الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 16 أغسطس 2016

الطعن 3585 لسنة 81 ق جلسة 7 / 11 /2012 مكتب فني 63 ق 112 ص 621

جلسة 7 من نوفمبر سنة 2012

برئاسة السيد المستشار/ مجدي أبو العلا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عمر محمدين، نادي عبد المعتمد، نائبي رئيس المحكمة، أبو الحسين فتحي وأشرف فريج.

--------------

(112)
الطعن رقم 3585 لسنة 81 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد. دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) قتل عمد. شروع. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
جناية القتل العمد. تميزها قانوناً بعنصر خاص. هو قصد الجاني إزهاق روح المجني عليه. مناط تحقق هذا القصد؟
وجوب تحدث الحكم بالإدانة في جناية القتل العمد أو الشروع فيها عن الركن المعنوي استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة عليه وبيانها بياناً واضحاً.
مثال لتسبيب معيب في استظهار قصد القتل في جريمة قتل عمد.
(3) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة. إثبات "بوجه عام" "قرائن". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وجوب استظهار المحكمة ظرف سبق الإصرار بما يدل عليه وبيان الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنه وكيفية انتهائها إلى ثبوته.
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. عدم صلاحيتها وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها.
مثال لتسبيب معيب في استظهار ظرف سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(4) قتل عمد. قانون "تطبيقه" "تفسيره". إكراه. سرقة. اقتران. ظروف مشددة. ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
المادة 234/ 1، 2 عقوبات. مفادها؟
انتهاء الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه. دون مراعاة نص المادة 234 عقوبات. بالنظر إلى جناية القتل العمد مجردة عن ذلك الظرف عند توقيعها عقوبة الإعدام على الطاعنين. خطأ في تطبيق القانون. كون هذه العقوبة مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للفقرة الثالثة من هذه المادة. لا يغير من ذلك. أساس وعلة وأثر ذلك؟
-----------------
1- لما كان المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ..... رئيس مباحث قسم ..... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ..... (2) ..... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ...... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك، وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ..... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض ذلك أن ما أقرا به هو أنهما بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ إن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله.
3- لما كان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدي الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار" . لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى كما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدي الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه.
4- لما كانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه ركن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 234/ 3 من قانون العقوبات لا المادة 234/ 2 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة السرقة التي قرر القانون لها عند توافرها عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام، لما كانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: 1- قتلا المجني عليه/ ...... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم على ذلك وأعدا لهذا الغرض أداة "حبلاً" بأن استقل معه المتهم الأول الدراجة النارية "توك توك" التي يقودها المجني عليه وتتبعهما المتهم الثاني بدراجة نارية أخرى "توك توك" واستدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة ليلاً وما إن ظفرا به حتى كبلاه وخنقاه بالأداة "حبل" وألقيا به في مياه "بحر موسى" قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا المجني عليه بطريق الإكراه الواقع عليه بأن استدرجاه لمنطقة نائية خالية من المارة وكبلاه وخنقاه واستوليا على الدراجة النارية "توك توك" التي كان يقودها والتصرف في بعض محتوياتها وكان ذلك ليلاً بالطريق العام على النحو المبين بالتحقيقات. 2- أحرز أداة "حبل" مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون أن يكون لحملها مبرر من الضرورة الشخصية أو الحرفية. وأحالتهما إلى محكمة جنايات ..... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 234/ 2، 314، 315/ ثانياً عقوبات والمواد 1/ 1، 25 مكرراً / 1، 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند رقم 7 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الداخلية رقم 1756 لسنة 2007 مع إعمال المادة 32 عقوبات وبإجماع الآراء أولاً: بمعاقبة کل منهما بالإعدام. ثانياً: بإلزام كل منهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ...... إلخ.

المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليهما:
حيث إن المحكوم عليهما وإن قررا بالطعن في الميعاد القانوني إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنهما، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهما يكون غير مقبول شكلاً.
ثانياً: عن عرض النيابة العامة للقضية:
حيث إن عرض النيابة العامة للقضية استوفى مقومات قبوله.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله إنها: "تتحصل فيما أثبته وقرر به الرائد ...... رئيس مباحث قسم ...... أنه نفاذاً للإذن الصادر من النيابة في المحضر رقم ..... لسنة ..... إداري قسم ..... بضبط وإحضار كل من (1) ...... (2) ...... قام بضبط المذكورين وبمناقشتهما أقرا له بارتكابهما للواقعة محل المحاكمة وذلك بأنهما قد اتفقا فيما بينهما على سرقة الدراجات البخارية ذات الثلاث عجلات "توك توك" بشكل عشوائي وذلك بأن يقوم الأول بالوقوف إلى جانب الطريق ويستوقف أحد قائدي التوك توك في حين يتوجه الثاني مستقلاً دراجة بخارية مستأجرة وبالفعل قام المتهم الأول باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه ...... وطلب منه توصيله إلى ناحية ..... واستقل التوك توك وتعقبه شقيقه الثاني وقبل الوصول إلى المكان المحدد طلب الأول من المجني عليه التوقف لقضاء حاجته وأثناء نزوله قام بالاستيلاء على مفاتيح التوك توك ولحقه شقيقه الثاني حيث قام كل منهما بتكبيل المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وحال مقاومة المجني عليه لهما قاما بخنقه باستخدام ذلك الحبل وألقياه في مياه بحر موسى للتخلص من الجثة وقاما بالاستيلاء على التوك توك ونظراً لسوء حالة التوك توك قاما بفك أجزائه وقاما ببيعها وألقيا بالتوك توك في الترعة للتخلص منه"، كما تحدث الحكم المطعون فيه عن نية القتل بقوله: "لما كان ذلك وكان الثابت من أقوال المتهمين بتحقيقات النيابة في القضية رقم ..... لسنة ....... أنهما قاما باستيقاف التوك توك قيادة المجني عليه لسرقته وأنهما قاما بتكبيله بحبل ستارة التوك توك وقد تطابقت أقوال شاهدي الواقعة الأول والثاني على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية لكيفية إزهاق روح المجني عليه إذ جاءت وفاته ناتجة عن إسفكسيا الخنق الجنائي نتيجة التفاف جسم لين وخشن بإحكام وجذبه بقوة وهو ما يؤكد صحة التصوير الذي أدلى به المتهمان الأول والثاني لشاهدي الواقعة وهو ما أكدته تحرياتهما السرية ومن كل ما سبق فإن نية إزهاق الروح متى توافرت بقيام المتهمين بخنق المجني عليه باستخدام حبل ستارة التوك توك وذلك عند محاولة مقاومتهما ولم يتركاه حتى تأكدا من مفارقته الحياة وقد بات ظاهراً وجلياً تصميم المتهمين على نية إزهاق روح المجني عليه في أوضح صورة إذ وحسبما قررا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته وهو ما يدل يقين المحكمة على توافر قصد القتل في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانوناً عن غيرها من جرائم التعدي على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجاني من ارتكابه الفعل الجنائي إزهاق روح المجني عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائي العام الذي يتطلبه القانون في سائر الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطله الجاني ويضمره في نفسه، فإن الحكم الذي يقضي بإدانة المتهم في هذه الجناية أو الشروع فيها يجب أن يعني بالتحدث عن هذا الركن استقلالاً أو استظهاراً بإيراد الأدلة التي تكون المحكمة قد استخلصت منها أن الجاني حين ارتكب الفعل المادي المسند إليه كان في الواقع يقصد إزهاق روح المجني عليه، وحتى تصلح تلك الأدلة أساساً تبنى عليه النتيجة التي يتطلبها القانون يجب أن يبينها الحكم بياناً واضحاً ويوجهها إلى أصولها في الدعوى، وأن لا يكتفي بسرد أمور دون إسنادها إلى أصولها إلا أن يكون ذلك بالإحالة على ما سبق بيانه عنها في الحكم، ولما كان ما أورده الحكم لا يفيد في مجموعه سوى الحديث عن الأفعال المادية التي اقترفها المحكوم عليهما والتي لا تنبئ بذاتها عن ثبوت نية القتل في حقهما إذ لم يكشف عن قيام هذه النية بنفسيهما بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي تدل عليه وتكشف عنه، وكان ما أورده في حديثه عن نية القتل من أن المتهمين لم يتركا المجني عليه حتى تأكدا من مفارقته الحياة، مستنداً في إثبات ذلك إلى أنهما أقرا بأنهما تركاه غارقاً في مياه بحر موسى ولم يتركا المكان إلا وقد تأكدا من وفاته لا يسانده إثباتاً واستخلاصاً إقرار المحكوم عليهما حسب تحصيل الحكم المعروض - ذلك أن ما أقرا به هو أنهما - بعد مقارفتهما السرقة وتكبيل المجني عليه بحبل تركاه ملقى على جسر البحر وأنه تقلب حتى سقط في البحر ولم يقوما بإنقاذه حتى لا يمسك بهما، وهو ما يفيد أنهما وحسبما قالا لم ينقذا المجني عليه حتى لا يمسك بهما دون أن يتعدى الأمر ذلك إلى قصدهما إزهاق روحه، كما وأن الإقرار المتقدم لا يقطع بأنهما لم يتركا المجني عليه حتى تأكدهما من مقتله، حسبما ذهب الحكم إذ ليس بلازم حتماً في العقل ولا في الواقع أن يكون السقوط في البحر قرين الوفاة، فإن الحكم إذ حاد بإقراري المحكوم عليهما ثبوت القصد الجنائي لديهما في القتل العمد عن نص ما أنبأ به وفحواه، يكون باطلاً لابتنائه على أساس فاسد، فضلاً عن أن ما جاء في هذا السياق لا يبلغ حد الكفاية، ولا يغني عن ذلك ما قاله الحكم من أن المحكوم عليهما قد قصدا قتل المجني عليه، إذ أن قصد إزهاق الروح إنما هو القصد الخاص المطلوب إظهاره بإيراد الأدلة والمظاهر الخارجية التي رأت المحكمة أنها تدل عليه بما يشوبه بعيب القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال بما يبطله. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى ظرف سبق الإصرار واستظهره في قوله: "فهو ثابت في حق المتهمين مما شهد به شاهدا الإثبات من أن المتهمين قد اتفقا على سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وأنه في حالة مقاومة قائد التوك توك لهما وعدم امتثاله إيذاءه وإن تطلب الأمر قتله وقد قام المتهمان بالفعل بتنفيذ ما انتويا عليه من قبل أنهما قاما باصطياد ضحيتهما ولدى مقاومته لهما قاما بخنقه بحبل ستارة التوك توك وألقيا بجثته في البحر ولم يغادرا المكان إلا بعد تنفيذهما لجريمتهما وهما هادئ البال بعيداً عن ثورة الغضب وبعد تفكير هادئ ومتأن وتصميم محكم على تنفيذ ما انتوياه وهو مما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الإصرار في حق المتهمين مما هو معروف قانوناً ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين عقب قتلهما للمجني عليه وسرقة التوك توك بما يحقق في جانبهما جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار"، لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من سبق الإصرار فيما تقدم وإن توافرت له في ظاهر الأمر مقومات هذا الظرف كما هو معرف به في القانون، إلا أن ما ساقه الحكم في هذا الشأن من عبارات مرسلة ليس في حقيقته إلا ترديداً لوقائع الدعوى کما أوردها في صدره وبسطاً لمعنى سبق الإصرار وشروطه ولا يعدو أن يكون تعبيراً عن تلك الحالة التي تقوم بنفس الجاني والتي يتعين على المحكمة أن تستظهرها بما يدل عليها وأن تبين الوقائع والأمارات والمظاهر الخارجية التي تكشف عنها، مما كان ينبغي على المحكمة معه أن توضح كيف انتهت إلى ثبوت توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين، وذلك بعد أن خلت أدلة الدعوى مما يدل على ذلك يقيناً، ولا يقدح فيما تقدم ما اعتنقه الحكم ودل عليه من أن المحكوم عليهما فكرا في سرقة أحد الدراجات البخارية بشكل عشوائي وصمما على ذلك، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها في حقهما لا ينعطف أثره حتماً إلى الإصرار على القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين، ولا يجزئ في ذلك ما تساند إليه الحكم من ثبوت ظرف سبق الإصرار ذلك أنه وحسب ما سجله في مدوناته جعل أساس اقتناعه في هذا الخصوص ما قال به شاهدا الإثبات بما أسفرت عنه تحرياتهما، دون أن يورد ابتداء الدليل المعتبر في القانون على ثبوت ذلك، حال أن المقرر بحسب ما استقر عليه قضاء النقض، أنه لئن كان الأصل أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة، إلا أنها لا تصلح وحدها لأن تكون قرينة معينة أو دليلاً أساسياً على ثبوت التهمة بعناصرها، فإن تدليل الحكم على ظرف سبق الإصرار في جريمة القتل العمد يكون غير سائغ وقاصراً عن حمل قضائه. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة - محكمة النقض - تلاحظ من ناحية القانون أن واقعة السرقة كما حصلها الحكم على الصورة المتقدم ذكرها يصدق عليها قانوناً وصف جناية السرقة بالإكراه ولو أن الإكراه لم يقع بفعل آخر غير فعل القتل وأنه وإن كان في كل من جنايتي القتل العمد والسرقة بالإكراه يمكن تصور قيامه إذا ما نظر إليه مستقلاً عن الآخر إلا أنه إذا نظر إليهما معاً تبين أن هناك عاملاً مشتركاً بينهما وهو فعل الاعتداء الذي وقع على المجني عليه فإنه يكون جريمة القتل ويكون في الوقت نفسه رکن الإكراه في السرقة، ولما كان الشارع في المادة 234 من قانون العقوبات بفقرتيها الثانية والثالثة قد جعل من الجناية المقترنة بالقتل العمد أو من الجنحة المرتبطة به ظرفاً مشدداً لجناية القتل التي شدد عقابها في هاتين الصورتين ففرض عقوبة الإعدام عند اقتران القتل بجناية والإعدام أو السجن المؤبد عند ارتباطه بجنحة، ومقتضى هذا أن تكون الجناية المقترنة بالقتل مستقلة عنه وألا تكون مشتركة مع القتل في أي عنصر من عناصره ولا أي ظرف من ظروفه التي يعتبرها القانون عاملاً مشدداً للعقاب، فإذا كان القانون لا يعتبرها جناية إلا بناء على ظرف مشدد وكان هذا الظرف هو المكون لجناية القتل العمد وجب عند توقيع العقاب على المتهمين ألا ينظر إليها مجردة عن هذا الظرف، ومتى تقرر ذلك فإن عقاب المتهمين يكون طبقاً لنص المادة 3/ 234 من قانون العقوبات لا المادة 2/ 234 من نفس القانون التي أعمل نصها الحكم، وترى هذه المحكمة أن ما انتهى إليه الحكم في تدليله على توافر ظرف الاقتران وفي التكييف القانوني للواقعة واعتباره القتل مقترناً بجناية السرقة بالإكراه يخالف وجهة النظر سالفة الذكر، ومن ثم فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم القانون وتطبيقه، ولا يغير من ذلك أن تكون عقوبة الإعدام الموقعة على المحكوم عليهما مقررة لجريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة طبقاً للمادة 234 فقرة ثالثة من قانون العقوبات، ذلك أنه وقد شاب الحكم المعروض خطأ في فهم القانون إذ اعتبر القتل ظرفاً مشدداً هو الإكراه في جريمة السرقة على ما سلف بيانه فإنه لا يمكن الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى ذلك، ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه التكييف القانوني الصحيح للواقعة في وجدان المحكمة لو أنها عاقبت المحكوم عليهما عن جريمة القتل العمد المرتبط بجنحة سرقة التي قرر القانون لها - عند توافرها - عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان ذلك، وكانت العيوب التي لحقت الحكم المعروض تندرج تحت حكم الحالة الثانية من المادة 30 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي أحالت إليها الفقرة الثانية من المادة 39، وكانت المادة 46 من القانون سالف الذكر قد أوجبت على هذه المحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بنقض الحكم إذا وقع فيه بطلان وقصور وفساد من هذا القبيل، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية، ونقض الحكم المعروض والإعادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق