الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

الطعن 184 لسنة 38 ق جلسة 17 /1/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 30 ص 174

جلسة 17 من يناير سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة الدكتور حافظ هريدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد سيد أحمد حماد وعلي صلاح الدين وأحمد صفاء الدين وعز الدين الحسيني.

-----------------

(30)
الطعن رقم 184 لسنة 38 القضائية

 (1)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
سلطة قاضي الموضوع في بحث المستندات المقدمة له، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً.
 (2)أموال "أموال عامة". تقادم "التقادم المكسب". حيازة. ملكية.
وضع اليد على الأموال العامة - مهما طالت مدته - لا يكسب الملكية ما لم يقع بعد زوال صفة المال العام عنها. مثال بشأن وضع اليد على أرض طرح النهر.

------------------
1 - لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الوقع متى كان استخلاصه سائغاً.
2 - وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية ما لم يقع به زوال صفة المال العام عنها. وإذ كانت محكمة الاستئناف - بما لها من سلطة موضوعية في تقدير الدليل - قد استخلصت مما ورد بتقرير الخبير أن الأطيان محل النزاع قد استقرت وأصبحت ثابتة منذ...... مما مؤداه زوال صفة المال العام عنها من هذا التاريخ وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر من أقوال شاهدي المطعون عليه وأحد شهود الطاعن أن والد المطعون عليه وضع اليد على الأطيان من قديم الزمان حتى توفى سنة.... فاستمر المطعون عليه في وضع اليد عليها وضعاً مستوفياً كافة شروطه القانونية مدة تزيد على خمس عشرة سنة قبل أن يتعرض له الطاعن أو يعكر عليه حيازته، فإن النعي عليه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكمين المطعون فيهما وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزير الخزانة بصفته (الطاعن) أقام الدعوى رقم 373 سنة 1955 كلي بني سويف ضد....... (المطعون عليه) يطلب فيها الحكم بتثبيت ملكيته إلى الأطيان المبينة بصحيفتها والبالغ مساحتها 7 ف و1 ط و15 س وقال شرحاً للدعوى أن هذه الأطيان من أراضي طرح النهر والمملوكة للحكومة وأن المدعي عليه وضع يده عليها بغير حق، وأن مصلحة الأموال المقررة كانت تجري حصرها عليه سنوياً باعتبار أنه يقوم بزراعتها خفية وتربط عليه مقابل الانتفاع بها، ورغم قيامة بسداد جزء من هذا المقابل على فترات متعاقبة، إلا أنه أقام الدعوى رقم 232 سنة 1951 مدني بني سويف الجزئية يطلب منع تعرض مصلحة الأموال المقررة له في جزء من هذه الأطيان استناداً إلى وضع اليد عليه مدة تزيد على خمس عشرة سنة وقضى فيه لصالحه ومن ثم فقد بادر المدعي برفع دعواه للحكم بطلباته سالفة البيان. وفي 1/ 1/ 1958 حكمت المحكمة بندب خبير لتطبيق مستندات الطرفين على أرض النزاع وتحقيق وضع اليد عليها ومدته وسببه وبعد أن أعادت المحكمة المأمورية للخبير لبيان ما إذا كانت الأطيان من أراضي طرح النهر وتاريخ ارتفاع مستواها عن منسوب ارتفاع المياه في وقت الفيضان العادي، حكمت في 31/ 5/ 1966 للمدعي بطلباته. استأنف المدعى عليه هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 82 سنة 4 ق بني سويف، وفي 7/ 6/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها شهادة الشهود أنه وضع اليد على أرض النزاع مدة 15 سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى ولينفي المستأنف عليه ذلك - وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين، عادت بتاريخ 10/ 2/ 1968 فحكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى - طعن الطاعن في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1967 بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكمين المطعون فيهما القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام دفاعه على أن حيازة المطعون عليه لأرض النزاع هي حيازة عارضة لا تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم، فقد ظلت لجان الحصر التابعة لمصلحة الأموال المقررة تمر عليها منذ سنة 1945 وتحصر الزراعة القائمة بها خفية باسم المطعون عليه الذي كان يقوم بسداد مبالغ من مقابل الانتفاع المربوط على الأطيان، وقدم الطاعن استمارات حصر الخفية والكشوف الدالة على السداد، وإذ عرض الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة هذه المستندات على المطعون عليه بمحضر أعماله المؤرخ 21/ 4/ 1960 أقر بسداد المبالغ الواردة بها وإن كان قد ادعى أنها عن أطيان أخرى بزرعها خفية بحوض القناولة 10، وقدم للتدليل على ذلك كشفين يتضمنان استئجاره 1 ف، 9 ط بالحوض المذكور عن سنتي 1959، 1960 وإذ كان المطعون عليه لم يقدم الدليل على استئجاره لهذا القدر أو وضع يده عليه بطريق الخفية قبل سنة 1959 وكانت بعض المبالغ مسددة قبل السنة المذكورة، وكان الثابت من الكشوف الرسمية المقدمة من الطاعن أن الإيجار المطلوب هو عن مساحة 7 ف، 1 ط، 15 س فقد انتهى الخبير إلى أن المطعون عليه لم يزرع قبل سنة 1959 سوى أطيان النزاع - ويضيف الطاعن أن الكشوف المقدمة منه هي أوراق رسمية وتعتبر حجة فيما تضمنته ما لم يطعن فيها بالتزوير وأن الحكم الابتدائي نفى نية التملك لدى المطعون عليه استناداً إلى ثبوت سداده المبالغ الواردة بهذه الكشوف مقابل انتفاعه بأرض النزاع، إلا أن محكمة الاستئناف اكتفت بمناقشة بعض المستندات المقدمة من الطاعن دون أن تعرض لباقيها، وذهبت إلى أن أوراق الدعوى خلو من عقد إيجار أو إيصال بسداد مقابل الانتفاع بأرض النزاع وفاتها أن الانتفاع بطريق الخفية يتم بغير عقد وأن قسائم دفع مقابل الانتفاع توجد تحت يد المنتفع - كما أغفلت الرد على الأسباب الواردة بتقرير الخبير والتي استند إليها الحكم الابتدائي في قضائه للطاعن بطلباته.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1967 أنه رد على المستندات المقدمة من الطاعن للتدليل على أن المطعون عليه كان يحوز الأطيان موضوع النزاع بطريق الخفية، فإنه لا يوجد في أوراق الدعوى ما يستفاد منه قيام المطعون عليه بسداد مقابل الانتفاع بأرض النزاع الكائنة بحوض.....، وأن الكشوف المقدمة من الصرف لا تفيد استئجار المطعون عليه للأرض موضوع النزاع وإنما تدل على مجرد الادعاء بالتأخير في سداد الأجرة وأن قسيمتي السداد المؤرخين 7/ 9/ 1959، 8/ 9/ 1959 تتعلقان بأطيان أخرى يضع المطعون عليه اليد عليها خفية، وانتهى الحكم من ذلك إلى أن الطاعن قد عجز عن إثبات وجود علاقة بينه وبين المطعون عليه بشأن الانتفاع بالأطيان محل النزاع تنبئ بأن وضع يد هذا الأخير على تلك الأطيان لم يكن بنية التملك، ولما كان ما أثبته الحكم في خصوص المستندات المقدمة من الطاعن له أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، وفيه الرد الكافي على ما خلص إليه الخبير من أن المطعون عليه كان يحوز الأطيان موضوع النزاع بطريق الخفية؛ ولما كان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث المستندات المقدمة له وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع الواقع متى كان استخلاصه سائغاً, وكان المطعون عليه لا يحاج بالكشوف المقدمة من الطاعن والتي تنهض دليلاً على أن يده على أرض النزاع كانت يداً عارضة، فإن النعي على الحكمين بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث الخطأ في القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال؛ وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الخبير أوضح في تقريره أن أطيان النزاع كانت سنة 1906 عبارة عن جزء من خور وهو قطعة من نهر النيل، وقد طميت وارتفعت بالتدريج إلى أن ظهرت في الطبيعة سنة 1910، وأصبحت ثابتة ولا تتأثر بنهر النيل اعتباراً من عملية المساحة الخيرية سنة 1935، وعلى الرغم من ذلك فقد استخلصت محكمة الاستئناف من هذا التقرير أن الأطيان أصبحت مستقرة منذ سنة 1910 في حين أن طرح النهر لا يعتبر مستقراً بمجرد ظهوره في الطبيعة، بل من الوقت الذي يرتفع فيه منسوب الأرض إلى الحد الذي يجاوز منسوب ارتفاع الماء في وقت الفيضان العادي - وقد ترتب على هذا الخطأ أن المحكمة لم تفطن إلى أن أرض النزاع في المدة من سنة 1910 حتى سنة 1935 تعتبر من الأموال العامة بحسبانها جزءاً من النهر، وأن وضع اليد عليها مهما طالت مدته لا يؤدي إلى كسب ملكيتها بالتقادم، ومع ذلك فقد استندت المحكمة في قضائها برفض دعوى الطاعن إلى أن الثابت من أقوال شاهدي الإثبات والشاهد الثاني من شهود النفي أن والد المطعون عليه وضع يده على أطيان النزاع من قديم الزمان بصفته مالكاً لها حتى توفى سنة 1922 فوضع المطعون عليه اليد عليها باعتباره مالكاً ووارثاً لها عن والده - وهذا الذي أورده الحكم مفاده أن حيازة أرض النزاع انتقلت إلى المطعون عليه باعتباره خلفاً لوالده عقب وفاته سنة 1922 وقت كانت فيه الأرض غير ثابتة كطرح نهر، ومن ثم فإن هذه الحيازة تكون معيبة فلا تؤدي إلى كسب الملكية بالتقادم حتى بعد تاريخ استقرار طرح النهر في الخفية، إلا بفعل يعتبر من جانب الحائز معارضة لحق الحكومة، لأن حيازة السلف تنتقل إلى الخلف العام بصفاتها.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه وإن كان وضع اليد على الأموال العامة مهما طالت مدته لا يكسب الملكية ما لم يقع بعد زوال صفة المال العام عنه، إلا أنه لما كانت محكمة الاستئناف بما لها من سلطة موضوعية في تقدير الدليل - قد استخلصت مما ورد بتقرير الخبير أن الأطيان محل النزاع قد استقرت وأصبحت ثابتة منذ 1910، مما مؤداه زوال صفة المال العام عنها من هذا التاريخ وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 10/ 2/ 1968 قد استظهر من أقوال شاهدي المطعون عليه وأحد شهود الطاعن أن والد المطعون عليه وضع اليد على الأطيان من قديم الزمان حتى توفى سنة 1922 فاستمر المطعون عليه في وضع اليد عليها وضعاً مستوفياً كافة شروطه القانونية مدة تزيد على خمس عشرة سنة قبل أن يتعرض له الطاعن أو يعكر عليه حيازته، فإن النعي بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بلا رقابة لمحكمة النقض عليها فيه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق