جلسة 15 من ديسمبر سنة 1969
برياسة السيد المستشار/
حسن فهمي البدوي رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أبو الفضل حفني،
وإبراهيم أحمد الديواني، ومحمد السيد الرفاعي، وطه الصديق دنانة.
--------------
(291)
الطعن رقم 1614 لسنة 39
القضائية
(أ، ب، ج) إثبات.
"إثبات بوجه عام". "شهادة". "معاينة". حكم.
"تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا
يوفره". دفوع. "الدفع بتعذر الرؤية".
(أ ) بناء الحكم على أدلة
لا يجمعها التناسق. لا يعيبه. ما دام قد استخلص الإدانة منها لا تناقض فيه.
(ب) تساند الأدلة في
المواد الجنائية. مؤداه؟
)ج) الدفع بتعذر الرؤية.
متى يكون من أوجه الدفاع الموضوعية؟
)د، هـ، و) دفاع شرعي.
أسباب الإباحة. "الدفاع الشرعي". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير
معيب". اشتراك. اتفاق. سبق إصرار. طعن. "المصلحة في الطعن". نقض.
"المصلحة في الطعن". عقوبة. "العقوبة المبررة".
)د) رمى الحكم دعوى السرقة
ضد المجني عليه بالاختلاق. انتفاء حالة الدفاع الشرعي عن المال.
)هـ) الاتفاق على الجريمة،
أو سبق الإصرار عليها، أو التحيل لارتكابها. عدم توافر موجب الدفاع الشرعي لدى من
توافر لديه أمر منها. أساس ذلك.
)و) معاقبة المتهم بعقوبة
تدخل في عقوبة جريمة القتل المسندة إليه مجردة من ظرف سبق الإصرار. عدم جدوى النعي
على الحكم بتخلف هذا الظرف.
--------------
1 - لا يقدح في استدلال
الحكم، ابتناؤه على أدلة لا يجمعها التناسق التام، ما دام قد استخلص الإدانة منها
بما لا تناقض فيه، وكان لما حصله الحكم من رواية الشهود سنده ومأخذه الصحيح حسبما يبين
من شهادتهم في جلسة المحاكمة.
2 - الأدلة في المواد
الجنائية ضمائم متساندة، فلا يشترط أن تترادف بنصها على الأمر المراد إثباته، بل
يكفي أن يثبت من جماعها.
3 - الدفاع المبني على
تعذر الرؤية لحلك الظلام، حيث لا يستحيل عادة بقوة الأشياء من أوجه الدفاع الموضوعية
التي بحسب الحكم رداً عليها، أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى، وكان الحكم مع ذلك قد
التفت إلى دفاع الطاعنين في هذا الشأن فأسقطه حقه، ورد عليه بما يفنده من أن زوجة
القتيل رأت الطاعنين وهم يختطفون زوجها أمام عينها ثم سمعته يستصرخ مستغيثاً مما
يتهدده من القتل، وأن نائب العمدة رأى شطراً من الاعتداء، وأقر له الطاعنان
الأولان به متعللين لإيقاعه بدعوى مكذبة هي محاولة المجني عليه سرقة جدي لهما، فإن
الطعن يكون على غير أساس متعين الرفض.
4 - إذا كان الحكم قد رمى
دعوى السرقة ضد المجني عليه، بأنها مختلقة. فإن ذلك ينفي بالضرورة حالة الدفاع
الشرعي.
5 - من المقرر أنه متى
أثبت الحكم التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق السابق على
إيقاعها، أو التحيل لارتكابها، انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً
حالاً على عدوان حال، دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه.
6 - متى كان ما أثبته
الحكم يتضمن قيام الاتفاق السابق بين الطاعنين على القتل، وكانت العقوبة الموقعة
عليهم وهي الأشغال الشاقة المؤقتة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية القتل
العمد غير مقترنة بظرف سبق الإصرار، فلا مصلحة للطاعنين من وراء الطعن بتخلف هذا
الظرف.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهم في يوم 20/ 8/ 1967 بدائرة مركز إطسا محافظة الفيوم: قتلوا صابر
سعداوي حسين عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وتربصوا له في
طريق عودته إلى مسكنه وما أن مر بهم حتى أمسكوه عنوة وأدخلوه مسكن أولهم واعتدوا
عليه بالضرب بآلات صلبة راضة وخشنة السطح ثم أجهزوا عليه بالخنق فأحدثوا به
الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وطلبت من مستشار
الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة، فقرر بذلك. وادعت مدنياً كل من والدة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية
على قصر ابنها المجني عليه وهم محروس عن نفسه وبصفته وارثاً لأخيه صالح الذي توفى
في 18/ 12/ 1967 وأحمد عن نفسه وبصفته وارثاً لأخيه صالح وعلية عن نفسها وبصفتها
وارثة لأخيها صالح وعبد التواب وكسبانه وشعبان وثابت وإخلاص وهي الحمل المستكن
الذي انفصل بعد وفاة المجني عليه من زوجته أم هاشم عبد المقصود والسيد الحلفاوي
وطلبوا القضاء لهم قبل المتهمين متضامنين بمبلغ 2000 ج على سبيل التعويض مع
المصاريف وأتعاب المحاماة. ومحكمة جنايات الفيوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230
و231 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته والمادتين 320 و357 من
قانون المرافعات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة
وإلزامهم متضامنين أن يدفعوا للمدعين بالحق المدني عن نفسهم وبصفتهم مبلغ 2000 ج
ألفي جنيه والمصاريف المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن
المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم المطعون فيه أنه إذ أدانهم بجناية القتل العمد قد شابه الفساد في
الاستدلال والقصور في التسبيب، وخالف الثابت في الأوراق، ذلك بأنه أخذهم جملة
واحدة بسبق الإصرار على القتل مع انحصار الباعث عليه في نفس ثالثهم وحده مما يقتضي
علم الآخرين به، وانعقاد عزمهما معه على الثأر له حتى يستقيم الاستدلال على تضامنهم
في المسئولية الجنائية وهو ما لا سند له، ولا شاهد عليه، كما عول في إثبات اعتداء
المجني عليه من قبل ذلك الاعتداء الذي اتخذه ركيزة لسبق الإصرار على شهادة اثنين
ناقض أحدهما الآخر، ولم يرفع العوار الذي شاب شهادة كل من شاهدي الرؤية وما بينهما
من تناقض وعلى الأخص الشاهدة الأولى التي لم تر الاعتداء لحلك الظلمة ولأن باب
المنزل الذي وقع فيه الاعتداء أوصد دونها. وقد قطع ثاني الشاهدين بأن الطاعن
الثالث لم يكن موجوداً بمكان الحادث وقت ذهابه، هذا إلى أن الطاعنين دفعوا التهمة
بأن المجني عليه كان يسرق جدياً وجد إلى جواره عند وصول نائب العمدة إلى محل
الحادث مما يجعلهم في حالة الدفاع الشرعي أو في مرحلة تجاوزه في أدنى الأقدار، إلا
أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا ينهض رداً عليه مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه أثبت في مدوناته بياناً لواقعة الدعوى "أن غنماً للطاعن الثالث - وهو من
أبناء عمومه الأولين - نزلت في زراعة قطن للمجني عليه فانتهره هذا وصفعه فأوغر
صدره وأنهى خبره إليهما، فانعقد عزمهم عل قتله جزاء ما اجترمه، وإذ مر بهم عائداً
بعد العشاء من اليوم التالي من منزل صهره هاجموه وأدخلوه عنوة في منزل الاثنين الأولين
وأوصدوا دونه الباب، وأوثقوه بحبل، وانهالوا عليه معاً، وضربوه ضربة رجل واحد
بالفأس والعصي وأجهزوا عليه بكتم النفس" ودلل الحكم على هذه الواقعة بما
ينتجه من وجوه الأدلة ومنها شهادة الشهود بين راء للحادث وراو عنه، وتقرير الطبيب
الشرعي الذي أثبت بثلاثتهم إصابات من مقاومة، ووجود دماء آدمية حيث قتل المجني
عليه في منزل الأولين، وتلوث الحبل الذي أوثق به المجني عليه بدم آدمي كذلك، فضلاً
عما جاء في المعاينة وتقرير الصفة التشريحية ورمى تصوير الطاعنين للحادث بأن
الباعث عليه محاولة المجني عليه سرقة جدي لهم بأنه محض اختلاق مدللاً على ذلك
بالشواهد الواردة في المساق المتقدم، ثم عرض لنية القتل فأثبتها، ولسبق الإصرار
فدلل عليه تدليلاً سديداً، وخلص في منطق سليم إلى ثبوت جناية القتل العمد بأركانها
المعرفة في القانون في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان لا يقدح في استدلال الحكم
ابتناؤه على أدلة لا يجمعها التناسق التام، ما دام قد استخلص الإدانة منها بما لا
تناقض فيه، وكان لما حصله الحكم من رواية الشهود سنده ومأخذه الصحيح حسبما يبين من
شهادتهم في جلسة المحاكمة، وكان الدفاع المبني على تعذر الرؤية لحلك الظلام حيث لا
تستحيل عادة بقوة الأشياء من أوجه الدفاع الموضوعية التي بحسب الحكم رداً عليها
أخذه بأدلة الثبوت في الدعوى، وكان الحكم مع ذلك قد التفت إلى دفاع الطاعنين في
هذا الشأن فأسقطه حقه، ورد عليه بما يفنده من أن زوجة القتيل رأتهم وهم يختطفون
زوجها أمام عينها ثم سمعته يستصرخ مستغيثاً مما يتهدده من القتل، وأن نائب العمدة
رأى شطراً من الاعتداء، وأقر له الطاعنان الأولان به متعللين لإيقاعه بدعوى مكذبة
هي محاولة المجني عليه سرقة جدي لهما، وكانت الأدلة في المواد الجنائية ضمائم
متساندة فلا يشترط أن تترادف بنصها على الأمر المراد إثباته بل يكفي أن يثبت من
جماعها. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد رمى دعوى السرقة بأنها مختلقة، فإن ذلك
ينفي بالضرورة حالة الدفاع الشرعي، هذا فضلاً عما هو مقرر من أنه متى أثبت الحكم
التدبير للجريمة سواء بتوافر سبق الإصرار أو انعقاد الاتفاق السابق على إيقاعها أو
التحيل لارتكابها انتفى حتماً موجب الدفاع الشرعي الذي يفترض رداً حالاً على عدوان
حال دون الإسلاس له وإعمال الخطة في إنفاذه، وكان ما أثبته الحكم يتضمن قيام
الاتفاق السابق بين الطاعنين على القتل، وكانت العقوبة الموقعة عليهم وهي الأشغال
الشاقة المؤقتة تدخل في حدود العقوبة المقررة لجناية القتل العمد غير مقترنة بظرف
سبق الإصرار، فلا مصلحة لهم من وراء الطعن بتخلفه، ولا وجه لما نعوه، ومن ثم يكون
الطعن على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق