جلسة 29 من أكتوبر سنة 1968
برياسة السيد المستشار
بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: محمد صادق الرشيدي، وأمين فتح الله،
وإبراهيم علام، وإبراهيم الديواني.
---------------
(193)
الطعن رقم 380 لسنة 34
القضائية
(أ) محكمة الموضوع.
"سلطة محكمة الموضوع في تقدير أقوال الشهود".
استقلال محكمة الموضوع
بتقدير أقوال الشهود. استخلاص الواقع منها. مناطه.
(ب) بطلان. "البطلان
في التصرفات". "التصرف الحاصل من خلف المدين". خلف.
عدم نفاذ التصرف الحاصل
من خلف المدين إلى خلف آخر بعوض في حق الدائن مناطه.
------------------
1 - تقدير أقوال الشهود
واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت هي لم تخرج في ذلك
عما تحتمله أقوالهم.
2 - مفاد نص الفقرة
الثالثة من المادة 238 من القانون المدني أن الخلف - الذي تصرف له المدين بعقد
معاوضة - إذا ما تصرف بدوره إلى خلف آخر بعقد معاوضة، فإن على الدائن الذي يطلب
عدم نفاذ التصرف الأخير في حقه أن يثبت غش الخلف الثاني وألزمه القانون أن يثبت
علم هذا الخلف الأخير بأمرين الأول وقوع غش من المدين وهو أن التصرف منه ترتب عليه
إعساره أو زيادة إعساره والثاني وهو علم الخلف الأول بغش المدين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت
الدعوى رقم 3373 سنة 1960 مدني كلي القاهرة ضد المطعون ضده الثاني بصحيفة معلنة
إليه في 16/ 5/ 1960 طلبت فيها الحكم بإبطال عقد البيع الصادر من زوجها المرحوم
أمين مرقص إبراهيم للمطعون ضده الثاني في 1/ 9/ 1958 والمشهر في 22/ 9/ 1958،
وقالت شرحاً لدعواها إنها تداين زوجها أمين مرقص إبراهيم بمبلغ أربعمائة جنيه
بمقتضى سندين إذنيين قيمة كل منهما 200 جنيه وأنها استصدرت بموجب أحدهما أمر أداء
ضد مدينها المذكور فعارض فيه وقضى برفض معارضته وتأييد أمر الأداء وأنه على أثر
ذلك تواطأ مع أخيه المطعون ضده الثاني وحرر له عقداً في 1/ 9/ 1958 ببيعه له 7 ف
و7 ط و13 س وهي كل ما يملكه المدين من أموال عقارية وذلك غشاً منه وإضرار بحقها
وأشهر هذا العقد في 22/ 9/ 1958 وإذ توفى زوجها المدين في 15/ 6/ 1959 بغير تركة
فقد أقامت دعواها بطلباتها آنفة الذكر. في 22/ 3/ 1961 أدخلت المطعون ضدها الأولى
الطاعن في الدعوى وطلبت إبطال العقد الصادر له من المطعون ضده الثاني في 10/ 10/
1960 والمشهر في 31/ 10/ 1960 والمتضمن بيع هذا الأخير للطاعن الأطيان الزراعية
موضوع الدعوى واستندت في ذلك إلى أن هذا العقد قد تم أيضاً بطريق الغش والتواطؤ
بين طرفيه إضراراً بحقوقها إذ صدر بعد أن شهرت عريضة دعواها ببطلان العقد الصادر
للمطعون ضده الثاني وأن الطاعن يعلم بغش مدينها وعلم المطعون ضده الثاني بهذا الغش
مما يستوجب البطلان. وبتاريخ 25 من فبراير سنة 1962 قضت المحكمة بعدم نفاذ تصرف
المدين أمين إبراهيم ميخائيل لشقيقه مرقص إبراهيم ميخائيل المتضمن بيع الأول
للثاني ومساحته 7 ف و7 ط و13 س أرضاً زراعية مبينة الحدود بالعقد المشهر في 22/ 9/
1958 في حق المطعون ضدها الأولى وبرفض الدعوى بالنسبة للطاعن. استأنفت المطعون
ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة برقم 903/ 79 ق. وفي 3 من ديسمبر سنة
1963 قضت محكمة الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها الأولى أن
الطاعن كان وقت تعاقده مع المطعون ضده الثاني في 10/ 10/ 1960 يعلم بأن عقد البيع
المبرم بين زوجها أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في 1/ 9/ 1958 كان
منطوياً على غش من الطرفين بقصد الإضرار بحقها وترتب عليه إعساره ولينفي الطاعن
والمطعون ضده الثاني ذلك. بعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت في 13 من إبريل
سنة 1964 بإلغاء الشق الثاني من الحكم المستأنف وبعدم نفاذ عقد البيع المبرم بين
المطعون ضده الثاني والطاعن في 10 من أكتوبر سنة 1960 والمشهر في 31 من أكتوبر سنة
1960 في حق المطعون ضدها الأولى بالنسبة لمساحة من الأرض قدرها 7 ف و7 ط و13 س
محددة بعقد البيع المبرم بين المرحوم أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في
أول سبتمبر سنة 1958 والمشهر في 22 من سبتمبر سنة 1958 طعن الطاعن في هذا الحكم
بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن وبالجلسة
المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قد أخذ بشهادة شاهدي
المطعون ضدها الأولى للتدليل على أن الطاعن يعلم بغش المدين ويعلم المطعون ضده
الثاني بهذا الغش مع أن هذين الشاهدين وإن قررا أن الطاعن والمطعون ضده الثاني قد
حضرا إلى منزل المطعون ضدها الأولى وطلبا إليها التصالح على دينها مقابل مبلغ مائة
جنيه إلا أنهما شهدا أيضاً بأنهما لا يعرفان الطاعن ولم يتحققا من شخصيته ولم
يحضرا مجلس العقد وعلى الرغم من أنه لا يمكن الاستخلاص من هذه الشهادة إسناد واقعة
عرض الصلح إلى الطاعن بالذات فقد أخذ بها الحكم مما يعيبه بالقصور والفساد في
الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد في هذا الخصوص بعد أن سرد أقوال
الطرفين "إن المحكمة تطمئن لصحة أقوال شاهدي الإثبات ولا ترى فيما ذكرته
الشاهدة الأولى بشأن عدم تحققها من شخص المستأنف عليه الثاني (الطاعن) ما يجرح صحة
قولها لأن واقعة دخول المنزل حالة وجودها به دون أن تتبين شكله على سبيل التعيين
واقعة مستساغة، كما أن عدم إشارة الشاهدين إلى إعلان المستأنف عليه الثاني عزمه
على شراء الأرض إلا لما سئلا في هذا الصدد لا يبخس قيمة هذه الأقوال إذ لو كانت
موحى بها لحرصا تلقائياً على سرد كل الوقائع التي طلب إليهما ذكرها، ويلاحظ أن
أقوالهما تنحصر في أن المستأنف عليهما (الطاعن والمطعون ضده الثاني) قابلا
المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) منذ نحو أربع سنوات وعرضا عليها التنازل عن
أربعمائة جنيه قيمة الدين المستحق لها لدى زوجها مقابل دفع مائة جنيه وبذلك تكون
هذه الواقعة قد تمت في تاريخ معاصر لرفع الدعوى الحالية لأن الشاهدين سئلا في 4/
2/ 1964 ورفعت الدعوى بصحيفة معلنة في 16/ 5/ 1960، وترى المحكمة في هذه الواقعة
الدليل على اشتراك المستأنف عليهما في إجراء تصرف ينطوي على غش من جانبهما إذ
يستخلص منها أن الأول أخطر الثاني بالدعوى عقب رفعها ضده قبل اختصام الثاني
(الطاعن) وبالظروف التي أحاطت بها سواء ما تعلق منها بإعسار الزوج أو بالتصرف
المطعون فيه ووجه الطعن وقاما بمفاوضة المستأنفة وتهديدها بالتصرف في العقار
بالبيع إن رفضت المبلغ المعروض عليها ولما رفضت بادرا بتحرير عقد البيع الثاني
أثناء سير الخصومة أمام محكمة أول درجة بقصد الإضرار بها بمحاولة نقل ملكية العقار
إلى المستأنف عليه الثاني..." ولما كان هذا الذي أورده الحكم بشأن شهادة
شاهدي الإثبات لا يخرج عما تحتمله أقوالهما في التحقيق، وكان تقدير أقوال الشهود
واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ما دامت هي لم تخرج في ذلك
عما تحتمله أقوالهم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب،
وفي بيان ذلك يقول إن المادة 238 من القانون المدني تشترط لعدم نفاذ التصرف في حق
الدائن والحاصل للخلف الثاني أن يكون هذا الأخير عالماً بأمرين الأول غش المدين
والثاني علم الخلف الأول بهذا الغش، إلا أن الحكم المطعون فيه اكتفى بالنسبة
للطاعن بمجرد العلم المجمل الغامض كدليل على غشه ودون أن يبين كيف استدل من شهادة
شاهدي الإثبات على علم الطاعن بغش المدين وتواطئه مع أخيه المطعون ضده الثاني.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن المادة 238/ 3 من القانون المدني إذ تنص على أنه "إذا كان الخلف الذي
انتقل إليه الشيء من المدين قد تصرف فيه بعوض إلى خلف آخر فلا يصح للدائن أن يتمسك
بعدم نفاذ التصرف إلا إذا كان الخلف الثاني يعلم بغش المدين وعلم الخلف الأول بهذا
الغش إذا كان المدين تصرف بعوض" فقد أفادت بذلك أن الخلف - الذي تصرف له
المدين بعقد معاوضة - إذا ما تصرف بدوره إلى خلف آخر بعقد معاوضة - فإذا على
الدائن الذي يطلب عدم نفاذ التصرف الأخير في حقه أن يثبت غش الخلف الثاني وألزمه
القانون أن يثبت علم هذا الخلف الأخير بأمرين الأول وقوع غش من المدين وهو أن
التصرف منه ترتب عليه إعساره أو زيادة إعساره والثاني وهو علم الخلف الأول بغش
المدين، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذه الشروط وحصل من أقوال شاهدي
المطعون ضدها الأولى على النحو السالف البيان في الرد على السبب الأول أن الطاعن
وهو الخلف الثاني يعلم بغش المدين إذ ترتب على التصرف الصادر منه للمطعون ضده
الثاني إعساره كما استخلص الحكم من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى أن الطاعن
يعلم أيضاً بعلم المطعون ضده الثاني بغش المدين، فإن النعي على الحكم بمخالفة
القانون أو القصور في التسبيب بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى
بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه
أوضح للمحكمة أن التصرف الحاصل إليه من المطعون ضده الثاني لم يشمل جميع الأطيان
التي تصرف فيها المدين إلى المطعون ضده الثاني وهي 7 ف و7 ط و13 س بل إنه باع
بعضها إلى شخص آخر لم يختصم في الدعوى، غير أن الحكم قضى بعدم نفاذ العقد الصادر
من المطعون ضده الثاني إلى الطاعن بالنسبة لمساحة من الأرض قدرها 7 ف و7 ط و13 س
وبذلك خلط الحكم الأطيان التي لم يتعلق بها أي حق للمطعون ضدها الأولى بالأطيان
المملوكة لمدينها مما يعيب الحكم بالقصور.
وحيث إن هذا النعي غير
صحيح ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم نفاذ عقد البيع الصادر
للطاعن المؤرخ 10/ 10/ 1960 والمشهر في 31/ 10/ 1960 في حق المطعون ضدها الأولى
بالنسبة لمساحة من الأرض وقدرها 7 ف و7 ط و13 س محددة بعقد البيع المبرم بين
المرحوم أمين إبراهيم ميخائيل والمطعون ضده الثاني في أول سبتمبر سنة 1958 والمشهر
في 22 سبتمبر سنة 1958، لما كان ذلك فإنه يخرج من نطاق الحكم المطعون فيه أي مساحة
لم ترد بهذا العقد الأخير مما ينتفي معه القول بوجود الخلط الذي أثاره الطاعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين
رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق