جلسة 19 من نوفمبر سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة ورشاد قذافي.
-----------------
(174)
الطعن رقم 12261 لسنة 60 القضائية
(1) نقض "الطعن للمرة الثانية".
نقض الحكم للمرة الثانية. يوجب تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس ذلك؟
(2) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
حمل الشيك أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين للمستفيد. اعتباره أداة وفاء يستحق الدفع بمجرد الاطلاع عليه ويُعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 عقوبات.
عبارة (عدم وجود حساب) تتقابل في معناها مع عبارة (لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب).
(3) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام".
تمام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم وقابل للسحب. بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ استحقاقه.
العلم بعدم وجود مقابل وفاء. مفترض في حق المتهم.
متابعة حركة الرصيد للاستيثاق من كفايته للوفاء بالشيك. واجب على المتهم.
علم المتهم وقت أن أصدر الشيك أنه لا يوجب له رصيد. أثره: ثبوت توافر القصد الجنائي في حقه عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قابل للسحب.
(4) شيك بدون رصيد. جريمة "أركانها". دعوى مدنية. تعويض. ضرر. رابطة السببية. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى والحكم فيه".
طلب التعويض في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. من إصدار الشيك كذلك ورده إلى المجني عليه وعدم صرفه.
ثبوت إدانة المتهم. كاف في وقوع الضرر المستوجب للتعويض.
قضاء الحكم بالتعويض المؤقت تأسيساً على ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حق المحكوم عليه وارتباط الضرر الموجب للتعويض مع المسند إليه برابطة سببية مباشرة. صحيح.
مثال لحكم صادر من محكمة النقض في موضوع الدعوى.
2 - لما كان الشيك الذي قدمه المدعي بالحق المدني قد استوفى سائر البيانات التي يتطلبها القانون لاعتباره شيكاً يجرى مجرى النقود إذ يحمل أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين للمستفيد (المدعي بالحق المدني) وهو بهذه المثابة يعتبر أداة وفاء يستحق الدفع بمجرد الاطلاع ويعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات - كما أن عبارة (عدم وجود حساب) الواردة بكتاب البنك تتقابل في معناها مع عبارة (لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب) الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات.
3 - من المقرر أن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ذلك العلم المفترض في حق المتهم الذي يعلم من قبل عند إصدار الشيك أنه لا يوجد له حساب أصلاً بالبنك كما أنه يجب على المتهم متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المتهم كان عالماً وقت أن أصدر الشيك أنه لا يوجد له رصيد فإن قصده الجنائي عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قابل للسحب ثابتاً في حقه مما تتوافر معه أركان الجريمة المسندة إليه.
4 - لما كان طلب التعويض في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون من إصداره كذلك ورده إلى المجني عليه وعدم صرفه فإن طلب المدعي بالحق المدني إلزام المتهم بالتعويض الناشئ عن ارتكابه لهذه الجريمة تكون قد توافرت مقوماته لما هو مقرر من أنه يكفي في وقوع الضرر المستوجب للتعويض أن تثبت إدانة المتهم وإذ كان الحكم الابتدائي قد دان المحكوم عليه للأسباب التي أوردها وطبق مادتي الاتهام فيما أوقعه عليه من عقوبة وأسس قضاءه بالتعويض المؤقت المحكوم به للمدعي بالحق المدني على ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حقه ورتب الضرر الموجب للتعويض مرتبطاً مع الفعل المسند إليه برابطة سببيه مباشرة فإنه يكون أصاب صحيح القانون فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية ومن ثم يتعين رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
الوقائع
أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت كما ادعى المتهم مدنياً قبل المدعي بالحقوق المدنية بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة خمسة آلاف جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وبرفض الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم ضد المدعي بالحق المدني. استأنف ومحكمة بني سويف الابتدائية "مأمورية ببا الاستئنافية" قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم ....). ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة بني سويف الابتدائية "مأمورية ببا" لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض "للمرة الثانية"، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة...... لنظر الموضوع.
المحكمة
حيث إن هذه المحكمة قد قضت بنقض الحكم المطعون فيه - لثاني مرة - ومن ثم فقد حددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
حيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق تتحصل في أن المدعي بالحق المدني أقام دعواه بطريق الادعاء المباشر بصحيفة أعلنت للمتهم "المستأنف" قانوناً أورد بها أن المتهم أصدر إليه شيكاً بمبلغ 300.000 جنيه ثلاثمائة ألف جنيه مسحوباً على بنك القاهرة فرع بني سويف يستحق الوفاء في 1/ 7/ 1987 وإذ تقدم به إلى البنك المسحوب عليه لصرف قيمته أعيد إليه لعدم وجود رصيد الأمر الذي ينطوي على الجريمة المنصوص عليها في المادتين 336، 337 من قانون العقوبات وطلب معاقبة المتهم على مقتضاهما مع إلزامه بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات وأتعاب المحاماة وقدم المدعي بالحقوق المدنية إثباتاً لدعواه الشيك المشار إليه وإفادة البنك والمرفق بالأوراق صورتيهما الضوئيتين والمؤشر عليهما من السيد قاضي محكمة أول درجة بما يفيد مطابقتهما للأصل وبالاطلاع على صورة الشيك تبين أنه شيكاً خطياً يحمل تاريخاً واحداً هو 1/ 7/ 1987 يتضمن أمراً من المتهم (الساحب) إلى بنك القاهرة فرع بني سويف (المسحوب عليه) بأن يدفع للمستفيد (المدعي بالحق المدني) مبلغ 300.000 جنيه ثلاثمائة ألف جنيه ومذيل بتوقيع منسوب صدوره للمتهم - كما أنه تبين من الاطلاع على صورة إفادة البنك المسحوب عليه بإعادة الشيك دون صرف متضمنة الرجوع على الساحب.
وحيث إنه لدى نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة دفع المتهم بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى كما ادعى مدنياً قبل المدعي بالحق المدني بمبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت تأسيساً على أنه وقع الشيك على بياض لصالح الشركة وكان أمانة طرفه فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى الشهود ثم انتهت إلى القضاء برفض الدفع وباختصاصها محلياً وحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة 5000 جنيه وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ورفض الدعوى المدنية المرفوعة من المتهم ضد المدعي بالحق المدني.
وحيث إن الدعوى نظرت أمام المحكمة الاستئنافية حيث مثل المتهم ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة تأسيساً على أن شاهديه أمام محكمة أول درجة قرراً أن المتهم قد وقع الشيك في غضون عام 1983 أو 1984.
وحيث إنه قد أفاد بنك القاهرة بكتابه المؤرخ 27/ 11/ 1989
بأنه لا يوجد لديه أية حسابات خاصة بالمتهم...... في 1/ 7/ 1987.
وحيث إن هذه المحكمة - محكمة النقض - نظرت الدعوى ولم يمثل المتهم ولم يدفع الدعوى بدفع أو دفاع.
وحيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فإنه لما كان البين من أقوال شاهدي المدعي بالحق المدني أن المتهم أصدر الشيك محل الدعوى وقام بتوقيعه منذ سنة تقريباً من تاريخ سؤالهما بالتحقيق الحاصل في 9/ 3/ 1988 وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى هذه الأقوال وتطرح أقوال شاهدي المتهم من أن الشيك وقع عليه المتهم منذ عام 1983 أو 1984 ومن ثم تكون مدة تقادم الدعوى لم تكتمل ويكون الدفع على غير أساس متعيناً رفضه.
وحيث إنه لما كان الشيك الذي قدمه المدعي بالحق المدني قد استوفى سائر البيانات التي يتطلبها القانون لاعتباره شيكاً يجرى مجرى النقود إذ يحمل أمراً من المتهم لأحد البنوك بدفع مبلغ معين في تاريخ معين للمستفيد (المدعي بالحق المدني) وهو بهذه المثابة يعتبر أداة وفاء يستحق الدفع بمجرد الاطلاع ويعد شيكاً بالمعنى المقصود في المادة 337 من قانون العقوبات، كما أن عبارة (عدم وجود حساب) الواردة بكتاب البنك تتقابل في معناها مع عبارة (لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب) الواردة في المادة 337 من قانون العقوبات.
وحيث إن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد تتم بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق ذلك العلم المفترض في حق المتهم الذي يعلم من قبل عند إصدار الشيك أنه لا يوجد له حساب أصلاً بالبنك كما أنه يجب على المتهم متابعة حركات الرصيد لدى المسحوب عليه للاستيثاق من قدرته على الوفاء بقيمة الشيك حتى يتم صرفه. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المتهم كان عالماً وقت أن أصدر الشيك أنه لا يوجد له رصيد فإن قصده الجنائي عن جريمة إعطاء شيك لا يقابله رصيد قابل للسحب ثابتاً في حقه مما تتوافر معه أركان الجريمة المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان طلب التعويض في جريمة إصدار شيك بدون رصيد يكون من إصداره كذلك ورده إلى المجني عليه وعدم صرفه فإن طلب المدعي بالحق المدني إلزام المتهم بالتعويض الناشئ عن ارتكابه لهذه الجريمة تكون قد توافرت مقوماته لما هو مقرر من أنه يكفي في وقوع الضرر المستوجب للتعويض أن تثبت إدانة المتهم وإذ كان الحكم الابتدائي قد دان المحكوم عليه للأسباب التي أوردها وطبق مادتي الاتهام فيما أوقعه عليه من عقوبة وأسس قضاءه بالتعويض المؤقت المحكوم به للمدعي بالحق المدني على ثبوت جريمة إصدار شيك بدون رصيد في حقه ورتب الضرر الموجب للتعويض مرتبطاً مع الفعل المسند إليه برابطة سببيه مباشرة فإنه يكون أصاب صحيح القانون فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية ومن ثم يتعين رفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق