الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 أغسطس 2016

الطعن 17400 لسنة 59 ق جلسة 11 / 1 / 1990 مكتب فني 41 ق 16 ص 118

برئاسة السيد المستشار / محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين / محمد أحمد حسن، وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة، وعبد اللطيف أبو النيل، وعمار إبراهيم.
----------
- 1  دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها".
الأصل في دعاوي الحقوق المدنية ان ترفع إلى المحاكم المدنية. أساس ذلك؟ مناط إباحة إقامة الدعوى المدنية امام المحكمة الجنائية. كون الضرر الذي لحق بالمدعي بالحقوق المدنية ليس ناشئا عن الجريمة عدم جواز الإدعاء به أمام المحكمة الجنائية. علة ذلك.
الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية بوصفها صاحبة الولاية العامة بنظرها والحكم فيها، إنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة من الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية، فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئاً عن هذه الجريمة سقطت هذه الإباحة وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية، ومتى تقرر أن هذه الإجازة مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون، ولما كان الثابت من المفردات أن ورثة المرحوم ............ لم يكونوا طرفاً في عقد البيع موضوع جريمة النصب، وإذ ما كان الضرر الذي لحق بهم - إن وجد - والذي جعله الحكم أساساً للقضاء بالتعويض لهم، لم ينشأ عن جريمة النصب وإنما نشأ عن التعرض لهم في ملكيتهم، وهو فعل وإن اتصل بواقعة الدعوى الجنائية المكونة لجريمة النصب إلا أنه غير محمول عليها مما لا يجوز الإدعاء به أمام المحكمة الجنائية لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية.
- 2  دفاع "الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة حد ذلك؟
لئن كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة، إلا أنه يتعين عليها أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت أدلة الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن أنها فطنت إليها ووازنت بينها.
- 3  حكم " بيانات حكم الادانة".
وجوب اشتمال حكم الادانة علي بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها وأدلة ثبوت وقوعها من المتهم .
من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها، حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً.
- 4  حكم " بيانات التسبيب". نصب .
عدم بيان الحكم في جريمة النصب ما صدر من المتهم مما حمل المجني عليه علي التسليم في ماله . قصور مجرد وجود الشخص مع زوجه في مكان ارتكاب الحادث لا ينهض دليلا علي كونه فاعلا أو شريكا في جريمة النصب .
لما كان من المقرر أيضاً أنه يجب في جريمة النصب أن يعنى الحكم ببيان ما صدر عن المتهم من قول أو فعل في حضرة المجني عليه مما حمله على التسليم في ماله، وذلك حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم، وكان ما أورده الحكم - على النحو البادي ذكره - لا يفيد مساهمة الطاعنة الثانية في ارتكاب جريمة النصب ذلك بأنه لم يبين ما صدر عنها من قول أو فعل في حضرة المجني عليه حمله على التسليم في ماله، وما أورده في مدوناته - على السياق المتقدم - لا يفيد سوى أن الطاعنة الثانية زوجة للطاعن الأول وأنها حضرت في مجلس العقد، وإذ كان ذلك، وكان مجرد وجود الشخص مع زوجه في مكان ارتكاب الحادث - في حد ذاته - لا ينهض دليلاً على إدانته بصفته فاعلاً أو شريكاً في جريمة النصب - مادام الحكم لم يدلل على ارتكاب الطاعنة الثانية فعلاً يجعلها مسئولة عن الجريمة تلك، سواء بوصفها فاعلة أم شريكة فيها - وهو الحال في الدعوى الماثلة. ومن ثم يكون الحكم قد تعيب بالقصور في التسبيب بما يبطله.
- 5  قانون " تفسير القانون".
عقد البيع من العقود الرضائية التي تنتج آثارها بمجرد اتفاق طرفيها عليها التراخي في تسجيل عقد البيع لا يخرجه عن طبيعته باعتباره من عقود التصرف الناجزة عقد البيع العرفي الوارد علي عقار يجيز للمشتري التصرف بالبيع في المبيع بعقد جديد باعتباره محيلا حقه الشخصي قبل البائع .
من المقرر أن عقد البيع هو من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها بين طرفيها بمجرد اتفاق الطرفين على العقد سجل العقد أم لم يسجل، إذ التراخي في التسجيل لا يغير من طبيعة العقد ولا من تنجيزه. وأنه ولئن كان قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 قد تطلب شهر عقد البيع متى كان محله عقاراً أو حقاً عينياً على عقار كيما تنتقل ملكية العقار المبيع أو الحق العيني، إلا أن التراخي في تسجيل عقد البيع لا يخرجه عن طبيعته بوصفه من عقود التصرف، ولا يغير من تنجيزه، ذلك بأن عقد البيع العرفي الوارد على عقار كما يلزم البائع بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري، فإنه كذلك يولد حقوقاً والتزامات شخصية ناجزه بين البائع والمشتري تجيز للأخير أن يحيل للغير ماله من حقوق شخصية قبل البائع له، فيجوز له التصرف بالبيع في المبيع بعقد جديد ولا يشكل ذلك تصرفاً في ملك الغير - بل هو في وصفه الحق وتكييفه الصحيح يتمخض حوالة لحقه الشخصي قبل البائع له، ويكون للمشتري منه ذات الحقوق التي له في عقد البيع الأول، ولا يغير من ذلك أن يكون عقد البيع الثاني، مرتبطاً من حيث المصير وحسب المآل، وجوداً وعدماً بعقد البيع الأول، يبقى ببقائه ويزول بزواله، اعتبارا بأن عقد البيع العرفي ينقل حق البائع الشخصي كما هو بمقوماته وخصائصه إلى المشتري، الذي له أن ينقله إلى الغير بدوره، يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري سالف الإشارة من أنه "ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن".
- 6  نصب .
جريمة النصب قيامها على الغش والاحتيال الموجه إلى المجني عليه لخدعه وسلب ماله.
من المقرر أن جريمة النصب لا تقوم إلا على الغش والاحتيال الموجه إلى المجني عليه لخداعه وسلب ماله، فإذا لم يكن هناك احتيال بل كان تسليم المال ممن سلمه عن بينة بحقيقة الأمر فلا جريمة.
- 7  حكم "تسبيب الحكم - التسبيب المعيب". نصب .
جريمة النصب بطريق الاحتيال بالتصرف في مال ثابت . مناط تحققها . ما يشترط لصحة الحكم بالادانة في هذه الجريمة استناد الحكم في ادانة الطاعن الي مجرد كونه غير مالك للعقار المبيع دون استظهار ما اذا كان له حق التصرف فيه من عدمه ، ودون أن يعرض لدفاعه الجوهري بعلم المجني عليهما أنه غير مالك للعقار . قصور .
لما كان المقرر أيضاً أن جريمة النصب بطريق الاحتيال القائم على التصرف في مال ثابت ليس مملوكاً للمتصرف ولا له حق التصرف فيه لا تتحقق إلا باجتماع شرطين هما أن يكون العقار المتصرف فيه غير مملوك للمتصرف، وأن لا يكون للمتصرف حق التصرف في ذلك العقار، وأنه يجب أن يعنى حكم الإدانة في هذه الحالة ببيان توافر تحقق الشرطين سالفى الإشارة معاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعن الأول - على ما يبين من مدوناته - إلى مجرد كونه غير مالك للعقار المبيع، دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان له حق التصرف في العقار المعنى بالبيع من عدمه، استنادا إلى عقد شرائه العرفي له، وحكم صحة التوقيع الصادر في الدعوى رقم ..... لسنة ..... مدني كلى المنصورة، كما لم يعرض لدفاع الطاعن بأنه لم يخدع المجني عليهما لعلمهما بأن ملكية العقار لم تنتقل إليه - على السياق آنف الذكر، ولا لدفاعه المترتب على ذلك من انتفاء عنصر الاحتيال في الدعوى، وكان دفاع الطاعن الأول على النحو السابق إيراده يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً ومؤثراً في مصيرها لأنه يترتب عليه - إن صح - انتفاء الجريمة في ذاتها أو في القليل نفي القصد الجنائي لدى الطاعن، مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يفنده التزاما منها بواجبها في تقدير أدلة الدعوى ومدى صحتها عن بصر وبصيرة، أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال بما يبطله.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما توصلا إلى الاستيلاء على المبالغ النقدية المبينة قيمتها بالأوراق المملوكة للمجني عليه .......... وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروته بأن تصرفا في مال ثابت وهو قطعة أرض فضاء مساحتها 304 م2 حال كونها ليست ملكا لهما وليس لهما حق التصرف فيها على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهما بالمادة 336/1 من قانون العقوبات. وادعى مشتريا العقار .......... و.......... ورثة المرحوم .......... مالكوا العقار مدنيا قبل المتهمين بمبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم أول المنصورة قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام أولا: بحبس المتهم الاول ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وحبس المتهمة الثانية ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسة آلاف جنيه لوقف التنفيذ. ثانيا: بإلزام المتهمين بأن يؤديا إلى ورثة المرحوم .......... وهم .......... و.......... و.......... و.......... و......... مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. ثالثا: إلزام المتهمين بأن يؤديا إلى .......... و.......... مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليهما ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.

-----------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة النصب, قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأنه لم يحصل دفاع الطاعنة الثانية الذي قام على نفي صلتها بالجريمة التي دينت بها ولم يمحصه أو يعرض له بما يفنده, كما لم يبين أركان الجريمة التي دان الطاعن الأول بها ولم يستظهر عدم أحقيته في التصرف في العقار المبيع, إذ أن دفاعه قام على عدم توافر عنصر الاحتيال في الدعوى لأن المجني عليهما حين تعاقدا معه على شراء العقار كانا يعلمان بأنه غير مالك له, إذ ذكر في العقد أن سنده في البيع هو الحكم في دعوى صحة التعاقد رقم 9504 لسنة 1986 مدني كلي المنصورة، كما تمسك الطاعنان أمام المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الادعاء المدني من ورثة المرحوم ............... وهم من يدعون ملكية الأرض المبيعة - تأسيساً على أن الضرر الذي يدعونه - إن وجد - لم ينشأ عن جريمة النصب بل عن واقعة التعرض لهم في ملكيتهم, غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد عن دفعهم ذاك, كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه
ومن حيث إن البين من محضري جلستي المحاكمة الاستئنافية أن الطاعنين دفعا بعدم قبول الادعاء المدني المقام من ورثة المرحوم .......... استناداً إلى أن الضرر الذي لحقهم, لم ينشأ عن جريمة النصب المرفوعة بها الدعوى الجنائية. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد برر قضاءه في الدعوى المدنية المقامة من ورثة المرحوم ........... - وهم من يدعون ملكية الأرض المبيعة, والدعوى المدنية المقامة من ........... و........ - مشتريا العقار محل جريمة النصب - في قوله ((إنه عن الدعوى المدنية فإنه قد ثبت مما تقدم أن ركن الخطأ قد توافر في حق المتهمين - المدعي عليهما في الدعوى المدنية - إذ أن كل خطأ جنائي خطأ مدني في مجال المسئولية المدنية وأن الضرر قد توافر أيضاً إذ لحق بالمدعين بالحقوق المدنية سواء ورثة مالك الأرض أو المشتري, ضرراً يتمثل في فقد أرضهما ونقودهما، وأن علاقة السببية بين الخطأ والضرر قائمة. ومن ثم فإن عناصر المسئولية التقصيرية من خطأ وضرر وعلاقة سببية الواجب توافرها لتطبيق المادة 163 مدني تكون قد تحققت ويتعين لذلك إجابة المدعيين بالحقوق المدنية لطلباتهما ...........)) ومؤدى ما أثبته الحكم من مدوناته - على السياق المتقدم - أنه ألزم المتهمين بالتعويض عن الضرر الذي لحق ورثة المرحوم ........... باعتباره نتيجة لجريمة النصب لما كان ذلك, وكان الأصل في دعاوى الحقوق المدنية أن ترفع إلى المحاكم المدنية بوصفها صاحبة الولاية العامة بنظرها والحكم فيها, إنما أباح القانون استثناء رفعها إلى المحكمة الجنائية متى كانت تابعة للدعوى الجنائية وكان الحق المدعى به ناشئاً عن ضرر للمدعي من الجريمة المرفوعة بها الدعوى الجنائية, بمعنى أن يكون طلب التعويض ناشئاً مباشرة من الفعل الخاطئ المكون للجريمة موضوع الدعوى الجنائية, فإذا لم يكن الضرر الذي لحق به ناشئاً عن هذه الجريمة سقطت هذه الإباحة وكانت المحاكم الجنائية غير مختصة بنظر الدعوى المدنية, ومتى تقرر أن هذه الإجازة مبناها الاستثناء فقد وجب أن تكون ممارستها في الحدود التي رسمها القانون, ولما كان الثابت من المفردات أن ورثة المرحوم ........ لم يكونوا طرفاً في عقد البيع موضوع جريمة النصب, وإذ ما كان الضرر الذي لحق بهم - إن وجد - والذي جعله الحكم أساساً للقضاء بالتعويض لهم, لم ينشأ عن جريمة النصب وإنما نشأ عن التعرض لهم في ملكيتهم, وهو فعل وإن اتصل بواقعة الدعوى الجنائية المكونة لجريمة النصب إلا أنه غير محمول عليها مما لا يجوز الادعاء به أمام المحكمة الجنائية لانتفاء علة التبعية التي تربط الدعوى المدنية بالدعوى الجنائية, وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر, فإن يكون في هذا النطاق قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك نقضه بالنسبة لما قضى به في الدعوى المدنية المقامة من ورثة المرحوم ........ وهم ......... و.......... و.......... و.......... و........., والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر دعواهم وألزمتهم المصاريف المدنية
ومن حيث إن البين من المفردات أن الطاعنة الثانية ضمنت مذكرة دفاعها المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية أنها أقحمت في الدعوى على غير أساس وأنها لم ترتكب أي نشاط إجرامي يكون الركن المادي في جريمة النصب - استناداً إلى أن البيع صدر من الطاعن الأول وحده وهو الذي قبض الثمن, يؤكد ذلك أن المشترين رفعا عليه وحده دعوى صحة ونفاذ عقد البيع التي انتهت بينهما صلحاً دون تدخل منها. لما كان ذلك, وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعنة على مجرد قوله ((تتحصل الواقعة في أن المجني عليه ......... اشترى قطعة أرض من المتهمين بمبلغ مائتين وأربعين ألف جنيه وعند إتمام إجراءات التسجيل تبين أن الأرض غير مملوكة لهما ومملوكة لورثة المرحوم ......... فتقدم بشكواه وقال في التحقيقات أنه اشترى الأرض من المتهم الأول وقام باستلامها ثم تبين أنها مملوكة لآخر استأجرتها منه المتهمة الثانية وقامت مصلحة الضرائب بالحجز عليها وفاء لمستحقاتها قبل مالكها الحقيقي المرحوم ............. وأضاف أن المتهمة الثانية هي زوجة المتهم الأول وأنها حضرت واقعة البيع، وقدم عقد شرائه مذيل بتوقيع البائع المتهم الأول)). لما كان ذلك, ولئن كان الأصل أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة, إلا أنه يتعين عليه أن تورد في حكمها ما يدل على أنها واجهت أدلة الدعوى وألمت بها على وجه يفصح عن إنها فطنت إليها ووازنت بينها, وكان من المقرر أن القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم وأن يورد مؤدى الأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها, حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها وإلا كان الحكم قاصراً, وكان من المقرر أيضاً أنه يجب في جريمة النصب أن يعني الحكم ببيان ما صدر عن المتهم من قول أو فعل في حضرة المجني عليه مما حمله على التسليم في ماله, وذلك حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم, وكان ما أورده الحكم - على النحو البادي ذكره - لا يفيد مساهمة الطاعنة الثانية في ارتكاب جريمة النصب ذلك بأنه لم يبين ما صدر عنها من قول أو فعل في حضرة المجني عليه حمله على التسليم في ماله, وما أورده في مدوناته - على السياق المتقدم - لا يفيد سوى أن الطاعنة الثانية زوجة للطاعن الأول وأنها حضرت في مجلس العقد, وإذ كان ذلك, وكان مجرد وجود الشخص مع زوجه في مكان ارتكاب الحادث - في حد ذاته - لا ينهض دليلاً على إدانته بصفته فاعلاً أو شريكاً في جريمة النصب - ما دام الحكم لم يدلل على ارتكاب الطاعنة الثانية فعلاً يجعلها مسئولة عن الجريمة تلك, سواء بوصفها فاعلة أم شريكة فيها - وهو الحال في الدعوى الماثلة. ومن ثم يكون الحكم قد تعيب بالقصور في التسبيب بما يطله. لما كان ذلك, وكان البين من المفردات أن دفاع الطاعن الأول الذي ضمنه مذكرة دفاعه المقدمة إلى المحكمة الاستئنافية - قام على عدم توافر عنصر الاحتيال في الدعوى, تأسيساً على أن المجني عليهما حين تعاقدا معه على شراء العقار محل الاتهام - كان يعلمان بأنه غير مالك له, وأن سنده في البيع هو الحكم في دعوى صحة التعاقد رقم 9504 لسنة 1986 مدني كلي المنصورة, وكان البين من المفردات المضمومة أن عقد البيع آنف الذكر مؤرخ في 12 من يوليه سنة 1987 وتضمن بيع الطاعن الأول العقار المبين الوصف والمعالم به إلى .......... و........... (المدعيين بالحقوق المدنية) مقابل ثمن محدد بالعقد, وقد تدون في البند الثالث من العقد أن ملكية العقار المبيع قد ((آلت إلى البائع بطريق الشراء بموجب حكم صحة ونفاذ رقم 9504 سنة 1986 مدني كلي المنصورة)). كما تبين من صورة الحكم الصادر في الدعوى رقم 9504 لسنة 1986 مدني كلي المنصورة، أنه صدر بصحة توقيع الطاعنة الثانية على عقد بيع ذات العقار إلى الطاعن الأول في تاريخ سابق. لما كان ما تقدم, وكان من المقرر أن عقد البيع هو من عقود التراضي التي تتم وتنتج آثارها بين طرفيها بمجرد اتفاق الطرفين على العقد سجل العقد أم لم يسجل, إذ التراخي في التسجيل لا يغير من طبيعة العقد ولا من تنجيزه. وأنه ولئن كان قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 قد تطلب شهر عقد البيع متى كان محله عقاراً أو حقاً عينياً على عقار كيما تنتقل ملكية العقار المبيع أو الحق العيني، إلا أن التراخي في تسجيل عقد البيع لا يخرجه عن طبيعته بوصفه من عقود التصرف, ولا يغير من تنجيزه, ذلك بأن عقد البيع العرفي الوارد على عقار كما يلزم البائع بنقل ملكية العقار المبيع إلى المشتري، فإنه كذلك يولد حقوقاً والتزامات شخصية ناجزة بين البائع والمشتري تجيز للأخير أن يحيل للغير ما له من حقوق شخصية قبل البائع له، فيجوز له التصرف بالبيع في المبيع بعقد جديد ولا يشكل ذلك تصرفاً في ملك الغير - بل هو في وصفه الحق وتكييفه الصحيح يتمخض حوالة لحقه الشخصي قبل البائع له, ويكون للمشتري منه ذات الحقوق التي له في عقد البيع الأول, ولا يغير من ذلك أن يكون عقد البيع الثاني, مرتبطاً من حيث المصير وحسب المآل, وجوداً وعدماً بعقد البيع الأول, يبقى ببقائه ويزول بزواله، اعتباراً بأن عقد البيع العرفي ينقل حق البائع الشخصي كما هو بمقوماته وخصائصه إلى المشتري, الذي له أن ينقله إلى الغير بدوره, يؤكد ذلك ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري سالف الإشارة من أنه ((ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى الالتزامات الشخصية بين ذوي الشأن)). لما كان ذلك, وكان من المقرر أن جريمة النصب لا تقوم إلا على الغش والاحتيال الموجه إلى المجني عليه لخداعه وسلب ماله, فإذا لم يكن هناك احتيال بل كان تسليم المال ممن سلمه عن بينه بحقيقة الأمر فلا جريمة, وكان المقرر أيضاً أن جريمة النصب بطريق الاحتيال القائم على التصرف في مال ثابت ليس مملوكاً للمتصرف ولا له حق التصرف فيه لا تتحقق إلا باجتماع شرطين هما أن يكون العقار المتصرف فيه غير مملوك للمتصرف، وأن لا يكون للمتصرف حق التصرف في ذلك العقار، وأنه يجب أن يعني حكم الإدانة في هذه الحالة ببيان توافر تحقق الشرطين سالفي الإشارة معاً. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد استند في إدانة الطاعن الأول - على ما يبين من مدوناته - إلى مجرد كونه غير مالك للعقار المبيع, دون أن يستظهر في مدوناته ما إذا كان له حق التصرف في العقار المعني بالبيع من عدمه, استناداً إلى عقد شرائه العرفي له, وحكم صحة التوقيع الصادر في الدعوى رقم 9504 لسنة 1986 مدني كلي المنصورة, كما لم يعرض لدفاع الطاعن بأنه لم يخدع المجني عليهما لعلمهما بأن ملكية العقار لم تنتقل إليه - على السياق آنف الذكر, ولا لدفاعه المترتب على ذلك من انتفاء عنصر الاحتيال في الدعوى, وكان دفاع الطاعن الأول على النحو السابق إيراده يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً ومؤثراً في مصيرها لأنه يترتب عليه - إن صح - انتفاء الجريمة في ذاتها أو في القليل نفي القصد الجنائي لدى الطاعن, مما كان يقتضي من المحكمة أن تمحصه لتقف على مبلغ صحته أو ترد عليه بما يفنده التزاماً منها بواجبها في تقدير أدلة الدعوى ومدى صحتها عن بصر وبصيرة, أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون مشوباً بالإخلال بحق الدفاع فوق قصوره في التسبيب وفساده في الاستدلال بما يبطله. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعنين فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية المقامة من ........... و......... وألزمتهما المصاريف المدنية وإعادة القضية إلى محكمة المنصورة الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق