شركات الأشخاص غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء. تنازل الشريك دون موافقتهم. أثره. بقاء هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير مع عدم نفاذه قبل الشركة أو الشركاء. علة ذلك.

--------------
1 - شركة التوصية البسيطة، هي شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، ومن مقتضى هذه الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء، فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة.
2 - الأصل في حصة الشريك في شركات الأشخاص أنها غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء أخذاً بأن الشريك قد لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شريكاً، إلا أنه مع ذلك - يجوز له أن يتنازل عن حقوقه إلى الغير بدون موافقتهم، ويبقى هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير لأن الشريك إنما يتصرف في حق من حقوقه الشخصية التي تتمثل في نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها، ولكن لا يكون هذا التنازل نافذاً في حق الشركة أو الشركاء، ويبقى هذا الغير أجنبياً عن الشركة وهو ما نصت عليه المادة 441 من التقنين المدني السابق بقولها "لا يجوز لأحد من الشركاء أن يسقط حقه في الشركة كله أو بعضه إلا إذا وجد شرط يقضي بذلك، وإنما يجوز له فقط أن يشرك في أرباحه غيره ويبقى هذا الغير خارجاً عن الشركة" ولكن التقنين المدني الحالي لم يأت بنص مقابل لأن حكمه يتفق مع القواعد العامة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة الأولى أقامت الدعوى رقم 42 لسنة 1965 أحوال شخصية للمصريين غير المسلمين أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية - والتي قيدت بعد إحالتها إلى دائرة الأجانب برقم 55 لسنة 1965 الإسكندرية الابتدائية للأحوال الشخصية - بطلب الحكم ضد المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها...... وضد الطاعنة الثانية بثبوت وفاة المرحوم..... بتاريخ 13 من إبريل 1965 وانحصار إرثه فيها وفي الطاعنة الثانية وببطلان أي تصرف يكون قد صدر منه، وقالت شرحاً لدعواها أن شقيقها المرحوم........ المصري الجنسية توفى بتاريخ 13 من إبريل 1965 وانحصر إرثه فيها وفي شقيقته الأخرى الطاعنة الثانية، وقد نازعتهما المطعون عليها وادعت أنها زوجته. طلبت المطعون عليها الحكم بانحصار الإرث فيها وفي ابنتها القاصر من المورث وفي شقيقتيه الطاعنتين، وأضافت أن المورث توفى بعد أن أوصى لها ولابنتها القاصر بثلث تركته، كما وهبهما حصة قدرها النصف في شركة توصية بسيطة - هو شريك متضامن فيها - بموجب عقد الهبة الموثق بتاريخ 30 من مارس 1965 بواقع ستة قراريط لكل منهما. ادعت الطاعنة الثانية بتزوير عقد الهبة. وبتاريخ 9 من يونيو 1966 حكمت المحكمة (أولاً) بثبوت وفاة المرحوم........ وفي 13 من إبريل 1965 وانحصار إرثه الشرعي في زوجته المطعون عليها ولها الثمن في تركته فرضاً وفي ابنته منها ولها النصف فرضاًًً وفي شقيقتيه الطاعنتين ولهما باقي التركة تعصيباً. (ثانياً) بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى صحة التوقيع المنسوب للمورث على عقد الهبة تنازلت الطاعنة الثانية عن إجراءات الادعاء بالتزوير، ودفعت الطاعنة الأولى بصدور الهبة في مرض موت المورث وباعتبارها تصرفاً تسري عليه أحكام الوصية، وبتاريخ 27 من يونيو 1968 حكمت المحكمة بإنهاء إجراءات الادعاء بالتزوير وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت الطاعنة الأولى أن عقد الهبة صدر من مورثها خلال فترة تزايد المرض واشتداد وطأته عليه للدرجة التي يغلب فيها الهلاك وشعوره بدنو أجله وانتهاء حالته المرضية سالفة الذكر بوفاته، وبعد سماع شهود الطرفين حكمت المحكمة بتاريخ 12 من يونيو 1969 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 6 لسنة 25 ق أحوال شخصية أجانب الإسكندرية، وبتاريخ 23 من مارس سنة 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر, وحددت جلسة لنظره, وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنتان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه التناقض، ذلك أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي التي يستفاد منها أنه اعتبر عقد الهبة موقوفاً على إجازة الشركاء، في حين أن الحكم المطعون فيه اعتبره باتاً، وهو من الحكم تعارض في التسبيب يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن البين من الاطلاع على حكم محكمة أول درجة الصادر بتاريخ 12 من يونيو 1969 أنه أورد في هذا الخصوص قوله "... ومن ثم كان عقد الهبة المؤرخ 30 من مارس 1965. وقد تم توثيقه أمام موظف رسمي مستوفياً لشرائط صحته شكلاً وموضوعاً إذ صدر الإيجاب من الواهب وصادف قبولاً حالاً ومقرراً في مجلس العقد، ولم تنعقد هذه الهبة في مرض موت الواهب فلا تعتبر تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت تسري عليها أحكام الوصية، وإنما تخضع لأحكام الهبة الصحيحة المقررة في القانون، ولا يقدح في هذه النتيجة والتي تتفق وصحيح حكم القانون ما ذهبت إليه المدعية - الطاعنة الأولى - في دفاعها من أن عقد الهبة انعقد موقوفاً على إجازة باقي الشركاء في الشركة ذلك أن هذه الإجازة بالنسبة لحصة الشريك الواهب ليست من الأركان اللازم توافرها لانعقاد الهبة وإنما هي لازمة لاستمرار الشركة...." وكان مفاد ما قرره هذا الحكم أنه انتهى إلى أن عقد الهبة منجز ولم يعتبره موقوفاً على إجازة باقي الشركاء وهو بذلك يستقيم مع ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص فلا يكون هناك ثمة تناقض.
وحيث إن حاصل النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع منها أن الحكم المطعون فيه استند في قضائه برفض الدعوى إلى أن العبارة الواردة بالبند الرابع من عقد الهبة لم يقصد منها تعليق الهبة على موافقة باقي الشركاء وإنما مجرد الحصول على هذه الموافقة لحسن سير استغلال الشركة، وأن عقد الشركة لم يتضمن أي قيد على تصرف الشريك في حصته حال حياته بل إنه نص على أيلولة حصة المورث بعد وفاته إلى ابنته....، وأن هذا يقطع بأن عقد الهبة صدر منجزاً وارتضاه باقي الشركاء بدليل أنهم لم يعترضوا عليه ولم يطلبوا حل الشركة وتصفيتها، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في الاستناد وفساد الاستدلال، ذلك لأنه خرج بعبارة البند الرابع من عقد الهبة عن مدلولها فهذه العبارة ليست منشأة وإنما مقررة بحيث لو لم تكن موجودة لتحتم العمل بموجبها، هذا إلى أن المستفاد مما قرره الحكم أنه سمح للشريك في شركة التوصية البسيطة - وهي من شركات الأشخاص - بالنزول عن حقه في الشركة وأباح انتقال هذا الحق بالميراث إلى من يخالفه، وفي ذلك مخالفة القانون لأن المادة 528/ 1، 2 من التقنين المدني تقضي بأن الشركة تنتهي بموت أحد الشركاء ما لم ينص في عقد الشركة على استمرارها بين الشركاء الأحياء ورثة الشريك المتوفى مما مفاده أنه لا يجوز نزول الشريك عن حقه في الشركة إلا بإجازة باقي الشركاء سواء بنص في العقد أو باتفاق لاحق، علاوة على أن الحكم أخذ من سكوت بقية الشركاء وإحجامهم عن طلب حل الشركة قرينة على موافقتهم على الهبة مع أنه كان يتعين على الحكم أن يثبت علمهم بحصول الهبة، بل أن مسلكهم في دعوى الحراسة المقامة من الطاعنتين يتم عن عدم موافقتهم على الهبة، الأمر الذي يعيب الحكم بالخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه إذا كانت شركة التوصية البسيطة التي كان المورث شريكاً متضامناً فيها هي شركة تجارية ذات شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركاء فيها، ومن مقتضى هذه الشخصية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون للشركة وجود مستقل عن الشركاء فتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر ضماناً عاماً لدائنيها وحدهم، كما تخرج حصة الشريك في الشركة عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة، ولا يكون له بعد ذلك إلا مجرد حق في نسبة معينة من الأرباح أو نصيب في رأس المال عند قسمة الشركة، وكان الأصل في حصة الشريك في شركات الأشخاص أنها غير قابلة للتنازل إلا بموافقة سائر الشركاء أخذاً بأن الشريك قد لوحظت فيه اعتبارات شخصية عند قبوله شريكاً، إلا أنه - مع ذلك - يجوز له أن يتنازل عن حقوقه إلى الغير بدون موافقتهم، ويبقى هذا التنازل قائماً بينه وبين الغير لأن الشريك إنما يتصرف في حق من حقوقه الشخصية التي تتمثل في نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها ولكن لا يكون هذا التنازل نافذاً في حق الشركة أو الشركاء ويبقى هذا الغير أجنبياً عن الشركة، وهو ما نصت عليه المادة 441 من التقنين المدين السابق بقولها "لا يجوز لأحد من الشركاء أن يسقط حقه في الشركة كله أو بعضه إلا إذا وجد شرط يقضي بذلك. وإنما يجوز له فقط أن يشرك في أرباحه غيره ويبقى هذا الغير خارجاً عن الشركة"، ولكن التقنين المدني الحالي لم يأت بنص مقابل لأن حكمه يتفق مع القواعد العامة. لما كان ذلك وكان الثابت أن مورث الطرفين وهب المطعون عليهما الحصة التي كان يمتلكها بصفته شريكاً متضامناً وقدرها النصف في شركة التوصية البسيطة فإن هذا التصرف وعلى ما سلف البيان يكون صحيحاً فيما بين الواهب والموهوب لها لأنه ينصرف إلى نصيبه في الأرباح وفي موجودات الشركة عند تصفيتها، وكان النزاع قد ثار في الدعوى بين الموهوب لهما وبين باقي الورثة - الطاعنتين - حول صدور الهبة في مرض موت المورث، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الهبة لم تصدر في مرض الموت ورتب على ذلك أن العقد صدر منجزاً، وكان ما أورده الحكم بشأن إجازة باقي الشركاء لعقد الهبة وموافقتهم عليه هو استطراد زائد عن حاجة الدعوى لأنه لم يكن لازماً للفصل في موضوع النزاع الدائر بين الطرفين حول صحة الهبة وإنما يتصل بمدى نفاذ هذا العقد في حق الشركة وهو ما يخرج عن نطاق الدعوى، وإذ انصب النعي بالأسباب الثاني والثالث والرابع على هذه التقريرات الزائدة ولم يوجه إلى قضاء الحكم في موضوع الخصومة فإن النعي عليه بهذه الأسباب يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق