جلسة 4 من فبراير 1976
برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود وعضوية
السادة المستشارين محمد محمد المهدي، وسعد الشاذلي، وعبد الرحمن عياد، ومحمد
الباجوري.
-------------
(83)
الطعن رقم 11 لسنة 44 ق
"أحوال شخصية"
(ا، 2، 3، 4) أحوال شخصية "النسب" إثبات
"الإقرار" "البينة".
(1)النسب يثبت بالفراش الصحيح وبالإقرار وبالبينة. الفراش سبب منشئ
للنسب. البينة والإقرار كاشفان له.
(2)شهادة النفي على أمر وجودي مقبولة في فقه الحنفية.
(3)دعوى الفراش الصحيح الذي يراد به إثبات النسب. التناقض فيها لا
يغتفر. الاستناد فيها إلى أن التناقض في النسب عفو مغتفر وتجوز فيه الشهادة
بالسماع. لا محل له.
(4) بيانات شهادة الميلاد. اعتبارها قرينة على النسب
وليست حجة في إثباته. نسبة الطفل فيها إلى أب معين عدم اعتبارها حجية عليه ما لم
يقر بصحة البيانات المدونة بها.
---------------
1 - النسب كما يثبت
بالفراش الصحيح يثبت بالإقرار وبالبينة، غير أن الفراش فيه ليس طريقاً من طرق
إثباته فحسب بل يعتبر سبباً منشئاً له، أما البينة والإقرار فيهما أمران كاشفان له
يظهران أن النسب كان ثابتاً من وقت الحمل بسبب من الفراش الصحيح أو بشبهته.
2 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن المعول عليه في فقه الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في
المعنى شهادة على أمر وجودي.
3 - إذ كان التناقض في
ادعاء الزوجية والفراش الصحيح لا يغتفر إذ هو ليس محل خفاء، فإنه لا محل لاستناد
الطاعنة إلى ما هو مقرر من أن التناقض في النسب عفو مغتفر وتجوز فيه الشهادة
بالسماع، لأن التناقض هنا واقع في دعوى الفراش الصحيح الذي يراد به إثبات النسب.
4 - المقرر في قضاء هذه
المحكمة أن شهادة الميلاد بمجردها ليست حجة في إثبات النسب، وأن كانت تعد قرينة
عليه، إذ لم يقصد بها ثبوته، وإنما جاء ذكره فيها تبعاً لما قصد منها ووضعت له،
ولأن القيد بالدفاتر لا يشترط فيه أن يكون بناء على طلب الأب أو وكيله، بل يصح
بالإملاء من القابلة أو الأم فلا يعد نسبة الطفل فيها إلى شخص معين حجة عليه طالما
لم يقر بصحة البيانات المدونة بها. وإذا كان الحكم المطعون فيه قد رد على القرينة
المستفادة من شهادة الميلاد بأن المطعون عليه ادعى تزويرها فور تقديم الطاعنة لها،
فذالك حسبه في إهدار القرينة المستفادة منها، ويكون النعي عليه بالقصور غير وارد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه
السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على
المطعون عليه الدعوى رقم 514 سنة 1969 أحوال شخصية (نفس) أمام محكمة القاهرة
الابتدائية بطلب الحكم لها عليه بثبوت نسب ابنها.... إليه وأنه ابنه منها بصحيح
النسب الشرعي وبعدم التعرض لها في ذلك، وقالت شرحاً لها أنها تزوجته بعقد عرفي
صحيح في 10/ 1/ 1964، ودخل بها، وعاشرها معاشرة الأزواج، ورزقت منه على فراش
الزوجية بالولد.... الذي وضعته في 14/ 9/ 1967، وإذ أنكر نسب الصغير دون حق فقد
انتهت إلى طلباتها سالفة البيان. وبتاريخ 28/ 12/ 1970 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى
على التحقيق لتثبت الطاعنة أن المطعون عليه عقد عليها عرفياً في عام 1964 وأنه أخذ
يعاشرها معاشرة الأزواج إلى أن حملت منه بالولد...... الذي ولد في 14/ 9/ 1967
وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 29/ 11/ 1971 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا
الحكم بالاستئناف رقم 89 سنة 88 ق القاهرة طالبة إلغاءه، بتاريخ 18/ 3/ 1974 قضت
محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض،
وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة
مشورة، ورأته جديراً بالنظر، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
سببين، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون،
وفي بيان ذلك تقول إن الحكم بنى قضاءه برفض الدعوى على سند من إهدار أقوال شهودها
قولاً بأن المستندات المقدمة من المطعون عليه والتي تطمئن إليها المحكمة تقطع
بكذبها وأن الطاعنة بذلك عجزت عن إثبات الزوجية، وأنه ليس للمشرع الإسلامي في
إثبات النسب حرص خالص وكل ما يعنيه هو إقرار الحق في شأنه مثل سائر الحقوق، في حين
أن النسب يحتال لإثباته ما أمكن صوناً للولد من الضياع وحفظاً للأغراض ويغتفر فيه
التناقض وتجوز فيه الشهادة بالسماع، ولا تقبل فيه البينة على النص، هذا إلى أن
الفراش ثابت في الدعوى بالدليل اليقيني المستمد من الشهادة الصادقة على وقوعه
وقيام معاشرة زوجية لم يقم دليل يناقضها، وقد فات الحكم أن النسب كما يثبت بالفراش
الصحيح يثبت بما يلحق به كالمخالطة بناء على عقد فاسد أو شبهة، مما لا يجعل مجالاً
للطعن على الفراش الذي تقول به الطاعنة، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن النسب كما يثبت بالفراش الصحيح يثبت بالإقرار وبالبينة غير أن الفراش فيه
ليس طريقاً من طرق إثباته فحسب بل يعتبر سبباً منشئاً له، أما البينة والإقرار
فهما أمران كاشفان له يظهران أن النسب كان ثابتاً من وقت الحمل بسبب من الفراش
الصحيح أو بشبهته، ولما كان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه
أنه قد انتهى إلى عدم قيام الفراش الصحيح الذي ادعته الطاعنة من أن المطعون عليه
تزوجها بعقد عرفي في مدينة القاهرة في يوم وساعة حددتهما، لما ثبت من أنه كان ضمن
نزلاء أحد الفنادق بمدينة الإسكندرية في مهمة رسمية قبل ذلك التاريخ وأنه في
الساعة التي حددتها كان عائداً من الإسكندرية ووقع للسيارة التي تستقلها حادث
تصادم في الطريق الصحراوي على مبعدة من القاهرة، وتأكد ذلك بمحضر التحقيق الرسمي،
وأن أقوال شهود المطعون عليه جاءت مؤيدة لما قدمه من مستندات وكان المقرر في قضاء
هذه المحكمة أن المعول عليه في فقه الحنفية أن الشهادة على النفي تقبل إن كانت في المعنى
شهادة على أمر وجودي وهو هنا قائم لأن شاهدي المطعون عليه الأولين كما يبين من
مدونات حكم محكمة أول درجة انصبت أقوالهما على تأكيد الواقعة الثابتة بالمستندات
الرسمية، وكان لا تثريب على الحكم في نطاق سلطته الموضوعية في الترجيح بين البينات
واستظهار واقع الحال ووجه الحق فيه إذا هو وازن بين الأدلة المقدمة في الدعوى وآثر
الأخذ بدلالة ما قدمه المطعون عليه بعد أن اطمأن إليه وظهر له صدقه، ثم استبان عدم
قيام دليل على وجود زوجية صحيحة أو مخالطة بشبهة، وخلص من ذلك إلى انتفاء الفراش
خلافاً لأقوال شهود الطاعنة، لما كان ذلك وكان التناقض في ادعاء الزوجية والفراش
الصحيح لا يغتفر إذ هو ليس محل خفاء، فإنه لا محل لاستناد الطاعنة إلى ما هو مقرر
من أن التناقض في النسب عفو مغتفر وتجوز فيه الشهادة بالسماع، لأن التناقض هنا
واقع في دعوى الفراش الصحيح الذي يراد به إثبات النسب على ما سلف بيانه، ويكون
النعي عليه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي
بالسبب الثاني القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه
لم يناقش دفاعاً جوهرياً قوامه شهادة ميلاد الصغير المثبت فيها أن المطعون عليه
والده والتي لم يطعن عليها بأي مطعن رغم ما تنطوي عليه من دلالة على ثبوت النسب
وسكوته يعتبر إقرار منه بما ورد فيها ليس له أن ينفيه.
وحيث إن النعي غير سديد،
ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن شهادة الميلاد بمفردها ليست حجة في إثبات
النسب وإن كانت تعد قرينة عليه، إذ لم يقصد بها ثبوته، وإنما جاء ذكره فيها تبعاً
لما قصد فيها ووضعت له، ولأن القيد بالدفاتر لا يشترط فيه أن يكون بناء على طلب
الأب أو وكيله، بل يصح بالإملاء من القابلة أو الأم فلا يعد نسبة الطفل فيها إلى
شخص معين حجة عليه طالما لم يقر البيانات المدونة بها. ولما كان الحكم المطعون فيه
قد رد على القرينة المستفادة من شهادة الميلاد بأن المطعون عليه ادعى تزويرها فور
تقديم الطاعنة لها، فذلك حسبه في إهدار القرينة المستفادة منها، ويكون النعي عليه
بالقصور غير وارد.
ولما تقدم يتعين رفض
الطعن برمته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق