الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 أغسطس 2016

الطعنان 551 ، 1377 لسنة 79 ق جلسة 14 / 1 / 2012 مكتب فني 63 ق 21 ص 147

برئاسة السيد القاضي/ محمد برهام عجيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ طارق سيد عبد الباقي، أحمد برغش، حاتم عبد الوهاب حمودة ومجدي عبد الصمد نواب رئيس المحكمة.
-----------------
- 1  تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
المحكوم عليه الذي فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين له الطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضما إليه في طلباته. قعوده عن ذلك. التزام المحكمة بتكليف الطاعن باختصامه. امتناعه عن تنفيذ أمر المحكمة. التزام محكمة الاستئناف دون النقض بتكليف الطاعن باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات الميعاد. قعوده عن تنفيذ أمر المحكمة. أثره. عدم قبول الطعن. م 218 مرافعات. علة ذلك. تعلقه بالنظام العام.
المقرر – في قضاء المحكمة – أن مفاد نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يدل على أنه في حالة صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن بالنقض أو بالاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض – أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات ميعاد الاستئناف، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، فإن لم يقم الطاعن بتنفيذ ما أمرت به المحكمة فلا يكون الطعن مقبولاً. وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة آنفة البيان إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه وذلك تحقيقاً للصالح العام والوصول للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها.
- 2 تجزئة "أحوال عدم التجزئة".
دعوى الطاعنين بطلب التعويض عما يخصهم في الأطيان المخلفة عن مورثهم المستولى عليها لصالح الإصلاح الزراعي بق 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد. موضوع غير قابل للتجزئة. رفع بعض المحكوم لهم استئنافاً صحيحاً في الميعاد واختصامهم لباقي المحكوم لهم بعد الميعاد. انتهاء الحكم المطعون فيه إلى قبول الاستئناف شكلاً. صحيح.
إذ كان الطاعنين قد أقاموا الدعوى بطلب التعويض عما يخصهم في الأطيان الزراعية المخلفة عن مورثهم والتي تم الاستيلاء عليها لصالح الإصلاح الزراعي عملاً بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وكان النزاع على هذه الصورة يدور حول المركز القانوني للطاعنين الذي يستمدونه من مصدر واحد هو حقهم في الميراث، وبالتالي فإن الفصل فيه لا يحتمل إلا حلاً واحداً بالنسبة لهم جميعاً، وبما يكون معه موضوع النزاع غير قابل للتجزئة. وكان البين من الأوراق أن الاستئناف قد رفع صحيحاً في الميعاد بالنسبة لجميع الطاعنين "المحكوم لهم أمام محكمة الدرجة الأولى" عدا الثالث والرابع اللذين تم اختصامهما فيه باعتبارهما محكوماً لهما كذلك فإنه لا يبطله أن يتم هذا الاختصام بعد الميعاد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بقبول الاستئناف شكلاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه. من بعد. إغفاله الرد على هذا الدفع (بسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لعدم اختصامهما في الميعاد المحدد قانوناً) الذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس.
- 3  نزع الملكية "التعويض عن نزع الملكية: تقدير التعويض عن نزع الملكية".
نزع الملكية بغير رضاء المالك. شرطه. م 805 مدني والمذكرة الإيضاحية. انتقاص ملكية أحد الأفراد أو حقوقه. لازمه. وجوب معاصرتها تعويض مكافئ لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب. تراخي التعويض أو بخسه في الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومداه. التزام المحكمة بمراعاة تلك الاعتبارات عند تقدير التعويض عن قيمة الأرض أو ريعها. علة ذلك.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن النص في المادة 805 من القانون المدني على أنه "لا يجوز أن يُحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك مقابل تعويض عادل" يدل – وعلى ضوء ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على هذه المادة – هو ألا تنزع الملكية بغير رضاء المالك إلا في الأحوال التي قررها القانون وبالطريقة التي رسمها وفي مقابل تعويض عادل، فهناك إذن قيود ثلاثة الأول: أن تكون الحالة قد نص عليها القانون ..... والشرط الثاني: هو إتباع الإجراءات التي رسمها القانون ..... والشرط الثالث هو دفع تعويض عادل للمالك، ومؤدى ذلك أنه باستثناء حالة المصادرة – التي هي عقوبة جنائية توقع بمقتضى حكم جنائي – لا يجوز أن ينتقص من ملكية أحد الأفراد أو حقوقه إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب فالمعاصرة جزء من العدل، لأن العدل يقتضي إلا يُحرم الشخص في الوقت ذاته من البدلين – ماله الذي انتزع والتعويض المستحق عنه – فإن تراخى وضع التعويض المكافئ تحت تصرفه تعين أن يكون ذلك محل تقدير القاضي في الدعوى باعتبار أن تأخر صرفه التعويض أو بخسه في الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومدى التعويض سواء بتغيير قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عرضه إلى آخر هذه الاعتبارات التي لا يوصف التعويض بأنه عادل إن لم يراعها، فإذا كان قرار الاستيلاء قد حدد قيمة الأرض على أساس سعر المثل ووضع المبلغ تحت تصرف صاحب الحق فيه كانت العبرة بقيمة الأرض في هذا التاريخ، وإن تراخى التقدير أو بخس تعين على القاضي أن يراعي ذلك سواء في تقديره للقيمة أو الريع بصرف النظر عن مشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية والاستيلاء، فالبخس والمطل خطأ في حد ذاته، وهو ما أكده حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 7/3/1998 في القضية رقم 24 لسنة 15 ق عليا بعدم دستورية أسس تقدير التعويض عن الأطيان المستولى عليها على أساس الضريبة العقارية المربوطة عليها في تاريخ الاستيلاء على النحو الذي سطره بأسبابه من أن "التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى لا يتحدد على ضوء الفائدة التي تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها، وإنما الشأن في هذا التعويض إلى ما فاتهم من مغانم وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم، تقديراً بأن هذه وتلك تمثل مضار دائمة لا موقوتة، ثابتة لا عرضية، ناجمة جميعاً عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها، فلا يجبها إلا تعويض يكون جابراً لها، ولا ينحل بالتالي تفريطاً أو تقتيراً.
- 4 دستور "عدم الدستورية: أثر الحكم بعدم الدستورية".
قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أسس تقدير التعويض عن الأطيان الزراعية الزائدة عن الحد الأقصى المستولى عليها على أساس الضريبة العقارية المربوطة عليها في تاريخ الاستيلاء. أثره. عدم صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ الحكم. عدم اقتضاء الطاعنين القيمة الفعلية للأطيان وقت الاستيلاء عليها وحتى رفع الدعوى دون سند من القانون. مقتضاه. وجوب القضاء لهم بالتعويض بمراعاة ما فاتهم من كسب ما لحقهم من خسارة وفقاً لما تفاقم إليه الضرر.
إذ كان القضاء بعدم دستورية أسس التقدير سالف الذكر (تقدير التعويض عن الأطنان الزائدة على الحد الأقصى المستولى عليها على أساس الضريبة العقارية المربوطة عليها في تاريخ الاستيلاء) يُعد قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق إن الطاعنين لم يتقاضوا القيمة الفعلية للأطيان وقت الاستيلاء عليها وحتى رفع الدعوى دون سند من القانون، ومن ثم فإن تعويضهم عنها يجب أن يراعي في تقديره ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة وفقاً لما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض باعتبار قيمة الأطيان بتاريخ الاستيلاء، ودون أن يعنى بتمحيص ما أثاره الطاعنون بالنعي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
- 5 دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: تمثيل الدولة في التقاضي".
تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. تعيين مداها وحدودها مصدره القانون. الوزير يمثل وزارته فيما ترفعه الوزارة والمصالح والإدارات التابعة لها أو يرفع عليها من دعاوى وطعون. الاستثناء. منح القانون الشخصية الاعتبارية لجهة إدارية معينة وإسناد صفة النيابة عنها للغير في الحدود التي يعينها القانون.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية، وهذه النيابة المراد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون.
- 6  دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة في الدعوى: الملتزم بالتعويض عن نزع الملكية في ظل ق 50 لسنة 1969".
التزام وزير المالية بصرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي. الاستثناء. التزام صندوق الأراضي الزراعية للأراضي المستولى عليها نفاذاً لأحكام ق 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد. تمتعه بالشخصية الاعتبارية ويمثله وزير الزراعة والأمن الغذائي بصفته أمام القضاء والغير. قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام وزير المالية بالتعويض. خطأ.
المقرر – في قضاء محكمة النقض – أنه إذ كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 بشأن نقل اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون على أن "تتولى وزارة الخزانة الاختصاصات الآتية: (1) إصدار سندات التعويض عن الأراضي وملحقاتها التي تم الاستيلاء عليها أو آلت ملكيتها إلى الدولة ....، وذلك فيما عدا الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه"، وكانت المادة 16 من القانون الأخير بعد تعديل فقرتها الثانية بالقانون رقم 81 لسنة 1971 قد جرى نصها على أن ينشأ صندوق خاص يسمى "صندوق الأراضي الزراعية" مركزه مدينة القاهرة وتكون له الشخصية الاعتبارية، ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بتنظيم الصندوق وتشكيل مجلس إدارته"، ونفاذاً للقانون المعدل فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 521 لسنة 1979 في شأن تنظيم صندوق الأراضي الزراعية المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد (52) في 27/12/1979، وأنه وإن كان هذا القرار قد أورد بالمواد 1، 3، 4، 6 منه أن إدارة الصندوق منوطه بمجلس إدارته المشكل برئاسة رئيس مجلس الإدارة ومعاونة بعض الأعضاء بحكم وظائفهم، وأن القرارات التي يتخذها ومن ضمنها صرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها وفقاً للمادة 17 من القانون رقم 50 لسنة 1969 لا تكون نافذة إلا بعد التصديق عليها من وزير الزراعة التابع له الصندوق، إلا أنه قد نص صراحة في المادة الثامنة منه على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الصندوق أمام القضاء وفى صلاته بالهيئات الأخرى وبالغير ...."، وقد تم إعادة تشكيل مجلس إدارة هذا الصندوق بموجب قرار مجلس الوزارة رقم 1326 لسنة 1984 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية بالعدد الأول في 3/1/1985 الذي أناط بوزير الزراعة والأمن الغذائي رئاسة مجلس إدارة صندوق الأراضي الزراعية، ومؤدى ذلك جميعه أن المشرع قد أسند لوزارة المالية التي يمثلها الطاعن بصفته صرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي واستثنى من هذا الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذاً لأحكام القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد وجعل صرف التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات صندوق تم إنشائه بمقتضى القانون الأخير سُمي "صندوق الأراضي الزراعية" وأعطي له الشخصية الاعتبارية وحدد تشكيله برئاسة وزير الزراعة والأمن الغذائي "المطعون ضده الأخير بصفته" بوصفه الممثل القانوني له أمام القضاء وفي صلاته بالهيئات الأخرى وبالغير وذلك طبقاً لقراري رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء سالفي البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن بصفته "وزير المالية بالتعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنين – في الطعن الأول – أقاموا على المطعون ضدهم بصفاتهم في ذات الطعن الدعوى رقم .... لسنة 2005 مدني دمنهور الابتدائية بطلب الحكم – وفقاً لطلباتهم الختامية – بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهم مبلغ 667900.44 جنيه على أن يوزع عليهم حسب الأنصبة الشرعية، وقالوا بياناً لذلك إن الإصلاح الزراعي استولى من مورثهم ........... على القدر الزائد عن ملكية الأسرة والفرد عملاً بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 – ومقدار ما يخصهم في الأطيان الزراعية المستولى عليها هو 15.26 سهم 12 قيراط 10 فدان "وإذ قضت المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 24 لسنة 15 ق دستورية عليا بعدم دستورية المادة التاسعة من هذا القانون فيما تضمنته من أسس لتقدير التعويض وبسقوط المادة العاشرة منه في مجال تطبيقها، فإنه يحق لهم المطالبة بالتعويض الجابر للأضرار التي لحقت بهم من جراء الاستيلاء على نصيبهم الشرعي في أطيان مورثهم على ضوء مركزهم القانوني الجديد عقب صدور حكم المحكمة الدستورية ومن ثم فقد أقاموا الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما بأن يؤديا بالتضامن المبلغ المطالب به على أن يوزع على الطاعنين بحسب الأنصبة الشرعية. استأنف المحكوم عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم .... لسنة .. ق، وبتاريخ 26/ 11/ 2008 قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المطعون ضده الأخير بصفته – الطاعن بصفته في الطعن الثاني – بأن يؤدي إلى الطاعنين مبلغ 5263.24 جنيه. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 551 لسنة 79 ق، كما طعن عليه الطاعن بصفته – المطعون ضده الأخير في الطعن الأول – بالطعن رقم ... لسنة ... ق، وقدمت النيابة مذكرة بالرأي في كل من الطعنين انتهت فيهما إلى رفض الطعن الأول وبنقض الحكم المطعون فيه في الطعن الثاني
عرض الطعنان على المحكمة في غرفة مشورة فقررت ضمهما للارتباط وحددت جلسة لنظرهما، وفيها التزمت النيابة رأيها.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
أولاً: الطعن رقم 551 لسنة 79 ق
حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الرابع منها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع. وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع في حكمها بسقوط الحق في الاستئناف بالنسبة للطاعنين الثالث والرابع لعدم اختصامهما في الميعاد المحدد قانوناً مما يكون معه الحكم المستأنف نهائياً بالنسبة إليهما ولا يجوز لمحكمة الاستئناف – انطباقاً لنسبية أثر الطعن – أن تأمر باختصامهم أمامها، سيما وأن النزاع المطروح عليه مما يقبل التجزئة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري إيراداً ورداً، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر – في قضاء المحكمة – أن نص الفقرتين الأولى والثانية من المادة 218 من قانون المرافعات يدل على أنه في حالة صدور الحكم في موضوع غير قابل للتجزئة أو في التزام بالتضامن أو في دعوى يوجب القانون فيها اختصام أشخاص معينين، أجاز الشارع للمحكوم عليه أن يطعن في الحكم أثناء نظر الطعن بالنقض أو بالاستئناف المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته حتى ولو كان قد فوت ميعاد الطعن أو قبل الحكم، فإن قعد عن ذلك وجب على المحكمة أن تأمر الطاعن باختصامه في الطعن، كما أوجب على محكمة الاستئناف – دون محكمة النقض – أن تأمر باختصام جميع المحكوم لهم ولو بعد فوات ميعاد الاستئناف، فإذا ما تم اختصام باقي المحكوم عليهم أو باقي المحكوم لهم استقام شكل الطعن واكتملت له موجبات قبوله بما لازمه سريان أثر الطعن في حق جميع الخصوم ومنهم من تم اختصامهم فيه بعد رفعه، فإن لم يقم الطاعن بتنفيذ ما أمرت به المحكمة فلا يكون الطعن مقبولاً. وإذ كانت القاعدة القانونية التي تضمنتها الفقرة الثانية من المادة آنفة البيان إنما تشير إلى قصد الشارع تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه وذلك تحقيقاً للصالح العام والوصول للغاية التي هدف إليها وهي توحيد القضاء في الخصومة الواحدة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام بما لا يجوز مخالفتها أو الإعراض عن تطبيقها وتلتزم المحكمة بإعمالها. لما كان ما تقدم وكان الثابت أن الطاعنين قد أقاموا الدعوى بطلب التعويض عما يخصهم في الأطيان الزراعية المخلفة عن مورثهم والتي تم الاستيلاء عليها لصالح الإصلاح الزراعي عملاً بأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بشأن تحديد الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وكان النزاع على هذه الصورة يدور حول المركز القانوني للطاعنين الذي يستمدونه جميعاً من مصدر واحد هو حقهم في الميراث، وبالتالي فإن الفصل فيه لا يحتمل إلا حلاً واحداً بالنسبة لهم جميعاً، وبما يكون معه موضوع النزاع غير قابل للتجزئة. وكان البين من الأوراق أن الاستئناف قد رفع صحيحاً في الميعاد بالنسبة لجميع الطاعنين "المحكوم لهم أمام محكمة الدرجة الأولى" عدا الثالث والرابع اللذين تم اختصامهما فيه باعتبارهما محكوماً لهما كذلك فإنه لا يبطله أن يتم هذا الاختصام بعد الميعاد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بقبول الاستئناف شكلاً فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ولا يعيبه – من بعد – إغفاله الرد على هذا الدفع الذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم، ومن ثم يضحى النعي على غير أساس
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه قدر قيمة التعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها بقيمتها وقت الاستيلاء تأسيساً على أن استيلاء الدولة على القدر الزائد عن الحد الأقصى قد تم نفاذاً لأحكام القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 بما يعد أمراً مشروعاً لا يستوجب سوى تعويض المالك بقيمة الأرض وقت الاستيلاء وليس وقت رفع الدعوى، في حين يتعين أن يكون مقدار التعويض متناسباً مع ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب .... أي العبرة في ذلك بما صار إليه الضرر وقت رفع الدعوى وليس بوقت وقوعه، وهو ما أكده حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 24 لسنة 15 ق دستورية، وإذ لم يراع الحكم في تقدير التعويض خطأ الدولة المتمثل في عدم صرفها للتعويض وقت الاستيلاء مما حرمهم من استثماره حتى الآن، كما لم يراع ما صارت إليه قيمة الأرض في الوقت الراهن، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 805 من القانون المدني على أنه "لا يجوز أن يحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يقررها القانون وبالطريقة التي يرسمها ويكون ذلك مقابل تعويض عادل" يدل – وعلى ضوء ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على هذه المادة – هو ألا تنزع الملكية بغير رضاء المالك إلا في الأحوال التي قررها القانون وبالطريقة التي رسمها وفي مقابل تعويض عادل، فهناك إذن قيود ثلاثة الأول: أن تكون الحالة قد نص عليها القانون. والشرط الثاني: هو إتباع الإجراءات التي رسمها القانون. والشرط الثالث هو دفع تعويض عادل للمالك، ومؤدى ذلك أنه باستثناء حالة المصادرة – التي هي عقوبة جنائية توقع بمقتضى حكم جنائي – لا يجوز أن ينتقص من ملكية أحد الأفراد أو حقوقه إلا إذا عاصر ذلك تعويض مكافئ لما لحقه من خسارة وما فاته من كسب فالمعاصرة جزء من العدل، لأن العدل يقتضي ألا يحرم الشخص في الوقت ذاته من البدلين – ماله الذي انتزع والتعويض المستحق عنه – فإن تراخى وضع التعويض المكافئ تحت تصرفه تعين أن يكون ذلك محل تقدير القاضي في الدعوى باعتبار أن تأخر صرفه التعويض أو بخسه في الظروف الملابسة التي تؤثر على مقدار الضرر ومدى التعويض سواء بتغيير قيمة النقد أو الحرمان من ثمرات الشيء أو عوضه إلى آخر هذه الاعتبارات التي لا يوصف التعويض بأنه عادل إن لم يراعها، فإذا كان قرار الاستيلاء قد حدد قيمة الأرض على أساس سعر المثل ووضع المبلغ تحت تصرف صاحب الحق فيه كانت العبرة بقيمة الأرض في هذا التاريخ، وإن تراخى التقدير أو بخس تعين على القاضي أن يراعي ذلك سواء في تقديره للقيمة أو الريع بصرف النظر عن مشروعية تحديد الحد الأقصى للملكية والاستيلاء، فالبخس والمطل خطأ في حد ذاته، وهو ما أكده حكم المحكمة الدستورية الصادر بتاريخ 7/ 3/ 1998 في القضية رقم 24 لسنة 15 ق عليا بعدم دستورية أسس تقدير التعويض عن الأطيان المستولى عليها على أساس الضريبة العقارية المربوطة عليها في تاريخ الاستيلاء على النحو الذي سطره بأسبابه من أن "التعويض عن الأراضي الزراعية الزائدة على الحد الأقصى لا يتحدد على ضوء الفائدة التي تكون الجهة الإدارية قد جنتها من وراء نزع ملكيتها من أصحابها، وإنما الشأن في هذا التعويض إلى ما فاتهم من مغانم وما لحقهم من خسران من جراء أخذها عنوة منهم، تقديراً بأن هذه وتلك تمثل مضار دائمة لا موقوتة، ثابتة لا عرضية، ناجمة جميعاً عن تجريد ملكيتهم من ثمارها وملحقاتها ومنتجاتها، فلا يجبها إلا تعويض يكون جابراً لها، ولا ينحل بالتالي تفريطاً أو تقتيراً"، وكان القضاء بعدم دستورية أسس التقدير سالف الذكر يعد قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذه. لما كان ما تقدم وكان البين من الأوراق إن الطاعنين لم يتقاضوا القيمة الفعلية للأطيان وقت الاستيلاء عليها وحتى رفع الدعوى دون سند من القانون، ومن ثم فإن تعويضهم عنها يجب أن يراعي في تقديره ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خسارة وفقاً لما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقدر التعويض باعتبار قيمة الأطيان بتاريخ الاستيلاء، ودون أن يعني بتمحيص ما أثاره الطاعنون بالنعي، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور مما يعيبه ويوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن
ثانياً: الطعن رقم 1377 لسنة 79 ق
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بإلزامه بالتعويض عن الأطيان المستولى عليها لانتقال اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي إليه بوصفه وزيراً للمالية بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 67 لسنة 1971، في حين أن أطيان النزاع – وبما لا خلاف عليه – تم الاستيلاء عليها نفاذاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد، وأن النص في الفقرة الأولى من المادة الثانية من القرار الجمهوري سالف البيان قد استثنى في عجزها تلك الأراضي من تطبيق أحكامه، بما يجعل الاختصاص بأداء التعويضات عن الأراضي المستولى عليها نفاذاً للقانون رقم 50 لسنة 1969 هو صندوق الإصلاح الزراعي الذي يمثله قانوناً وزير الزراعة عملاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 281 لسنة 1984 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 419 لسنة 1984، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأن من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية، وهذه النيابة المرد في تعيين مداها وبيان حدودها إنما يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئونها والمسئول عنها الذي يقوم بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها، إلا إذا أسند القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير، فيكون له عندئذ هذه الصفة بالمدى وبالحدود التي يضعها القانون. وإذ كان النص في المادة الثانية من القرار بقانون رقم 67 لسنة 1971 بشأن نقل اختصاصات صندوق الإصلاح الزراعي المنشأ بالمرسوم بقانون رقم 350 لسنة 1952 إلى وزارة الخزانة وبإلغاء هذا المرسوم بقانون على أن "تتولى وزارة الخزانة الاختصاصات الآتية. (1) إصدار سندات التعويض عن الأراضي وملحقاتها التي تم الاستيلاء عليها أو آلت ملكيتها إلى الدولة ....، وذلك فيما عدا الأراضي التي تم الاستيلاء عليها وفقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969 المشار إليه"، وكانت المادة 16 من القانون الأخير بعد تعديل فقرتها الثانية بالقانون رقم 81 لسنة 1971 قد جرى نصها على أن ينشأ صندوق خاص يسمى "صندوق الأراضي الزراعية" مركزه مدينة القاهرة وتكون له الشخصية الاعتبارية، ويصدر قرار من رئيس الجمهورية بتنظيم الصندوق وتشكيل مجلس إدارته"، ونفاذاً للقانون المعدل فقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 521 لسنة 1979 في شأن تنظيم صندوق الأراضي الزراعية المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد (52) في 27/ 12/ 1979، وأنه وإن كان هذا القرار قد أورد بالمواد 1، 3، 4، 6 منه أن إدارة الصندوق منوطة بمجلس إدارته المشكل برئاسة رئيس مجلس الإدارة ومعاونة بعض الأعضاء بحكم وظائفهم، وأن القرارات التي يتخذها ومن ضمنها صرف وأن القرارات التي يتخذها ومن ضمنها صرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها وفقاً للمادة 17 من القانون رقم 50 لسنة 1969 لا تكون نافذة إلا بعد التصديق عليها من وزير الزراعة التابع له الصندوق، إلا أنه قد نص صراحة في المادة الثامنة منه على أن "يمثل رئيس مجلس الإدارة الصندوق أمام القضاء وفي صلاته بالهيئات الأخرى وبالغير ...."، وقد تم إعادة تشكيل مجلس إدارة هذا الصندوق بموجب قرار مجلس الوزارة رقم 1326 لسنة 1984 المعمول به من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية بالعدد الأول في 3/ 1/ 1985 الذي أناط بوزير الزراعة والأمن الغذائي رئاسة مجلس إدارة صندوق الأراضي الزراعية، ومؤدى ذلك جمعية أن المشرع قد أسند لوزارة المالية التي يمثلها الطاعن بصفته صرف التعويضات عن الأراضي المستولى عليها طبقاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي واستثنى من هذا الاختصاص الأراضي المستولى عليها نفاذاً لأحكام القرار بقانون رقم 50 لسنة 1969 بتعيين الحد الأقصى لملكية الأسرة والفرد وجعل صرف التعويض المستحق عنها من ضمن اختصاصات صندوق تم إنشائه بمقتضى القانون الأخير سمي "صندوق الأراضي الزراعية" وأعطى له الشخصية الاعتبارية وحدد تشكيله برئاسة وزير الزراعة والأمن الغذائي "المطعون ضده الأخير بصفته" بوصفه الممثل القانوني له أمام القضاء وفي صلاته بالهيئات الأخرى وبالغير وذلك طبقاً لقراري رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء سالفي البيان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وألزم الطاعن بصفته "وزير المالية بالتعويض عن الأطيان الزراعية المستولى عليها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق