جلسة 15 من يناير سنة 2012
برئاسة السيد المستشار/ حسين الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ ناجي عبد العظيم، سعيد فنجري، أسامة درويش نواب رئيس المحكمة ومحمد
قطب.
------------------
(11)
الطعن 4889 لسنة 80 ق
(1) حكم "بيانات التسبيب" "بطلانه" "بيانات حكم
الإدانة".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً.
المادة 310 إجراءات.
المراد بالتسبيب المعتبر؟
إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة
أو وضعه في صورة مجملة. لا يحقق غرض الشارع من إيجاب تسبيبه.
(2) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. جريمة
"أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
جنايتا الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير.
مناط تحققها؟
وجوب بيان الحكم صفة الطاعن وكونه موظفاً وأن الوظيفة قد طوعت له
الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال وكيفية الإجراءات التي اتخذت لتوافر
أركان هاتين الجريمتين.
(3) استيلاء على أموال أميرية.
تسهيل استيلاء على أموال أميرية. قصد جنائي. جريمة "أركانها ".
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جريمتي الاستيلاء وتسهيل
استيلاء الغير على المال العام. غير لازم. شرط ذلك؟
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. محكمة الموضوع "سلطتها في
تقدير الدليل" . إثبات "بوجه عام " .
الاشتراك في جرائم التزوير. تمامه: دون مظاهر خارجية وأعمال مادية
محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه. استخلاص توافره. موضوعي. ما دام سائغاً.
(5) تزوير "أوراق
رسمية". اشتراك. قصد جنائي. استعمال محرر مزور. إثبات "بوجه عام".
جريمة استعمال الورقة المزورة. قيامها: بثبوت علم من استعمالها بأنها
مزورة. مجرد التمسك بها أمام الجهة المقدمة لها. غير كاف. ما دام أنه لم يثبت أنه
هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
(6) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. حكم
"تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم بيان الحكم المطعون فيه كيفية الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على
مال الدولة واستظهار انصراف نية الطاعن إلى الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك
لمصلحة الغير وقت حصول الجريمتين. قصور.
(7) تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
خلو الحكم المطعون فيه من تفاصيل المستندات موضوع الجريمة وموطن
التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو
بيان أو توقيع وكيفية المشاركة في التزوير والدليل على ثبوت علم الطاعن به. قصور.
علة ذلك؟
(8) استيلاء على أموال أميرية. تسهيل استيلاء على أموال أميرية. تزوير
"أوراق رسمية". استعمال محرر مزور. ارتباط. عقوبة "تطبيقها".
نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة الموضوع "سلطتها
في تقدير العقوبة". محكمة النقض "سلطتها". ظروف مخففة. حكم
"تسبيبه. تسبيب معيب".
العقوبة المقررة لجريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال
مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محرر
مزور. ماهيتها؟ الفقرتان الأولى والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات.
المادة
17 عقوبات. إباحتها النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا
يجوز أن ينقص عن ستة أشهر.
انتهاء المحكمة إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء
وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور
وأخذه بالرأفة وفقأً للمادة 17 عقوبات ومعاقبته بإحدى العقوبتين التخييريتين وفقاً
للمادة 113 /1، 2 عقوبات. خطأ في تطبيق القانون. علة ذلك؟
حق محكمة النقض أن تنقض
الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. متى كان مبنياً على خطأ في تطبيق القانون.
أساس ذلك؟
تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق. موضوعي. أثر ذلك؟
مثال.
-----------------
1 - من المقرر أن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي انبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة، أو وضعة في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم.
2 - لما كانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت في صريح عباراتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام أو من في حكمه أياً كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ولا يعتبر المال قد دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن، وكونه موظفاً وكون وظيفته قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال، وكيفية الإجراءات التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمتين.
3 - من المقرر أنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
4 - من المقرر أنه وإن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهي تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
5 - من المقرر أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية الطاعن أنها انصرفت إلى الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك الجريمتين فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمتي الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء المادي والمعنوي.
7 - لما كانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل كافة المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن، والأفعال التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع، وإيراد الدليل على أنه قام بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، ولم يدلل على ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعن، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه.
8 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة بنصيب والمرتبطة بجريمة تزوير واستعمال محرر مزور – موضوع التهمة الأولى والثانية – طبقاً لنص الفقرة الأولى والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات، وأعمل في حقه المادة 17 من القانون ذاته ، ثم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمتين - سالفتي الذكر – هي السجن المؤبد أو المشدد، وكانت المادة 17 من قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر، وأنه وأن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أبح النزول إليها جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم ومعاملته طبقاً لنص المادة 17 المشار إليها، إلا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور وذكرت في حكمها أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ومع ذلك أوقعت عليه عقوبة السجن المشدد وهي إحدى العقوبتين التخييريتين لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 113/ 1، 2 من قانون العقوبات، فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، إذ كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان تطبيق العقوبة في حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة، وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه.
-----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً "مصرفي
بالبنك ...." إحدى شركات المساهمة التي تسهم الدولة في ماله بنصيب استولى
بغير حق، وبنية التملك على مبلغ .... جنيه مصري المملوك لجهة عمله سالفة
البيان وكان ذلك حيلة بأن استخدم الحاسب الآلي في إجراء تحويلات مصرفية من حساب
احتياطي الفوائد الخاص بجهة عمله إلى حسابه الشخص عن طريق توسيط حسابات بعض
العملاء بذات البنك دون علمهم وصرف قيمة تلك التحويلات، واستولى عليها لنفسه على
النحو المبين بالتحقيقات، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي تزوير في محررات
واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في الزمان والمكان سالفي الذكر
وبصفته آنفة البيان اشترك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات لجهة عمله"
إيصالات السحب والشيك لحامله المنسوبة للعميل "..... وذلك بوضع إمضاءات
مزورة، بأن اتفق مع المجهول على ذلك وساعده بأن قدم إليه إيصالات السحب والشيك
لحامله وأمده باسم العميل فدونه المجهول ووقع عليها بتوقيع نسبه زوراً للعميل
واستعمل المحررات المزورة آنفة البيان فيما زورت من أجله مع علمه بتزويرها، بأن
قدمها إلى جهة عمله محتجاً بصحة ما ورد بها ولإعمال آثارها، الأمر المعاقب عليه
بالمادتين 211، 214 مكرراً من قانون العقوبات. وأحالته إلى محكمة جنايات ...
لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت
حضورياً عملاً بالمواد 30، 32، /2،3، 4041/1، 113/1،2، 118، 119/هـ، 119 مكرراً/هـ
، 211، 214 مكرراً/1 من قانون العقوبات مع إعمال وتطبيق المادتين 17، 32 من ذات
القانون، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وبعزله من وظيفته الأميرية
وإلزامه برد مبلغ ...... جنيه إلى خزينة البنك المجني عليه وتغريمه مبلغاً مساوياً
لهذا المبلغ ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ .
--------------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم
الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مملوك للبنك .... إحدى شركات المساهمة
التي تسهم الدولة في ماله والاشتراك في تزوير محرراته واستعمالها مع العلم
بتزويرها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم خلا من
بيان أركان الجرائم المسندة إليه، وجاءت عباراته عامة مجملة، مما يعيبه ويستوجب
نقضه .
ومن حيث إن الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن
يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بنى عليها، وإلا كان باطلاً، والمراد
بالتسبيب الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي أنبنى عليها الحكم
والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن
يكون في بيان جلي مفصل بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به أما إفراغ الحكم في
عبارات عامة معماة، أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذي قصده الشارع
من إيجاب تسبيب الأحكام، ولا يمكن محكمة النقض من مراقبة صحة تطبيق القانون على
الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، وكانت جناية الاستيلاء على مال الدولة أو ما في
حكمها أو تسهيل ذلك للغير المنصوص عليها في المادة 113 من قانون العقوبات قد دلت
في صريح عباراتها وواضح دلالتها، على أن جناية الاستيلاء على مال الدولة بغير حق
تقتضي وجود المال في ملك الدولة عنصراً من عناصر ذمتها المالية ثم قيام موظف عام
أو من في حكمه أيا كان بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة، ولا يعتبر المال قد
دخل في ملك الدولة إلا إذا كان قد آل إليها بسبب صحيح ناقل للملك، وتسلمه من الغير
موظف مختص بتسلمه على مقتضى وظيفته أو أن يكون الموظف المختص قد سهل لغيره ذلك
ويشترط انصراف نية الجاني وقت الاستيلاء إلى تملكه أو تضييعه على ربه في تسهيل
الاستيلاء وعليه يكون وجوباً على الحكم أن يبين صفة الطاعن وكونه موظفاً وكون
وظيفته قد طوعت له الاستيلاء وتسهيل استيلاء الغير على المال، وكيفية الإجراءات
التي اتخذت بما تتوافر به أركان تلك الجريمتين وأنه ولئن كان لا يلزم أن يتحدث
الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هاتين الجريمتين إلا أن شرط ذلك أن
يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان من
المقرر أنه وان كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية وأعمال
مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن
تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقاداً سائغاً تبرره الوقائع التي
أثبتها الحكم، ومن المقرر أيضاً أن جريمة استعمال الورقة المزورة لا تقوم إلا
بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد تمسكه بها أمام الجهة التي قدمت
لها ما دام أنه لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن وظيفة الطاعن قد طوعت له الاستيلاء
وتسهيل استيلاء الغير على مال الدولة، ولم يستظهر نية الطاعن أنها انصرفت إلى
الاستيلاء على المال وتضييعه على البنك المجني عليه لمصلحة الغير وقت حصول تلك
الجريمتين فيكون الحكم قاصراً في التدليل على توافر ركني جريمتي الاستيلاء وتسهيل
الاستيلاء المادي والمعنوي. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم قد خلت من تفاصيل
كافة المستندات موضوع الجريمة وموطن التزوير فيها وقوفاً على دور الطاعن، والأفعال
التي أتاها كل من زور ورقة بعينها أو بيان أو توقيع، وإيراد الدليل على أنه قام
بشخصه بتزوير البيان المطعون فيه أو شارك فيه وكيفية هذه المشاركة، ولم يدلل على
ثبوت العلم بالتزوير في حق الطاعن، إذ اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة
لا يبين منها حقيقة مقصود الحكم في شأن الواقع المعروض الذي هو مدار الأحكام، ولا
يحقق بها الغرض الذي قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان، فإن الحكم
المطعون فيه يكون قاصراً بما يوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون
فيه أنه انتهى إلى إدانة الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء بغير حق على
مال مملوك لإحدى الشركات التي تساهم فيها الدولة بنصيب والمرتبطة بجريمة تزوير
واستعمال محرر مزور ــ موضوع التهمة الأولى والثانية ــ طبقاً لنص الفقرة الأولى
والثانية من المادة 113 من قانون العقوبات، وأعمل في حقه المادة 17 من القانون
ذاته، ثم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات، وكانت العقوبة المقررة لتلك
الجريمتين ـــ سالفتي الذكر ـــ هي السجن المؤبد أو المشدد، وكانت المادة 17 من
قانون العقوبات التي أعملها الحكم في حق الطاعن تبيح النزول بعقوبة السجن المشدد
إلى عقوبة السجن أو الحبس الذي لا يجوز أن ينقص عن ستة أشهر، وأنه وان كان هذا
النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها
جوازياً إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم ومعاملته طبقاً لنص
المادة 17 المشار إليها، ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة
باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام.
لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء
بغير حق على مال عام المرتبطة بجريمة التزوير واستعمال محرر مزور وذكرت في حكمها
أنها رأت معاملته طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات، ومع ذلك أوقعت عليه
عقوبة السجن المشدد وهي إحدى العقوبتين التخييريتين لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة
113/2،1 من قانون العقوبات، فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون، إذ
كان عليها أن تنزل بعقوبة السجن المشدد إلى عقوبة السجن أو الحبس لمدة لا تقل عن
ستة أشهر. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة
النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة
المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق
القانون، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان تطبيق العقوبة في
حدود النص المنطبق من اختصاص محكمة الموضوع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإعادة،
وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن التي يثيرها الطاعن في أسباب طعنه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق