جلسة 24 من أكتوبر سنة 1968
برياسة السيد المستشار/
محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد
المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
-----------
(191)
الطعن رقم 264 لسنة 34
القضائية
(أ) أشخاص اعتبارية.
"مسئولية الشخص الاعتباري". وقف. مسئولية.
مسئولية الوقف - باعتباره
شخصاً اعتبارياً - قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير.
(ب) حراسة. "حراسة
قضائية". "التزامات الحارس".
التزام الحارس القضائي
بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند
انتهاء الحراسة. هذه الالتزامات على عاتق ناظر الوقف الذي يعين حارساً قضائياً.
(ج) حراسة. "حراسة
قضائية". تقادم. "تقادم مسقط".
التزام الحارس القضائي
بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده عند انتهائها وتقديم حساب عن إدارته.
التزامات مصدرها جميعاً القانون. وتتقادم بمضي خمس عشرة سنة. عدم خضوعها للتقادم
الثلاثي.
----------------
1 - الوقف - باعتباره
شخصاً اعتبارياً - مسئول قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير.
2 - من المقرر في القانون
المدني الملغي والقائم أن الحارس القضائي يلزم بإدارة المال الموضوع تحت الحراسة
القضائية وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند انتهاء الحراسة إلى صاحبه ومن
ثم فإن هذه الالتزامات تقع على عاتق ناظر الوقف الذي يعين حارساً قضائياً على
الأطيان المتنازع عليها.
3 - التزام الحارس
القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده لصاحب الشأن عند انتهاء
الحراسة وبتقديم حساب عن إدارته له، هذه الالتزامات جميعاً مصدرها القانون فلا
تتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للأصل العام المنصوص عليه في المادة 208 من
القانون المدني القديم ولا تخضع للتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من
القانون المدني القائم. وإذا كانت الدعوى بطلب إلزام الحارس القضائي بتقديم حساب
عن مدة الحراسة وبإلزامه بدفع فائض ريع العين التي كانت تحت الحراسة فإن التزامه
بذلك لا يتقادم إلا بانقضاء خمس عشرة سنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام
الدعوى رقم 247 سنة 1952 مدني كلي القاهرة بصحيفتها التي أعلنت إلى الطاعن بصفته
في 15 يناير سنة 1959 وقال شرحاً لها إنه بمقتضى عقد إيجار تاريخه 27 أكتوبر سنة
1942 استأجر من وقف السيد عبد العال الذي كان مشمولاً بنظارة المرحوم مصطفى النحاس
أطياناً زراعية مساحتها 123 ف لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نوفمبر سنة 1942 وتنتهي في
آخر أكتوبر سنة 1945 بأجرة سنوية قدرها 10 ج للفدان الواحد وأنه دفع تأميناً قدره
100 ج واستلم الأطيان المؤجرة وقام بزراعتها إلا أنه حدث خلاف بينه وبين إدارة
الوقف المذكور قام الوقف على أثره بتوقيع الحجز التحفظي على الزراعة التي كانت
بالأرض المؤجرة وأقام ضده الدعوى رقم 1083 سنة 1943 مدني سمنود بطلب أجرة سنة 1943
الزراعية وقد قضي فيها للوقف بطلباته كما رفع الوقف الدعوى رقم 1233 سنة 1943
سمنود بطلب فرض الحراسة القضائية على الأطيان المؤجرة في المدة الباقية من عقد
الإيجار وقد قضي فيها بتعيين المرحوم مصطفى النحاس - بصفته ناظراً على الوقف
المذكور - حارساً قضائياً لإدارة الأطيان المؤجرة واستغلالها لحساب المطعون ضده -
ويقول المطعون ضده أنه إذ كان الحارس القضائي قد استولى على الأطيان المؤجرة
تنفيذاً لحكم الحراسة ولم يقدم حساباً عن إدارته فقد رفع هذه الدعوى على وزير
الأوقاف بصفته ناظراً على الوقف المذكور طالباً إلزامه بتقديم كشوف حساب مؤيدة
بالمستندات عن السنوات 1943 و1944 و1945 الزراعية وفي حالة تقديم هذه الكشوف ندب
خبير لفحص الحساب وتصفيته عن المدة من تاريخ استيلاء الوقف على الأرض حتى آخر سنة
1945 الزراعية وبعد تصفية الحساب يقضى بإلزام الوقف بأن يدفع له ما يظهر له في
ذمته وفي 23 مايو سنة 1960 قضت محكمة الدرجة الأولى بندب خبير زراعي لتصفية الحساب
بين الطرفين بعد مراجعة المصاريف وما يجب استبعاده وبيان ما تغله العين من ريع
وذلك عن الزراعة التي استولت عليها إدارة الوقف السابقة عن سنة 1943 ثم عن زراعة
سنتي 1944 و1945 وتصفية الحساب النهائي على الأساس السابق وعلى أساس كافة الأحكام
وعقود الإيجار وكشوف الحساب التي يقدمها الطرفان وبيان ما بذمة كل منهما للآخر.
وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت تلك المحكمة بتاريخ 26 فبراير سنة 1962 (أولاً)
برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة (ثانياً) إلزام الطاعن بصفته
بأن يدفع للمطعون ضده من مال جهة الوقف مبلغ 4445 ج و574 م فاستأنف الطاعن هذا
الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1436 سنة 79 قضائية طالباً إلغاء
الحكم المستأنف ورفض الدعوى ودفع أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضده
بالتقادم الثلاثي طبقاً للمادة 172 من القانون المدني - وفي 25 فبراير سنة 1964
قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنف بصفته (الطاعن) بأن
يدفع للمستأنف عليه (المطعون ضده) مبلغ 2600 ج و753 م وقضت في أسباب الحكم برفض
الدفع بالتقادم الثلاثي المسقط وبتقرير تاريخه 20 إبريل سنة 1964 طعن الطاعن في
هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده ببطلان الطعن لإعلانه بعد الميعاد وقدمت
النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض هذا الدفع وبنقض الحكم المطعون فيه
وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن المطعون ضده دفع
ببطلان الطعن لإعلانه بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات
والتي أحال إليها القانون رقم 43 سنة 1965.
وحيث إن هذا الدفع غير
سديد ذلك أنه وإن كان يبين من إعلان تقرير الطعن أنه أعلن إلى المطعون ضده في 8
أغسطس سنة 1965 أي بعد الميعاد المحدد في القانون رقم 43 سنة 1965 - إلا أن المشرع
أصدر القانون رقم 4 سنة 1967 بتعديل القانون رقم 43 سنة 1965 ونص في المادة
الثانية منه على أنه لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة الإجراءات
والمواعيد التي يقتضيها تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم
43 سنة 1965 سواء بالنسبة إلى الطعون التي رفعت قبل تاريخ العمل به أو الطعون التي
رفعت في الفترة من هذا التاريخ إلى تاريخ نشر هذا القانون - ويجب على الطاعن أن
يستكمل ما لم يتم من تلك الإجراءات ويصحح ما لم يصح منها وفقاً لحكم هذه القفرة وفي
المواعيد المقررة قانوناً وذلك ابتداء من تاريخ نشر هذا القانون أو في المواعيد
التي تحددها المحكمة بغير إخلال بحق المدّعى عليه في الطعن في تقديم دفاعه والرد
عليه وإلا ترتب الجزاء المنصوص عليه في القانون ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى عليه قضاء
هذه المحكمة - أنه متى كان الإجراء قد تم صحيحاً قبل العمل بالقانون رقم 4 سنة
1967 ولو بعد الميعاد الذي كان يقتضيه تطبيق نص القفرة الثانية من المادة الثالثة
من القانون رقم 43 سنة 1965 فإن هذا الإجراء ينتج أثره ولو كان الجزاء على مخالفة
هذا الميعاد بحسب ما كان يقتضيه تطبيق تلك القفرة هو البطلان أو السقوط لأن هذا
الجزاء قد رفعه القانون رقم 4 سنة 1967 بما نص عليه في صدر المادة الثانية منه من
أنه لا يترتب البطلان أو السقوط على عدم مراعاة المواعيد التي يقتضيها تطبيق
الفقرة المذكورة ومن ثم فلا يلتزم الطاعن بإعادة هذا الإجراء في الميعاد الذي
استحدثه ذلك القانون الأخير لأن هذا الميعاد إنما منح للطاعن ليصحح في خلاله ما لم
يكن قد صح من الإجراءات ولاستكمال ما لم يكن قد تم منها قبل العمل بالقانون رقم 4
سنة 1967 - أما الإجراء الذي تم صحيحاً ولو بعد الميعاد فلا ينطبق عليه نص الفقرة
الثانية من المادة الثانية من القانون رقم 4 سنة 1967 وإنما يعتبر صحيحاً ومنتجاً
لآثاره دون حاجة لإعادته وذلك طبقاً للفقرة الأولى من هذه المادة التي رفعت جزاء
البطلان أو السقوط المترتب على مخالفة المواعيد التي كان يقتضيها تطبيق نص الفقرة
الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 سنة 1965 - لما كان ذلك وكان الطعن
قد أعلن إعلاناً صحيحاً للمطعون ضده في 8 أغسطس سنة 1965 فإن الدفع ببطلان الطعن
المؤسس على إعلانه بعد الميعاد القانوني يكون على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول منها التناقض وفساد
الاستدلال والقصور في التسبيب من ثلاثة أوجه ويقول في بيان الوجه الأول منها أن
هذا الحكم انتهى إلى أن الوقف إذ قام بتجهيز محصولات سنة 1943 الزراعية فإنما كان
ذلك منه سعياً في الحصول على إيجار سنة 1943 وليس بناء على توكيل من المستأجر ولا
بناء على حكم الحراسة الذي لم يتناول هذه المحصولات وإن الوقف لا يسأل عن هذه
المحصولات مسئولية الوكيل أو الحارس وإنما يسأل عنها إذا ثبت غشه وهو أمر لم يثبت
في الدعوى ويرى الطاعن أن ذلك كان يقتضي اعتبار مسئولية الوقف عن محصولات سنة 1943
منتفية ما دام لم يثبت غشه إلا أن الحكم عاد وقرر مسئولية الوقف عن هذه المحصولات
وأسقط نتيجة لذلك حق الوقف في الرجوع على المطعون ضده بجميع مستحقاته عن هذه السنة
وهو من الحكم تناقض يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه
غير سديد ذلك أنه لا تناقض فيما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص إذ أنه يفيد
أن المحكمة انتهت إلى اعتبار ذمة المطعون ضده بريئة من أجرة سنة 1943 الزراعية
تأسيساً على أنه أهمل في الإنفاق على الزراعة مما ترتب عليه ضعف محصولها كما تخلى
عن هذه المحصولات للوزارة الطاعنة لتقوم بتجهيزها وبيعها وخصم صافي ثمنها من
الأجرة المستحقة عليه مع تعهده بالوفاء بما تبقى عليه منها وعلى أن الطاعنة قد
بالغت في تقدير ما أنفقته في تجهيز هذه المحصولات وفي تخفيض قيمتها وأنها أهملت إذ
تراخت في تجهيزها وبيعها وهي أسباب سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم
المطعون فيه ولا يقدح في ذلك ما جاء بالحكم المطعون فيه من تقريرات قانونية خاصة
بتكييف العلاقة القانونية بين الوقف والمطعون ضده ذلك أنه أياً كان وجه الرأي فيما
قرره الحكم في هذا الشأن فإنه لا ينال من النتيجة التي انتهى إليها وبالتالي فإن
ادعاء الوزارة الطاعنة بوقوع تناقض مبطل للحكم يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على
الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول إن هذا
الحكم عول في قضائه على تقرير الخبير مع أن هذا التقرير قد ختم بعبارة مؤداها أن
المطعون ضده وقد تخلف منذ اللحظة الأولى عن الوفاء بالتزاماته الناشئة عن عقد
الإيجار ولم يبذل جهداً في سبيل استغلال الأطيان المؤجرة لا يكون له حق في الرجوع
على الوزارة الطاعنة بفائض الريع وأن البيانات التي ضمنها الخبير تقريره لم تكن
تمثل الحقيقة وإنما كانت التزاماً منه للمأمورية التي كلفه بها الحكم الصادر بندبه
وهي عبارة كافية لهدم التقرير وعدم الاعتداد بما تضمنه وإذ جعل الحكم المطعون فيه
هذا التقرير عماداً لقضائه فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه يبين من الاطلاع على تقرير الخبير أنه بعد أن بين المبالغ المستحقة
للمطعون ضده في ذمة الوزارة الطاعنة عن سنوات 1943، 1944، 1945 الزراعية وهي لا
تتجاوز 7000 ج أثبت الخبير أنه يرى التنويه بأنه اتضح له من بحث القضية أن المدعي
(المطعون ضده) لم يقم بأول التزاماته حسب عقد الإيجار فلم يقم بسداد القسط الأول
المطلوب منه مما دعا إدارة الوقف إلى رفع دعوى حراسة وعينت المحكمة فعلاً حارساً
على هذه الأرض لإدارتها وقامت إدارة الوقف بالصرف على الزراعة والإدارة ولم يقم هو
من جانبه بدفع شيء خلاف التأمين وقيمة المدون بالإيصالات وقد جاء سيادته بعد ذلك
يطالب بما نتج من ربح من هذه الإجارة ومعنى ذلك أن سيادته وقد دفع من جملة المطلوب
مبلغ مائة جنيه كتأمين ثم يجيء في كشف حسابه مطالباً بمبلغ تسعة عشر ألفاً من
الجنيهات ثم ختم الخبير تقريره بالنتيجة النهائية وقد أثبت فيها المبالغ المستحقة
للمطعون ضده عن السنوات الثلاثة على التفصيل المبين بالتقرير ويبين من هذا الذي
سجله الخبير في تقريره أنه رأى أن المطعون ضد يستحق في ذمة الوزارة الطاعنة
المبالغ التي أوردها في تقريره وأن الخبير إنما سجل العبارة التي تتحدى بها
الطاعنة للتدليل على أن المطعون ضده كان مغالياً حين طالب بملغ تسعة عشر ألفاً من
الجنيهات وهو يزيد كثيراً عما أظهره له - وقد أكثر الخبير هذا المعنى عندما ناقشته
محكمة الدرجة الأولى بمحضر جلسة 22 يناير سنة 1962 إذ قرر أنه إنما ذكر هذه
العبارة لإثبات أن المطعون ضده كان مبالغاً حين طالب بذلك المبلغ مع أنه لا يستحق
أكثر من سبعة آلاف جنيه - لما كان ذلك فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال
لتعويله على تقرير الخبير يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه
الثالث أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول الطاعنة
إنها دفعت أمام محكمة الموضوع بعدم مسئوليتها عن قلة المحصولات الناتجة من الأرض
في سنة 1943 وعن التأخير في بيعها تأسيساً على أنه لم يكن من واجبها القيام على
الزراعة في تلك السنة كما أنها لم تكن ملزمة بالتصرف في هذه المحصولات وأن أمر
بيعها كان موكولاً للمحضر الذي كان يقوم بإجراءات تنفيذ الحكم رقم 1083 سنة 1943
مدني سمنود كما أنها تمسكت بأن الخبير بنى تقديره لغلة الأطيان على أساس حالة
الأرض وقت معاينته لها بعد مضي أكثر من 15 سنة من انتهاء الإجارة ولم يبن هذا
التقدير على أساس الحالة التي كانت عليها الأرض وقت تأجيرها مما جعل هذا التقدير
مخالفاً للحقيقة والواقع وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري
فشابه قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود
في شقه الأول بأن فيما أورده الحكم المطعون فيه مما سبقت الإشارة إليه في الرد على
الوجه الأول ما يكفي للرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص - ومردود في شقه الثاني
بأنه وإن كان الطاعن قد تمسك أمام الخبير وأمام محكمة الموضوع بدرجتيها بهذا الوجه
من الدفاع إلا أنه لما كان الأصل أن يكون تقدير غلة الأطيان المؤجرة على أساس
حالتها وقت تأجيرها وليس على أساس حالتها في وقت لاحق وكان قيام الخبير بمعاينة
الأرض أمراً تقتضيه طبيعة عمله ولا يعتبر بطريق اللزوم أنه بنى تقديره لغلة هذه
الأرض على أساس حالتها وقت المعاينة وكان لا يوجد في التقرير ما يفيد أنه خالف
الأصل المتقدم وقدر غلة الأطيان على أساس حالتها وقت إجراء المعاينة بل إن الثابت
من هذا التقرير أن الخبير اتخذ أسعار الحاصلات التي وردت في الدفتر المقدم من
الطاعن أساساً لتقديره ولا نزاع في أن هذه الأسعار هي الأسعار التي كانت سائدة في
مدة الإيجار مما يفيد أن تقدير الخبير لغلة الأرض كان على أساس حالتها وقت تأجيرها
وليس على أساس حالتها وقت معاينته لها. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا
الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب
الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن هذا الحكم
أقام قضاءه بمسئوليته تأسيساً على أن ناظر الوقف قد عين حارساً قضائياً على
الأعيان المؤجرة بصفته هذه مما يترتب عليه مساءلة جهة الوقف وهو من الحكم مخالفة
للقانون ذلك أن الحراسة إنما أسندت إلى ناظر الوقف لكفاءته الشخصية في الإدارة
ونزاهته وأمانته وأن هذه الصفات هي التي أهلته لثقة القاضي فعينه حارساً قضائياً
ولم تكن صفته كناظر للوقف هي التي أهلته لهذه الثقة - هذا إلى أن الحارس القضائي
وهو يمارس واجباته إنما يمثل الدائن والمدين والقاضي الذي عينه الأمر الذي يكون
معه القول بمسئولية جهة الوقف عما نسب إلى ناظره من تقصير أثناء قيامه بواجبات
الحراسة مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أنه يبين من الحكم رقم 1233 سنة 1943 سمنود أن المرحوم مصطفى النحاس بصفته
ناظراً شرعياً على وقف المرحوم السيد عبد العال أقام الدعوى بطلب تعيينه بصفته
المذكورة حارساً قضائياً على الأطيان موضوع عقد الإيجار المبرم بين هذا الوقف وبين
المطعون ضده - وقد قضت المحكمة بتعيينه بهذه الصفة، حارساً قضائياً على الأطيان
المؤجرة إلى المطعون ضده لإدارتها واستغلالها بالطريقة التي يراها مناسبة سواء
أكانت بالتأجير أو الزراعة على حساب المدعى عليه "المطعون ضده" وذلك عن
المدة الباقية من عقد الإيجار وخصم قيمة الإيجار السنوي والمصاريف وإيداع الباقي
بعد ذلك خزانة المحكمة وظاهر من ذلك أن الوقف المذكور والذي كان يمثله ناظره
المرحوم مصطفى النحاس هو الذي عين حارساً قضائياً على الأطيان. ولما كان المقرر في
القانون المدني الملغى والقائم أن الحارس القضائي يلتزم بإدارة المال الموضوع تحت
الحراسة القضائية وتقديم حساب عن هذه الإدارة ورد المال عند انتهاء الحراسة إلى
صاحبه فإن هذه الالتزامات تقع على عاتق الوقف الطاعن بعد أن ثبت أنه هو الذي عين
حارساً قضائياً على الأطيان المؤجرة وإذ كان الوقف شخصاً اعتبارياً فإنه يكون
مسئولاً قبل الغير عن الخطأ الذي يقع من ممثله ويضر بهذا الغير وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
ويكون النعي عليه بهذا
السبب على غير أساس.
وحيث إن السبب الثالث
يتحصل في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن
الحكم أسس قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده في رفع الدعوى بمضي أكثر من ثلاث
سنوات على انتهاء مدة العقد على أن مسئولية الحارس ناشئة عن نيابة قانونية قضائية
فلا تسقط إلا بخمس عشرة سنة وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون ذلك أنه وقد كيف
الحكم الحراسة بأنها نيابة قانونية قضائية ورفض النظر القائل بأنها علاقة عقدية
فقد كان عليه أن يقبل هذا الدفع استناداً إلى المادة 172 من القانون المدني على
اعتبار أن ما يقع من الحارس من أخطاء وهو يقوم بواجبات الحراسة لا يعدو أن يكون
أخطاء تقصيرية تحكمها قواعد العمل غير المشروع.
وحيث إن هذا النعي غير
سديد ذلك أن التزام الحارس القضائي بحفظ المال المعهود إليه حراسته وإدارته ورده
لصاحب الشأن عند انتهاء الحراسة وبتقديم حساب عن إدارته له هذه الالتزامات جميعاً
مصدرها القانون فلا يتقادم إلا بمضي خمس عشرة سنة طبقاً للأصل العام المنصوص عليه
في المادة 208 من القانون المدني القديم الذي يحكم الدعوى ولا يخضع للتقادم الثلاثي
المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني القائم ولما كانت الدعوى الحالية هي
دعوى بطلب إلزام الحارس القضائي (الوقف الطاعن) بتقديم حساب عن مدة الحراسة
وبإلزامه بدفع فائض ريع العين التي كانت تحت الحراسة فإن التزامه بذلك لا يتقادم
إلا بانقضاء خمس عشرة سنة ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا
يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولكل ما تقدم يكون الطعن
برمته غير سديد ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق