جلسة 24 من يناير سنة 1988
برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
-----------------
(112)
الطعن رقم 2586 لسنة 29 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ضوابط إضافية للترقية.
القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.
يجوز للسلطة المختصة أن تضع ضوابط إضافية للترقية بالاختيار بشرط أن تتسم هذه الضوابط بالعمومية والتجريد وألا تكون مخالفة لأحكام القانون وأن تكون معلومة لأصحاب الشأن لتحديد مراكزهم القانونية في ضوئها وحتى يكونوا على بينة من أمرها - ضابط قضاء عشرين عاماً في مجال الوظائف التخصصية هو ضابط مخالف للقانون ويتعين استبعاده من شروط الترقية - أساس ذلك: قرار رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن معايير ترتيب الوظائف أخذ بقاعدة الخبرة النوعية البينية الواجب قضاءها للترقية من وظائف الدرجة الأولى إلى إحدى وظائف الدرجة الأعلى مباشرة بذات المجموعة النوعية الوظيفية ولم يأخذ بقاعدة الخبرة الكلية التي قضاها العامل طوال حياته الوظيفية - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 27/ 6/ 1983 أودعت هيئة قضايا الدولة بالنيابة عن نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ومدير عام مصلحة الضرائب قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2586 لسنة 29 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/ 4/ 1983 في الدعوى رقم 261 لسنة 35 القضائية المقامة من السيد/ .... ضد الطاعنين، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 1509 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات. وطلبت الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" حيث حدد لنظره أمامها جلسة 3/ 5/ 1987، وفيها استمعت إلى ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد/ ...... أقام بتاريخ 13/ 12/ 1980 الدعوى رقم 261 لسنة 35 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ومدير عام مصلحة الضرائب طالباً الحكم بإلغاء قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 1509 لسنة 1980 الصادر في 3/ 9/ 1980 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى درجة مدير عام، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الإدارة المصروفات. وقال شرحاً لدعواه أنه عين بمصلحة الضرائب عام 1945 بعد حصوله على دبلوم التجارة، وأثر حصوله على ليسانس الحقوق سنة 1959 نقل لوظيفة مفتش إداري لأعمال الحجز والتحصيل اعتباراً من سنة 1960، ثم نقل بدرجته إلى الكادر التخصصي اعتباراً من 25/ 7/ 1962 بموجب القرار رقم 810 لسنة 1962، وتدرج في الترقيات إلى أن رقى إلى الدرجة الأولى وكان ترتيبه بين شاغليها السبعين. وبتاريخ 3/ 9/ 1980 صدر القرار المطعون فيه بترقية 110 من شاغيلها إلى مدير عام متخطياً إياه في الترقية بحجة عدم استيفائه شرط شغل الوظائف التخصصية لمدة عشرين عاماً، ونعى المدعي على القرار مخالفته لأحكام القانون وقرار الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم 134 لسنة 1978 بشأن معايير ترتيب الوظائف، وقد تراجعت الإدارة عن تطبيقه في حالة زميله..... رغم أن أقدميته تالية له حسب الثابت من القرار رقم 810 لسنة 1962 بنقلهما معاً إلى الوظائف التخصصية، وقد تظلم من قرار التخطي بتاريخ 14/ 9/ 1980 ثم أقام دعواه حيث لم تستجب الإدارة لتظلمه.
ورداً على الدعوى أفادت الجهة الإدارية أن المدعي حصل على شهادة التجارة المتوسطة عام 1945، ودبلوم الدراسات التكميلية التجارية عام 1948، وليسانس الحقوق عام 1959، وعين بمصلحة الضرائب في 16/ 12/ 1945 بوظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية، وتدرج في الترقية حتى حصل على الدرجة الخامسة المكتبية في 21/ 9/ 1955 ثم نقل إلى الدرجة الخامسة الفنية بذات التاريخ، ثم رقى إلى الدرجة الرابعة في 2/ 7/ 1962 وإلى الدرجة الثالثة (قانون 46 لسنة 1964) في 31/ 12/ 1971 وأرجعت أقدميته فيها طبقاً للقانون رقم 11 لسنة 1975 إلى 1/ 11/ 1966، ثم رقى إلى الدرجة الثانية في 31/ 12/ 1974 وأضافت أن المدعي نقل مع آخرين من الكادر الكتابي إلى الكادر العالي بموجب قرار وزير الخزانة رقم 31 لسنة 1962، وكان مقتضى أعمال قواعد الفصل بين الكادرين العالي والمتوسط. وفق ما انتهت إليه المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 313 و788 لسنة 16 القضائية - أن تعتبر أقدمية المدعي في الكادر الفني من 14/ 7/ 1962 تاريخ صدور قرار وزير الخزانة رقم 31 لسنة 1962، وقد حال دون ذلك صدور القانون رقم 11 لسنة 1975 الذي طبق على حملة دبلوم الدراسات التكميلية الجدول الأول وضع المدعي الدرجة الثانية (الأولى حالياً) من 31/ 12/ 1974، وبذلك أصبحت أقدمية المدعي والحاصلين على الدبلوم المشار إليه في الكادر العالي تتحد مع المعينين فيه أصلاً في أكتوبر سنة 1948، الأمر الذي من شأنه أن يحدث خللاً بالجهاز الوظيفي لمصلحة الضرائب أضر بباقي أقدميات شاغلي وظائف الكادر الفني العالي، مما حدا بوزير المالية إلى التدخل بإضافة شرط قضاء مدة 20 سنة بالعمل الفني للترقية إلى وظيفة مدير عام وذكرت الجهة الإدارية أنه في مجال المفاضلة في مجال الاختيار لشغل الوظائف العليا فإن الإدارة تترخص فيه مستهدية مما يتحلى به الموظف من صفات وما يتجمع لديها من عناصر تطمئن معها إلى هذا الاختيار دون الاقتصار على ملف الخدمة أو الوقوف عند تقارير العامل السابقة أو الوظائف التي شغلها، وطبقاً لحكم المادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وضعت السلطة المختصة ضوابط الترقية إلى وظيفة مدير عام، وتبين أن مقومات الترقية لدى المدعي لم تؤهله لتولي المناصب القيادية مما أدى إلى تخطيه في الترقية.
وبجلسة 28/ 4/ 1983 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء قرار نائب رئيس مجلس الوزراء رقم 1509 لسنة 1980 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى وظيفة مدير عام وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الإدارة المصروفات. وأسست المحكمة قضاءها على أن الترقية إلى وظيفة مدير عام تحكمها المادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، التي تفيد أن الترقية إلى الوظائف العليا تتم بالاختيار، وتجرى المفاضلة بين المرشحين للترقية إلى تلك الوظائف من واقع ما يحويه ملف خدمة كل منهم، وما يبديه الرؤساء عنهم، إلى جانب ما تضعه جهة الإدارة من ضوابط لهذه الترقية بحسب ظروف وطبيعة نشاط كل وحدة، طالما لا تتعارض الضوابط مع أحكام القانون، وطالما لم تجحد جهة الإدارة كفاية المدعي وامتيازه من واقع التقارير السرية التي حصل عليها والوظائف القيادية التي تقلدها، وقصرت دفاعها على تخلف ضابطين فقط هما شرط التأهيل العلمي وشرط قضاء عشرين عاماً في مجال الوظائف التخصصية. والثابت أن المدعي حاصل على مؤهل عال هو ليسانس الحقوق سنة 1959، أما ضابط قضاء عشرين عاماً في مجال الوظائف التخصصية، فإن من شأنه إحياء نظام الكادرات الذي كان معمولاً به في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 والذي عدلت عنه قوانين العاملين اللاحقة، ومن ثم فإنه يكون مخالفاً لحكم القانون رقم 47 لسنة 1978 لما انطوى عليه من إهدار شروط الوظيفة المرقى إليها.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله إذ أن جهة الإدارة طبقاً للمادة 37 من القانون رقم 47 لسنة 1978 وضعت ضوابط تخلفت في حقه منها شرطي تولي أعمال فنية وتخصصية بالمصلحة لا تقل عن عشرين عاماً أو أعمال مماثلة في جهات أخرى، ومن ثم فإن قرار التخطي يكون سليماً بمنأى عن الإلغاء.
ومن حيث إن مناط الترقية بالاختيار في ظل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، الكفاية مع التقيد بالأقدمية وإن جاز للسلطة المختصة إضافة ضوابط للترقية بالاختيار بشرط أن تتسم بالعمومية والتجريد وألا تكون مخالفة لأي حكم من أحكام الترقية بالاختيار وأن تكون معلومة لدى أصحاب الشأن ليحدد مراكزهم القانونية في ضوئها وعلى بينة من أمرها.
ومن حيث إن معايير ترتيب وظائف العاملين المدنيين بالدولة التي أقرها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة بقرار رئيس الجهاز رقم 134 لسنة 1978 الصادر بتاريخ 19/ 12/ 1978. وعلى ما سبق وأن قضت هذه المحكمة. أخذ فيها بالخبرة النوعية البينية الواجب قضاؤها للترقية من وظائف الدرجة الأولى إلى إحدى وظائف الدرجة الأعلى مباشرة بذات المجموعة النوعية الوظيفية ولم يؤخذ بالخبرة الكلية التي قضاها العامل طوال حياته الوظيفية. وعلى ذلك وفي ضوء ما سلف يصبح التخطي بذريعة من عدم قضاء عشرين سنة في أعمال فنية أو تخصصية غير مستند على أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن المستفاد من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تقدح في كفاية المطعون ضده أو تقلل منها أو تنكر سبق أقدميته على من شملهم قرار الترقية المطعون فيه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحه ويكون الطعن فيه غير مستند على أساس سليم من القانون بما يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الهيئة الإدارية المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق