برئاسة السيد القاضي/ نعيم عبد الغفار نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ عبد الجواد موسى, حاتم كمال, عامر عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة
وخالد سليمان.
------
- 1 تعويض "التعويض عن الفعل الضار غير المشروع: الخطأ الموجب
للتعويض".
القضاء بتوافر الخطأ المستوجب للتعويض. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض
بأنه خطأ أو نفى هذا الوصف عنه من المسائل التي يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة
محكمة النقض.
- 2 تعويض "صور التعويض: التعويض عن الخطأ الشخصي: التعويض عن إساءة
استعمال الحق"
الاستعمال المشروع للحق. لا يرتب مسئولية عما ينشأ عن ذلك من ضرر
للغير. اعتبار استعمال صاحب الحق استعمالا غير مشروع. شرطه. انتفاء كل مصلحة له في
استعماله. المادتان 4، 5 مدني.
مؤدى المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني أن من استعمل حقه
استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر للغير وأن استعمال الحق
لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو ما لا يستحق إلا
بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق.
- 3 تعويض "صور التعويض: التعويض عن الخطأ الشخصي: التعويض عن إساءة
استعمال الحق"
معيار الموازنة بين مصلحة الحق وبين الضرر الواقع على الغير. معيار
مادي دون النظر للظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور.
المقرر أن معيار الموازنة بين المبتغي في هذه الصورة - إساءة استعمال
الحق - وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه الموازنة المجردة بين النفع والضرر
دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور يسراً أو عسراً، إذ لا تتبع فكرة
إساءة استعمال الحق من دواعي الشفقة وإنما من اعتبارات العدالة القائمة على إقرار
التوازن بين الحق والواجب.
- 4 بنوك "عمليات البنوك: سلطة البنك في منح القرض". تعويض
"الخطأ الموجب للتعويض".
للبنك سلطة رفض أو منح القرض لاعتبارات يقدرها حفاظا على أمواله. م 3
من قرار رقم 65 لسنة 1975 بشأن تأسيس شركة مساهمة باسم البنك الصناعي. امتناع
البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده. مرده. سوء حالته المادية وتعثره في
سداد قروض وتسهيلات سابقة. صدور تعليمات البنك المركزي بمنع منح قروض للمتعسرين
ولو بضمانات كافية. أثره. انحسار ركن الخطأ الموجب للتعويض. مخالفة الحكم المطعون
فيه هذا النظر. خطأ.
مفاد نص المادة الثالثة من الباب الأول من القرار رقم 65 لسنة 1975
بشأن تأسيس شركة مساهمة باسم البنك الصناعي بأن يكون التمويل لصناعة متكاملة
لعناصر النجاح وبحاجة إلى المال المطلوب وأن تُفرض هذه القروض في الأغراض الصناعية
التي مُنحت من أجلها بما يعني أن للبنك سلطة منح القرض للعميل أو رفضه لاعتبارات
يقدرها هو للحفاظ على أمواله. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق ومن تقرير
الخبير المنتدب في الدعوى أن امتناع البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده كان
مرده سوء حالة الأخير المالية وتعسره في سداد ما عليه من ديون تمثلت في قرض
وتسهيلات سابقة بما يعد من العملاء الممنوع التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك
المركزي التي تحظر على البنوك منح أية تسهيلات لهؤلاء العملاء المتعسرين حتى ولو
كانت بضمانات كافية واستدل البنك على صحة مسلكه في هذا الصدد بإقامة العديد من
القضايا للمطالبة بمستحقاتها قبل المطعون ضده ولا يغير من ذلك أنها أقيمت بعد حظر
التعامل معه لأنه من نافلة القول أن تعسر المدين كان قائماً عن تعاملات تراكمية
سابقة ألجأت البنك إلى إقامة هذه الدعاوى قبله بعد أن لم تجد نفعاً المطالبات
الودية، وبذلك فإن دعوى المطعون ضده قد انحسر عنها أحد أركان المسئولية المستوجبة
للتعويض وهو ركن الخطأ، وهو ما أيده تقرير الخبير من أن موقف البنك لا يشكل خطأ في
جانبه ولا يوجد ضرر لحق بالمطعون ضده لعدم ثبوت هذا الخطأ، كما أن مسلك البنك على
هذا النحو لا يعد انحرافاً عن السلوك المألوف أو تعسفاً في استعمال الحق بغية
الإضرار بالمطعون ضده أو النكاية به وإنما كان استعمالاً لحق مشروع له، قصدا منه
الحفاظ على أمواله ومنع إهدارها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون
قد خالف القانون.
---------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ...... لسنة 2002 مدني الإسكندرية
الابتدائية بطلب الحكم بإلزام البنك الطاعن وآخر بأن يؤديا له بالتضامن مبلغ
6000000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً .... على سند من القول أنه قام بتصنيع
واختراع مفتاح كهربائي أوتوماتيكي بمصر من خامات محلية, وتقدم بطلب للجنة التصنيع
المحلي ببنك ........ للحصول على قرض لتمويل هذا المشروع التي قامت بتحويله للبنك
الطاعن, إلا أنه رفض منحه هذا القرض مخالفاً بذلك الغرض الذي أنشئ من أجله مما يعد
ذلك تعسفاً منه في استعمال حقه في التمويل مما يستوجب التعويض المطالب به فكانت
دعواه, وجه الطاعن دعوى فرعية بطلب رفض الدعوى الأصلية وإلزام المطعون ضده بأن
يؤدي له مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً جراء إساءة حق التقاضي, ندبت
المحكمة خبيراً في الدعوى, وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى للتحقيق, وبتاريخ 28/
4/ 2009 حكمت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية, استأنف المطعون ضده هذا
الحكم بالاستئناف رقم ...... لسنة 65ق الإسكندرية, وبتاريخ 28/ 7/ 2010 قضت
المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بالتعويض المادي والأدبي الذي قدرته.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض, وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها
الرأي بنقض الحكم, وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة العامة رأيها.
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق, وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر والمرافعة, وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ
في تطبيقه, إذ أسس قضاءه بالتعويض على خطأ البنك الطاعن برفضه تمويل اختراع
المطعون ضده وتعسفه في استعمال حقه, حال أن امتناعه عن هذا التمويل كان بسبب توقفه
عن سداد قروض سابقة منحت له مما يعد من العملاء المحظور التعامل معهم وفقاً
لتعليمات البنك المركزي بدليل إقامة بنك مصر ضده العديد من القضايا للمطالبة
بمستحقاته قبله, وهو ما ينتفي معه ركن الخطأ في جانبه وذلك ما أيده تقرير الخبير
المنتدب في الدعوى بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد, ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن
تكييف الفعل المؤسس عليه التعويض بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه من المسائل التي
يخضع قضاء الموضوع فيها لرقابة محكمة النقض, وأن مؤدى المادتين الرابعة والخامسة
من القانون المدني أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ
عن ذلك من ضرر للغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى
الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق. كما أن
معيار الموازنة بين المبتغي في هذه الصورة وبين الضرر الواقع هو معيار مادي قوامه
الموازنة المجردة بين النفع والضرر دون نظر إلى الظروف الشخصية للمنتفع أو المضرور
يسراً أو عسراً, إذ لا تتبع فكرة إساءة استعمال الحق لدواعي الشفقة وإنما هي من
اعتبارات العدالة القائمة على إقرار التوازن بين الحق والواجب, ولما كان ذلك وكان
مفاد نص المادة الثالثة من الباب الأول من القرار رقم 65 لسنة 1975 بشأن تأسيس
شركة مساهمة باسم البنك الصناعي بأن يكون التمويل لصناعة متكاملة لعناصر النجاح
وبحاجة إلى المال المطلوب وأن تقرض هذه القروض في الأغراض الصناعية التي منحت من
أجلها بما يعني أن للبنك سلطة منح القرض للعميل أو رفضه لاعتبارات يقدرها هو
للحفاظ على أمواله. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب
في الدعوى أن امتناع البنك الطاعن عن تمويل اختراع المطعون ضده كان مرده سوء حالة
الأخير المالية وتعسره في سداد ما عليه من ديون تمثلت في قروض وتسهيلات سابقة بما
يعد من العملاء الممنوع التعامل معهم وفقاً لتعليمات البنك المركزي التي تحظر على
البنوك منح أية تسهيلات لهؤلاء العملاء المتعسرين حتى ولو كانت بضمانات كافية
واستدل البنك على صحة مسلكه في هذا الصدد بإقامة العديد من القضايا للمطالبة
بمستحقاتها قبل المطعون ضده ولا يغير من ذلك أنها أقيمت بعد حظر التعامل معه لأنه
من نافلة القول أن تعسر المدين كان ناتجاً عن تعاملات تراكمية سابقة ألجأت البنك
إلى إقامة هذه الدعاوى قبله بعد أن لم تجد نفعاً معه المطالبات الودية, وبذلك فإن
دعوى المطعون ضده قد انحسر عنها أحد أركان المسئولية المستوجبة للتعويض وهو ركن
الخطأ, وهو ما أيده تقرير الخبير من أن موقف البنك لا يشكل خطأ في جانبه ولا يوجد
ضرر لحق بالمطعون ضده لعدم ثبوت هذا الخطأ, كما أن مسلك البنك على هذا النحو لا
يعد انحرافاً عن السلوك المألوف أو تعسفاً في استعمال الحق بغية الإضرار بالمطعون
ضده أو النكاية به وإنما كان استعمالاً لحق مشروع له, قصداً منه الحفاظ على أمواله
ومنع إهدارها, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون
وبما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه, ولما تقدم, وإذ التزم الحكم المستأنف
النظر المتقدم فإنه يتعين تأييده ورفض الاستئناف المقام تبعاً له
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق