جلسة 14 من مارس سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد أحمد ، توفيق سليم وخالد الصاوي نواب رئيس المحكمة ومحمد عبد العليم مهران .
------------------
(29)
الطعن رقم 13531 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص أقوال الشهود أو تقرير التحليل بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
(3) إثبات " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
المنازعة في القوة التدليلية لتقرير الخبير الذي اطمأنت إليه المحكمة . غير جائزة أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
عدم شمول التحليل جميع المخدر المضبوط . لا ينفي عن الطاعن إحرازه قـل ما ضبط منه أو كثر . نعيه في هذا الشأن . غير مقبول . ما دام لا ينازع في أن العينة التي حُللت هي جزء من مجموع ما ضبط .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها . غير مقبول .
(4) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . متى اطمأنت لجديتها .
عدم اشتراط القانون أن يمضي رجل الضبط القضائي وقتاً طويلاً في إجراء التحريات . له الاستعانة في إجرائها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين ومن يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم . حد ذلك ؟
تقدير جدية التحريات . موضوعي .
ترديد التحريات لما أبلغ به شاهدا الإثبات . لا يقدح في صحتها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " إقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقرار الطاعن بحمله للمضبوطات . قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة . النعي في هذا الشأن . غير مقبول . ما دام الحكم لم يعول عليه في الإدانة .
(6) تفتيش " التفتيش بغير إذن " .
تفتيش الضابط للطاعن عند دخوله الميناء . إجراء إداري تحفظي . لا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق أو صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه . جواز الاستشهاد بما يسفر عنه من دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها . علة ذلك ؟
مثال .
(7) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " .
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض . غير مقبولة . حد ذلك ؟
تخويل صفة الضبطية القضائية الخاصة لبعض موظفي الجمارك في صدد جرائم معينة لا يسلب هذه الصفة من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام . نعي الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لوقوعه من معاون مباحث الميناء الجوي وليس من موظفي الجمارك . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى وتقدير أدلتها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . شرط ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
نعي الطاعن على الحكم إغفاله الرد على أوجه دفاعه الثابتة بمحضر الجلسة دون إفصاحه بأسباب طعنه عن ماهيتها . غير مقبول . علة ذلك ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(12) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى والإحاطة بالاتهام المسند إلى الطاعن وإدانته بالأدلة السائغة . النعي على الحكم بخلاف ذلك . جدل موضوعي .
(13) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مادة العقاب المطبقة . لا يُرتب بطلان الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . حد وأساس ذلك ؟
مثال .
(14) مواد مخدرة . شروع . غرامة .
إدانة الطاعن بجريمة الشروع في تصدير مواد مخدرة بغير ترخيص كتابي وإعمال المادة 17 عقوبات ومعاقبته بالسجن المشدد وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه . صحيح . النعي بأن إعمال المادة 46 عقوبات يقتضي القضاء بالعقوبة المقيدة للحرية دون الغرامة التي يجب القضاء بها في حالة الجريمة التامة وليس الشروع فيها . غير مقبول . أساس ذلك ؟
(15) محكمة النقض " سلطتها " .
ذكر الطاعن في أسباب طعنه عبارات جارحة غير لائقة لا يقتضيها الطعن في الحكم . يتعين محوها . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان البين من مدونات الحكم أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشهود الذين عول عليهم أو تقرير التحليل الذي استند إليه بكل أجزائه ، فإنه تنحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله .
3- لما كان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة أن الطاعن قد أبدى اعتراضاً على تقرير المعمل الكيماوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في القوة التدليلية لتقرير الخبير الذي اطمأنت إليه المحكمة وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، لأن من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة – فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن أن التحليل لم يشمل جميع المخدر المضبوط هو منازعة موضوعية في كنه المادة المخدرة المضبوطة وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازها قـل ما ضبط منها أو كثر ، ولما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحليل باقي كمية المخدر المسند إليه إحرازه فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ، فضلاً عن أنه لا ينازع في أن العينة التي حللت هي جزء من مجموع ما ضبط ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله .
4- لما كان لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتـاً طويلاً في التحريات ، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقل إليه ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال المقدم / .... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض ، كما لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به شاهدي الإثبات الأول والثاني ، لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعی الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم .
5- لما كان البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن المدعى بعدم حصوله ، وإنما قام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال القائم بالضبط – حسبما حصلها الحكم – من أنه واجه الطاعن بالمضبوطات أقـر بحملها ، إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعن بما أسند إليه ، وإنما مجرد قول للقائم بالضبط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً .
6- لما كان مفاد ما حصّله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات الأول أن قبول الطاعن ركوب الطائرة من مطار .... يفيد رضاءه مقدماً بالنظام الذي وضعته الموانئ الجوية لركوب الطائرات صوناً لها ولركابها من حوادث الإرهاب والاختطاف ، فإذا كان من مقتضى هذا النظام قيام الضابط بتفتيش الأشخاص والأمتعة عند ركوب الطائرة بحثاً عن أسلحة أو مفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات إبان أو بعد إقلاعها ، فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنی الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلَّا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام ، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، فإن تفتيش الحقيبة بمعرفة الضابط المكلف بذلك يكون صحيحاً لرضاء الراكب ضمناً به ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس .
7- لما كان ما ينعاه الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانفراد مأموري الجمارك المعنيين واختصاصهم بإجراء التفتيش داخل الدائرة الجمركية مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه - وهي من قبيل إجراءات الاستدلال - أن من قام بها ليس من موظفي الجمارك ، ذلك بأن الضابط .... معاون مباحث بميناء .... الجوي الذي تولى القبض على الطاعن وتفتيشه من مأموري الضبط القضائي الذين منحتهم المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية - في حدود اختصاصهم - سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن تـنـبسط ولايته على جميع أنواع الجرائم بما فيها الجريمة المسندة إلى الطاعن ، ولا يغير من ذلك تخويل صفة الضبطية القضائية الخاصة - بمكان ضبط الطاعن - لبعض موظفي الجمارك وفـقـاً لحكم المادة 25 من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل ، لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام .
8- لما كان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع نزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة - بجانب ما ساقته من أدلة أخرى في الدعوى – واقـتنعت بوقوع الضبط على الصورة التي قال بها ، وكان ما أوردته سائغاً في العقل والمنطق وفي بيان كيفية الضبط ، فإن ما يثيره الطاعن تعييباً لأقواله والقول بعدم معقولية الواقعة واختلاق حالة التلبس وإنكاره الاتهام وتلفيقه وانتفاء الصلة بالمخدر المضبوط لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى وتقدير أدلتها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم معقولية حدوث الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
10- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن مواجهته بما تحتويه الحقيبة المضبوطة وعدم التأكد من نسبة تلك الحقيبة إليه ، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً .
11- لما كان الطاعن لم يفصح في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أغفل الحكم الرد عليها اكتفاءً بالإشارة إلى أنها ثابتة بمحضر الجلسة ، وكان البيّن من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن ما تمسك به الطاعن من أوجه دفاع إنما هي - كما وصفها الحكم بحق - من أوجه الدفاع الموضوعية ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
12- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى ، وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ، ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى عدم إحاطتها بوقائع الدعوى وأدلتها في الرد على الدفوع ينطوي على منازعة موضوعية مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
13- من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتـنـقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمادة 33/1 بند (أ) من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة ، فإن خطأ الحكم بذكر قرار وزير الصحة بأنه رقم 125 لسنة ۲۰۰۲ بدلاً من القرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال القرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۰۲ ، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
14- لما كانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الشروع في تصدير عقار الترامادول المخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة المختصة طبقاً للمواد ۱ ، ۲ ، 7/1 ، 33/1 بند (أ) من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ وأوقعت عليه عقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه بعد أن أعملت في حقه المادة 17 من قانون العقوبات - وإن لم تنص على ذلك صراحة - ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة وفقاً للمادة ۳۳ /1 بند (أ) من قانون مكافحة المخدرات والاتجار فيها المشار إليه هي الإعدام والتي أضحت بنص المادة 46 من قانون العقوبات في حالة الشروع السجن المؤبد فضلاً عن الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه والتي قضت بها المحكمة ، وكانت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة التي نص عليها بعد تطبيق المواد السالفة الذكر، فإن الحكم حين أنزل عقوبة الغرامة بالطاعن بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، ولا محل للنعي بأن إعمال المادة 46 عقوبات كان يقتضي القضاء بالعقوبة المقيدة للحرية دون الغرامة التي يجب القضاء بها في حالة الجريمة التامة وليس الشروع فيها .
15- لما كانت مذكرة أسباب الطعن قد تضمنت في صفحتها السادسة عشر عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن في الحكم وهي ( أن الحكم الطعين في مقام تصوير واقعة الدعوى قد .... ) ، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الأمر بمحو هذه العبارات .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : شرع في تصدير عقاراً مخدراً " ترامادول " بغير ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة إلَّا أنه قد خاب أثر جريمته لسبب لا دخل لإرادته فيه ألا وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۱ ، ۲ ، 7/ 1 ، 33/ 1 ، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 125 لسنة 2002 . بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المضبوطات .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تصدير عقار الترامادول المخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة المختصة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه لم يمحص واقعة عن بصر وبصيرة وعول في إدانته على أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي رغم أنه أورد مؤداها على نحو مبتسر ، واكتفى بالإشارة إلى نتيجة التقرير دون أن يبين عما إذا كان قد تم فحص جميع الأقراص المضبوطة وتحليلها واحتوائها على المادة الفعالة أم الاقتصار على عينة منها من عدمه ، كما عول على تحريات المباحث رغم دفعه بعدم جديتها لعدم الإفصاح عن مصدرها ولإجرائها في فترة وجيزة ولكونها قد جاءت تردیداً لأقوال شاهدي الإثبات الأول والثاني ولشواهد أخرى عددها ، واستند إلى إقرار الطاعن المزعوم لضابط الواقعة بشأن القصد من حيازته للمخدر المضبوط ، كما اطرح الحكم بما لا يسوغ دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة العامة أو توافر حالة من حالات التلبس خاصة وأن ضابط الواقعة لم يشاهد الجريمة بنفسه وإنما تلقى نبأها من الشاهد الثاني المعين على جهاز كشف الحقائب ودون أن يتبين كنه المادة المخدرة قبل التفتيش فضلاً عن انفراد مأموري الجمارك المعنيين بذلك باعتبارهم ذوي الاختصاص الأصيل في تفتيش أمتعة الركاب داخل المنطقة الجمركية ، ومع ذلك فقد عول الحكم على أقواله رغم عدم معقولية تصويره للواقعة واختلاقه لحالة التلبس لإضفاء المشروعية على إجراءاته الباطلة لما ساقه من قرائن وما قدمه من مستندات - صورة طبق الأصل من تذكرة السفر تشير إلى أن موعد إقلاع الطائرة قبل حدوث الواقعة – تأييداً لدفاعه في هذا الشأن وملتفتاً عن إنكاره للاتهام المسند إليه وانتفاء صلته بالمضبوطات وإمكانية إلصاق الاتهام به نظراً لتزاحم المسافرين خاصة وأنه لم تتم مواجهته بما تحتويه الحقيبة من أمتعة ودون أن تعن جهة التحقيق من التأكد من نسبة تلك الحقيبة للطاعن ، كما أشاح عن الرد على كافة دفوعه الجوهرية التي أبداها المدافع عنه الثابتة بمحضر جلسة المحاكمة وهو ما ينم على عدم إلمام المحكمة بواقعة الدعوى على نحو يوضح أنها قد فطنت إليها ، وأخيراً فقد دانه الحكم بموجب قرار وزير الصحة رقم 125 لسنة ۲۰۰۲ وجعله سنداً لقضائه رغم عدم وجود لهذا القرار وأن الصحيح هو القرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ الخاص بإدراج مادة الترامادول بجدول الجواهر المخدرة ، فضلاً عن أنه أوقع عليه عقوبة الغرامة رغم أنها قد وردت في النصوص التي تعاقب على الجريمة التامة وليس الشروع فيها - كما هو الحال في الدعوى محل الطعن - ، وهو ما مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي في بيان وافٍ يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وكان لا يلزم لسلامة الحكم بالإدانة أن يورد نص أقوال الشهود الذين عول عليهم أو تقرير التحليل الذي استند إليه بكل أجزائه ، فإنه تنحسر عن الحكم دعوى القصور في البيان ، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك ، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المرافعة أن الطاعن قد أبدى اعتراضاً على تقرير المعمل الكيماوى ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون منازعة في القوة التدليلية لتقرير الخبير الذي اطمأنت إليه المحكمة وهو ما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض ، لأن من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل – كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة – فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن بشأن أن التحليل لم يشمل جميع المخدر المضبوط هو منازعة موضوعية في كنه المادة المخدرة المضبوطة وليس من شأنه أن ينفي عن الطاعن إحرازها قـل ما ضبط منها أو كثر، ولما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة تحليل باقي كمية المخدر المسند إليه إحرازه فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ، فضلاً عن أنه لا ينازع في أن العينة التي حللت هي جزء من مجموع ما ضبط ، ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في قضائها على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ، وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتـاً طويلاً في التحريات ، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقل إليه ، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع ، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال المقدم / .... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمخض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض ، كما لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديداً لما أبلغ به شاهدي الإثبات الأول والثاني ، لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن منعی الطاعن في هذا الشأن - بفرض صحته - يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن المدعى بعدم حصوله ،وإنما قام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الإقرار، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال القائم بالضبط – حسبما حصلها الحكم – من أنه واجه الطاعن بالمضبوطات أقـر بحملها ، إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعن بما أسند إليه ، وإنما مجرد قول للقائم بالضبط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً. لما كان ذلك ، وكان مفاد ما حصّله الحكم في معرض بيانه لواقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات الأول أن قبول الطاعن ركوب الطائرة من مطار أسيوط يفيد رضاءه مقدماً بالنظام الذي وضعته الموانئ الجوية لركوب الطائرات صوناً لها ولركابها من حوادث الإرهاب والاختطاف ، فإذا كان من مقتضى هذا النظام قيام الضابط بتفتيش الأشخاص والأمتعة عند ركوب الطائرة بحثاً عن أسلحة أو مفرقعات تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات إبان أو بعد إقلاعها ، فإن ذلك التفتيش لا مخالفة فيه للقانون إذ هو من الواجبات التي تمليها عليه الظروف التي يؤدي فيها هذا الواجب بناء على التعليمات الصادرة إليه في هذا الشأن فهو بهذه المثابة لا يعد تفتيشاً بالمعنی الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق يهدف إلى الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلَّا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق ولا تلزم صفة الضبط القضائي فيمن يقوم بإجرائه فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام ، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمة إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة ، فإن تفتيش الحقيبة بمعرفة الضابط المكلف بذلك يكون صحيحاً لرضاء الراكب ضمناً به ، ويضحى منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن من بطلان القبض والتفتيش لانفراد مأموري الجمارك المعنيين واختصاصهم بإجراء التفتيش داخل الدائرة الجمركية مردود بما هو مقرر من أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع ، أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يتمسك ببطلان التفتيش لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا ينال من سلامة إجراءات القبض على الطاعن وتفتيشه - وهي من قبيل إجراءات الاستدلال - أن من قام بها ليس من موظفي الجمارك ، ذلك بأن الضابط .... معاون مباحث بميناء .... الجوي الذي تولى القبض على الطاعن وتفتيشه من مأموري الضبط القضائي الذين منحتهم المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية - في حدود اختصاصهم - سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة مما مؤداه أن تـنـبسط ولايته على جميع أنواع الجرائم بما فيها الجريمة المسندة إلى الطاعن ، ولا يغير من ذلك تخويل صفة الضبطية القضائية الخاصة - بمكان ضبط الطاعن - لبعض موظفي الجمارك وفـقـاً لحكم المادة 25 من قانون الجمارك الصادر به القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل ، لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جرائم معينة لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة في شأن هذه الجرائم عينها من مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع نزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضابط الواقعة - بجانب ما ساقته من أدلة أخرى في الدعوى – واقـتنعت بوقوع الضبط على الصورة التي قال بها ، وكان ما أوردته سائغاً في العقل والمنطق وفي بيان كيفية الضبط ، فإن ما يثيره الطاعن تعييباً لأقواله والقول بعدم معقولية الواقعة واختلاق حالة التلبس وإنكاره الاتهام وتلفيقه وانتفاء الصلة بالمخدر المضبوط لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى وتقدير أدلتها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ولمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي تثبت لديها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن المستندات التي قدمها الطاعن للتدليل على عدم معقولية حدوث الواقعة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن مواجهته بما تحتويه الحقيبة المضبوطة وعدم التأكد من نسبة تلك الحقيبة إليه ، لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سليماً . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يفصح في أسباب طعنه عن ماهية أوجه الدفاع التي أغفل الحكم الرد عليها اكتفاءً بالإشارة إلى أنها ثابتة بمحضر الجلسة ، وكان البيّن من مراجعة محضر جلسة المحاكمة أن ما تمسك به الطاعن من أوجه دفاع إنما هي - كما وصفها الحكم بحق - من أوجه الدفاع الموضوعية ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى ، وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ، ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى عدم إحاطتها بوقائع الدعوى وأدلتها في الرد على الدفوع ينطوي على منازعة موضوعية مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة لا يترتب عليه بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبيّن واقعة الدعوى موضوع الإدانة بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها ، وكانت الواقعة على الصورة التي اعتـنـقها الحكم تشكل الجناية المعاقب عليها بالمادة 33/1 بند (أ) من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة ۱۹۹۷ والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ ، وكانت العقوبة التي أنزلها الحكم على المتهم تدخل في نطاق عقوبة هذه المادة ، فإن خطأ الحكم بذكر قرار وزير الصحة بأنه رقم 125 لسنة ۲۰۰۲ بدلاً من القرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ لا يعيبه ، وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك باستبدال القرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۰۲ ، عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد دانت الطاعن بجريمة الشروع في تصدير عقار الترامادول المخدر بغير ترخيص كتابي من الجهة المختصة طبقاً للمواد ۱ ، ۲ ، 7/1 ، 33/1 بند (أ) من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم ۱۲۲ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (152) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول المستبدل بقرار وزير الصحة رقم 46 لسنة 1997 والمعدل بالقرار رقم 125 لسنة ۲۰۱۲ وأوقعت عليه عقوبة السجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه بعد أن أعملت في حقه المادة 17 من قانون العقوبات - وإن لم تنص على ذلك صراحة - ، وكانت العقوبة المقررة لتلك الجريمة وفقاً للمادة ۳۳ /1 بند (أ) من قانون مكافحة المخدرات والاتجار فيها المشار إليه هي الإعدام والتي أضحت بنص المادة 46 من قانون العقوبات في حالة الشروع السجن المؤبد فضلاً عن الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه والتي قضت بها المحكمة ، وكانت العقوبة المقضي بها تدخل في حدود العقوبة التي نص عليها بعد تطبيق المواد السالفة الذكر، فإن الحكم حين أنزل عقوبة الغرامة بالطاعن بالإضافة إلى عقوبة السجن المشدد يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، ولا محل للنعي بأن إعمال المادة 46 عقوبات كان يقتضي القضاء بالعقوبة المقيدة للحرية دون الغرامة التي يجب القضاء بها في حالة الجريمة التامة وليس الشروع فيها . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إن مذكرة أسباب الطعن قد تضمنت في صفحتها السادسة عشر عبارة جارحة غير لائقة ولا يقتضيها الطعن في الحكم وهي ( أن الحكم الطعين في مقام تصوير واقعة الدعوى قد .... ) ، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 105 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الأمر بمحو هذه العبارات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق