الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 20 مارس 2025

الطعن 1722 لسنة 32 ق جلسة 26 / 1 / 1988 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 117 ص 753

جلسة 26 من يناير سنة 1988

برئاسة السيد الأستاذ أبو بكر دمرداش أبو بكر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد حمادة وفاروق علي عبد القادر وكمال زكي عبد الرحمن اللمعي وعطية الله رسلان المستشارين.

-----------------

(117)

الطعن رقم 1722 لسنة 32 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - استقالة صريحة - شروطها.
طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها - يلزم لصحة هذا القرار استيفاء الشروط الشكلية والموضوعية للطلب المقدم بالاستقالة وأن يكون صادراً عن إدارة صحيحة من الموظف باعتزاله الخدمة - يفسد رضا الموظف ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه - يتحقق ذلك بأن يقدم الموظف طلبه تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون وجه حق وكانت هذه الرهبة قائمة على أساس - يراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته - يخضع تقدير ذلك للقضاء في حدود رقابته لمشروعية القرارات الإدارية - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ الأحد 13/ 4/ 1986 أودع الأستاذ....... المحامي تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلاً عن السيد/ ....... في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 20/ 2/ 1986 في الدعوى رقم 4799 لسنة 36 ق المقامة من...... ضد محافظ القاهرة بصفته والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً، وطلب الطاعن في تقرير طعنه الحكم بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار قبول استقالة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 3 من مايو سنة 1986، وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريراً بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبوله وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 18/ 11/ 1987 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة موضوع - وحددت لنظره أمامها جلسة 15/ 12/ 1987. وبهذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم، وأثناء حجز الطعن للحكم تقدمت هيئة قضايا الدولة بمذكرة بدفاعها طلبت فيها الحكم برفض الطعن، وبذات الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أن الطاعن السيد/ .... قد أقام الدعوى رقم 4799 لسنة 36 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 26/ 7/ 1982 ضد السيد/ محافظ القاهرة بصفته طلب فيها الحكم بإلغاء قرار قبول استقالته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات وأسس دعواه على أنه يعمل بمديرية الشباب والرياضة بمحافظة القاهرة وأنه أعير للعمل بجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية في المدة من 1/ 4/ 1976 حتى 1/ 4/ 1981 ونظراً لأن عقد عمله كان لا يزال سارياً مع الجامعة وأولاده بالشهادات العامة بمراحل التعليم المختلفة، فقد تقدم بطلب لتجديد إعارته إلا أنه فوجئ بمحافظة القاهرة تصر على إنهاء خدمته من 1/ 4/ 1981 وإزاء هذا الإكراه الذي فرضته المحافظة عليه لإنهاء خدمته فقد تقدم في 31/ 3/ 1981 بطلب استقالة غير مستوف لشرائطه القانونية لانعدام الإرادة فيه ولانبنائه على شرط الموافقة على تجديد الإعارة ولم تقم المحافظة بإخطاره بقرار قبول استقالته أو حتى إجابته إلى طلبه، وفوجئ أخيراً بأن مديرية الشباب والرياضة قد أصدرت قرارها رقم 189 لسنة 1981 في 29/ 4/ 1981 بإنهاء خدمة المدعي اعتباراً من 1/ 4/ 1981 للاستقالة. وقد تظلم من هذا القرار للسيد محافظ القاهرة ولم يتلق رداً على تظلمه. ولما كان طلب الاستقالة المقدم منه كان معلقاً على شرط تجديد إعارته أو قبول استقالته ولم يتحقق هذا الشرط فإن قبول الاستقالة يكون قد تم على خلاف ما تقضي به المادة 97 من نظام العاملين المدنين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978.
وقد نظرت المحكمة الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وتقدم كل طرفى النزاع بمذكراته ومستنداته. وبجلسة 20/ 2/ 1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أسباب محصلها أن المدعي قد تقدم إلى جهة الإدارة بطلب في 31/ 3/ 1981 خيرها فيه بين أمرين إما الموافقة على تجديد إعارته للسنة السادسة وإما قبول استقالته اعتباراً من تاريخ انتهاء إعارته في أول إبريل سنة 1981، وأن الإدارة اختارت الأمر الثاني وقبلت استقالته وصدر بذلك القرار رقم 189 لسنة 1981 في 29/ 4/ 1981 ومن ثم فلا تثريب على جهة الإدارة أنها قبلت استقالة المدعي ورتبت عليها الآثار القانونية وطلب المدعي في هذا الخصوص لا يعتبر مقترناً بأي قيد أو معلقاً على أي شرط. وأضافت المحكمة في أسباب حكمها أن ما قال به المدعي من أن تقدم بطلب الاستقالة تحت ضغط الإكراه الذي أعدم إرادته هذا القول لا أساس له في الأوراق إذ لم يثبت أن جهة الإدارة قد مارست أي نوع من الإكراه على المدعي وأن رفضها تجديد إعارة المدعي للسنة السادسة لا يعد إكراهاً منها ترتب عليه إجباره على تقديم استقالته وإنما ممارسة لسلطتها المخولة لها قانوناً والتي لم تنحرف بها عن الغاية المشروعة منها.
ومن حيث إن الطعن في هذا الحكم يقوم على مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وذلك لأنه طبقاً لنص المادة 97 من نظام العاملين المدنيين بالدولة فإن الاستقالة المعلقة على شرط تفسد إرادة الموظف وتكون باطلة ويجب إلغاء القرار الصادر بقبولها ولما كانت الاستقالة المقدمة من الطاعن كانت معلقة على شرط هو إما أن توافقه الإدارة على مد إعارته أو قبول استقالته فالشرط هنا موافقة الإدارة على مدة الإعارة، وإذ صدر القرار رقم 189 لسنة 81 بإنهاء خدمة الطاعن لاستقالته دون البت في الطلب الشرطي المقدم منه فإن هذا القرار لم يصادف حكم القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه حين ذهب في أسبابه إلى عدم وجود إكراه وقع على الطاعن لأن رفض تجديد مدة الإعارة كان ممارسة منها لسلطتها المخولة لها قانوناً، يكون قد قام على استدلال فاسد لأن إرادة الطاعن لم تكن تتجه إلى الاستقالة وإنما دفع إلى ذلك من جراء موقف جهة الإدارة من طلب تجديد إعارته بعد أن تبين لها الآثار التي تترتب على تنفيذ قرار المحافظة بعدم تجديد إعارته وهي إهدار سنة كاملة من عمر أولاده لعودتهم للوطن قبل أداء الامتحان بمدارسهم بالسعودية، وأن فسخ عقده مع جامعة الملك فيصل ومن قبل الطاعن يعني تحمله لالتزامات مالية لا طاقة له بها. وأن مغادرته السعودية يؤدي إلى بيع متعلقاته وأثاثه بأبخس الأثمان، وفي كل ذلك خطر يهدد الطاعن أكرهه على تقديم استقالته وهو إكراه يفسد الرضا وقد توافرت عناصره في طلب الاستقالة.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن كان يعمل بمديرية الشباب والرياضة بمحافظة القاهرة وأنه أعير للعمل لجامعة الملك فيصل بالمملكة العربية السعودية اعتباراً من أول إبريل سنة 1976 تجددت مدة إعارته في السنة الخامسة التي تنتهي بنهاية مارس سنة 1981، وقد تقدم المذكور بطلب لتجديد إعارته للسنة السادسة وعرض الطلب على السيد محافظ القاهرة الذي أشار عليه بتاريخ 18/ 2/ 81 بعدم الموافقة على تجديد الإعارة. وقامت المحافظة بإخطار الطاعن بمضمون تأشيرة السيد المحافظ على عنوانه بتاريخ 19/ 3/ 1981. وبتاريخ 31 من مارس سنة 1981 تقدم الطاعن بطلب باسم السيد مدير عام الشئون المالية والإدارية بمديرية الشباب والرياضة بمحافظة القاهرة ذكر فيه أنه إيماء إلى خطاب المحافظة رقم 762 في 5/ 3/ 81 والمسلم إليه اليوم بشأن عدم موافقة السيد المحافظ على تجديد إعارته للعام السادس وإلى إنذاره بالعودة في خلال خمسة عشر يوماً وإلا قامت المحافظة باتخاذ الإجراءات القانونية لإنهاء خدمته باعتباره منقطعاً عن العمل. وبعد هذه المقدمة سرد الطاعن ظروف إعارته من أنها كانت تجدد سنوياً وعندما جددت للسنة الخامسة لم يخطر بأن هذه السنة هي الأخيرة لإعارة خاصة وأن هناك زملاء له جددت إعارتهم حتى العام العاشر ثم سرد المخاطر التي يتعرض لها من جراء عدم تجديد إعارته والضرر الذي يعود على أولاده بالمدارس وما يمكن أن يتحمله من تكاليف إنهاء العقد من جانبه وخلص إلى القول بأنه إزاء عدم موافقة المحافظة على تجديد عقده وحفاظاً على مصالح أولاده وتجنباً لما سيلحق به من خسائر مادية وأدبية فإنه يرجو أن تعيد المحافظة النظر في قرارها المذكور للموافقة على تجديد الإعارة للعام السادس اعتباراً من 1/ 4/ 1981 وإلا فأنه يطلب قبول استقالته اعتباراً من نهاية السنة الخامسة للإعارة وهو 1/ 4/ 1981.
ومن حيث إن الطاعن يذكر في السبب الأول من سببي طعنه أن طلب الاستقالة هذه معلقاً على شرط مضمونه أن تفصح جهة الإدارة عن إرادتها بعدم الموافقة على التجديد للعام السادس قبل أن تقرر قبول الاستقالة، وهذا الذي يقول به الطاعن لا يقوم على أساس من القانون أو الواقع لأن هذا الشرط المدعى به كان حالة واقعة وإجراء قانونياً اتخذ في حقه قبل تقديم طلب الاستقالة وكان يعلمه علم اليقين لأنه أخطر به وهو قرار السيد محافظ القاهرة برفض تجديد الإعارة للسنة السادسة وكل ما ذكره في طلبه هو التماس أن تعيد المحافظة النظر في قرارها برفض التجديد على أمل الموافقة وإلا فإنه يطلب قبول استقالته وقد أشار السيد وكيل الوزارة على هذا الطلب بالموافقة على الاستقالة حيث إن القانون صريح في مثل هذه الأمور وكذلك تعليمات السيد المحافظ، ومن ثم فلا يعد ذلك شرطاً قد علقت عليه الاستقالة ويكون القرار الصادر بقبولها قد صادف محله وصدر متفقاً وأحكام القانون ويكون هذا الوجه من الطعن غير قائم على أساس متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن والمبني على وجود إكراه وقع على الطاعن من جانب جهة الإدارة أدى إلى تقديمه استقالته من عمله وأن هذا الإكراه يتمثل في رفض الجهة الإدارية تجديد إعارته للعام السادس فقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن طلب الاستقالة هو ركن السبب في القرار الإداري الصادر بقبولها وأنه يلزم لصحة هذا القرار أن يكون الطلب قائماً لحين صدور القرار مستوفياً شروط صحته شكلاً وموضوعاً. وأن طلب الاستقالة باعتباره مظهراً من مظاهر إرادة الموظف في اعتزال الخدمة يجب أن يصدر برضاء صحيح، فيفسده ما يفسد الرضا من عيوب ومنها الإكراه إذا توافرت عناصره بأن يقدم الموظف الطلب تحت سلطان رهبة تبعثها الإدارة في نفسه دون حق وكانت قائمة على أساس حسبما كانت ظروف الحال تصور له خطراً جسيماً محدقاً به أو غيره في النفس أو الجسيم أو الشرف أو المال، ويراعى في تقدير الإكراه جنس من وقع عليه هذا الإكراه وسنه وحالته الاجتماعية والصحية وكل ظرف آخر من شأنه أن يؤثر في جسامته وأن الإكراه باعتباره مؤثراً في صحة القرار الإداري - يخضع لتقدير القضاء في حدود رقابته المشروعية للقرارات الإدارية.
ومن حيث إن لا يوجد في أوراق الطعن أي دليل يدل على أن جهة الإدارة قد مارست على الطاعن أي ضرر من أضرار الإكراه المفسد للرضا، وكل ما هنالك أن الطاعن بعد انتهاء مدة إعارته للعام الخامس تقدم بطلب لتجديد إعارته للعام السادس وعرض طلبه على السيد محافظ القاهرة الذي أشر عليه بعدم الموافقة وقد قامت المحافظة بإخطار الطاعن بعدم الموافقة على تجديد إعارته وإنذاره بالعودة إلى عمله وقد قامت بذلك في حدود ما خوله لها القانون من سلطة تقديرية في هذا الخصوص دون انحراف بها أو إساءة لاستعمالها وبذلك فليس هناك ما يمكن القول به من أن هناك إكراه مارسته الإدارة على الطاعن أوقع في نفسه الرهبة التي دفعته إلى تقديم الاستقالة فهو قد تقدم بطلب الاستقالة عن طواعية واختيار وموازنة بين مصلحته الخاصة في البقاء في عمل بالخارج وبين الرجوع لاستلام وظيفته واختار الاستقالة من الخدمة إذ تضم الإدارة بإعادة النظر في قرار عدم الموافقة على تجديد الإعارة. ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن على غير أساس أيضاً.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون القرار المطعون فيه الصادر بقبول استقالة الطاعن قد صدر متفقاً وأحكام القانون وأن الطعن عليه في غير محله متعين الرفض وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى هذا المذهب وقضى برفض الطعن عليه فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه ويكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلتزم بمصروفاته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق