الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 أغسطس 2016

الطعنان 1735 ، 1835 لسنة 80 ق جلسة 10 / 7 / 2012 مكتب فني 63 ق 158 ص 1011

برئاسة السيد القاضي/ عبد المنعم دسوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ د. خالد عبد الحميد، عمران عبد المجيد, وائل رفاعي، وعبد الرحيم الشاهد نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1  عقد "تحديد موضوع العقد: تحديد نطاق العقد".
تفسير القاضي للعقد واستخلاص النية المشتركة للمتعاقدين. لازمه. تحديد نطاق العقد. شموله ما هو من مستلزمات التعاقد وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام دون الاقتصار على ما اتجهت إليه إرادة المتعاقدين المشتركة.
المقرر أنه يتعين على القاضي بعد تفسير العقد واستخلاص النية المشتركة للمتعاقدين أن يحدد الآثار التي تترتب في ذمة كل منهما، أي يحدد نطاق العقد، فلا يقتصر على ما اتجهت إليه إرادتهما المشتركة الحقيقية والذاتية بطبيعتها – باعتبارها مرجع ما يرتبه التعاقد من آثار – بل يشمل ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، فيلزم المتعاقدين بتنفيذه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية.
- 2  عقد "تحديد موضوع العقد: تحديد نطاق العقد".
تحديد نطاق العقد. مسألة قانونية. أثر ذلك. خضوع قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض.
تحديد نطاق العقد مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تراقب ما إذا كانت محكمة الموضوع قد أغفلت الأخذ بالنصوص الواردة بالمستندات المقدمة المؤثرة في مصير الدعوى، وأوردت من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرفي التعاقد في هذا الصدد وإلا كان حكمها معيباً.
- 3  عقد "تحديد موضوع العقد: تحديد نطاق العقد".
العقد شريعة المتعاقدين. مؤداه. التزام طرفيه بما يرد الاتفاق عليه متى وقع صحيحاً غير مخالف للنظام العام. سريانه على العلاقة التعاقدية بين البنوك وعملائها.
المقرر – إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة – أن العقد – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المدني – شريعة المتعاقدين، لكنها شريعة اتفاقية، فهو يلزم طرفيه بما يرد الاتفاق عليه متى وقع صحيحاً غير مخالف للنظام العام والآداب. وهو ما ينطبق على العلاقة التعاقدية بين البنوك وعملائها.
- 4  عقد "تحديد موضوع العقد: تحديد نطاق العقد".
نقض العقد أو تعديله. الأصل فيه. تراضي طرفيه أو لسبب من الأسباب التي يقررها القانون.
الأصل أنه لا يجوز لأي من طرفي العقد أن يستقل بنقضه أو تعديله إلا بتراضي الطرفين – ويكون هذا التراضي بمثابة اتفاق أو عقد جديد – أو لسبب من الأسباب التي يقررها القانون.
- 5  عقد "تحديد موضوع العقد: تحديد نطاق العقد".
العقد الصحيح. عدم جواز تعديله أو نقضه من جانب قاضي الموضوع. علة ذلك. اقتصار عمل القاضي على تفسير مضمونه بالرجوع إلى نية طرفيه ثم تحديد نطاقه. خضوعه لرقابة محكمة النقض في هذا العمل.
لا يجوز لقاضي الموضوع أن ينقض عقداً صحيحاً أو يعدله بدعوى أن ذلك تقتضيه قواعد العدالة، فالعدالة تكمل إرادة المتعاقدين ولكن لا تنسخها، ولأن القاضي لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها، وإنما يكون عمله مقصوراً على تفسير مضمونها بالرجوع إلى نية طرفيها ثم تحديد نطاقها وتطبيقها والخطأ فيه خطأ في تطبيق القانون يخضع لرقابة محكمة النقض، وتحديد نطاق العقد على ما اتجهت إليه النية المشتركة الحقيقية والذاتية لطرفيه بالتراضي على اتفاق جديد يدل على أن الطرفين قد تخليا عن الاتفاق المبرم بينهما وانصرفت نيتهما إلى نقضه وعدم التمسك به أو تطبيقه، ويتعين على قاضي الموضوع أن يُعمل هذه الإرادة، فإذا طبقه دون الاتفاق الجديد الذي كان يجنب تطبيقه وهو اجتهاد يخضع لرقابة محكمة النقض فلها أن تنقض الحكم وتفصل في الدعوى على أساس الاتفاق الواجب التطبيق.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته في الطعن الأول أقام على البنك الطاعن في ذات الطعن الدعوى رقم .... لسنة 2003 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بندب خبير للانتقال إلى مقر البنك لبيان أصل المديونية المدعى بها وفوائدها وعمولاتها والمصروفات الإدارية المحتسبة عليها وأساس المطالبة بها وبيان ما تم سداده منها، على سند من القول أن الشركة التي يمثلها حصلت من البنك على تسهيلات ائتمانية وقروض مقابل رهون عقارية وقام بسداد قيمة هذه التسهيلات والفوائد والعمولات والمصروفات الإدارية، إلا أن ما قام بسداده جاوز قيمة هذه التسهيلات وطالبه البنك بقيمة أوراق تجارية لا علاقة له بها واحتسب فوائد لا أساس لها، ومن ثم أقام الدعوى. وجه البنك الطاعن دعوى فرعية بإلزام المطعون ضدهما في الطعن الأول بأن يؤديا له المديونية المستحقة عليهما حتى 30 من سبتمبر سنة 2003 وهي مبلغ 150534.66 جنيه ومبلغ 6058278.18 دولار أمريكي بخلاف ما استجد ويستجد من عوائد وعمولات حتى تمام السداد. ندبت المحكمة خبيراً فيهما، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 30 من مارس سنة 2005 بانتهاء الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بإلزام المطعون ضدهما بأن يسددا للبنك الطاعن المديونية المستحقة عليهما في 30 من سبتمبر سنة 2003 وهي مبلغ 6420665.63 دولار أمريكي ومبلغ 150534.66 جنيه. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 122ق لدى محكمة استئناف القاهرة، وبتاريخ 9 من ديسمبر 2009 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية إلى إلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا للبنك مبلغ 4433374.74 دولار أمريكي (أربعة ملايين وأربعمائة ثلاثة وثلاثون ألفاً وثلاثمائة وأربعة وسبعون دولاراً أمريكياً وأربعة وسبعون سنتاً" بدلاً من مبلغي (6420665.63 دولار أمريكي + 150534.66 جنيه) الواردين بالحكم المستأنف إلى البنك الطاعن وبتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطرفان في هذا الحكم بطريق النقض البنك بالطعن رقم 1735 لسنة 80ق، والمحكوم عليهما بالطعن رقم 1835 لسنة 80ق، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في الطعن الأول وبرفض الطعن الثاني، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها ضمت الطعن الثاني إلى الأول والتزمت النيابة رأيها.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية
أولاً: الطعن رقم 1735 لسنة 80ق
حيث إن مما ينعاه البنك الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ قضى بإلزام المطعون ضدهما بأن يؤديا له مبلغ 4433374.74 دولار أمريكي استناداً إلى العقد المؤرخ في 25 من يوليه سنة 1999، في حين أن المطعون ضدهما قد أبرما مع البنك عقداً آخر بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 2006 لتحديد ما قاما بتنفيذه من شروط وأحكام العقد الأول والآثار المترتبة على ما لم يتم الوفاء به من التزامات وتطبيق الفائدة الاتفاقية المتفق عليها فيه، وأقر المطعون ضدهما في العقد الأخير بمراجعة كافة الحسابات والأرصدة ومصادقتهما على صحة رصيد المديونية الوارد به وهو مبلغ 7592156.06 دولار أمريكي ومبلغ 450181.41 جنيه مصري، فإن العقد الأخير هو الذي يحكم العلاقة بين الطرفين إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة فلا يجوز مخالفة ما اتفقا عليه فيه، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا العقد الأخير فإنه يكون قد خالف قانون المتعاقدين وأهدر إرادة طرفيه بما يعيبه ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المقرر أنه يتعين على القاضي بعد تفسير العقد واستخلاص النية المشتركة للمتعاقدين أن يحدد الآثار التي تترتب في ذمة كل منهما، أي يحدد نطاق العقد، فلا يقتصر على ما اتجهت إليه إرادتهما المشتركة الحقيقية والذاتية بطبيعتها – باعتبارها مرجع ما يرتبه التعاقد من آثار – بل يشمل ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام، فيلزم المتعاقدين بتنفيذه بطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ويعتبر تحديد نطاق العقد مسألة قانونية يخضع فيها قاضي الموضوع لرقابة محكمة النقض التي تراقب ما إذا كانت محكمة الموضوع قد أغفلت الأخذ بالنصوص الواردة بالمستندات المقدمة المؤثرة في مصير الدعوى، وأوردت من الوقائع والظروف ما اعتبرته كاشفاً عن إرادتي طرفي التعاقد في هذا الصدد وإلا كان حكمها معيباً مستوجباً نقضه. ومن المقرر إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة أن العقد – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون المدني – شريعة المتعاقدين، لكنها شريعة اتفاقية، فهو يلزم طرفيه بما يرد الاتفاق عليه متى وقع صحيحاً غير مخالف للنظام العام والآداب – وهو ما ينطبق على العلاقة التعاقدية بين البنوك وعملائها. والأصل أنه لا يجوز لأي من طرفي العقد أن يستقل بنقضه أو تعديله إلا بتراضي الطرفين – ويكون هذا التراضي بمثابة اتفاق أو عقد جديد – أو لسبب من الأسباب التي يقررها القانون، وكذلك لا يجوز لقاضي الموضوع أن ينقض عقداً صحيحاً أو يعدله بدعوى أن ذلك تقتضيه قواعد العدالة، فالعدالة تكمل إرادة المتعاقدين ولكن لا تنسخها، ولأن القاضي لا يتولى إنشاء العقود عن عاقديها، وإنما يكون عمله مقصوراً على تفسير مضمونها بالرجوع إلى نية طرفيها ثم تحديد نطاقها وتطبيقها والخطأ فيه خطأ في تطبيق القانون يخضع لرقابة محكمة النقض، وتحديد نطاق العقد على ما اتجهت إليه النية المشتركة الحقيقية والذاتية لطرفيه بالتراضي على اتفاق جديد يدل على أن الطرفين قد تخليا عن الاتفاق المبرم بينهما وانصرفت نيتهما إلى نقضه وعدم التمسك به أو تطبيقه، ويتعين على قاضي الموضوع أن يُعمل هذه الإرادة، فإذا طبقه دون الاتفاق الجديد الذي كان يجب تطبيقه – وهو اجتهاد يخضع لرقابة محكمة النقض – فلها أن تنقض الحكم وتفصل في الدعوى على أساس الاتفاق الواجب التطبيق. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن البنك الطاعن قد أبرم مع المطعون ضدهما اتفاق جدولة مديونية بتاريخ 25 من يوليه سنة 1999 أقرت فيه الشركة التي يمثلها المطعون ضده الأول بعد مراجعة دفاتر وسجلات البنك بصحة المديونية القائمة في ذمتها لصالح البنك الطاعن وهي مبلغ 4433374.74 دولار أمريكي حتى 30 من يونيه سنة 1999 بخلاف ما ترتب ويترتب بعد هذا التاريخ من فوائد وعمولات، والتزمت الشركة في البند الثالث من الاتفاق بسداد هذه المديونية بضمان وكفالة المطعون ضده الثاني على أقساط على النحو المبين بذلك البند. كما اتفق في البند الرابع منه على أن يسري ويحتسب على تلك المديونية عائد بواقع 2% فوق سعر الليبور شهرياً تسدد في مواعيد الأقساط المبينة بالبند السابق. ثم أبرم الطرفان بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 2006 اتفاقاً آخر بإعادة جدولة المديونية أقر فيه المطعون ضدهما بأن المديونية المستحقة عليهما حتى 31 من أغسطس سنة 2006 مبلغ 7592156.03 دولار أمريكي ومبلغ 450181.41 جنيه مصري بخلاف ما استجد ويستجد بعد هذا التاريخ من عوائد وعمولات، والتزما بسداده على أقساط على النحو المبين بالاتفاق. وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بالمديونية الثابتة في اتفاق الجدولة الأول، والتفت عن المديونية التي أثبتها الاتفاق الأخير – رغم عدم طعن المطعون ضدهما عليه بأي مطعن – على سند من أن إقفال الحساب الجاري يترتب عليه عدم استحقاق أي عمولة أو فوائد اتفاقية بعد تاريخ إقفاله، في حين أن قفل الحساب الجاري وإن كان يترتب عليه وقف حساب الفوائد بالسعر المتفق عليه لتشغيل الحساب، إلا أنه بتاريخ 5 من سبتمبر سنة 2006 نشأ اتفاق صحيح بين الطرفين خلا مما يخالف النظام العام والآداب، فقد خلصت له قوته الملزمة ووجب عليهما تنفيذ ما التزما به وعلى قاضي الموضوع أن يطبقه، فتسري عليه الفوائد التي اتفقا على سريانها بعد قفل الحساب ما دامت لا تتجاوز الحد الأقصى المقرر قانوناً للفوائد في العمليات المصرفية. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، والتفت عن اتفاق جدولة المديونية الأخير المؤرخ 5 من سبتمبر سنة 2006 ولم يعمل ما اتفق عليه الطرفان فيه، وقد حجبه ذلك عن بحث حقيقة المديونية المستحقة على المطعون ضدهما بعد إبرام الاتفاق الأخير وما تم سداده منها وما استحق عليها من فوائد - في حدود ما قضى به الحكم المستأنف والذي لم يستأنفه البنك الطاعن – فإن يكون قد خالف القانون وشابه القصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
ثانياً: الطعن رقم 1835 لسنة 80 ق
وحيث إنه قد سبق القضاء في الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه، وهو ذاته محل الطعن الماثل، فإن الطعن يضحى وارداً على غير محل مما يتعين معه الحكم بانتهاء الخصومة فيه لانعدام محلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق