برئاسة السيد القاضي/ محمد شهاوي عبد ربه نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة القضاة/ محسن فضلي، عبد العزيز فرحات وخالد مصطفى نواب رئيس المحكمة وطارق
فتحي يوسف.
----------
- 1 رسوم "الرسوم القضائية: الإعفاء من
الرسوم".
الإعفاء من الرسوم القضائية على الدعاوى التي ترفعها الحكومة. م 50 ق
90 لسنة 1944, 254 مرافعات. انصرافه إلى الحكومة بمعناها الضيق. مؤداه. عدم إعفاء
أشخاص القانون العام ذات الشخصية الاعتبارية والميزانية المستقلة ما لم ينص
القانون على إعفائها.
المقرر – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الإعفاء من الرسوم على
الدعاوى التي ترفعها الحكومة – عملاً بنص المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944
بشأن الرسوم القضائية – والذي نصت المادة 254 من قانون المرافعات على أنه
"..... يعفى من الكفالة من يعفى من أداء الرسوم", إنما ينصرف إلى
الحكومة بمعناها الضيق, فلا يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية
اعتبارية مستقلة وميزانية مستقلة, وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم
القضائية ما لم ينص القانون على إعفائها.
- 2 نقض
"إجراءات الطعن بالنقض: إيداع الكفالة".
وجوب إيداع الكفالة قبل إيداع صحيفة الطعن بالنقض أو خلال الأجل
المقرر له. م 254 مرافعات. تخلف ذلك. أثره. بطلان الطعن. تعلقه بالنظام العام. لكل
ذي مصلحة التمسك به. للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن المشرع قد أوجب بنص المادة 254 من
قانون المرافعات إيداع الكفالة خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل
المقرر له, وإلا كان الطعن باطلاً, وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان,
وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام.
- 3 رسوم "الرسوم القضائية: الإعفاء من
الرسوم".
الإعفاء من الرسوم القضائية.
م 50 ق 90 لسنة 1944. قصره على دعاوى الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام
ذات الشخصية الاعتبارية والميزانية المستقلة. الهيئة العامة للأبنية التعليمية.
خلو القرار الجمهوري بإنشائها من النص على إعفائها من الرسوم القضائية للدعاوى
التي ترفعها. أثره. وجوب إيداعها الكفالة عند الطعن بالنقض. تخلف ذلك. أثره. بطلان
الطعن. تمسكها بصدور فتوى من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة
بإعفائها من الرسوم القضائية. لا أثر له. علة ذلك.
إذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية المقرر بنص المادة 50 من القانون
90 لسنة 1944 على ما سلف بيانه مقصوراً على الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها
من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة
وكانت الهيئة العامة للأبنية التعليمية – الطاعنة – قد صدر بإنشائها القرار
الجمهوري رقم 448 لسنة 1988 وأسبغ عليها الشخصية الاعتبارية كما خولها ميزانية
مستقلة, إلا أنه قد خلا من النص على إعفائها من الرسوم القضائية للدعاوى التي
ترفعها, فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المشار إليها, وإذ لم تفعل, فإن الطعن
يكون باطلاً ولا يغير من هذا النظر ما تمسكت به الهيئة الطاعنة من صدور فتوى من
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بإعفائها من الرسوم
القضائية, ذلك أن مؤدى نص المادة 66 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون
رقم 47 لسنة 1972 أن المشرع لم يسبغ على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع السلطة التنفيذية وهيئاتها, وإنما
عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي مسبباً على ما يفصح عنه صدر النص, ولا
يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع على رأيها من صفة الإلزام للجانبين, لأن هذا الرأي
الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقى به نص المادة 66 المشار إليه إلى مرتبة
الأحكام, التي من شأنها أن تحوز حجية الأمر المقضي.
- 4 استيلاء "الاستيلاء المؤقت على
العقارات لأغراض التعليم".
اختصاص المحافظ بقرار الاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لإجراء
أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها في سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة أو
الاستيلاء لخدمة مشروع ذي منفعة عامة. م 17 ق 577 لسنة 1954. قرار الاستيلاء على
العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها. اختصاص رئيس الجمهورية
بإصداره. م 3 ق 252 لسنة 1960 المعدل للقانون الأول.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن
نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين – المنطبق على واقعة الدعوى – قد
رخص للمحافظ في المادة 17 منه بناء على طلب المصلحة المختصة أن يأمر بالاستيلاء
المؤقت على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو غيرها في سائر
الأحوال الطارئة أو المستعجلة, كما رخص له ذلك الاستيلاء لخدمة مشروع ذي منفعة
عامة, ويكون الاستيلاء نظير تعويض لذوي الشأن مقابل عدم انتفاعهم, إلا أنه بصدور
القانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع الملكية للمنفعة
العامة والاستيلاء على العقارات والذي نص في مادته الثالثة على أن يكون الاستيلاء
على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها بقرار من رئيس الجمهورية.
- 5 استيلاء "الاستيلاء المؤقت على
العقارات لأغراض التعليم".
صدور قرار المحافظ بالاستيلاء المؤقت لمدة ثلاث سنوات على أرض النزاع
لاستعمالها كفناء لإحدى المدارس في ظل العمل بق 252 لسنة 1960. عدم تخويل القانون
المحافظ سلطة إصداره. أثره. اعتباره صادراً ممن لا سلطة له. مؤداه. اعتبار وضع
هيئة الأبنية التعليمية يدها على العقار نفاذاً لذلك القرار غصباً. جواز المطالبة
برده عيناً أو بمقابل فضلاً عن ريعه.
إذ كان الثابت بالأوراق أن محافظ الغربية أصدر قراره رقم 325 لسنة
1971 في ظل العمل بالقانون 252 لسنة 1960 بالاستيلاء المؤقت لمدة ثلاث سنوات على
أرض النزاع لاستعمالها كفناء لإحدى المدارس, دون أن يخوله القانون إصدار هذا
القرار, فإنه يكون قد صدر ممن لا سلطة له في إصداره بما يجعله في حكم العدم, ويعد
وضع يد هيئة الأبنية التعليمية على العقار نفاذاً لهذا القرار غصباً له يجيز لأصحابه
المطالبة برده عيناً أو بمقابل فضلاً عن ريعه.
- 6 نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية:
تقدير التعويض عن نزع الملكية".
التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة. وجوب أن يكون عادلاً. اعتبار
التعويض عادلاً. شرطه. مراعاة الظروف الملابسة التي تؤثر في مقدار الضرر ومدى
التعويض عنه سواء بتغير ثمن العقار أو قيمة النقد أو الحرمان من ثمرة الشيء أو
عوضه.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – يجب أن يكون التعويض (عن نزع الملكية
للمنفعة العامة في حال صدوره ممن له سلطة إصداره أو ممن ليس له سلطة فيه) في هذا
أو ذاك عادلاً, لما هو مقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه باستثناء حالة المصادرة
التي هي عقوبة جنائية توقع بمقتضى حكم جنائي لا يجوز أن ينتقض من ملكية الأفراد أو
حقوقهم, إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقهم من خسارة أو فاتهم من كسب, لكي لا
يحرم المرء في آن واحد من البلدين, ملكه الذي انتزع منه والتعويض المستحق عنه, وهو
ما يفرض على القاضي عند تقدير التعويض عن قيمة العقار أو ريعه أو يراعي الظروف
الملابسة التي تؤثر في مقدار الضرر ومدى التعويض عنه, سواء بتغير ثمن العقار أو
قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه, إلى آخر هذه الاعتبارات التي لا
يوصف التعويض بأنه عادل إن لم يراعها.
- 7 نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية:
تقدير التعويض عن نزع الملكية".
قضاء الحكم المطعون فيه بتخفيض قيمة الريع للعقار المنزوع ملكيته
للمنفعة العامة أخذاً من تقرير خبرة في دعوى سابقة قدر فيه سعر متر العقار منذ عام
1979 وحتى نهاية أكتوبر عام 1999 سعراً ثابتاً. عدم مراعاته تغير سعر الأرض
والاعتبارات الواجب مراعاتها عند تقدير التعويض. فساد في الاستدلال وخطأ.
إذ كان الحكم الابتدائي قد انتهى – أخذاً بتقرير الخبير المنتدب –
بتقدير الريع مقابل عدم انتفاع ذوي الشأن بالعقار مراعياً احتساب قيمة العقار
المتخذة أساساً لتقدير الريع على ضوء الزيادة المضطردة في ثمنه وفق حالات المثل,
إلا أن الحكم المطعون قد ألغاه وقضى بخفض قيمة الريع أخذاً بتقرير خبرة في الدعوى
المشار إليها بسبب النعي, قدر فيها سعر المتر بخمسة من الجنيهات منذ عام 1979 وحتى
نهاية أكتوبر 1999 سعراً ثابتاً دون مراعاة لتغير سعر الأرض وما عداه من
الاعتبارات الواجب مراعاتها عند تقدير التعويض – على ما سلف بيانه – بما يعيبه
بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
---------
الوقائع
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق –
تتحصل في أن الطاعنين في الطعن رقم .... لسنة 70 ق أقاموا الدعوى رقم .... لسنة
1994 مدني محكمة طنطا الابتدائية خاصموا فيها المطعون ضدهم في ذات الطعن وانتهت
طلباتهم فيها إلى تقدير قيمة مقابل الانتفاع الفعلي للأرض مثار التداعي في الفترة
من تاريخ سقوط قرار الاستيلاء عليها وحتى تاريخ الحكم وكذلك تقدير هذه الأرض
وإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأداء هذه القيمة مع مقابل عدم انتفاعهم عن المدة
المشار إليها، واحتياطياً إلزامهم بإخلائها وتسليمها لهم، وقالوا بياناً لذلك إنهم
يمتلكون تلك الأرض المبينة بالصحيفة والبالغ مساحتها 785 متراً مربعاً بالمشاع في
مساحة أكبر تبلغ 1047.5 متراً مربعاً، وكانت تلك الأرض مؤجرة لما كان يعرف بمدارس
الاتحاد الإسرائيلي، إلا أن محافظ الغربية أصدر قراراً بالاستيلاء المؤقت عليها
لمدة ثلاث سنوات بالقرار رقم 325 لسنة 1971 لاستعمالها كفناء لمدرسة النصر
الثانوية وذلك لقاء مقابل انتفاع بخس، وظلت الأرض تحت يد وزارة التربية والتعليم -
والتي حلت محلها المطعون ضدها الأولى – هيئة الأبنية التعليمية –، وذلك بعد سقوط
قرار الاستيلاء بانتهاء مدته دون صدور قرار بنزع ملكيتها للمنفعة العامة، بما يضحي
وضع يد المطعون ضدهم عليها في حكم الغصب، ومن ثم فقد أقاموا دعواهم. ندبت المحكمة
خبيراً، وبعد أن قدم تقريريه قضت بإلزام هيئة الأبنية التعليمية بأن تؤدي إلى
الطاعنين مبلغ 341.236 جنيهاً مقابل الانتفاع بالأرض عن المدة من 19/5/1979 وحتى
نهاية أكتوبر 1999، وإخلاء الأرض وتسليمها لهم. طعن الطاعنون في الطعن المشار إليه
آنفاً على هذا الحكم برقم .... لسنة 50 ق لدى محكمة استئناف طنطا، بينما طعنت
الطاعنة في الطعن رقم .... لسنة 70 ق عليه لدى ذات المحكمة برقم ... لسنة 50 ق
وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت في 12/9/2000 في الاستئناف الأخير بتعديل
الحكم المستأنف بجعل مقابل الانتفاع 40735 جنيهاً وتأييده فيما عدا ذلك، وبرفض
الاستئناف الأول. طعنت الهيئة العامة للأبنية التعليمية في هذا الحكم بطريق النقض
بالطعن رقم 5966 لسنة 70 ق، بينما طعن المدعون فيه برقم 5972 لسنة 70 ق، وقدمت
النيابة مذكرة في كل طعن، أبدت فيهما الرأي ببطلان الطعن الأول وبرفض الثاني، وإذ
عرض الطعنان على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظرهما، وبها قررت
المحكمة ضمهما ليصدر فيهما حكم واحد والتزمت النيابة رأيها.
--------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي
المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
أولاً: الطعن رقم 5966 لسنة 70 ق.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة ببطلان الطعن أن الطاعنة لم
تودع عند تقديم الطعن ولا خلال الأجل المقرر له مبلغ الكفالة المنصوص عليه في
المادة 254 مرافعات في حين أنها ليست معفاة من أدائها.
وحيث إن الدفع سديد، ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه
المحكمة – أن الإعفاء من الرسوم على الدعاوى التي ترفعها الحكومة – عملاً بنص
المادة 50 من القانون رقم 90 لسنة 1944 بشأن الرسوم القضائية – والذي نصت المادة
254 من قانون المرافعات على أنه ".... يعفى من
الكفالة من يعفى من أداء الرسوم"، إنما ينصرف إلى الحكومة بمعناها الضيق، فلا
يتسع لغيرها من أشخاص القانون العام التي تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة وميزانية
مستقلة، وبالتالي فلا تعفى هذه الأشخاص من الرسوم القضائية ما لم ينص القانون على
إعفائها، وكان المشرع قد أوجب بنص المادة 254 من قانون المرافعات إيداع الكفالة
خزانة المحكمة قبل إيداع صحيفة الطعن أو خلال الأجل المقرر له، وإلا كان الطعن
باطلاً، وكان لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء
نفسها لأن إجراءات الطعن من النظام العام، وإذ كان الإعفاء من الرسوم القضائية
المقرر بنص المادة 50 من القانون 90 لسنة 1944 – على ما سلف بيانه – مقصوراً على
الدعاوى التي ترفعها الحكومة دون غيرها من أشخاص القانون العام التي لها شخصيتها
الاعتبارية المستقلة وميزانيتها المستقلة، وكانت الهيئة العامة للأبنية التعليمية
– الطاعنة – قد صدر بإنشائها القرار الجمهوري رقم 448 لسنة 1988 وأسبغ عليها
الشخصية الاعتبارية كما خولها ميزانية مستقلة، إلا أنه قد خلا من النص على إعفائها
من الرسوم القضائية للدعاوى التي ترفعها، فإنها تكون ملزمة بإيداع الكفالة المشار
إليها، وإذ لم تفعل، فإن الطعن يكون باطلاً ولا يغير من هذا النظر ما تمسكت به
الهيئة الطاعنة من صدور فتوى من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس
الدولة بإعفائها من الرسوم القضائية، ذلك أن مؤدى نص المادة 66 من قانون مجلس
الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 أن المشرع لم يسبغ على الجمعية
العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ولاية القضاء في المنازعات التي تقوم بين فروع
السلطة التنفيذية وهيئاتها، وإنما عهد إليها بمهمة الإفتاء فيها بإبداء الرأي
مسبباً على ما يفصح عنه صدر النص، ولا يؤثر في ذلك ما أضفاه المشرع على رأيها من
صفة الإلزام للجانبين، لأن هذا الرأي الملزم لا يتجاوز حد الفتوى ولا يرقى به نص
المادة 66 المشار إليه إلى مرتبة الأحكام، التي من شأنها أن تحوز حجية الأمر
المقضي.
ثانياً: الطعن رقم 5972 لسنة 70 ق.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الفساد في
الاستدلال، وذلك أنه قضى بتخفيض مقابل الانتفاع المقضي به ابتدائياً أخذاً بتقرير
الخبير في الدعوى رقم .... سنة 1993 مدني كلي شبين الكوم "وصحتها طنطا"
– والمقامة من شركائهم في باقي المساحة – والذي قدر فيه سعر المتر من أرض النزاع
بخمسة جنيهات سعراً ثابتاً منذ الاستيلاء وحتى تاريخ الحكم، دون أن يراعى التدرج
في سعر الأرض بالزيادة المضطردة طيلة تلك المدة وهو ما يؤثر بالضرورة على مقابل
الانتفاع بها، وهو ما راعاه خبير الدعوى الراهنة في تقريره الذي عولت عليه محكمة
أول درجة وأطرحه الحكم المطعون فيه متعللاً بأن الطاعنين قدموا الحكم المشار إليه
كحالة مثل، بينما يشهد واقع الحال أنهم قدموا شهادة تثمين من خبير معتمد لدى وزارة
العدل وشهادات بتصرفات مشهرة تفيد بارتفاع سعر المتر من الأرض التي تعد حالة مثل
لأرض النزاع لما يربو على الخمسة آلاف جنيه للمتر المربع، الأمر الذي يعيب الحكم
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان القانون رقم 577 لسنة
1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة أو التحسين – المنطبق على واقعة
الدعوى – قد رخص للمحافظ في المادة 17 منه – بناء على طلب المصلحة المختصة – أن
يأمر بالاستيلاء المؤقت على العقارات اللازمة لإجراء أعمال الترميم أو الوقاية أو
غيرها في سائر الأحوال الطارئة أو المستعجلة، كما رخص له ذلك الاستيلاء لخدمة
مشروع ذي منفعة عامة، ويكون الاستيلاء نظير تعويض لذوي الشأن مقابل عدم انتفاعهم،
إلا أنه بصدور القانون رقم 252 لسنة 1960 في شأن تعديل بعض الأحكام الخاصة بنزع
الملكية للمنفعة العامة والاستيلاء على العقارات والذي نص في مادته الثالثة على أن
يكون الاستيلاء على العقارات اللازمة لوزارة التربية والتعليم ومعاهدها بقرار من
رئيس الجمهورية، وكان الثابت بالأوراق أن محافظ الغربية أصدر قراره رقم 325 لسنة
1971 – في ظل العمل بالقانون 252 لسنة 1960 – بالاستيلاء المؤقت لمدة ثلاث سنوات
على أرض النزاع لاستعمالها كفناء لإحدى المدارس، دون أن يخوله القانون إصدار هذا
القرار، فإنه يكون قد صدر ممن لا سلطة له في إصداره بما يجعله في حكم العدم، ويعد
وضع يد هيئة الأبنية التعليمية على العقار نفاذاً لهذا القرار غصباً له يجيز
لأصحابه المطالبة برده عيناً أو بمقابل فضلاً عن ريعه، ويجب أن يكون التعويض في
هذا أو ذاك عادلاً، لما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه باستثناء حالة
المصادرة – التي هي عقوبة جنائية توقع بمقتضى حكم جنائي – لا يجوز أن ينتقض من
ملكية الأفراد أو حقوقهم، إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقهم من خسارة أو
فاتهم من كسب، لكيلا يحرم المرء في آن واحد من البدلين، ملكه الذي انتزع منه
والتعويض المستحق عنه، وهو ما يفرض على القاضي – عند تقدير التعويض عن قيمة العقار
أو ريعه – أن يراعي الظروف الملابسة التي تؤثر في مقدار الضرر ومدى التعويض عنه،
سواء بتغير ثمن العقار أو قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه، إلى آخر
هذه الاعتبارات التي لا يوصف التعويض بأنه عادل إن لم يراعها. لما كان ذلك، وكان
الحكم الابتدائي قد انتهى – أخذاً بتقرير الخبير المنتدب – بتقدير الريع مقابل عدم
انتفاع ذوي الشأن بالعقار مراعياً احتساب قيمة العقار – المتخذة أساساً لتقدير
الريع – على ضوء الزيادة المضطردة في ثمنه وفق حالات المثل، إلا أن الحكم المطعون
قد ألغاه وقضى بخفض قيمة الريع أخذاً بتقرير خبرة في الدعوى المشار إليها بسبب
النعي، قدر فيها سعر المتر بخمسة من الجنيهات منذ عام 1979 وحتى نهاية أكتوبر 1999
سعراً ثابتاً دون مراعاة لتغير سعر الأرض وما عداه من الاعتبارات الواجب مراعاتها
عند تقدير التعويض – على ما سلف بيانه – بما يعيبه بالفساد في الاستدلال الذي جره
إلى الخطأ في تطبيق القانون، كما حجبه ذلك عن التعرض بالبحث والتمحيص لاستئناف
الطاعنين بطلب زيادة ما قضى لهم به ابتدائياً من ريع، الأمر الذي يتعين معه نقض
الحكم – نقضاً جزئياً – فيما قضى به في الاستئناف ... لسنة 50 ق طنطا من تعديل
مقابل الانتفاع إلى مبلغ 40735.00 جنيهاً ورفض الاستئناف رقم ... لسنة 50 ق طنطا،
على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق