الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 مارس 2025

الطعن 1300 لسنة 30 ق جلسة 13 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 136 ص 869

جلسة 13 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور أحمد يسري عبده رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد أمين المهدي وجوده محمد أبو زيد وفاروق عبد الرحيم غنيم والسيد عبد الوهاب أحمد المستشارين.

----------------

(136)

الطعن رقم 1300 لسنة 30 القضائية

فوائد قانونية - مدى إعمالها في علاقة الإدارة بموظفيها.
المادة 226 من القانون المدني.
تسري هذه الفوائد في مجال الروابط العقدية المدنية وتسري كذلك على العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في مجال الالتزامات - لا وجه لإعمال تلك الفوائد في علاقة الحكومة بموظفيها - أساس ذلك: أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح - القضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط - ليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد مبالغ صرفت له على أنه مرتب وتبين عدم أحقيته فيها أخذاً في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يقضي بها قضائيا متى تأخرت في صرفها لمن يستحقها من العاملين - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 22/ 3/ 1984 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1300 لسنة 30 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 22/ 1/ 1984 في الدعوى رقم 370 لسنة 34 ق المقامة من رئيس جامعة المنيا ضد الدكتور...... فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 58.683 جنيه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 4/ 1978 وحتى تمام السداد والمصروفات. وطلبت الهيئة الطاعنة - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بدفع الفوائد القانونية للمدعي بصفته مع الحكم برفض طلب الفوائد القانونية عن المبلغ المذكور.
وأعلن الطعن قانوناً إلى طرفي الدعوى، المدعي في 8/ 5/ 1984 والمدعى عليه مخاطباً مع والدته المقيم معها في 16/ 5/ 1984. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه المتعلق بإلزام المدعى عليه بأداء الفوائد القانونية على المبلغ الذي صرف له كمرتب دون وجه حق.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15/ 6/ 1987 وتداول نظره أمامها على النحو المبين بمحاضر الجلسات ولم يحضر المدعى عليه رغم إخطاره بخطاب المحكمة رقم 5899 في 26/ 5/ 1987 وبجلسة 4/ 1/ 1988 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والعقود الإدارية والتعويضات) لنظره بجلسة 30/ 1/ 1988 وفيها نظرت المحكمة على الوجه الثابت بالمحضر قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم. وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رفع في الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن هذه المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بالإسكندرية في 4/ 4/ 1978 أقام رئيس جامعة المنيا الدعوى رقم 298 لسنة 25 ق ضد الدكتور...... طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 58.683 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد فضلاً عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه أن المدعى عليه كان يعمل بوظيفة مدرس بالمعهد العالي الصناعي (كلية الهندسة والتكنولوجيا حالياً) التابع لجامعة المنيا. ثم صدر قرار وزير التربية والتعليم رقم 719 بتاريخ 21/ 5/ 1975 بإنهاء خدمته اعتباراً من 7/ 10/ 1974 تاريخ انقطاعه عن العمل. وإذ صرف المذكور مرتب عن شهر أكتوبر سنة 1974 فيكون قد تقاضى بدون وجه حق مبلغاً مقداره 58.683 جنيهاً باقي مرتب ذلك الشهر مما استوجب إقامة هذه الدعوى بطلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر، خاصة وأنه لا يستحق أية مكافآت أو مستحقات أخرى يجوز تحصيل ذلك المبلغ فيها. وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 3/ 9/ 1979 حكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات. وأحيلت الدعوى إلى هذه المحكمة وقيدت بجدولها برقم 370 لسنة 34 ق. وبجلسة 22/ 1/ 1984 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 58.683 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 4/ 1978 حتى تمام السداد والمصروفات تأسيساً على أن الأجر مقابل العمل ولم يعمل المدعى عليه بعد انتهاء خدمته لانقطاعه عن العمل في 7/ 10/ 1974 فيكون ما صرفه عن مرتب شهر أكتوبر بالكامل تم دون وجه حق فيتعين إلزامه برد المبلغ المطالب به. وإذ كان هذا المبلغ معلوم المقدار فتستحق عنه الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ إيداع العريضة قلم كتاب المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 4/ 4/ 1978.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله في قضائه بإلزام المدعى عليه بدفع الفوائد القانونية عن المبلغ الذي صرف له كمرتب بدون وجه حق، إذ ليس مما لا يتلاءم مع طبيعة روابط القانون العام إلزام الموظف بالفوائد القانونية عن المبالغ التي صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانوناً ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد.... (حكم المحكمة الإدارية العليا جلسة 13/ 6/ 1982 في الطعن رقم 1610 لسنة 26 ق).
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالفوائد القانونية التي تطلب جامعة المنيا المدعية الحكم لها بها استناداً إلى حكم المادة 226 من القانون المدني التي تقضي بأنه "إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويض عن التأخير فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية - وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره" فإن هذه المادة تحكم في الأصل الروابط العقدية المدنية.... وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه وإن جرى تطبيق المادة المذكورة في نطاق العقود الإدارية باعتبارها من الأصول العامة في الالتزامات فلا وجه لتطبيقها في علاقة الحكومة بموظفيها إذ أنه من المسلم أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة قانونية نظامية تحكمها القوانين واللوائح والقضاء الإداري ليس ملزماً بتطبيق النصوص المدنية على روابط القانون العام إلا إذا وجد نص خاص يقضي بذلك أو رأى أن تطبيقها يتلاءم مع طبيعة تلك الروابط... وليس مما يتلاءم مع طبيعة هذه الروابط إلزام الموظف بفوائد مبالغ صرفت له بداءة على أنها مرتب مستحق له قانوناً ثم تبين عدم أحقيته فيها فالتزم بردها وتأخر في هذا الرد وذلك أخذاً في الاعتبار ما جرى عليه القضاء الإداري بالمقابلة لذلك من عدم التزام الحكومة بفوائد مبالغ المرتبات والبدلات التي يقضى بها قضائياً بالتطبيق لأحكام القوانين واللوائح متى تأخرت الجهة الإدارية في صرفها لمن يستحقها من العاملين... وإزاء ذلك لا يكون ثمة سند لإلزام المدعى عليه في النزاع المطروح بأداء الفوائد القانونية عن المبلغ المحكوم به. ويكون هذا الطلب غير قائم على أساس سليم من القانون واجب الرفض (يراجع حكم المحكمة في الطعن رقم 596 لسنة 18 ق بجلسة 7/ 5/ 1978، وحكمها في الطعن رقم 1610 لسنة 26 ق بجلسة 13/ 6/ 1982) وإذ نهج الحكم المطعون فيه نهج غير هذا النهج وقضى بإلزام المدعى عليه بأن يدفع الفوائد القانونية عن المبلغ المطالب به للجهة الإدارية المدعية فيكون قد خالف صحيح حكم القانون وأخطأ في تطبيقه، خليقاً بالإلغاء في هذه الشق مع الحكم برفض طلب الفوائد القانونية عن المبلغ المشار إليه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام المدعى عليه بدفع الفوائد القانونية للمدعي بصفته وبرفض طلب الفوائد القانونية عن المبلغ الذي صرف للمذكور كمرتب دون وجه حق.

الطعن 13037 لسنة 83 ق جلسة 16 / 6 / 2021 مكتب فني 72 ق 76 ص 465

جلسة 16 من يونيو سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ محمد أبو الليل "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أمين محمد طموم وعمر السعيد غانم "نائبي رئيس المحكمة"، ومحمد أحمد إسماعيل ووليد الصواف.
----------------
(76)
الطعن رقم 13037 لسنة 83 القضائية
(2،1) محاكم اقتصادية " الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية " .
(1) الاختصاص النوعي للمحاكم الاقتصادية . مناطه . تعلق الدعوى بالمنازعات الناشئة عن تطبيق القوانين الواردة بالمادة السادسة ق 120 لسنة 2008 . الاستثناء . الدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة .
(2) إقامة الطاعن بصفته دعواه بإلزام المطعون ضدهم بالتعويض عما نسبه إليهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني . عدم تعلقها بمنازعة ناشئة عن تطبيق أي من القوانين الواردة بالمادة السادسة من ق إنشاء المحاكم الاقتصادية . مؤداه . انحسار اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظرها . التزام الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه في موضوع الدعوى منطويًا على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها . صحيح . النعي عليه في هذا الخصوص . على غير أساس.
(3- 5) دعوى " الطلبات في الدعوى : تحديدها بما يطلبه الخصوم " .
(3) لا قضـاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى بطلبــات مُدعاة . م 63 مرافعات . مؤداه . التزام المحكمة بطلبات الخصوم في الدعوى . خروجها عن هذا النطاق . أثره . اعتبار الحكم واردًا على غير محل . مؤداه . بطلانه بطلانًا أساسيًّا متعلقًا بالنظام العام .
(4) محكمة الموضوع . تقيدها بحدود الطلبات في الدعوى . مؤداه . وجوب عدم قضائِها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت تعديل الطلبات .
(5) تقيد الحكم المطعون فيه بالطلبات المطروحة عليه في الدعوى دون غيرها والمتمثلة في طلب الطاعن بصفته التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصــار عليها . صحيح . إيراد الخبير المنتدب بتقريره أن الحكومة المصرية قد تأخرت في إرسال الطلب المقدم من الطاعن إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك . لا أثر له في طلب التعويض المطروح على المحكمة . علة ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019، ونص بالمادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية: ...، وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إذا جاوزت قيمتها عشرة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ..."، وهو ما مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيًا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه -فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة- وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعي تطبيق تلك القوانين.
2- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته أقام الدعوى على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عما نسبه إليهم من خطأ تمثل في عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، وكانت تلك المطالبة بحسب طبيعتها ومرماها لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن تطبيق أي من القوانين الواردة على سبيل الحصر في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، وإنما أساسها المطالبة بالتعويض عما نسبه الطاعن للمطعون ضدهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني وما يستلزم ذلك من توافر أركانها الثلاثة وفقًا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر تلك المنازعة، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى بما ينطوي على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض- أنه لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها حسبما يجري عليه نص المادة 63 من قانون المرافعات، ومن أجل ذلك كان التزام الحكم بما يطلبه الخصوم والسبب في الدعوى أمرًا نابعًا من وظيفة القضاء بوصفه احتكامًا بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة من هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلًا بطلانًا أساسيًّا، ومن ثم مخالفًا للنظام العام مخالفةً تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم، مما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة.
4- المقرر –في قضاء محكمة النقض– أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى، فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت أن الطلبات التي أُقيمت الدعوى على أساسها قد عُدلت.
5- إذ كان البين من الأوراق أن طلبات الطاعن بصفته في الدعوى قد تحددت بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولارٍ أمريكيٍ تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، والتي كانت تصرف عن طريق لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي -الذي قضى برفض الدعوى- استنادًا إلى أن ما أصاب الطاعن بصفته من أضرار يرجع إلى خطئه بإرسال البضائع موضوع طلب التعويض إلى دولة العراق بتاريخ 23/1/1992 بعد فرض الحصار عليها بتاريخ 2/8/1990، ومن ثم يكون الحكم بذلك -وفي مقام تحصيله لوقائع الدعوى- قد أحاط بهذا الطلب على نحو ينبئ بأن محكمة الاستئناف قد علمت وأدركت حقيقة طلبات الخصوم المطروحة عليها؛ إذ لم يثبت أن الطاعن بصفته قد عدّل هذا الطلب إلى غيره أو غاير في سبب دعواه، فيكون الحكم المطعون فيه قد تقيد بهذه الطلبات المطروحة عليه دون غيرها، ولا يغاير من ذلك ما أورده الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بتقريره من أن المطعون ضده الثالث بصفته تأخر في إرسال الطلب المقدم من الطاعن بصفته إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك؛ إذ إن واجب الحكومة المصرية في هذا الصدد يتحدد في ضوء القواعد العامة للمسئولية بعدم الخطأ أو الإهمال في إرسال المطالبات التعويضية الخاصة برعاياها وتمثيلهم أمام الجهات الدولية، ومتابعة تلك المطالبات لحين البت فيها، فهي مسئولية ببذل عناية وليست مسئولية بتحقيق نتيجة، فإذا أثبت المدعي وجود خطأ أو إهمال أو تقصير من جانب جهة الإدارة قامت مسئوليتها بتعويضه، وغنيٌ عن البيان أن التعويض في هذه الحالة ليس تعويضًا عن أضرار حرب الخليج في حد ذاتها، بل عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم بذل الحكومة المصرية للعناية الكافية في أدائها لواجبها، ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم المطعون فيه لعدم تعويله على ما انتهى إليه الخبير من نتيجة يُقدر على أساسها التعويض يضحى على غير أساس؛ إذ إن التعويض عن تقصير المطعون ضده الثالث بصفته في إرسال الطلب إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة لا يُعد مطروحًا على المحكمة، ويخرج عن نطاق طلب الطاعن بصفته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة:
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- تتحصل في أن الطاعن بصفته أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم ... لسنة 2008 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي تعويضًا عن الأضرار التي لحقت به، وقال بيانًا لذلك إن مصرف ... بالعراق قام بفتح خمس اعتمادات مستندية لصالح المطعون ضده الأول ليقوم بتجهيز وشحن بضائع لدولة العراق، ونظرًا لاعتذاره عن إجراء تنفيذ العملية قام المصرف بتحويل تلك الاعتمادات لصالح الطاعن عن طريق بنك الإسكندرية، وعلى أثر ذلك قام الأخير بشحن البضائع وسُلِّمت للمصرف بتاريخ 23/11/1992 بعد فرض الحصار على دولة العراق بتاريخ 2/8/1990، إلا أن المصرف امتنع عن تحويل قيمة البضاعة التي قام بتصديرها، فتظلم أمام لجنة التعويضات التابعة لهيئة الأمم المتحدة عن طريق المطعون ضده الثالث بصفته للمطالبة بالتعويض، والتي قررت رفض تظلمه لرفعه بعد الميعاد، مما حدا به للمطالبة بالتعويض عن ما أصابه من أضرارٍ مادية وأدبية من جراء ذلك، فكانت الدعوى، وبتاريخ 23/2/2010 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 127 ق أمام محكمة استئناف القاهرة "مأمورية الجيزة"، وبتاريخ 21/5/2013 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بصفته بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ إذ قضى في موضوع الدعوى رغم عدم اختصاص المحكمة نوعيًّا بنظرها وانعقاد الاختصاص للمحكمة الاقتصادية، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أن المشرع قد أصدر القانون رقم 120 لسنة 2008 بإنشاء المحاكم الاقتصادية المعدل بالقانون رقم 146 لسنة 2019، ونص بالمادة السادسة منه على أنه "فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة، تختص الدوائر الابتدائية بالمحاكم الاقتصادية دون غيرها، بنظر المنازعات والدعاوى، التي لا تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه، والتي تنشأ عن تطبيق القوانين الآتية: ...، وتختص الدوائر الاستئنافية في المحاكم الاقتصادية، دون غيرها، بالنظر ابتداءً في كافة المنازعات والدعاوى المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إذا جاوزت قيمتها عشرة ملايين جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة ...." وهو ما مفاده أن المشرع اختص دوائر المحاكم الاقتصادية نوعيًّا، دون غيرها من المحاكم المدنية، بنظر الدعاوى الموضوعية المتعلقة بالمنازعات الناشئة عن تطبيق قائمة القوانين المذكورة بالنص المشار إليه - فيما عدا المنازعات والدعاوى التي يختص بها مجلس الدولة - وأن قصره هذا الاختصاص ليس مرده نوع المسائل أو طبيعتها، ولكن على أساس قائمة من القوانين أوردها على سبيل الحصر، بحيث تختص المحاكم الاقتصادية بالفصل في المسائل التي تستدعى تطبيق تلك القوانين. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن بصفته أقام الدعوى على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا له تعويضًا ماديًّا وأدبيًّا عما نسبه إليهم من خطأ تمثل في عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها، وكانت تلك المطالبة بحسب طبيعتها ومرماها لا تتعلق بمنازعة بين الطرفين بشأن تطبيق أي من القوانين الواردة على سبيل الحصر في المادة السادسة من قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية، وإنما أساسها المطالبة بالتعويض عن ما نسبه الطاعن للمطعون ضدهم من خطأ وفقًا لقواعد المسئولية التقصيرية الواردة في القانون المدني وما يستلزم ذلك من توافر أركانها الثلاثة وفقًا لقواعدها المقررة من خطأ وضرر وعلاقة سببية بينهما، وهو ما يباعد بينها وبين اختصاص المحاكم الاقتصادية بنظر تلك المنازعة، وإذ وافق الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى في موضوع الدعوى بما ينطوي على قضائه ضمنًا باختصاص المحكمة بنظرها، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسببين الثاني والثالث القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق؛ إذ أيّد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى تأسيسًا على أن ما أصابه من أضرار يرجع إلى خطئه وعدم توافر أركان المسئولية التقصيرية في حق المطعون ضدهم، في حين أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب من محكمة الاستئناف أن الطاعن تقدم بطلب التصحيح لصرف التعويض المستحق له إلى المطعون ضده الثالث بصفته بتاريخ 21/12/2003 لإرساله إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، إلا أن الأخير أرسله لها بعد الموعد الذي تم تحديده بتاريخ 31/12/2003، فقررت اللجنة عدم قبول طلبه لتقديمه بعد الميعاد، وهو ما يترتب عليه توافر التقصير في حق المطعون ضده الثالث بصفته، فضلًا عن أنه قدم أمام محكمة الموضوع مستندات تؤيد دعواه، وهي صورة الفاكس الصادر من وزارة الخارجية بتاريخ 9/2/1999 وتوصيات الوفد الصيني وقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991، إلا أن الحكم أغفل هذه المستندات، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك بأنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه لا قضاء إلا في خصومة ولا خصومة بغير دعوى يقيمها مدعيها ويحدد طلباته فيها حسبما يجري عليه نص المادة 63 من قانون المرافعات، ومن أجل ذلك كان التزام الحكم بما يطلبه الخصوم والسبب في الدعوى أمرًا نابعًا من وظيفة القضاء بوصفه احتكامًا بين متخاصمين على حق متنازع عليه، فإذا ما خرجت المحكمة من هذا النطاق ورد حكمها على غير محل ووقع بذلك باطلًا بطلانًا أساسيًّا، ومن ثم مخالفًا للنظام العام مخالفةً تعلو على سائر ما عداها من صور الخطأ في الحكم مما يدخل في نطاق الخصومة المطروحة على المحكمة، فيتعين على محكمة الموضوع أن تتقيد وتلتزم حدود الطلبات في الدعوى، فلا تقضي فيها بما لم يطلبه الخصوم ولا بأكثر مما طلبوه طالما لم يثبت أن الطلبات التي أقيمت الدعوى على أساسها قد عُدلت. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طلبات الطاعن بصفته في الدعوى قد تحددت بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأداء مبلغ عشرة ملايين دولار أمريكي تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء عدم حصوله على قيمة البضائع التي قام بتصديرها لدولة العراق بعد فرض الحصار عليها والتي كانت تصرف عن طريق لجنة التعويضات بالأمم المتحدة، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي -الذي قضى برفض الدعوى- استنادًا إلى أن ما أصاب الطاعن بصفته من أضرار يرجع إلى خطئه بإرسال البضائع موضوع طلب التعويض إلى دولة العراق بتاريخ 23/1/1992 بعد فرض الحصار عليها بتاريخ 2/8/1990، ومن ثم يكون الحكم بذلك -وفي مقام تحصيله لوقائع الدعوى- قد أحاط بهذا الطلب على نحو ينبئ بأن محكمة الاستئناف قد علمت وأدركت حقيقة طلبات الخصوم المطروحة عليها؛ إذ لم يثبت أن الطاعن بصفته قد عدّل هذا الطلب إلى غيره أو غاير في سبب دعواه، فيكون الحكم المطعون فيه قد تقيد بهذه الطلبات المطروحة عليه دون غيرها، ولا يغاير من ذلك ما أورده الخبير المنتدب أمام محكمة الاستئناف بتقريره من أن المطعون ضده الثالث بصفته تأخر في إرسال الطلب المقدم من الطاعن بصفته إلى لجنة التعويضات بهيئة الأمم المتحدة بعد الميعاد المحدد لذلك؛ إذ إن واجب الحكومة المصرية في هذا الصدد يتحدد في ضوء القواعد العامة للمسئولية بعدم الخطأ أو الإهمال في إرسال المطالبات التعويضية الخاصة برعاياها وتمثيلهم أمام الجهات الدولية ومتابعة تلك المطالبات لحين البت فيها، فهي مسئولية ببذل عناية وليست مسئولية بتحقيق نتيجة، فإذا أثبت المدعي وجود خطأ أو إهمال أو تقصير من جانب جهة الإدارة قامت مسئوليتها بتعويضه، وغني عن البيان أن التعويض في هذه الحالة ليس تعويضًا عن أضرار حرب الخليج في حد ذاتها، بل عن الضرر الذي لحقه من جراء عدم بذل الحكومة المصرية للعناية الكافية في أدائها لواجبها، ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم المطعون فيه لعدم تعويله على ما انتهى إليه الخبير من نتيجة يُقدر على أساسها التعويض يضحى على غير أساس؛ إذ إن التعويض عن تقصير المطعون ضده الثالث بصفته في إرسال الطلب إلى لجنة التعويضات بالأمم المتحدة لا يُعد مطروحًا على المحكمة، ويخرج عن نطاق طلب الطاعن بصفته، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تأييد الحكم الابتدائي الذي قضى برفض الدعوى، فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس. ولِما تقدم يتعين رفض الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 10324 لسنة 84 ق جلسة 21 / 6 / 2021 مكتب فني 72 ق 80 ص 492

جلسة 21 من يونيو سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل أحمد صادق "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، محمد عاطف ثابت، إسماعيل برهان أمر الله "نواب رئيس المحكمة" ومحمد ثابت عويضة.
-----------------
(80)
الطعن رقم 10324 لسنة 84 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض : الأسباب المتعلقة بالنظام العام " .
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام . لمحكمة النقض من تلقاء ذاتها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضـوع أو في صحيفة الطعن . شرطه . ورودها على الجزء المطعون فيه من الحكم .
(3،2) اختصاص " الاختصاص المتعلق بالولاية " . نظام عام " المسائل الإجرائية الآمرة : الاختصاص الولائي والنوعي والقيمي للمحاكم" .
(2) الطعن بالنقض . وروده على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام .
(3) الفصل في مسألة الاختصاص . اعتباره مطروحًا على محكمة الموضوع لتعلقه بالنظام العام. التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوع النزاع .
(4) قانون " تفسير القانون : التفسير القضائي " .
مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى . ماهيته .
(5- 7) اختصاص " ما يخرج عن ولاية المحاكم العادية : اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الطعن على قرارات لجان تقدير الضريبة على العقارات المبنية " .
(5) الضرائب على العقارات المبنية . أساس تقديرها . القيمة الإيجارية المقدرة بمعرفة لجان التقدير المختصة . للممول والحكومة التظلم من قرارات تلك اللجان أمام مجلس المراجعة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر التقدير المتظلم منه . المواد 1 ، 9 ، 15 ، 16 ، 30 ق 56 لسنة 1954 المعدل بق 549 لسنة 1955 ، ق 294 لسنة 1960 . صدور ق 196 لسنة 2008 . التظلم من قرارات تلك اللجان أمام لجان الطعن . المواد 13 ، 15 ، 16 ، 17 منه .
(6) مجلس المراجعة المختص بنظر التظلمات في قرارات لجان تقدير القيمة الإيجارية للعقارات المبنية . ماهيته . هيئة متمتعة باختصاص قضائي . ولاية محكمة القضاء الإداري بإلغاء وتأويل ووقف تنفيذ قراراته والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها . م 10/8 ق مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 . صدور ق 196 لسنة 2008 . مؤداه . اختصاص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق أحكامه . علة ذلك . م 7 منه .
(7) طلب البنك الطاعن المضاف في الدعوى باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير للقيمة الإيجارية والمتخذة أساسًا لحساب الضريبة العقارية . فصل الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في موضوع الطلب المضاف رغم اختصاص محاكم القضاء الإداري بالفصل في الطعن على قرارات مجلس المراجعة ولجان الطعن المختصين بالفصل في التظلم من تقدير لجان الحصر والتقدير . خطأ ومخالفة للقانون .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه يجوز لمحكمة النقض - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه؛ باعتبار أن التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعه.
4- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه إذا كانت عبارة النص تدل على حكم في واقعة اقتضته ووجدت واقعة أخرى مساوية لها في علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة في غير حاجة إلى اجتهاد أو رأي فإنه يفهم من ذلك أن النص تناول الواقعتين، وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما في العلة، سواءً كان مساويًا أو أولى، ويُسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى.
5- إذ كان البين من استقراء المواد 1 ، 9 ، 15 ، 16 ، 30 من القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانونين رقمي 549 لسنة 1955، 294 لسنة 1960 والمواد 13 ، 15 ، 16 ، 17 من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 أن المشرع إنما أراد فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية وجعل أساس تقدير هذه الضريبة القيمة الإيجارية التي تحددها لجان التقدير المختصة، وأجاز لكل من الممول والحكومة -قبل القانون رقم 196 لسنة 2008 سالف البيان- أن يتظلموا أمام مجلس المراجعة في القرارات التي تصدرها اللجان المذكورة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا التقدير، وبعد صدور القانون رقم 196 لسنة 2008 جعل التظلم أمام لجان الطعن، بما مؤداه أن المشرع قد نظَّم طريقة حصر العقارات التي يطبق عليها قانون الضريبة على العقارات المبنية قبل صدور القانون 196 لسنة 2008، وقضى بأن تقوم لجان التقدير ثم مجالس المراجعة بتقدير القيمة الإيجارية التي تحسب على أساسها الضريبة، مستهديةً في ذلك بجميع العناصر التي تؤدي إلى تحديد الأجرة، ثم صدر القانون رقم 196 لسنة 2008 وأناط بلجان التقدير ولجان الطعن بالقيام بذلك.
6- إذ كان مجلس المراجعة لا يُعتبر جهة قضاءٍ في تطبيق أحكام القانون 56 لسنة 1954، بل هو في حقيقته مجرد هيئة متمتعة باختصاص قضائي، فإنَّ طلب إلغاء قراراتها وتأويلها ووقف تنفيذها والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها يدخل فى ولاية محكمة القضاء الإداري إعمالًا للبند ثامنًا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 التي تنص على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي، ثم جاء القانون رقم 196 لسنة 2008 -المشار إليه آنفًا (قانون الضريبة على العقارات المبنية) - ونص صراحة في المادة السابعة منه على أن "يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون".
7- إذ كان الطلب المضاف في الدعوى الراهنة (من البنك الطاعن) - محل الطعن - باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير للقيمة الايجارية بمبلغ 3427.25 جنيه نفاذًا لأحكام القانونين رقمي 23 لسنة 1998، 54 لسنة 2002 عن المدة من عام 2000 حتى عام 2010، لا يعدو في حقيقته سوى أن يكون بطلب إعادة النظر في تقدير الضريبة العقارية للعقار محل النزاع عن المدة سالفة البيان. بما كان يتعين معه الطعن على تقديرات لجان الحصر والتقدير أـمام مجلس المراجعة عن المدة من سنة 2000 حتى سنة 2007 المختص بنظر هذا الطلب، ولجان الطعن منذ عام 2008، وبعد أن يفصل مجلس المراجعة أو لجان الطعن فيه بقرار منه يكون لذي المصلحة حق الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري لمجلس الدولة، وإذ خالف الحكم الابتدائي -المؤيد بالحكم المطعون فيه- هذا النظر وفصل في موضوع الطلب المضاف بما ينطوي على قضاء ضمني بالاختصاص الولائي بنظرها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن– تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 2007 مدني كلي حكومة الجيزة بطلب الحكم -وفقًا لطلباته الختامية- أولًا: بصفة مستعجلة بإيقاف كافة الإجراءات المتخذة بموجب قرارات الربط الضريبي الملغاة عن السنوات من 1980 إلى 1990 حتى تاريخ إقامة الدعوى، ثانيًا: استرداد الفروق المستحقة للبنك الطاعن والبالغة مليونًا وثمانية وستين ألفًا وستمائة وسبعة وأربعين جنيهًا حتى تاريخ إقامة الدعوى، ثالثًا: تقدير قيمة الضريبة العقارية على الوحدات المملوكة للبنك الطاعن عن المدة من 2002 حتى 2010 بذات القيمة المقدرة سلفًا عن المدة من 1981 حتى 1990 نفاذًا للقانون رقم 23 لسنة 1998 والقانون رقم 54 لسنة 2002 الخاصين باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير للقيمة الإيجارية بمبلغ 3427.25 جنيها، والمتخذة أساسًا لحساب الضريبة عن المدة من 1991 حتى 2000 ومن 2001 حتى 2010 وما يستتبعه من أحقية البنك الطاعن في استرداد مبلغ 1062092.60 جنيهًا، رابعًا: عدم الاعتداد بالحجوز الإدارية التي أوقعتها المصلحة المطعون ضدها تحت يد المستأجرين بالعقار محل النزاع. على سندٍ من القول أن المصلحة المطعون ضدها عدلت ربط الضريبة العقارية المستحقة على الوحدات المملوكة للبنك الطاعن عن السنوات من 1983 حتى 1989 من مبلغ 3427.25 جنيهًا سنويًا إلى مبلغ 183617.790 جنيهًا سنويًّا وصدرت أحكام نهائية من القضاء الإداري بإلغائها، الأمر الذي رتب أحقية البنك الطاعن في استرداد الفروق المطالب بها، مما حدا به إلى إقامة دعواه للقضاء له بما سلف من طلبات. ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره النهائي، وبجلسة 29/10/2013 حكمت المحكمة أولًا: بصفة مستعجلة بعدم قبول الطلبات المستعجلة بالإيقاف وعدم الاعتداد المبداة من البنك الطاعن، ثانيًا: بإلزام المصلحة المطعون ضدها بأن تؤدي إلى البنك الطاعن مبلغ 128546.77 جنيهًا قيمة الفروق التي قام البنك الطاعن بسدادها عن الضريبة المستحقة عليه خلال الفترة من سنة 1984 حتى سنة 2007 ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنفت كل من المصلحة المطعون ضدها والبنك الطاعن هذا الحكم بالاستئنافين رقمي ...، ... لسنة 130 ق القاهرة، ضمت المحكمة الاستئنافين ليصدر فيهما حكمٌ واحدٌ، وبجلسة 25/3/2014 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أنه يجوز لمحكمة النقض - كما هو الشأن بالنسبة للنيابة العامة والخصوم- إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم، وأن الطعن بالنقض يعتبر واردًا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص الولائي المتعلقة بالنظام العام، وكان الفصل في اختصاص محكمة الموضوع بنظر النزاع المعروض عليها هو من الأمور المتعلقة بالنظام العام بحكم اتصاله بولاية هذه المحكمة في نظره والفصل فيه؛ باعتبار أن التصدي له سابق بالضرورة على البحث في موضوعه. وكانت عبارة النص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تدل على حكم في واقعة اقتضته ووجدت واقعة أخرى مساوية لها في علة الحكم أو أولى منها، بحيث يمكن فهم هذه المساواة أو الأولوية بمجرد فهم اللغة في غير حاجة إلى اجتهاد أو رأي، فإنه يفهم من ذلك أن النص تناول الواقعتين، وأن حكمه يثبت لهما لتوافقهما في العلة، سواءً كان مساويًا أو أولى، ويُسمى مفهوم الموافقة أو المفهوم من باب أولى. ولمَّا كان البين من استقراء المواد 1، 9، 15، 16، 30 من القانون رقم 56 لسنة 1954 في شأن الضريبة على العقارات المبنية المعدل بالقانونين رقمي 549 لسنة 1955، 294 لسنة 1960 والمواد 13، 15، 16، 17 من قانون الضريبة على العقارات المبنية الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008 أن المشرع إنما أراد فرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية وجعل أساس تقدير هذه الضريبة القيمة الإيجارية التي تحددها لجان التقدير المختصة، وأجاز لكل من الممول والحكومة -قبل صدور القانون رقم 196 لسنة 2008 سالف البيان- أن يتظلموا أمام مجلس المراجعة في القرارات التي تصدرها اللجان المذكورة خلال ستة أشهر من تاريخ نشر هذا التقدير، وبعد صدور القانون رقم 196 لسنة 2008 جعل التظلم أمام لجان الطعن، بما مؤداه أن المشرع قد نظَّم طريقة حصر العقارات التي يطبق عليها قانون الضريبة على العقارات المبنية قبل صدور القانون 196 لسنة 2008، وقضى بأن تقوم لجان التقدير ثم مجالس المراجعة بتقدير القيمة الإيجارية التي تحسب على أساسها الضريبة، مستهديةً في ذلك بجميع العناصر التي تؤدي إلى تحديد الأجرة، ثم صدر القانون رقم 196 لسنة 2008، وأناط بلجان التقدير ولجان الطعن بالقيام بذلك، وإذ كان مجلس المراجعة لا يُعتبر جهةَ قضاءٍ في تطبيق أحكام القانون 56 لسنة 1954، بل هو في حقيقته مجرد هيئة متمتعة باختصاص قضائي، فإنَّ طلب إلغاء قراراتها وتأويلها ووقف تنفيذها والتعويض عن الأضرار الناشئة عنها يدخل - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- في ولاية محكمة القضاء الإداري إعمالًا للبند ثامنًا من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، التي تنص على اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في الطعون التي ترفع عن القرارات النهائية الصادرة من جهات إدارية لها اختصاص قضائي، ثم جاء القانون رقم 196 لسنة 2008 -المشار إليه آنفًا- ونص صراحة في المادة السابعة منه على أن "يختص القضاء الإداري دون غيره بالفصل في المنازعات التي تنشأ عن تطبيق أحكام هذا القانون". وكان الطلب المضاف في الدعوى الراهنة -محل الطعن- باستمرار العمل بالتقدير العام الأخير للقيمة الإيجارية بمبلغ 3427.25 جنيهًا نفاذًا لأحكام القانونين رقمي 23 لسنة 1998، 54 لسنة 2002 عن المدة من عام 2000 حتى عام 2010، لا يعدو في حقيقته سوى أن يكون بطلب إعادة النظر في تقدير الضريبة العقارية للعقار محل النزاع عن المدة سالفة البيان. بما كان يتعين معه الطعن على تقديرات لجان الحصر والتقدير أمام مجلس المراجعة عن المدة من سنة 2000 حتى سنة 2007 المختص بنظر هذا الطلب، ولجان الطعن منذ عام 2008، وبعد أن يفصل مجلس المراجعة أو لجان الطعن فيه بقرار منه يكون لذي المصلحة حق الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإداري لمجلس الدولة، وإذ خالف الحكم الابتدائي -المؤيد بالحكم المطعون فيه- هذا النظر وفصل في موضوع الطلب المضاف بما ينطوي على قضاءٍ ضمني بالاختصاص الولائي بنظرها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه، ولِما تقدم، يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف في هذا الخصوص وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائيًّا بنظره، وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة المختصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 327 لسنة 28 ق جلسة 13 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 135 ص 864

جلسة 13 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار وأحمد شمس الدين خفاجي وفريد نزيه تناغو المستشارين.

------------------

(135)

الطعن رقم 327 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى الإلغاء - الإجراءات السابقة على رفعها - التظلم (عاملون مدنيون بالدولة) 

إذا سلكت جهة الإدارة مسلكاً إيجابياً نحو إجابة المتظلم جزئياً بأن أسفر بحث التظلم إلى تعديل الجزاء بسحبه جزئياً بتخفيضه فإن مؤدى ذلك اعتبار إجراءات السحب الجزئي للقرار قد بدأت فور تقديم التظلم في الميعاد واستمرت إلى أن أقام الطاعن طعنه بعد الميعاد - نتيجة ذلك: تعتبر قرينة الرفض الحكمي للتظلم لم تتم طالما قد تم تعديل القرار بتخفيض الجزاء الوارد به أثناء نظر الطعن أمام المحكمة التأديبية - يظل الطعن قائماً بالنسبة لما لم يسحب من القرار دون حاجة إلى سبق تقديم تظلم جديد - يحق للطالب أن يعدل طلباته أمام المحكمة - أساس ذلك: أن قرار الجزاء سيظل قائماً بالنسبة لما يسحب منه - تطبيق.
(ب) دعوى - إثبات في الدعوى (عاملون بالقطاع العام) (عاملون مدنيون بالدولة) محكمة تأديبية.
الأصل في قواعد الإثبات أن تكون البينة على من ادعى - في مجال القضاء التأديبي يكون على جهة الإدارة أن تبادر إلى تقديم ما بحوزتها من أوراق فور طلب المحكمة بإيداعها - أساس ذلك: أنه لا يتسنى للقاضي التأديبي أن يبسط رقابته على مشروعية القرار التأديبي ما لم يكن تحت نظره القرار وأوراق التحقيق الذي بني عليها القرار وسائر الأوراق التي تبين وجه الحق في خصوص المنازعة التأديبية - تقديم الأوراق واجب على جهة الإدارة فإن تقاعست عن تقديمها رغم طلب المحكمة فإنها تعتبر ناكلة عن أداء واجبها - للقاضي التأديبي اعتبار ادعاء الطاعن قائماً على سببه الصحيح مما يستوجب إلغائه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق السادس من فبراير سنة 1987 أودعت هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 327 لسنة 28 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للتربية والتعليم وملحقاتها بجلسة الثامن من ديسمبر سنة 1981 في الدعوى رقم 143 لسنة 14 قضائية المقامة من السيد/....... ضد وزير المالية ومدير عام الجمارك بصفتيهما والقاضي بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وطلبت هيئة مفوضي الدولة الطاعنة - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة للفصل فيها مجدداً.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الطعين وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للتربية والتعليم للفصل فيها مجدداً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من أكتوبر سنة 1986 وبجلسة العاشر من ديسمبر سنة 1987 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) لنظره بجلسة السابع عشر من يناير سنة 1987 وبجلسة 24 من أكتوبر سنة 1987 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1980 أودع الطاعن قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها صحيفة طعن. وقيد بجدولها تحت رقم 143 لسنة 14 ق ضد كل من وزير المالية ووكيل الوزارة مدير عام الجمارك بصفتيهما طعناً على القرار رقم 227 لسنة 1980 الصادر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه بادعاء خروجه على مقتضى الواجب الوظيفي أسفر عن التحقيق الإداري رقم 32 لسنة 1979.
وقال الطاعن في صحيفة طعنه المقام أمام المحكمة التأديبية أنه يعمل مراقب التعريفة بجمرك الدخان، وقد صدر ضده قرار الجزاء الطعين نتيجة تحقيق مبتور لم يستوف كامل ضمانات التحقيق ونسب إليه مخالفة غير متوافرة في حقه من حيث الواقع والقانون ولذلك طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الطعين وما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة الثامن من ديسمبر سنة 1981 قضت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن الطعن يطلب الحكم - في صحيفة طعنه - بإلغاء قرار مجازاته بخصم خمس أيام رقم 227 لسنة 1980 ثم عدل طلباته أثناء نظر الطعن إلى طلب إلغاء القرار الصادر برقم 1201 لسنة 1980 بتحقيق الجزاء الموقع عليه إلى خصم يوم من أجره، وذلك بجلسة 26 من مايو سنة 1981.... ومن حيث إن قرار مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه قد صدر في 16 من مارس سنة 1980 وتظلم منه في 17 من إبريل سنة 1980 مما يقطع بعلمه به في هذا التاريخ ولم تجبه جهة الإدارة إلى طلبه مما يفيد رفضها للتظلم بانقضاء ستين يوماً على تاريخ تقديمه فقد كان عليه أن يقيم طعنه خلال الأيام الستين التالية لانقضاء ستين يوماً على تقديم التظلم. أما وقد أقام الطاعن طعنه بعد ذلك الأجل القانوني فإنه يكون مقاماً بعد الميعاد ومن ثم يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الثابت من وقائع الحكم المطعون فيه أن المدعي قد تظلم بتاريخ 17 من إبريل سنة 1980 من قرار مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه ولما لم يلق رداً على تظلمه قام بالطعن عليه في 18 من سبتمبر سنة 1980. وأثناء نظر الطعن أفادت جهة الإدارة أنها قامت بسحب القرار الطعين بالقرار رقم 1201 لسنة 1980 الذي عدل الجزاء إلى خصم يوم واحد من مرتب الطاعن بدلاً من خمسة أيام، فعدل الطاعن طلباته بجلسة 26 من مايو سنة 1981 إلى طلب إلغاء القرار المعدل.
ومن حيث إن مفاد تصرف الإدارة على النحو السالف بيانه الكشف عن أنها سلكت مسلكاً إيجابياً نحو بحث مدى مطابقة قرار مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من راتبه للقانون أو عدم مطابقته، وانتهت بالفعل إلى عدم مطابقته للقانون وعدلته إلى مجازاة الطاعن بخصم يوم واحد من مرتبه بما مفاده سحب قرار مجازاته الأول جزئياً فإنه لا تثريب على الطاعن إن هو انتظر قدر ما وسعه صبره طيلة فترة بحث الإدارة - الذي تأكدت جديته - لتظلمه - ومن ثم فإن إقامته لدعواه بعد مرور أكثر من مائه وعشرين يوماً على تظلمه الثابت بحثه جدياً وإجابته جزئياً إليه، لا يجعل من دعواه مقامة بعد المواعيد القانونية المقررة في قانون مجلس الدولة وفضلاً عما تقدم فإن القرار الساحب وإن مما آثار القرار المسحوب من تاريخ صدور القرار المسحوب، وإنما هو قرار جديد بتاريخ صدوره وبما أنشأه من مراكز قانونية جديدة فمن ثم فإنه يحق للطاعن أن يعدل طلباته بطلب إلغائه دون أن يتقدم بتظلم منه لعدم جدواه لأن الجهة الإدارية قد أفصحت عن رأيها فضلاً عن أن الطعن كان مقدماً أصلاً ضد قرار مجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام يجعل طعنه قائماً ومستمراً حتى ولو تعدل إلى خصم يوم واحد لأنه سيظل قائماً بالنسبة إلى ما لم يسحب منه.
ومن حيث إنه لما تقدم فإن الطعن المقدم من المدعي يكون مقدماً في المواعيد القانونية المقررة في قانون مجلس الدولة. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد جانب الصواب بما يستوجب إلغاؤه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه إذا تظلم ذو مصلحة من قرار إداري، فإن ذلك يخول الجهة الإدارية الحق في بحث تظلمه والرجوع في قرارها وسحبه بقصد إزالة آثار البطلان لتجنب الحكم بإلغائه قضائياً. بشرط أن يتم ذلك خلال المدة المقررة لطلب الإلغاء وهو ستون يوماً من تاريخ تقديم التظلم. فإذا انقضت هذه المدة دون أن تجيب عنه جهة الإدارة فإن ذلك يعتبر بمثابة رفضه حسبما قضت بذلك أحكام قانون مجلس الدولة وآخرها القانون رقم 47 لسنة 1972. ولئن كان ذلك كذلك إلا أن حكم المحكمة قد سبق أن قضت بأنه ليس ملازم أن يتم السحب كلياً أو جزئياً خلال المدة المقررة له، وإنما يكفي لتحقيق مقتضى الحكم المتقدم أن تكون إجراءات السحب بإفصاح الإدارة عن إرادتها في هذا الخصوص قد بدأت خلال الميعاد المذكور بأن قدمت الإدارة ببحث التظلم بحثاً جدياً للتأكد من مدى شرعية قرارها محل التظلم، أو تكون قد سلكت مسلكاً إيجابياً نحو التحقيق من مطابقته أو عدم مطابقته للقانون إلى أن تحدد موقفها منه نهائياً.
ومن حيث إن الثابت من وقائع الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة كانت قد سلكت بالفعل مسلكاً إيجابياً نحو إجابة التظلم جزئياً إلى طلب معاودة النظر في القرار الطعين، ذلك المسلك الذي أسفر عنه ما انتهى إليه البحث من إجابة التظلم جزئياً إلى طلب بتعديل الجزاء من خصم خمسة أيام من أجرة إلى الاكتفاء بخصم يوم واحد، فإن مؤدى ذلك اعتبار إجراءات السحب الجزئي للقرار الطعين قد بدأت فور تقديم التظلم واستمرت إلى أن أقام الطاعن طعنه فإن الطعن يكون قد أقيم في الميعاد لأن قرينة الرفض الحكمي للتظلم لم تتم في شأن تظلمه. وطالما قد تم تعديل القرار الطعين بتخفيض الجزاء الوارد به أثناء نظر الطعن أمام المحكمة التأديبية فإن الطعن سيظل قائماً بالنسبة إلى ما يسحب من القرار الطعين دون حاجة إلى سبق تقديم تظلم جديد.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن يكون الطعن الذي أقامه الطاعن أمام المحكمة التأديبية مقبولاً شكلاً، أما وقد خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن هذه المحكمة قد انتهت إلى أن الطعن التأديبي الذي أقامه الطاعن أمام المحكمة التأديبية مقبولاً شكلاً، فقد رأت التصدي لموضوع الطعن التأديبي للفصل في موضوعه ولذلك كلفت جهة الإدارة بإيداع أوراق التحقيق الذي أجرته من الطاعن والذي بني عليه قرار الجزاء ومنحتها أكثر من أجل لإيداع هذه الأوراق، إلا أنها قد تقاعست عن تقديمها.
ومن حيث إنه وإن كان الأصل في قواعد الإثبات أن تكون البينة على من ادعى إلا أنه في مجال القضاء التأديبي يكون على جهة الإدارة أن تبادر إلى تقديم ما بحوزتها من أوراق فور طلب المحكمة إيداعها إذ أنه لا يتسنى للقاضي التأديبي أن يبسط رقابته على مدى مشروعية القرار التأديبي ما لم يكن تحت نظره القرار المطعون فيه وأوراق التحقيق الذي بني عليه ذلك القرار والمذكرة التي أعدها المحقق بنتيجة ما استخلصه منه وسائر الأوراق التي يكون التحقيق قد تعرض لها كتقارير التفتيش أو محاضر المعاينة أو الجرد وكذلك ما يكون التحقيق قد أشار إليه من لوائح خاصة أو تعليمات أو منشورات إدارية تنظم العمل في مجال ما نسب للعامل المتهم من مخالفات أو تحدد الاختصاصات الوظيفية لهذا العامل، وبصفة عامة كل ما يلزم لتبين وجه الحق في خصوص المنازعة التأديبية وما يتعرض له طرفاها في مجال الإثبات والنفي من مناقشات حول الوقائع وما يحكمها من قواعد تنظيمية واجبة الإعمال.
ومن حيث إن تقديم هذه الأوراق جميعاً هو واجب على جهة الإدارة المطعون ضدها في مجال الطعن التأديبي فإن من شأن تقاعسها عن تقديم هذه الأوراق بناء على طلب المحكمة إياها أن تعتبر جهة الإدارة عاجزة عن أداء واجب عليها على طريق إحقاق وإرساء العدل وإعطاء كل ذي حق حقه الأمر الذي يكون معه للقاضي التأديبي أن يستخلص سلامة ما ذهب إليه الطاعن في طعنه التأديبي وتبنى على ما تنتهي إليه من قضاء.
ومن حيث إن السيد/....... قد ضمن طعنه التأديبي أن التحقيق الذي تم معه قد جاء مبتوراً ولم تسمع فيه أقوال من كان يترتب على سماع أقوالهم تغير وجه الرأي لصالح الطاعن الذي يدعي عدم قيام القرار الطعين على أساس صحيح من الواقع أو القانون.
ومن حيث إن مؤدى تقاعس جهة الإدارة عن الرد على هذا الادعاء بما تملكه وحدها من أوراق نكلت عن تقديمها - أن يكون إدعاء الطاعن وارداً دون ما رد جدي ثابت عليه يرتب دحضه أو تفويض مبناه، فإن المحكمة تنتهي إلى اعتباره قائماً على صحيح سببه بما يستوجب إلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية قد ذهبت إلى خلاف ما انتهى إليه هذا النظر فإن حكمها يكون قد خالف صحيح حكم القانون على نحو يستوجب إلغاءه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وفي موضوع الطعن رقم 143/ 14 ق المالية بقبوله شكلاً وبإلغاء قرار الجزاء الصادر بخصم أجر يوم من مرتب...... وما يترتب على ذلك من آثار.

الطعن 3154 لسنة 32 ق جلسة 9 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 134 ص 856

جلسة 9 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان أحمد فرج المستشارين.

-----------------

(134)

الطعن رقم 3154 لسنة 32 القضائية

(أ) المحكمة الإدارية العليا - حدود دعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة منها. (اختصاص المحكمة الإدارية العليا).
تختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية - إذا كان المشرع قد أجاز استثناء الطعن بدعوى البطلان الأصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء في غير الحالات التي تنص عليها المشرع كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة يفقد معها الحكم وظيفته - لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام القضائية كأن يصدر الحكم عن مستشار قام به سبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الدعوى أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم تقوم به دعوى البطلان الأصلية - تطبيق.
(ب) حدود رقابة المحكمة الإدارية العليا على أحكام القضاء الإداري (في مجال القرار الإداري) 

رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية يسلطها عليها ويبحث مدى مشروعيتها ومطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون - إذا أثبتت المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن المطروح عليها أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان أو أن إجراء من الإجراءات التي سبقت عرض الطعن عليها كان باطلاً فإنها في هذه الحالة لا تقضي بإعادة الدعوى إلى المحكمة التي صدر منها الحكم أو وقع أمامها الإجراء الباطل بل يتعين عليها إعمالاً للولاية التي أسبغها عليها القانون أن تتصدى للمنازعة كي تنزل فيها حكم القانون على الوجه الصحيح - أساس ذلك: أن المرد في تحديد اختصاص هذه المحكمة هو مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في رابطة من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 26/ 7/ 1986 أودع محامي الطاعن - سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3154 لسنة 32 ق عليا ضد كل من السيدين/ وزير الزراعة ومدير مديرية الزراعة بمحافظة الغربية (بصفتهما) في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بجلسة 25/ 5/ 1986 في الطعن رقم 1260 لسنة 29 ق عليا الذي قضى بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات".
وبتاريخ 9/ 8/ 1986 تم إعلان الطعن - إلى المطعون ضدهما بمقر إدارة قضايا الحكومة. وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة، حيث أودعت تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بعدم جواز نظر الطعن على الحكم وإلزام الطاعن المصروفات.
ثم تحدد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 21/ 10/ 1987 حيث تقرر إحالة إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 24/ 11/ 1987 وبعد تداول نظر الطعن أمام المحكمة قررت بجلسة 5/ 1/ 1988 حجزه للحكم فيه بجلسة 9/ 2/ 1988 وفي الجلسة المحددة للنطق بالحكم تمت تلاوة منطوقه علناً وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صادر بتاريخ 25/ 5/ 1986 وقد أقيم الطعن فيه بتاريخ 26/ 7/ 1986 خلال الميعاد القانوني، وإذ استوفى الطعن سائر الأوضاع الشكلية المقررة فمن ثم يتعين الحكم بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن واقعات الطعن الماثل - حسبما يبين من الأوراق - تخلص في أن الطاعن كان قد أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) ضد/ وزير الزراعة، ومدير عام الزراعة بالغربية (بصفتهما) وقد قيدت هذه الدعوى بتاريخ 13/ 11/ 1980 برقم 274 لسنة 35 ق وقد طلب فيها الطاعن الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبه وفي الموضوع بإلغاء القرار رقم 2629 الصادر بتاريخ 24/ 7/ 1980 بإنهاء خدمته اعتباراً من 2/ 6/ 1979 مع تحصيل المرتبات عن المدة من 2/ 6/ 1978 حتى 31/ 10/ 1978 مع ما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام المدعى عليهما بالمصروفات. وقال الطاعن (المدعي) شارحاً دعواه أنه يعمل بمديرية الزراعة بالغربية وأصيب بالمرض ومنح إجازات متفرقة وفي 13/ 10/ 1977 وقع على محضر استلام أرض زراعية من مشروع الخريجين ثم عاوده المرض وأحيل إلى القومسيون الطبي الذي منحه إجازة 45 يوماً، وفي فبراير سنة 1978 استلم خط ري الأرض فطلب من مديرية الزراعة بالغربية الترخيص له بإجازته المحددة بالمشروع وهي ثلاثة أشهر اعتيادي تعقبها سنة بدون مرتب غير أن حالته المرضية دفعته إلى الاستفسار قبل استغلاله الأرض عما إذا كان استغلاله لها يتعارض مع استمراره في الإجازة المرضية وتأجيل إجازات المشروع فأفاد وكيل وزارة الزراعة للشئون المالية والإدارية في 26/ 4/ 1978 بأنه يمكن للمديرية اتخاذ إجراءات عرضه على القومسيون الطبي، كما أفادت إدارة الشئون القانونية بإجابة المدعي إلى طلب إحالته إلى القومسيون الطبي وتأجيل البت في طلب الإجازة بدون مرتب لحين شفائه، وقرر القومسيون بجلسة 4/ 2/ 1980 بأن حالته لا تتحسن ومنحه إجازة تنتهي في 26/ 3/ 1980، وأضاف المدعي (الطاعن) قائلاً أنه ولما كانت حالته قد استقرت لعجزه الكامل وأصبح له الحق في التشريك من الخدمة وصرف معاش كامل إلا أن تعنت مديرية الزراعة بالغربية بعدم صرف مرتبه وعدم إحالته إلى القومسيون بجلسة خاصة لتشريكه من الخدمة اضطره إلى توجيه إنذار للمديرية في 15/ 3/ 1980. بطلب إنهاء خدمته من 27/ 3/ 1980 وتسوية معاشه طبقاً لحالته المرضية، وقد علم الطاعن بطريق الصدفة بقرار مدير الزراعة الصادر في 24/ 7/ 1980 والذي قرر الترخيص له بإجازة بدون مرتب لمدة عام تبدأ من 2/ 6/ 1978 التاريخ التالي لانتهاء الإجازة الاعتيادية لمدة ثلاثة أشهر نظراً لاستلامه إقطاعية زراعية واعتباره مقدماً استقالته من 2/ 6/ 1979 وتحصيل ما صرف له من مرتب دون وجه حق. وقد نعى المدعي (الطاعن) على هذا القرار مخالفته للقانون لمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية ولأن علاقته الوظيفية تستقل عن وضعه كمنتفع بإقطاعية زراعية وقد ردت الإدارة على الدعوى بمذكرة تتضمن أن الإدارة قد طبقت في شأن المدعي القوانين والتعليمات المنظمة لمشروع منح الإقطاعيات الزراعية التابعة لشركة جنوب التحرير الزراعية إلى العاملين وأن القرار المطعون عليه صدر بالتطبيق لقرار وزير الزراعة رقم 129 لسنة 1980 الذي ينص على أن يعتبر مستقيلاً كل من تم توزيع الأراضي المستصلحة عليهم من العاملين ومنحوا إجازة بدون مرتب لمدة سنة بعد استنفاد إجازاتهم الاعتيادية ولم يعودوا للعمل وأن المدعي بموافقته على استلام الإقطاعية ومباشرته العمل بها بصفة مستديمة يعد إقرار منه بقبول تلك الشروط.
وبجلسة 2/ 3/ 1983 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلاً، وألزمت المدعي المصروفات وأقامت قضاءها على أساس أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 24/ 7/ 1980 وقد أعلن به المدعي في 27/ 7/ 1980 وأقام دعواه في 13/ 11/ 1980 وأن الثابت بما لا يقبل المجادلة أن الدعوى أقيمت بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ علم المدعي بالقرار المطعون فيه ومن ثم فإنها تكون غير مقبولة شكلاً.
وقد أقام الطاعن طعناً أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) في الحكم المشار إليه قيد بجدول المحكمة برقم 1260 لسنة 29 ق عليا بتاريخ 24/ 3/ 1983. طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع وبصفة أصلية الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار مدير عام الزراعة بالغربية رقم 2629 في 24/ 7/ 1980 والمتضمن إنهاء خدمته من 2/ 6/ 1979 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدها المصروفات، واحتياطياً: بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة وقد استند الطاعن في طعنه على هذا الحكم إلى القول بأنه قد صدر بالمخالفة للقانون لأن هيئة مفوضي الدولة قد باشرت مأموريتها في غيبة المدعي ولم تخطره لسماع دفاعه ولم يخطر المدعي بتقرير هيئة مفوضي الدولة، وأن المدعي اتبع الطريق القانوني السليم في إقامة دعواه إذ أنه تظلم لمدير عام الزراعة بالغربية في 20/ 9/ 1980 وقد أشر مدير عام الزراعة على التظلم في 22/ 9/ 1980 بالإحالة للشئون القانونية وقيد التظلم بإدارة التحقيقات برقم 1271 بتاريخ 25/ 9/ 1980 وفي 29/ 12/ 1980 قررت المديرية حفظ التظلم.
وبجلسة 25/ 5/ 1986 قضت المحكمة الإدارية العليا في هذا الطعن بقبوله شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الثابت من الأوراق أن المدعي تظلم من القرار المطعون فيه في 20/ 9/ 1980 وتقرر حفظ هذا التظلم في 27/ 10/ 1980 فأقام دعواه في 13/ 11/ 1980 خلال الميعاد القانوني وبالنسبة لموضوع الطعن قالت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب مؤرخ 2/ 3/ 1978 لمنحه إجازة اعتيادية لمدة ثلاثة شهور اعتباراً من تاريخ الطلب نظراً لاستلامه إقطاعية زراعية وقدم إقرار بقيامه بهذه الإجازة من 1/ 3/ 1978 وقدم طلباً لإخطار الشركة المهيمنة على توزيع الأراضي بحصوله على هذه الإجازة كما تقدم بطلب إجازة بدون مرتب لمدة عام عقب انتهاء الإجازة الاعتيادية وقد وافقت مديرية الزراعة بالغربية على الطلبين وقد تسلم الطاعن الإقطاعية الزراعية فعلاً في 11/ 10/ 1977 واستلم خط الري في 15/ 1/ 1978 وقام فعلاً بالزراعة وصرفت إليه سلف الخدمة النقدية والعينية، وقد طلبت الشركة المختصة سرعة موافتها بقرار إنهاء خدمته تنفيذاً لقرار وزير الزراعة رقم 129 لسنة 1980 والثابت من الأوراق وكذلك أن مديرية الزراعية أخطرت الطاعن بثلاث خطابات في 28/ 4/ 1980. وفي 4/ 5/ 1980 وفي 20/ 5/ 1980 ليختار بين الوظيفة والأرض وقد رد الطاعن بما يفيد رغبته في تسليم الإقطاعية وعودته للعمل ولما كان هذا الرد قد جاء بتاريخ 12/ 10/ 1979 سابقاً على خطابات المديرية الثلاث المشار إليها وقبل خطاب شركة جنوب التحرير الزراعية المؤرخ 20/ 6/ 1980 المتضمن أن الطاعن يزاول العمل في الأرض فعلاً ومؤدى ذلك أن الطاعن لم يقم بتنفيذ خياره حتى صدور القرار المطعون فيه وانتهت المحكمة كذلك إلى سلامة القرار المطعون عليه بالتطبيق للقرارات المطبقة في هذا الشأن أخرها قرار وزير الزراعة رقم 129 لسنة 1980 خاصة وقد ثبت من الأوراق أن الطاعن حاول الاستفادة من وضع قانونين مختلفين هي الوظيفة العامة والأرض المستصلحة على خلاف القانون وذلك لأنه على الرغم من أنه بإجازة مرضية فقد حصل على الأرض وعلى خط الري الخاص بها وتقدم بطلب لمنحه إجازة اعتيادية لمدة ثلاثة أشهر رغم عمله بأنه بإجازة مرضية كما تقدم كذلك بطلب حصوله على إجازة بدون مرتب، ولما كان الحصول على هاتين الإجازتين شرط للحصول على الأرض فقد قام بعد أن تسلم الأرض فعلاً وباشر العمل بها وصرف السلفة المقررة لها عاد فتقدم بطلب لإحالته إلى القومسيون الطبي لإمكان تشريكه والاستفادة من إنهاء خدمته بسبب المرض والحصول على تعويض العجز الكامل، وانتهت المحكمة من كل ذلك إلى رفض دعوى المدعي (الطاعن) وإلزامه المصروفات.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المشار إليه بطعنه الماثل أنه جاء مشوباً بالبطلان لأنه أضاع على الطاعن درجة من درجات التقاضي إذ أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 274 لسنة 35 ق والذي قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً لم يتعرض لموضوع الدعوى ولم يفصل فيه، وقد طعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا التي انتهت إلى قبول الطعن شكلاً وكان يتعين عليه إعادة الأوراق إلى محكمة القضاء الإداري للفصل في الموضوع، إلا أنها تعرضت للفصل في موضوع دعوى الطاعن وقضت برفضه وذلك رغم أن محكمة القضاء الإداري لم تستنفذ ولايتها في الفصل في الموضوع ولم تحقق دفاع الطاعن وكذلك فإن حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 1260 لسنة 29 ق والمشار إليه لم يتصد لتنفيذ دفاع الطاعن بمذكرة دفاعه المقدمة بجلسة 5/ 1/ 1985 تحت رقم 5 مسلسل دوسيه والتي لم تكن موجودة عند إعداد تقرير في الطعن أمام هيئة المفوضين ولم تكن تحت نظر عدالة المحكمة عند صدور حكمها بجلسة 25/ 5/ 1986 مما يعد إخلالاً بحق الدفاع ويستوجب الحكم ببطلان الحكم الصادر في الطعن رقم 1260 لسنة 29 ق عليا موضوع الطعن الراهن.
ومن حيث إن الطعن الماثل ينصب على طلب الحكم ببطلان حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في الطعن رقم 1260 لسنة 29 ق المقام من الطاعن طعناً على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) بجلسة 2/ 2/ 1983 في الدعوى رقم 274 لسنة 35 ق.
ومن حيث إن المستقر في قضاء هذه المحكمة أنها تختص بالفصل في طلب إلغاء الحكم الصادر منها إذا ما شابه عيب جسيم يسمح بإقامة دعوى بطلان أصلية وأنه إذا أجيز استثناء الطعن بدعوى بطلان أصلية في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية فإن هذا الاستثناء في غير الحالات التي نص عليها المشرع كما فعل في المادة 147 من قانون المرافعات رقم 13 لسنة 1968 يجب أن يقف عند الحالات التي تنطوي على عيب جسيم وتمثل إهدار للعدالة يفقد فيها الحكم وظيفته وأنه لا يجوز الطعن في الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية العليا إلا إذا انتفت عنها صفة الأحكام القضائية كأن يصدر الحكم عن مستشار قام به بسبب من أسباب عدم الصلاحية للفصل في الدعوى أو أن يقترن الحكم بعيب جسيم تقوم به دعوى البطلان الأصلية وإذ كان ما أخذه الطاعن على قضاء الحكم قد اقتصر على اجتهاد ذلك القضاء في تأويل القانون وتطبيقه وليس في عدم رد الحكم على بعض من وجوه دفاع الطاعن غير الجوهرية مما لا يعتبر عيباً جسيماً يصم الحكم بالبطلان الأصلي ولا يكون مما يجيز التعرض للحكم المطعون فيه ويكون الطعن لا سند له من القانون ويتعين رفضه.
ومن حيث إن ما استند إليه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد ضيع على الطاعن درجة من درجات التقاضي يناقض المبادئ المستقرة في قضاء هذه المحكمة من أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يطرح المنازعة في الحكم المطعون فيه برمتها ويفتح الباب أمامها لتزن هذا الحكم بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الحالات التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من قانون تنظيم مجلس الدولة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة على الوجه الصحيح أم أنه لم تقم به حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقي عليه وترفض الطعن، والمرد في ذلك مبدأ المشروعية نزولاً على سيادة القانون في رابطة من روابط القانون العام التي تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص ذلك أن رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية هي رقابة قانونية يسلطها عليها ويبحث مدى مشروعيتها من حيث مطابقتها أو عدم مطابقتها للقانون ومن ثم فإنه إذا أثبتت المحكمة الإدارية العليا عند نظر الطعن المطروح عليها أن الحكم المطعون فيه شابه البطلان أو أن إجراء من الإجراءات التي سبقت عرض الطعن عليها كان باطلاً فإنها في هذه الحالة لا تقضي بإعادة الدعوى إلى المحكمة التي صدر منها الحكم أو وقع أمامها الإجراء الباطل بل يتعين عليها إعمالاً للولاية التي أسبغها عليها القانون أن تتصدى للمنازعة لكي تنزل فيها حكم القانون على الوجه الصحيح.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وخاصة محضر جلسة 5/ 1/ 1985 أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) أنها ذكرت في محضر الجلسة أن الطاعن تقدم بحافظة مستندات ومذكرة بدفوعه أمامها، فمن ثم فقد انتفت واقعة عدم اطلاع المحكمة على دفاع الطاعن ومناقشته كذلك فإن الحكم المطعون فيه قد تصدى لنظر موضوع الدعوى المقامة من الطاعن وفصل فيه بناء على ما تبين له من استعراض لأحكام القانون والقرارات الواجبة التطبيق على القرار المطعون فيه، وما أحاط صدور هذا القرار من ظروف وملابسات أوضحت بجلاء مسلك الطاعن حيال الجهة الإدارية المطعون ضدها ومدى تمسكه بالوظيفة العامة وما استظهرته المحكمة من أن الطاعن قد حاول تتبع المزايا المبينة في قانون العاملين وفي القرارات المنظمة لتوزيع الأراضي على خريجي الزراعة والجمع بينها والاستفادة منها فائدة مزدوجة باستمراره في الانتفاع بالأرض المسلمة إليه وحصوله في ذات الوقت على ميزة المعاش المقابل للعجز الكامل وإذ انتهت المحكمة الإدارية العليا إلى رفض دعوى الطاعن، فإنه لا تعقيب عليها فيما استظهرته من الأوراق وما انتهت إليه من نتيجة سطرتها في حكمها موضوع هذا الطعن باعتباره عنوان الحقيقة الباتة في موضوع هذه الدعوى بما لا يشوب قضاءها هذا بأي عيب ينحدر به إلى درجة البطلان حيث لم ينطوي هذا الحكم على عيب جسيم ولم يهدر العدالة بالنسبة للطاعن وأنه لمن غير المتصور عقلاً وقانوناً إهدار حكم المحكمة الإدارية العليا على زعم أن مذكرة دفاع الطاعن قد فقدت، حيث لا صحة لهذا الزعم الذي ينفيه تماماً أن المحكمة الإدارية العليا قد تناولت كل ما جاء بهذه المذكرة بالرد عليه وأن الحكم المطعون فيه قد طبق القانون على كافة وقائع الدعوى المطروحة أمامها على النحو الوارد بحيثيات الحكم ودون أن يكون الحكم مقيداً بالرد على كل جزئية ينشرها الطاعن (المدعي) في صحيفة دعواه أو مذكرة دفاعه ذلك أنه يكفي أن تورد المحكمة الأدلة الواقعية والحجج القانونية التي استند إليها الخصوم في ثنايا أسباب الحكم التي تكلفت بالرد عليه كما يكفي أيضاً لسلامة الحكم أن يكون مقاماً على أسباب تستقيم معه ولا يلزم أن يتعقب حجج الخصوم في جميع مناحي أقوالهم استقلالاً ثم يفندها تفصيلاً الواحدة تلو الأخرى وإذا كان الحكم المطعون فيه قد استعرض وقائع الدعوى وأسانيد الطعن على الوجه المبين بعريضة افتتاح الدعوى واستعرض ما عقبت به جهة الإدارة على الدعوى وقام بتطبيق النصوص المتعلقة بالنزاع على الوقائع المطروحة أمام المحكمة وخلص إلى النتيجة التي انتهى إليها فلا يكون ثمة قصور في التسبيب يؤدي إلى بطلان الحكم. هذا ولا يتصور أيضاً القول بأن مبدأ تصدي المحكمة الإدارية العليا لنظر موضوع النزاع أمر يخالف العدالة وإن كان يتفق وأحكام القانون ذلك أن ما يتفق مع أحكام القانون يستتبع حتماً موافقته لمبادئ العدالة طالما أن المحكمة قوامة على تطبيق أحكام القوانين السارية والتي لم يصبها إلغاء ولا تعديل والتي تعتبر طبقاً للدستور - عن مبدأ سيادة القانون الذي يحكم كل تصرفات الإدارة ومن كل ما تقدم تخلص المحكمة إلى صحة الحكم المطعون فيه ورفض دعوى الطاعن.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بالمصروفات طبقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.

الطعن 356 لسنة 32 ق جلسة 9 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 133 ص 850

جلسة 9 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وجمال السيد دحروج وفاروق علي عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص المستشارين.

------------------

(133)

الطعن رقم 356 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - استقلال كل سبب من أسبابها.
المادة (94) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
يجب التفرقة بين انتهاء الخدمة للاستقالة وانتهائها لعدم اللياقة الصحية - لكل من السببين أحكامه وقواعده - يجب التحقق من النية الحقيقة التي انصرفت إليها إدارة العامل سواء من خلال الطلب الذي قدمه لجهة الإدارة أو الطلبات التي قدمها في عريضة دعواه - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 2/ 1/ 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ محافظ القاهرة تقرير الطعن الماثل ضد السيدة/ ...... وذلك في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات أ) بجلسة 4/ 11/ 1985 في الدعوى رقم 6255 لسنة 39 ق والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وفي الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع إدارة الوايلي التعليمية التابعة لمحافظة القاهرة عن إنهاء خدمة المدعية وإعطائها شهادة تفيد هذا الانتهاء وخلو طرفها ومدة خبرتها وإلزام المدعى عليه مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة به إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - دائرة فحص الطعون - لتأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة حتى يفصل في موضوع الطعن ثم بإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بما يلي: (أصلياً) بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار السلبي وبعدم قبول طلب وقف التنفيذ للقرار المطعون فيه ولرفعها قبل الأوان (احتياطياً) برفض طلب المدعية وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي كلتا الحالتين بإلزام المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وبتاريخ 15/ 1/ 1986 تم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدها في موطنها المختار.
وتم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 6/ 1/ 1988 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا وحددت لنظره أمامها جلسة 19/ 1/ 1988 وفي هذه الجلسة الأخيرة قررت المحكمة إصدار الحكم إصدار الحكم بجلسة 9/ 2/ 1988. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن فإنه لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 4/ 11/ 1985 وتم إيداع عريضة الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 2/ 1/ 1986 فإنه من ثم يكون الطعن قد أقيم خلال ميعاد الستين يوماً المنصوص عليه في المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً فإنه بالتالي يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 2/ 9/ 1985 أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 6255 لسنة 39 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) أشارت فيها إلي أنها تعمل مدرسة بمدرسة الشهيد أحمد حمدي الابتدائية التابعة لإدارة الوايلي التعليمية ونظراً لأنها تعمل بالتدريس منذ أكثر من 28 عاماً فقد ضعف بصرها وأصابها المرض فتقدمت باستقالتها من العمل في 1/ 8/ 1985 إلى مدير عام إدارة الوايلي التعليمية وذلك عن طريق البريد المسجل برقم 459 ل، وظلت تنظر رد جهة الإدارة على الاستقالة ولكن دون جدوى، ثم تقدمت إلى الإدارة طالبة إعطاءها ما يفيد إنهاء خدمتها وخلو طرفها ومدة خبرتها فامتنعت بغير مسوغ من واقع أو قانون ووفقاً لحكم المادة 97 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 كان يتعين على الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمتها خاصة وأنها لم تنقطع عن العمل، وأنه لما كان هذا الامتناع عن إنهاء خدمتها وإعطائها شهادة بهذا الإنهاء وبخلو طرفها ومدة خبرتها يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها ويتوافر به ركن الاستعجال فضلاً عن توافر ركن الجدية بمخالفة القانون فقد خلصت المطعون ضدها في عريضة دعواها أمام محكمة القضاء الإداري إلى طلب الحكم: (أولاً) وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمتها وإعطائها ما يفيد خلو طرفها. (ثانياً) وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وقد تداول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضرها ولم تتقدم جهة الإدارة آنذاك بأي دفاع أو رد على الدعوى، وبجلسة 4/ 11/ 1985 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى والمشار إليه بصدر هذا الحكم. وقد أقامت المحكمة قضاءها استناداً إلى أن امتناع الإدارة عن إنهاء خدمة العامل الذي استقال من وظيفته ومضى على استقالته مدة ثلاثين يوماً دون أن ثبت فيها جهة الإدارة أو ترجئ قبولها لمدة أسبوعين فقط بالإضافة إلى مدة الثلاثين يوماً المذكورة طبقاً للمادة 97 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة هذا العامل تعتبر استقالته مقبولة قانوناً وخدمته منتهية وامتناع الإدارة عن إصدار قرار بإنهاء خدمته في هذه الحالة دون مبرر قانوني يمثل عقبة قانونية تحرمه من السفر والانتقال ما دام الثابت من جواز سفره أو بطاقته العائلية أو الشخصية أنه موظف بها إذ أن الأمر يحتاج إلى موافقتها على السفر كما يمنعه من تغيير بيانات بطاقته العائلية أو الشخصية كذا عدم إفادته من مدة خبرته السابقة في الوظيفة الجديدة عند تقدمه إلى عمل آخر يتكسب منه وهي كلها أمور تقيد حريته وتشكل قيداً عليها وتتعارض مع ما كفله الدستور للمواطنين من حرية الانتقال والهجرة والعمل في حدود القانون، ومما لا شك فيه أن الاعتداء على الحريات أو تقييدها بلا موجب من القانون هو أبرز الصور التي يترتب عليها نتائج يتعذر تداركها مما يتوافر معه ركن الاستعجال. وبالنسبة لركن الجدية فقد أشارت المحكمة في حكمها إلى أن الثابت من ظاهر الأوراق دون التعرض لأصل طلب الإلغاء أن المدعية قد استقالت من وظيفتها بتاريخ 1/ 8/ 1985. وفقاً لنص المادة 97 من القانون رقم 47 لسنة 1978 ولم تبت جهة الإدارة في الاستقالة خلال مدة الثلاثين يوماً التالية عليها كما لم تقم بإرجاء قبول الاستقالة مدة أسبوعين على الأكثر ومن ثم فإن خدمتها تعتبر بحسب الظاهر منتهية وكان على جهة الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمة المدعية وإعطائها شهادة تفيد ذلك وخلو طرفها ومدة خبرتها وأية بيانات وظيفية أخرى يطلبها الموظف من ملف خدمته وفقاً لحكم المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات ويكون امتناع الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ.
وإذ لم يلق الحكم المشار إليه قبولاً لدى الطاعن فقد أقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضدها قدمت استقالتها بتاريخ 1/ 8/ 1985 ثم قامت بتسجيلها وإرسالها إلى الإدارة التعليمية المختصة معللة استقالتها بضعف صحتها وإصابتها بالمرض وضعف بصرها. وكان من جراء ذلك أن إحالتها الجهة الإدارية إلى القومسيون الطبي لتقرير حالتها الصحية واستعجلتها في ذلك عدة مرات ولكن دون جدوى وبادرت برفع دعواها دون انتظار أو تنفيذ لمسلك جهة الإدارة نحوها والذي يتفق وصحيح القانون فقد نصت المادة 96 من القانون رقم 47 لسنة 1978 على أن تثبت عدم اللياقة للخدمة صحياً بقرار من المجلس الطبي المختص ومن ثم لا يعتد بطلب الاستقالة ولا ينتج أي أثر قانوني في رابطة التوظف، وبالتالي يكون مسلك جهة الإدارة بالامتناع عن إنهاء خدمة المطعون ضدها بسبب الاستقالة مسلكاً صحيحاً مطابقاً للقانون ويكون الحكم مخالفاً للقانون إذ لم يأخذ بهذا النظر ويتعين إلغاؤه. وعن طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه استند الطاعن إلى أن تنفيذ هذا الحكم من شأنه أن تترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وهو ما يحق معه طلب وقف تنفيذه.
وبجلسة 6/ 1/ 1988 وأثناء نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أودع الطاعن كتاب محافظ القاهرة (إدارة الوايلي التعليمية - الشئون القانونية) رقم 701 المؤرخ 21/ 10/ 1985 والذي جاء به أن المطعون ضدها تقدمت بطلب استقالة بدعوى أن حالتها الصحية وقوة إبصارها لا يسمحان لها بالاستمرار في العمل. وأنه بعرض كتاب الاستقالة على السيد/ مدير التعليم الابتدائي أشر في 21/ 9/ 1985 باستكمال التمغات وتقديم ما يثبت صحة ما جاء بالطلب وأنه في 8/ 9/ 1985 كانت إدارة شئون العاملين قد أحالت المطعون ضدها إلى القومسيون الطبي لتقرير حالتها الصحية وفي 29/ 9/ 1985 و8/ 10/ 1985 تم إرسال استعجالات للمطعون ضدها لتقديم نتيجة العرض على القومسيون الطبي دون جدوى.
ومن حيث إنه بالاطلاع على أحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة يتبين أن المادة 94 منه تنص على أن تنهي خدمة العامل لأحد الأسباب الآتية: 1 - بلوغ السن المقرر لترك الخدمة. 2 - عدم اللياقة للخدمة صحياً. 3 - الاستقالة. 4 - ...... ويبين من هذا النص أن عدم اللياقة للخدمة صحياً وكذا الاستقالة يعتبر كل منها سبباً مستقلاً تماماً ليس فقط عن الآخر وإنما عن سائر أسباب انتهاء خدمة العاملين المدنيين بالدولة التسعة الوارد ذكرها تفصيلاً في المادة 94 من القانون رقم 47 لسنة 1978 السالف الإشارة إليها وأن لكل من هذين السببين - شأنه في ذلك شأن سائر أسباب انتهاء الخدمة التسعة المذكورة - أحكامه الخاصة به التي أوردها المشرع نصوص القانون رقم 47 لسنة 1978 فبالنسبة لانتهاء الخدمة لعدم اللياقة الصحية تنص المادة 96 من القانون على أن "تثبت عدم اللياقة للخدمة صحياً بقرار من المجلس الطبي المختص ولا يجوز فصل العامل لعدم اللياقة الصحية قبل نفاذ إجازته المرضية والاعتيادية ما لم يطلب إنهاء خدمته دون انتظار انتهاء إجازاته" أما بالنسبة للاستقالة فتنص المادة 97 من القانون نفسه على أن "للعامل أن يقدم استقالته من وظيفته وتكون الاستقالة مكتوبة.
ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة. ويجب البت في طلب الاستقالة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون ما لم يكن الطلب معلقاً على شرط أو مقترناً بقيد وفي هذه الحالة لا تنتهي خدمة العامل إلا إذا تضمن قرار قبول الاستقالة أجابته إلى طلبه.
ويجوز خلال هذه المدة إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل مع إخطار العامل بذلك على ألا تزيد مدة الإرجاء على أسبوعين بالإضافة إلى مدة الثلاثين يوماً الواردة بالفقرة السابقة.
فإذا أحيل العامل إلى المحكمة التأديبية فلا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير جزاء الفصل أو الإحالة إلى المعاش.
ويجب على العامل أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن يقضى الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثالثة.
ومن حيث إنه في ضوء النصوص المتقدمة فإن الثابت من الأوراق في الطعن الماثل أنه بتاريخ 1/ 8/ 1985 بعثت المطعون ضدها بخطاب مسجل إلى مدير عام إدارة الوايلي التعليمية تبلغه فيه أنها عينت بالتربية والتعليم بتاريخ 24/ 10/ 1957 وأنها ما زالت تباشر عملها وقد أصابها المرض وضعفت صحتها وضعف بصرها نتيجة العمل الشاق وأنها لما كانت لا ترغب الاستمرار في العمل لذلك فإنها ترجو التكرم بقبول استقالتها ويبين من الخطاب المشار إليه أن نية المطعون ضدها قد انصرفت صراحة دون ثمة لبس أو غموض إلى اتخاذ الاستقالة المنصوص عليها في المادة 97 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وليس عدم اللياقة الصحية المنصوص عليها في المادة 96 من ذات القانون سبباً لإنهاء خدمتها يؤكد ذلك أن المطعون ضدها قد أقامت دعواها أمام محكمة القضاء الإداري بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن قبول استقالتها وليس بطلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إنهاء خدمتها لعدم اللياقة الصحية وما يتطلبه هذا من صدور قرار تمهيدي بإحالتها إلى المجلس الطبي المختص لإثبات ذلك. وفضلاً عما تقدم فإن الثابت من الأوراق وباعتراف جهة الإدارة نفسها في كتابها المودع أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 6/ 1/ 1988 والسالف الإشارة إليه أن المطعون ضدها لم تستجب إلى طلبات جهة الإدارة المتكررة بعرض نفسها على القومسيون الطبي لتقرير حالتها الصحية.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وإذ كانت المطعون ضدها كما سلف البيان قد تقدمت البيان قد تقدمت بطلب الاستقالة من عملها بتاريخ 1/ 8/ 1985 وأن جهة الإدارة لم تبت في هذه الاستقالة خلال مدة الثلاثين يوماً التالية عليها كما لم تقم بإرجائها مدة أسبوعين على الأكثر فإنه عملاً بصريح نص المادة 97 من القانون رقم 47 لسنة 1978 السالف الإشارة إليه تعتبر خدمة المطعون ضدها منتهية ومن ثم فإنه كان يتعين على جهة الإدارة إصدار قرار بإنهاء خدمتها وإعطائها شهادة تفيد ذلك وخلو طرفها وأية بيانات أخرى يطلبها الموظف من ملف خدمته وفقاً لحكم المادة 263 من اللائحة المالية للميزانية والحسابات ويكون امتناع جهة الإدارة عن ذلك مخالفاً للقانون. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه بالتالي قائماً على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184/ 1 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

الطعنان 3470 لسنة 31 ق ، 935 لسنة 32 ق جلسة 7 / 2 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 132 ص 839

جلسة 7 من فبراير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.

------------------

(132)

الطعنان رقما 3470 لسنة 31 و935 لسنة 32 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - تقييم وظائفهم - أثر تقييم الوظائف من حيث تعادل الدرجات.
المادة (1) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978.
حدد المشرع قواعد نقل العاملين تنفيذاً لمعايير ترتيب الوظائف - إذا قيّمت بدرجة أدنى من درجة شاغلها تعين نقله إلى وظيفة أخرى مناسبة تتفق درجتها مع درجته على أن يكون مستوفياً شروط شغلها - تطبيق.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - نقلهم - شروط النقل.
المادة (54) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
سلطة الإدارة في نقل العامل سلطة تقديرية تجريها بمراعاة صالح العمل ومقتضيات حسن سير المرافق العامة دون أن يكون للعامل حق التمسك بالبقاء في وظيفة معينة - إذ لم تبتغ الإدارة بنقل العامل الصالح العام وانحرفت عن هذه الغاية واتخذت النقل سبيلاً إلى التنكيل بالعامل وإنزال العقاب به تكون قد أساءت استعمال سلطتها مما يصم القرار الصادر منها بعدم المشروعية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 17 من فبراير سنة 1986 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن وزير الصناعة والثروة المعدنية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 935 لسنة 32 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 19/ 12/ 1985 في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق المرفوعة من..... ضد الطاعن والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي الرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وبتاريخ 7 من أغسطس سنة 1985 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن رئيس مجلس الوزراء ووزير الصناعة والثروة المعدنية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 3470 لسنة 31 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 13/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق المرفوعة من..... ضد الطاعنين والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من وضع المدعي من وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وبإلغاء القرار رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة التنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات.
ونظر الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 8/ 12/ 1986 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" وحددت لنظره أمامها جلسة 28/ 12/ 1986 وفي هذه الجلسة قررت المحكمة تأجيل نظر الطعن لجلسة 22/ 2/ 1987 لتبين جهة الإدارة ما تم في شأن تنفيذ الحكم الصادر لصالح المدعي بجلسة 13/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق وبجلسة 22/ 2/ 1987 قرر الأستاذ...... المحامي عن المطعون ضده بأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق المشار إليه تم تنفيذه وبلغ المطعون ضده سن التقاعد وطعنت جهة الإدارة في هذا الحكم بالطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا فقررت المحكمة تأجيل نظر الطعن ليضم قلم الكتاب الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا المشار إليه بمحضر الجلسة، وبجلسة 5/ 4/ 1987 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا إلى الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد وتداول نظر الطعنان على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 13/ 4/ 1982 أقام السيد/ ..... الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات ضد رئيس مجلس الوزراء ووزارة الصناعة والثروة المعدنية طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من نقل المدعي إلى وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد وبإلغاء قرار النائب الأول لرئيس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة الصناعة للتنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار في الحالين وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال المدعي شرحاً للدعوى أنه حاصل على بكالوريوس التجارة عام 1952 ودبلوم دراسات عليا في المالية والاقتصاد عام 1955 ودبلوم دراسات عليا في التمويل عام 1965 ودبلوم دراسات عليا في الإدارة العامة عام 1972 وعين بوزارة الداخلية ثم بوزارة الصناعة عام 1956 وتدرج في مختلف وظائفها المالية والإدارية إلى أن رقى إلى درجة مدير عام في ديسمبر سنة 1975 وله خبره متنوعة في الوظائف التنفيذية والإشرافية ومستوى الإدارة العليا في الشئون المالية والتدريب والتحليل المالي للموازنات والتفتيش المالي والإداري وشئون العاملين. وقد فوجئ بصدور القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 متضمناً نقل العاملين بوزارة الصناعة شاغلي درجات الإدارة العليا إلى الوظائف الواردة قرين كل منهم وقد تضمن هذا القرار نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وهي وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد مما يعد مخالفاً للقواعد التي تضمنها قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 في شأن نقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الوظائف، وذكر المدعي أنه كان بوسع الوزارة أن تنقله إلى إحدى وظائف مدير العموم الواردة بالجدول والتي تتفق مع تأهيله وخبرته ولكنها ضنت عليه بذلك وشغلتها ندباً ببعض موظفي الدرجة الأولى. وأضاف المدعي أنه فوجئ كذلك بصدور قرار النائب الأول لرئيس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 متضمناً ترقية السيد/ ..... لوظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية متخطياً بذلك المدعي في الترقية إلى هذه الوظيفة وهو أقدم من المرقى وأكثر منه كفاءة فضلاً عن أنه (أي المدعي) كان رئيساً له في الفترة من ديسمبر سنة 1975 إلى 3/ 12/ 1987 كمدير لشئون العاملين، يضاف إلى ذلك أن المطعون على ترقيته لم يتدرج في أي وظائف منذ تعيينه سوى في تخصص واحد بعكس المدعي الذي تنوعت خبراته وأن الوزارة لم تجر مفاضلة حقيقية بينه وبين المدعي". وأوضح المدعي بأنه تظلم من كلا القرارين في 15/ 12/ 1981 وإذ لم يتلق رداً على تظلمه أقام الدعوى بالطلبات المشار إليها.
ورداً على الدعوى أودعت جهة الإدارة ملف خدمة المدعي وحافظة مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات، كما قدم المدعي حافظة مستندات ومذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته.
وبتاريخ 25/ 8/ 1982 أقام ذات المدعي السيد/ ...... الدعوى رقم 5121 لسنة 36 أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الجزاءات" ضد/ وزير الصناعة والثروة المعدنية طالباً الحكم بإلغاء القرار الوزاري رقم 259 لسنة 1982 فيما تضمنه من نقله من وزارة الصناعة إلى شركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات. وقال شرحاً للدعوى أنه حصل على بكالوريوس التجارة عام 1952 وتدرج بوظائف وزارة الصناعة حتى رقى إلى درجة مدير عام في سنة 1975 وحصل على عدة دبلومات دراسات عليا وله خبرة طويلة في مجال عمله، وقد فوجئ بصدور القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 المتضمن نقله لوظيفة مدير عام غير واردة بجدول الوظائف المعتمد كما فوجئ بالوزارة تستصدر قراراً من النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء برقم 767 لسنة 1981 متضمناً تخطيه في الترقية لدرجة وكيل وزارة وقد طعن على هذين القرارين أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة الترقيات" ثم فوجئ بالقرار الوزاري رقم 259 لسنة 1982 في 12/ 4/ 1982 بتعيينه بوظيفة مدير عام الشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية، وقال المدعي أنه معين بقرار جمهوري مديراً عاماً بوزارة الصناعة وهي إحدى وظائف الإدارة العليا وطبقاً لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 ينبغي أن تحصل الوزارة قبل نقله على ترشيح من مجلس إدارة الشركة المنقول إليها وهو ما لم يحدث، كما أن هذا القرار يحول دون ترقيته في الجهة المنقول إليها إلا بعد مضي سنة على الأقل، كما أن هذا القرار مشوب بالتعسف في سلسلة القرارات المجحفة به ولم يكن بناء على طلبه، وقد تظلم من هذا القرار في 1/ 6/ 1982 ولما لم يتلق رداً على تظلمه بادر برفع الدعوى بالطلبات سالفة البيان.
وفي مجال الرد على الدعوى قدمت جهة الإدارة حافظتي مستندات ومذكرة بدفاعها طلبت فيها، الحكم أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى واحتياطياً برفضها موضوعاً وقدم المدعي حافظتي مستندات.
وبجلسة 13/ 6/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من وضع المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية، وبإلغاء القرار رقم 767 لسنة 1981 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية لوظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للقرار رقم 394 لسنة 1981 على أساس أن المدعي في تاريخ اعتماده جدول وظائف ديوان عام وزارة الصناعة كان يشغل وظيفة مدير عام الشئون الإدارية، وقد قيمت وظيفته بالدرجة الأولى ومن ثم يكون نقله إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاً للقواعد التي تضمنتها المادة التاسعة من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 لنقل العاملين إلى الوظائف الواردة بجداول الوظائف المعتمدة ومنها أنه إذا كانت الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أدنى من درجة شاغلها نقل لوظيفة أخرى مناسبة بنفس المجموعة النوعية تتفق مع درجته بشرط أن يستوفي شروط شغلها فإذا لم توجد نقل لوظيفة معادلة لوظيفته الحالية دون المساس بحقوقه المالية أو درجته ونظراً لأن وظيفة المدعي قيمت بالدرجة الأولى وهي أدنى من درجة مدير عام التي يشغلها فإنه كان يتعين نقله إلى وظيفة أخرى مناسبة تتفق مع درجته الحالية أي إلى وظيفة تم تقييمها بدرجة مدير عام وحيث إن وظيفة مدير شئون العاملين قد تم تقييمها بدرجة مدير عام وتقع في المجموعة النوعية لوظائف التنمية الإدارية التي تضم أيضاً وظائف الشئون الإدارية لذلك كان يتعين وضع المدعي في وظيفة مدير عام شئون العاملين التي شغلها بالنقل من 30/ 12/ 1975 ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من وضعه في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاً للقانون. أما بالنسبة للقرار رقم 767 لسنة 1981 فقد شيدت المحكمة قضاءها على أساس أنه طبقاً للمادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 فإن الترقية إلى وظائف الإدارة العليا تتم بالاختيار على أساس الكفاية مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية وحيث إن كفاية المدعي واضحة في ملف خدمته ولا يوجد به ما يقلل من تلك الكفاية ولم تشر جهة الإدارة إلى ما يشوبها سوى ما ورد بمذكرة شئون العاملين المرسلة إلى مفوض الدولة لوزارة الصناعة من أقوال مرسلة لم تقم عليها دليلاً يمكن التعويل عليه، كما لم يثبت أن كفاية المدعي نقل عن كفاية المطعون على ترقية السيد/ ..... وإذ كان المدعي أقدم من هذا الأخير حيث إنه شغل درجة مدير عام من 24/ 5/ 1977 بينما شغلها المدعي من 30/ 12/ 1975 وإذ توافرت في المدعي شروط شغل الوظيفة المطعون على الترقية إليها وهي وظيفة وكيل وزارة للتنمية الإدارية الأمر الذي يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى هذه الوظيفة.
وبجلسة 19/ 12/ 1985 قضت محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للاختصاص على أساس أن الثابت أن المدعي كان يشغل حتى صدور القرار المطعون فيه وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بديوان عام وزارة الصناعة والثروة المعدنية أي أنه موظف عام وأن قرار الانتقال المطعون فيه الصادر من وزير الصناعة والثروة المعدنية إذ تعلق بمركزه القانوني في الوظيفة العامة وبالتالي فإن القرار المذكور يعتبر قراراً إدارياً مما يدخل في اختصاص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الفصل في طلب إلغائه. وأنه بالنسبة لموضوع الدعوى فإن القرار المطعون فيه نص على تعيين المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية وهي وظيفة مماثلة لذات الوظيفة التي كان يشغلها بديوان عام وزارة الصناعة قبل صدور هذا القرار ومن ثم هذا القرار في حقيقته هو قرار بنقل المدعي وحيث إنه وإن كان من المقرر أنه ليس للعامل التمسك بالبقاء في وظيفة معينة وإنما يجوز نقله لدواعي تسيير المرافق العامة إلا أن المناط في صحة النقل أن يكون الهدف منه تحقيق مصلحة العمل دون الانحراف إلى تحقيق هدف آخر أو النكاية في العامل ذاته وإلا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية وأن يصدر بالنقل قرار من السلطة المختصة بالتعيين وهي رئيس الجمهورية بالنسبة للعاملين من شاغلي الوظائف العليا أو بناء على طلب العامل وذلك طبقاً لما تقض به المادتان 16 و54 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978. وحيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي تعرض من جانب جهة الإدارة لعملية تعنت وإساءة استعمال سلطتها تمثلت في صدور القرار رقم 394 لسنة 1981 الذي تضمن تسكين المدعي في وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية بالمخالفة لأحكام القانون والقرار رقم 767 لسنة 1981 بتخطيه في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة الصناعة للتنمية الإدارية مما دعاه إلى إقامة الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق بتاريخ 13/ 4/ 1982 حيث صدر الحكم فيها بجلسة 13/ 6/ 1985 بإلغاء القرارين المشار إليهما، وقبل إقامة المدعي للدعوى سالفة الذكر تقدم وعدد من زملائه بمذكرة مؤرخة 20/ 1/ 1982 للعرض على المدعى عليه يتضررون من القرار رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من تسكينهم على نحو مخالف للقانون مظهرين اعتراضهم على شغل بعض المناصب الرئيسية بعاملين من خارج الشركة دون قرارات رسمية بينما يشغلون وظائف بشركات القطاع العام وعلى أثر ذلك أصدر المدعى عليه قرار النقل المطعون فيه، ومن ثم يكون هذا القرار قد قصد به استمرار التنكيل بالمدعي وتكون الإدارة قد انحرفت بإصداره لتحقيق هدف آخر غير مصلحة العمل مما يجعله مخالفاً للقانون، ولا يغير من ذلك ما تتمسك به الإدارة من أن المدعي تقدم بطلب لنقله إلى شركات القطاع العام حسب المذكرة المقدمة منه وآخرين ذلك أن هذه المذكرة هي ذات المذكرة المؤرخة 20/ 1/ 1982 سالفة الذكر التي يعترض فيها مقدموها على القرار رقم 394 لسنة 1981 وعلى شغل بعض المناصب الرئيسية من خارج الشركة وتظلموا فيها من وضعهم بالديوان العام وطالبوا بإفساح مجال الترقية أمامها بالتعيين رؤساء قطاعات بشركات قطاع الصناعة بالقاهرة وأن هذا الطلب ليس هو المقصود بطلب النقل الذي يصدر عن إرادة حرة دون أن يكون هناك اضطهاد وقع على العامل يدفعه إلى طلب النقل.
ومن حيث إن الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا يقوم على أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضده كان يشغل إبان صدور قرار اعتماد جدول الوظائف وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وقد قيمت هذه الوظيفة بالدرجة الأولى وأن جهة الإدارة بوضعها المدعي على وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية تكون قد طبقت المادة التاسعة من قرار رئيس الجهاز المركزي رقم 134 لسنة 1978 تطبيقاً صحيحاً هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الترقية إلى وظائف الإدارة العليا تتمتع فيها الإدارة بسلطة تقديرية واسعة وأنها اعتمدت في الترشيح للترقية إلى وظيفة وكيل وزارة المطعون على الترقية إليها على أساس طبيعة هذه الوظيفة وما ذكره الحكم المطعون فيه لا يصلح سبباً مبرراً لتفضيل المطعون ضده. وأن الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا يقوم كذلك على مخالفة الحكم الصادر في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله لأن المطعون ضده التمس نقله إلى إحدى شركات القطاع العام وأجابته جهة الإدارة إلى طلبه وأن هذا النقل لم يفوت على المدعي دوراً في الترقية بالأقدمية حيث إن الترقية من الوظيفة التي يشغلها تتم بالاختيار وأن المدعي لم يتعرض لأي اضطهاد وقدم المطعون ضده في كل من الطعنين مذكرة بدفاعه طلب فيها الحكم برفض الطعن.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 3470 لسنة 31 ق عليا فإن المادة (9) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن المعايير اللازمة لترتيب الوظائف للعاملين المدنيين بالدولة والأحكام التي يقتضيها تنفيذ تقضي بأن ينقل العاملون إلى الوظائف الواردة في جداول الوظائف المعتمدة والمعادلة لوظائفهم في تاريخ اعتماد مشروع ترتيب الوظائف وذلك بقرار من السلطة المختصة بعد العرض على لجنة شئون العاملين ويتم النقل وفقاً للقواعد الآتية: 1 - إذا انطبقت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها مع درجة شاغل الوظيفة وتوافرت فيه شروط شغلها نقل إليها. 2 - إذا كانت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أعلى من درجة شاغلها نقل إلى وظيفة أخرى تتفق درجته مع درجتها بنفس المجموعة النوعية ويستوفي شروط شغلها. 3 - إذا كانت درجة الوظيفة المعادلة طبقاً لتقييمها أدنى من درجة شاغلها نقل إلى وظيفة أخرى مناسبة بنفس المجموعة النوعية وتتفق درجته مع درجتها وبشرط أن يستوفي شروط شغلها فإذا لم توجد تلك الوظيفة نقل إلى الوظيفة المعادلة لوظيفته الحالية دون المساس بحقوقه المالية أو درجته.....".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه تم اعتماد جداول إعادة تقييم وظائف ديوان عام وزارة الصناعة بقرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 72 لسنة 1980 الصادر بتاريخ 17/ 3/ 1980 وكان المدعي يشغل آنذاك وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وقد تم تقييم وظيفة مدير الشئون الإدارية بالدرجة الأولى وذلك بمقتضى القرار المذكور ومن ثم فإنه إعمالاً لحكم الفقرة الثالثة من المادة (9) من قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 المشار إليه وقد قيمت وظيفة المدعي بدرجة أدنى من تلك التي يشغلها يتعين نقله إلى أية وظيفة أخرى مناسبة تتفق درجته مع درجتها ويكون مستوفياً شروط شغلها.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 394 لسنة 1981 الصادر بنقل العاملين شاغلي درجات الإدارة العليا والدرجة الأولى إلى الوظائف الواردة بجدول الترتيب المعتمد لم يلتزم بحكم الفقرة الثالثة من المادة التاسعة المشار إليها وإنما قضى بنقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية، وهذه الوظيفة فضلاً عن أنها ليست واردة بجدول الوظائف المعتمد بقرار رئيس الجهاز المركزي رقم 72 لسنة 1980 آنف الذكر فإنها ليست وظيفة مدير إدارة الشئون الإدارية التي تم تقييمها بالدرجة الأولى بمقتضى القرار المذكور ونقل إليها السيد/ ...... بمقتضى القرار الطعين، يضاف إلى ذلك أنه كانت توجد وظائف أخرى تتفق درجتها مع درجة المدعي ومن ذات المجموعة النوعية لوظيفته ولم تقم جهة الإدارة بنقله إليها بالرغم من شغل جهة الإدارة لهذه الوظائف بطريق الندب بذات القرار الطعين ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر وظيفة مدير عام شئون العاملين والتي شغلت ندباً بالسيد/ ....... ووظيفة مدير عام التفتيش المالي والإداري التي شغلت ندباً بالسيد/ ....... ووظيفة مدير عام الشكاوى التي شغلت ندباً بالسيد/ ..... وإذ كانت الوظيفة التي تناسب المدعي من بين الوظائف المشار إليها هي وظيفة مدير عام شئون العاملين التي سبق أن تولاها خلال الفترة من عام 1975 وحتى 19/ 11/ 1979 تاريخ نقله بالقرار رقم 938 لسنة 1979 إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية وتتوافر في حقه شروط شغلها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه وقد تضمن نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية مخالفاًَ للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى بأن الترقية طبقاً للمادة (37) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 تتم إلى الوظائف العليا بالاختيار على أساس الكفاية ويستهدي في تقدير كفاية المرشحين للترقية بما يبديه الرؤساء عنهم وبما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز، وأنه وإن كانت الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية واسعة في اختيار أصلح العناصر للترقية رعاية للصالح العام وحسن إدارة المرافق العامة وضمان سيرها بالنظام واضطراد إلا أن عليها أن تجرى مفاضلة جادة وحقيقية بين المرشحين مع التقيد بالأقدمية عند التساوي في الكفاية.
ومن حيث إن ملف خدمة المدعي ينطق بكفايته وامتيازه ولم يبد عنه أحد من رؤسائه ما يقلل من كفايته أو يهون منها ولم تقدم جهة الإدارة دليلاً يناقض ذلك، ولم يثبت من الأوراق أن المدعي يقل في كفايته عن السيد/ ..... الذي تم ترقيته إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية بقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 المطعون فيه، كما لم يثبت أن جهة الإدارة أجرت مفاضلة جادة وحقيقية بينه وبين المدعي بل على العكس من ذلك فإنه في الوقت الذي نقلت فيه جهة الإدارة المدعي إلى وظيفة غير واردة بجدول الوظائف المعتمد بالقرار رقم 394 لسنة 1981 حسبما سلف إيضاحه قامت بذات القرار بندب السيد/ ..... إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية وهو ما يعني أن فكرة المفاضلة بينه وبين المدعي لم تثر تجاه جهة الإدارة أو تكن واردة في حسابها، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي أقدم من السيد/ ..... في شغل درجة مدير عام حيث رقى المدعي إليها في 30/ 12/ 1975 بينما رقى إليها هذا الأخير في 24/ 5/ 1977 وتوافرت فيه شروط شغل الوظيفة المطعون على الترقية إليها ومن ثم يكون القرار رقم 767 لسنة 1981 المطعون فيه فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية غير قائم على سبب صحيح من القانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إنه بناء على ما سبق بيانه يكون الحكم المطعون والصادر في الدعوى رقم 2731 لسنة 36 ق وقد قضى بإلغاء كل من القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 فيما تضمنه من نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية وقرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء فيما تضمنه من تخطي المدعي إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية - هذا الحكم - يكون قد صدر صحيحاً متفقاً مع أحكام القانون.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن رقم 935 لسنة 32 ق عليا فإنه طبقاً للمادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين المشار إليه يجوز نقل العامل من وحدة إلى أخرى من الوحدات التي تسري عليها أحكام هذا القانون، كما يجوز نقله إلى الهيئات العامة والأجهزة الحكومية ذات الموازنة الخاصة بها ووحدات القطاع العام إذ كان النقل لا يفوت على العامل دوره في الترقية بالأقدمية أو كان بناء على طلبه ويكون النقل بقرار من السلطة المختصة بالتعيين، وتمارس الإدارة سلطتها في نقل العامل طبقاً لما تقدم بمراعاة صالح العمل ومقتضيات حسن سير المرافق العامة وذلك دون أن يكون للعامل الحق في التمسك بالبقاء في وظيفة معينة فإذا لم تبتغ الإدارة بنقل العامل الصالح العام أو انحرفت عن هذه الغاية واتخذت النقل سبيلاً إلى التنكيل بالعامل أو إنزال العقاب به تكون قد أساءت استعمال سلطتها مما يصم القرار الصادر فيها بعدم المشروعية.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه بعد قيام جهة الإدارة بإصدار القرار الوزاري رقم 394 لسنة 1981 في 17/ 8/ 1981 متضمناً نقل المدعي إلى وظيفة مدير عام الشئون الإدارية بصفة شخصية ثم قرار النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء رقم 767 لسنة 1981 بتاريخ 24/ 11/ 1981 متضمناً تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة وكيل وزارة لشئون التنمية الإدارية وهما القراران اللذان قضى بإلغائهما على ما سبق بيانه وإزاء الطعن الذي لحق بالمدعي وعدد من زملائه تقدموا بمذكرة إلى وزير الصناعة والثروة المعدنية مؤرخة 20/ 1/ 1982 يبدون تضررهم من نقلهم إلى درجات شخصية بالقرار رقم 394 لسنة 1981 في الوقت الذي تم فيه نقل عاملين ممن هم في إجازات خاصة مدداً طويلة لوظائف أصلية أو وضع عاملين من خارج الوزارة على هذه الوظائف دون قرارات رسمية وطالبوا في مذكرتهم إلغاء وضعهم على درجات شخصية والالتزام بقواعد نقل العاملين على الوظائف الواردة بجدول الوظائف المعتمد والتي أقرها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وإنهاء عمل الوافدين بالديوان العام دون قرارات رسمية اكتفاء بما حققوه من فوائد وأخيراً بإفساح مجال الترقية للمستحقين والمتظلمين من وضعهم بالديوان العام بالتعيين رؤساء قطاعات بشركات قطاع الصناعة بالقاهرة أسوة بما اتبع من زملاء لهم. وعلى أثر ذلك أصدر وزير الصناعة والثروة المعدنية بتاريخ 12/ 4/ 1982 القرار المطعون فيه رقم 259 لسنة 1982 بتعيين المدعي مديراً عاماً للشئون الإدارية بشركة أبو زعبل للأسمدة والمواد الكيماوية. وهذا القرار هو في صحيح تكييفه قرار نقل حيث قضى بشغله وظيفة معادلة لذات وظيفته السابقة وهو فضلاً عن أنه صادر من غير مختص إذ المختص بذلك سلطة التعيين طبقاً للمادة (54) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليها وهو رئيس الجمهورية طبقاً للمادة (16) من ذات القانون أو النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء باعتباره كان مفوضاً في هذا الاختصاص في ذلك الوقت - فضلاً عن ذلك فإن قرار النقل هذا جاء في سلسلة الإجراءات التي سلكتها الإدارة حيال المدعي على النحو السالف بيانه وما تقدم به وزملاؤه من مذكرة أبدوا فيها تضررهم من هذه الإجراءات ومن ثم يكون هذا القرار وفي ضوء الظروف والملابسات التي سبقته قد جاء بغية التنكيل بالمدعي ومعاقبته ولا يمكن اعتباره قد تم بناء على طلب المدعي إذ أن المذكرة التي قدمها مع زملائه كانوا يبدون فيها تضررهم من أوضاعهم بالديوان العام واقترحوا تعيينهم في وظائف أعلى بالشركات وليس النقل إلى وظائف معادلة لوظائفهم وبناء على ذلك فإن القرار المطعون فيه يكون منطوياً على إساءة استعمال السلطة من جانب جهة الإدارة حرياً بالإلغاء ويكون الحكم المطعون فيه والصادر في الدعوى رقم 5121 لسنة 36 ق وقد قضى بهذا النظر قد أصاب صحيح حكم القانون.
وحيث إنه ترتيباً على ما تقدم جميعه فإنه يتعين الحكم بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمي 3470 لسنة 31 و935 لسنة 32 شكلاً وبرفضهما موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.