برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة, وبحضور
السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان, ومحمد محمد محفوظ, وحسين سامح, ومحمود
العمراوي.
-----------------------
- 1 نهب .
جريمة النهب المنصوص عليها فى المادة 366 عقوبات لا يشترط فيها أن
يكون النهب حاصلا من عصابة ذات تنظيم خاص جواز وقوعها من جماعة تفتقر إلى مثل هذا
التنظيم ركن القوة الإجبارية فى تلك الجريمة مثال لتحققه .
يستوي في القانون أن يكون النهب حاصلاً من عصابة ذات تنظيم خاص أو من
جماعة تفتقر إلى مثل هذا التنظيم. ولما كان ينطبق على حشد الطاعنين وصف الجماعة,
وكان ما اجترموه من أعمال القوة قد ارتكبوه علناً وجهاراً وبلغ من العنف الذي اتسم
به ما حدا بالأهلين إلى الهروب من طريقهم وأرهب المجني عليه وحمله مكرهاً على
الرضوخ له وهو ما يكفي لتحقيق ركن القوة الإجبارية في مفهوم المادة 366 من قانون
العقوبات.
- 2 تجمهر " شروطه "
شروط قيام التجمهر قانونا مناط العقاب علي التجمهر وشرط تضامن
المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه : هو ثبوت علمهم
بهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم
المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ،
ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي
للأمور ، وأن تقع جميعا حال التجمهر .
حددت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن
التجمهر شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن
يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو
التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة
التهديد باستعمالها. ومناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية
عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض. فيشترط لقيام
جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين سالفتي الذكر اتجاه غرض المتجمهرين الذي يزيد
عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض وأن تكون
نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور، وأن تكون الجرائم
التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها
أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور، وقد وقعت جميعها
حال التجمهر.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم في يوم 13 من أغسطس سنة 1963
بدائرة مركز الزقازيق محافظة الشرقية: اشتركوا وآخرين مجهولين في تجمهر مؤلف من
أكثر من خمسة أشخاص كان الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص والأموال
حالة كونهم يحملون أسلحة "فؤوس وكوريكات" من شأنها إحداث الموت إذ
استعملت بصفة أسلحة, وذلك بأن توجهوا متجمهرين صوب أهالي عزبة فيصل قاصدين حرقها
ونهبها وإتلافها فوقعت الجرائم الآتية بقصد تنفيذ الغرض المقصود منه التجمهر:
(أولا) وضعوا النار عمدا في حظيرة ....... المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات
والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر. (ثانيا) بصفتهم عصبة نهبوا بالقوة الإجبارية
الأشياء الآتية المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف
الذكر. (ثالثا) أضروا عمدا بدون مقتض بحيوان من دواب الركوب (الجمل المملوك للمجني
عليه سالف الذكر) ضررا كبيرا بأن طعنوه بآلة حادة فأحدثوا به الإصابات الموصوفة
بالتقرير الطبي البيطري. (رابعا) أتلفوا عمدا مسكن المجني عليه سالف الذكر بأن
حطموه بالفؤوس والكوريكات فأحدثوا به التلفيات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات.
وبتاريخ 24 من مايو سنة 1965 إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 2 و3
من القانون رقم 10 لسنة 1914 بشأن التجمهر و129 و133 و136 و137/1 و253 و355/1
و361/1 و366 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنيا طالبا القضاء له قبل
المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات
والأتعاب. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضوريا في 9 فبراير سنة 1966 عملا بالمواد 2
و3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 و253 و358/1 و361/1 و366 و32 من قانون العقوبات
بمعاقبة كل من الطاعنين بالأشغال الشاقة خمس سنوات وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا
إلى المدعي المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى
المدنية ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة عنها. فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض... إلخ.
--------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر الطاعنين في حالة
تجمهر وحملهم مسئولية ما وقع من جنايتي الحريق والإتلاف العمديين قد أخطأ في
الإسناد وفي تطبيق القانون وشابه القصور والإخلال بحق الدفاع, ذلك بأن الطاعنين
أثاروا في دفاعهم عدم توافر عنصر اكتمال العدد اللازم قانونا في جريمة التجمهر
استنادا إلى ما شهد به الشاهدان............. و............. من أنهما لم يبصرا
الطاعن الخامس وهو يضع النار إلا بعد انصراف باقي الطاعنين, ولكن الحكم أطرح هذا
الدفاع وأسند إلى هذين الشاهدين بأن قيام الطاعن الخامس بإشعال النار في الحظيرة
كان أثناء ارتكاب رفاقه وقبل انصرافهم للجرائم الأخرى, في حين أن أقوال هذين
الشاهدين جاءت خلوا من ذلك بل هي صريحة في الدلالة على أن واقعة إشعال النار كانت
لاحقة لوقوع السرقة والإتلاف وتالية لانصراف المتجمهرين وهي واقعة مستقلة في زمان
وقوعها عن الوقائع الأخرى, كما أن الحكم فضلا عن أنه لم يستظهر في بيانه لواقعة
الدعوى الأركان القانونية لجريمة التجمهر بأسانيد لها أصولها الثابتة في الأوراق
فقد فاته الإحاطة بما قررته محكمة النقض في هذا الصدد من أنه يشترط لمسئولية
الشركاء في التجمهر عما يقع فيه من جرائم أن تكون تلك الجرائم قد وقعت تنفيذا
للغرض المراد منه وهو ما لم يتوافر قيامه في صورة الدعوى, ثم إن الحكم أخطأ في
تطبيق القانون إذ دان الطاعنين بجريمة الإتلاف الحاصل من عصابة بالقوة الإجبارية
وفقا لنص المادة 366 من قانون العقوبات إذ أن المراد بالنهب أو الإتلاف في مفهوم
هذا النص هو ذلك الحاصل من العصابات التي تتخذ شكل التنظيم وأما التجمع العارض فلا
يدخل في هذه الدعوى وأن القوة الإجبارية التي تصاحب هذا النوع من الإتلاف فشرطها
أن يقع العنف على الأشخاص وليس على الأشياء وهو ما لم يتوافر ثبوته في واقعة
الدعوى, وأخيرا فإن الطاعنين أثاروا أيضا في دفاعهم بأنهم بعيدين عن مكان الحادث
وفي أماكن ومدن أخرى وأشهدوا شهود نفي أيدوهم في دفاعهم إلا أن الحكم التفت عن هذا
الدفاع الجوهري ولم يرد عليه بما يفنده وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب
نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه في يوم
الحادث ساء أهالي بلدة غزالة وأثار حفيظتهم اعتداء بعض من أهالي عزبة........ على
رئيس العمل........ وإتلاف أدوات الرش في مشاجرة سابقة حدثت في ظهيرة يوم الحادث
فأشاعوا بين الأهلين من بلدتهم أن إصابات المصابين منهم في تلك المشاجرة جسيمة
وانتشرت بينهم الدعوى إلى الثأر والانتقام من أهالي عزبة...... وكان أن تجمعوا
لتوهم في حشد كبير كان المتهمون الخمسة (الطاعنون) من أفراده بعد أن حمل كل منهم
ما أمكنه الحصول من عصى وفؤوس وأدوات الحفر "الكوريكات" وغيرها من أدوات
الزراعة المعتادة والتي يمكن أن تستعمل في ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس ومن
شأنها إحداث الإصابات والموت إذ استعملت كأسلحة ثم توجهوا قاصدين ارتكاب جرائم
الاعتداء على النفس والمال إلى عزبة....... للثأر والانتقام منهم وكان من وقائع
تنفيذ هذا القصد الإجرامي الذي صمم عليه هذا الحشد من أهالي غزالة والذي زاد عدده
عن الخمسة أشخاص على وجه اليقين أن بدأ في ارتكاب جرائمه فتوقف عند منازل
عائلة....... التي ينتمي إليها السيد........ الذي تشاجر مع رئيس عمالهم..........
وهاجم ذلك الجمع منزل........ الذي كان وقتئذ أمام منزله لاستطلاع إصابة قريبه وما
أن شاهد هذا الجمع قادما نحو العزبة في طريقه إليه في مظاهرة شريرة حتى سارع
بالهرب داخل منزله وإغلاق بابه إلا أن الجمع المتجمهر عمد إلى تحطيم باب المنزل
ونوافذه والدخول إليه وتخريب أمتعته ونهب وسرقة أكثرها والاعتداء على مواشيه
وإحداث إصابات ببعضها ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا إلى إشعال النار عمدا بعد ذلك في
حظيرة مواشيه مما أدى إلى احتراق بعضها ونفوقه وإصابة البعض الآخر ثم فروا لائذين
بالفرار بعد أن ارتكبوا تلك الجرائم تنفيذا للغرض الذي هدف إليه تجمهرهم غير
المشروع, واستند الحكم في ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين إلى ما
أثبته مأمور مركز الزقازيق في محضره تبليغا للحادث ومعلوماته عنه وإلى أقوال شهود
الإثبات ومن بينهم الشاهدين....... و...... فقد حصل أقوال أولهما بما يفيد رؤيته
أثناء وقوفه بسطح منزله للطاعنين الخمسة وهم بين الحشد الكبير من أهالي بلدة غزالة
أثناء قدومه وفي طريقه إلى منزل ابن عمه............. وأفراده يحملون الفؤوس
والبلطات والمحافر (الكوريكات) ثم اقتحام هذا الجمع ومن بينهم الطاعنين لهذا
المنزل بعد تحطيم أبوابه ونوافذه وسرقة الأمتعة منه وما انتهى إليه الأمر من
مشاهدته للطاعن الخامس وهو يعمد قبل انصراف الجمع وعلى مشهد من باقي الطاعنين إلى
تسلق اللوح المعد لتقصيب الأرض (قصابية) ووصوله إلى سطح المنزل المذكور وإشعاله
النار في سقف حظيرة الماشية وأجمل الحكم أقواله الشاهد الثاني........ بما مؤداه
أنه شاهد الطاعنين الخمسة من بين الجمع القادم نحو عزبة.......... مرددا ما شهد به
الشاهد السابق ومؤكدا بأن الطاعنين الخمسة مع غيرهم من أهالي بلدة غزالة هم الذين
ارتكبوا حوادث الإتلاف والنهب والسرقة والحريق العمد التي أسفر عنها الحادث, وأورد
الحكم ما استظهره من معاينة مكان الحادث وآثاره من وجود القصابية التي ذكرها
الشاهدان الأولان والتي تسلقها الطاعن الخامس لإشعال النار في حظيرة الماشية ملقاة
بجوارها ومن إمكان الرؤية من مكان وقوف الشاهد الأول لكافة ما وقع من حوادث وأثبت
الحكم بعد ذلك مؤدى التقارير الطبية التشريحية البيطرية. وبعد أن أورد الحكم دفاع
الطاعنين في شأن عدم توافر أركان جريمة التجمهر القانونية المسندة إليهم لعدم
اكتمال العدد الذي حدده القانون بما شهد به الشهود من أنهم لم يروا سوى أربعة من
الطاعنين وأن الطاعن الخامس حضر بعد انصرافهم عرض الحكم إلى هذا الدفاع ورد عليه
بما يفنده في قوله: "ومن حيث إنه يستخلص مما تقدم من أدلة الثبوت أن المتهمين
الخمسة (الطاعنين) كانوا ضمن جمهرة أكثر عددا من أهالي ناحية غزالة قامت في
أذهانهم فكرة الانتقام وارتكاب جرائم السرقة والنهب وإتلاف الأمتعة والمواشي لأهالي
عزبة.......... إثر ما أشيع بينهم من حصول اعتداء أهالي عزبة....... وعلى الأخص
عائلة............ التي ينتمي إليها........ فتجمعوا حاملين أدوات وآلات زراعية من
الفؤوس والعصي والبلط والحفارات وهي أدوات من شأنها إحداث الموت إذا استعملت
كأسلحة قاصدين ارتكاب هذه الجرائم إلى ناحية عزبة......... حتى إذا
صادفوا.......... في الطريق ولاحظوا هروبه إلى منزله وإغلاق بابه دونهم عمدوا إلى
مهاجمته وتحطيم بابه ونوافذه واقتحام حجراته وإتلاف محتوياتها من أثاث ومؤن وسرقة
بعضها ولم يكتفوا بذلك بل أشعل أحدهم النار قبل انصرافهم في حظيرة مواشيه مما أدى
إلى نفوق بعضها وإصابة الآخر نتيجة الحريق وإتلاف الحظيرة ذاتها واحتراق سقفها
وسقوطه. واستطرد الحكم من ذلك إلى القول: "وبذلك تكون جميع أركان التجمهر
المؤثم تطبيقا للمادتين 2 و3 من القانون رقم 10 لسنة 1914 قد توافرت في حق
المتهمين, ولا يقدح في ذلك ما أثاره الدفاع من أن الشاهدين........ و......... لم
يشاهدا المتهم الخامس (الطاعن الخامس) إلا بعد انصراف الباقين ذلك أن المتهم
الخامس لم يكن المكمل لعدة الخمسة أشخاص فإن عدة المتجمهرين كانت تربوا على المائة
شخص من أهالي غزاله, هذا فضلا عما شهد به الشاهدان بالجلسة من أن المتهم الخامس
أشعل النار في الحظيرة أثناء قيام الباقين بارتكاب باقي الجرائم وقبل
انصرافهم". لما كان ذلك, وكان يبين من الرجوع إلى أقوال الشاهدين............
و.......... بمحضر جلسة المحاكمة أن ما أورده الحكم من تلك الأقوال وهو بمعرض سرده
لمؤدى أدلة الثبوت له أصله الصحيح من أقوالهما التي أدليا بها أمام المحكمة وأن ما
استدل به الحكم من تلك الأقوال في رده على ما آثاره الطاعنون في دفاعهم من عدم
اكتمال النصاب العددي الذي استلزمه القانون للتأثيم على جريمة التجمهر إنما يلتئم
والمعنى الذي استخلصه من روايتهما بمحضر الجلسة ويتفق مع ما سجله من شهادتهما وليس
فيه ثمة مساس بظاهر دلالته أو خطأ في تفهم شهادتهما ويكفي ما رد به الحكم في هذا
الشأن لحمل قضائه بإدانة الطاعنين بجريمة التجمهر والجرائم التي وقعت أثنائه
والمسندة إليهم, ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد من دعوى الخطأ في
الإسناد والفساد في الاستدلال لا يكون له محل. وأما ما ينعاه الطاعنون على الحكم
من قالة الخطأ في تطبيق القانون, فإنه لما كانت المادتان الثانية والثالثة من
القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر حددتا شروط قيام التجمهر قانونا في أن
يكون مؤلفا من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو
تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص
من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر
وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذا للغرض منه هو ثبوت
علمهم بهذا الغرض, وكان يشترط إذن لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية
والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة
أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذا لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد
جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد
وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل أحد المتجمهرين لحسابه
دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر. لما كان ما
تقدم, وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر تلك العناصر الجوهرية السالف
بيانها في حق الطاعنين وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء عن ثبوتها في
حقهم, وكانت دلالة ما أثبته من أن الطاعنين الخمسة كانوا ضمن جمع من أهالي قرية
غزالة بلغ تعداده ما........ على المائة شخص ووقرت في أذهانهم فكرة الانتقام من
أهالي عزبة .......... وأن يعبثوا فيها فسادا بارتكاب جرائم السرقة والنهب
والإتلاف والإضرار بالماشية لما شاع بينهم من وقوع اعتداء من الأهلين بها وخاصة
عائلة........ على أحد مواطنيهم فتجمهروا حاملين أدوات وآلات زراعية ومتزودين
بفؤوس وعصي وبلط وحفارات وهي أدوات من شأنها إحداث القتل إذا استعملت في الاعتداء
ويمموا شطر مساكن هذه القرية قاصدين ارتكاب هذه الجرائم وهاجموا منزل........
وحطوا بابه ونوافذه واقتحموا حجراته وأتلفوا محتوياته وسرقوا بعضها وأشعل خامسهم
النار قبل انصرافهم وعلى مرأى منهم وتحت سمعهم وبصرهم في حظيرة الماشية مما أدى
إلى نفوق بعضها وإصابة الآخر, ولما كانت دلالة ما استظهره الحكم في مدوناته على
نحو ما سلف كافية لبيان أركان التجمهر على ما هو معرف به في القانون وعلى ثبوتها في
حق الطاعنين وإذ ما كانت جناية الحريق العمد التي دانهم الحكم بها بوصفها الجريمة
ذات العقوبة الأشد إعمالا لنص المادة 32 من قانون العقوبات قد وقعت نتيجة نشاط
إجرامي من طبيعة واحدة وحال التجمهر ولم يستقل بها أحد المتجمهرين لحسابه وكان
وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ولم تقع تنفيذا لقصد سواه ولم يكن الإلتجاء
إليها بعيدا عن المألوف الذي يصح أن يفترض معه أن غيره من المشتركين في التجمهر قد
توقعوه بحيث تسوغ محاسبتهم عليه باعتباره من النتائج المحتملة من الاشتراك في
تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه وكان لا تثريب على الحكم إن هو ربط جناية الحريق
تلك بالغرض الذي قام من أجله هذا الحشد واجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه. لما
كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد ينحل إلى منازعة موضوعية في العناصر
السائغة التي استقت منها المحكمة معتقدها في الدعوى ويرتد في حقيقته إلى جدل
موضوعي في تقديرها للأدلة المقبولة التي أوردتها وفي مبلغ اطمئنانها إليها وهو ما
لا يجوز مصادرة المحكمة في عقيدتها في شأنه والخوض فيه أمام محكمة النقض. ومن ثم
فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم, وكان يستوي في
القانون أن يكون النهب حاصلا من عصابة ذات تنظيم خاص أو من جماعة تفتقر إلى مثل
هذا التنظيم وكان ينطبق على حشد الطاعنين وصف الجماعة وهو مما لا ريب فيه, وكان ما
اجترمه الطاعنون من أعمال القوة قد ارتكبوه علنا وجهارا وبلغ من العنف الذي اتسم
به ما حدا بالأهلين إلى الهروب من طريقهم وأرهب المجني عليه وحمله مكرها على
الرضوخ له وهو ما يكفي لتحقيق ركن القوة الإجبارية في مفهوم المادة 366 من قانون
العقوبات. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص لا يكون سديدا. وفضلا
عما تقدم فإنه لا جدوى من منعاهم في هذا الصدد ما دام أن العقوبة المقضي بها عليهم
مبررة عن جريمة الحريق العمد بالتطبيق لنص المادة 253 من قانون العقوبات. لما كان
ما تقدم, وكان ما يعيبه الطاعنون على الحكم من التفاته عن دفاعهم الموضوعي الجوهري
المؤسس على إنكار وجودهم بمكان الحادث وبعدهم عنه وقت وقوعه وما أدلى به شهود
نفيهم في هذا الشأن ومن عدم تضمن مدوناته ردا عليه فمردود بما هو مقرر في قضاء هذه
المحكمة من أن محكمة الموضوع لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المتعلق
بموضوع الدعوى والرد عليه على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت
السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ذلك, وكان لا جناح على المحكمة إن هي أغفلت
التعرض لدفاع الطاعنين الموضوعي الذي أثاروه بجلسة المحاكمة ورددوه بأسباب طعنهم
وهدفوا به إلى إثارة الشبهة والشك في صحة الاتهام المسند إليهم, وكان لا يعيب
الحكم سكوته عن التعرض لشهادة شهود النفي لأن مؤدى هذا السكوت أن المحكمة أطرحتها
اطمئنانا منها لأقوال شهود الإثبات. لما كان ذلك, فإن ما يثيره الطاعنون في هذا
الخصوص لا يعدو أن يكون محاولة لإعادة الجدل في ثبوت أدلة الدعوى مما لا يجوز
إثارته أمام محكمة النقض, ومن ثم فإن منعاهم في هذا الصدد لا يكون مقبولا. لما كان
ما تقدم جميعه, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق