الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 مارس 2025

الطعن 423 لسنة 29 ق جلسة 12 / 12 / 1987 إدارية عليا مكتب فني 33 ج 1 ق 59 ص 399

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1987

برئاسة السيد الأستاذ المستشار عزيز بشاي سيدهم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد اللطيف أحمد أبو الخير ومحمد محمود البيار ومحمد معروف محمد وفريد نزيه تناغو المستشارين.

--------------

(59)

الطعن رقم 423 لسنة 29 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب.
حدود مسئولية قائد السيارة عما يرتكبه من أخطاء.
المادة (48) من اللائحة التنفيذية لقانون المرور (مسئولية).
لا يجوز للإدارة أن ترجع على أي من تابعيها في ماله الخاص لاقتضاء ما تحملته من أضرار عن أخطائهم إلا إذا اتسم هذا الخطأ بطابع شخصي - يعتبر الخطأ شخصياً إذا كشف الفعل عن نزوات مرتكبه وعدم تبصره وتغييه منفعته الشخصية أو قصد الإضرار بالغير أو كان الخطأ جسيماً - القيادة ليلاً تفرض على قائد الأتوبيس بذل عناية خاصة حتى لا يعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر خاصة عند تعذر الرؤية بدون استعمال الأنوار الكاشفة - القيادة المسرعة رغم هذه الظروف تمثل خطأً جسيماً يسأل عنه قائد السيارة في ماله الخاص - يتعين توزيع عبء المسئولية إذا ساهم خطأ الغير مع خطأ قائد السيارة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 20 من يناير سنة 1983 أودع الأستاذ....... المحامي بصفته وكيلاً عن الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط في الطعن رقم 63/ 8 القضائية المقامة من السيد/ ....... ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان والسيد مدير الإدارة الميكانيكية بالهيئة والسيد وزير الري والصادر بجلسة 9/ 12/ 1982 والقاضي أولاً بقبول الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لوزير الري لانتفاء الصفة. ثانياً: قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: 1 - برفض طلب إلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من خصم خمسة أيام من مرتب الطاعن. 2 - بإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من تحميل الطاعن بقيمة إصلاح التلفيات التي حدثت بالسيارة قيادته، وطلبت الهيئة الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. ثانياً في الموضوع بإلغائه مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 7/ 3/ 1983 تم إعلان تقرير الطعن لشخص المطعون ضده وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض طلب وقف التنفيذ والقضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار الصادر بتحميل المطعون ضده كامل قيمة التعويض مع إعادة تقدير قيمة التعويض الواجب تحميل الطاعن به بنسبة ما وقع فيه من خطأ شخصي وفق ما تقدره المحكمة الإدارية العليا.
ولقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن بجلسة 11/ 3/ 1987 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامي الجهة الإدارية الطاعنة ومحامي المطعون ضده وقدم المطعون ضده مذكره بدفاعه انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الطعن، كما قدم محامي الهيئة الطاعنة مذكرة انتهى فيها إلى طلب الحكم بما ورد في تقرير الطعن، وبجلسة 28/ 10/ 1987 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الرابعة - لنظرة بجلسة 14/ 11/ 1987.
ولقد نظرت المحكمة هذا الطعن في الجلسة المشار إليها حيث حضر محامي المطعون ضده، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد المقرر قانوناً واستوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون متعين القبول شكلاً.
ومن حيث إنه بالنسبة لموضوع الطعن فإن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 16/ 5/ 1981 أودع السيد/ ....... بقلم كتاب المحكمة التأديبية بأسيوط صحيفة طعن على القرار الإداري رقم 27/ 1981 الصادر من الهيئة العامة للسد العالي بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه وتحميله مبلغ 284 مليم و1386 جنيه وطلب إلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 25/ 4/ 1978 كان يقود سيارة الهيئة المذكورة بموجب خط سير رسمي متوجهاً إلى جراج كيما وعند مطلع الشلال كانت هناك سيارة قادمة في الاتجاه المضاد وفوجئ بعربة جرار محملة عليها دبابة تقف بيمين الطريق بدون أنوار ولا عواكس خلفية فحاول جاهداً مفاداتها وانحراف جهة اليسار ولكنه اصطدم بالجرار وقامت النيابة العامة والنيابة العسكرية بتحقيق الحادث وقيد جنحة عسكرية ضد سائق الجرار التابع للقوات المسلحة وحفظ المحضر بالنسبة للمدعي إدارياً، وأضاف المدعي أن الهيئة العامة للسد العالي حصرت التلفيات وأصدرت القرار المطعون فيه بتاريخ 14/ 3/ 1981 بمجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه وتحميله بمبلغ 1386.284 قيمة التلفيات التي حدثت بالسيارة الأتوبيس قيادته المملوكة للهيئة. فتظلم من هذا القرار إلا أن الهيئة لم تستجب لتظلمه ومن ثم أقام دعواه لإلغاء هذا القرار نظراً لانتفاء الخطأ من جانبه كموظف عام.
وبجلسة 9/ 12/ 1982 قضت المحكمة التأديبية بأسيوط بحكمها سالف الذكر وأسست هذا الحكم على أنه لو أن الطاعن كان قد بذل قدراً من الحرص وهو يقود السيارة في الظروف التي حدث فيها الحادث وباعتبار أنه كان نازلاً من مرتفع على الطريق وكان الوقت ليلاً وكانت هناك سيارة مقابلة في الاتجاه المضاد يتبادل معها الإشارات لكان تفادي الاصطدام بالجرار لأنه من المتوقع في ظل هذه الظروف أن يوجد في الطريق أمامه مثل ما اصطدم به وكان الواجب عليه أن يتوقع ذلك، فإن لم يتوقع ذلك في ظل الظروف السابقة فإنه يكون غير حريص الحرص الواجب في أداء أعمال وظيفته التي كانت تقضي منه بذل المزيد من الحرص والعناية والدقة في أدائها وهو يقود سيارته في المساء في طريق منحدر وفي مواجهة سيارات مقابلة في الاتجاه المضاد مما يكون معه قرار الجهة الإدارية بمجازاته صادف صحيح حكم القانون.
وأضافت المحكمة التأديبية بأسيوط في حكمها بأنه بالنسبة للشق الخاص بتحميل المدعي بقيمة إصلاح التلفيات بالسيارة قيادته، فإن الخطأ المنسوب إليه وإن كان يتوافر له وصف الخطأ التأديبي إلا أنه لا يتوافر له وصف الخطأ الشخصي لأنه لم يرتكب هذا الخطأ مدفوعاً بدافع شخصي أو بقصد الإضرار بالجهة التي يعمل بها أو لتحقيق نفع شخصي له كما أن هذا الخطأ لا يعد خطأً جسيماً وإن كانت نتيجته جسيمة فلا يعد الحادث في ظل الظروف التي وقع فيها سواء من ناحية الوقت وكونه ليلاً وعدم وجود أنوار خلفية أو عواكس بالجرار ومتابعة المدعي لسيارة "جيب" في الاتجاه المضاد والتعامل معها بالإشارات الضوئية كل هذه الظروف تجعل الخطأ لا يرقى إلى مرتبة الخطأ الجسيم الذي يسأل عنه المدعي في ماله الخاص ومن ثم يكون القرار المطعون عليه فيما تضمنه من تحميله تكاليف إصلاح التلفيات مخالفاً للقانون، وخليقاً بالإلغاء، ومن ثم انتهت المحكمة إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن الطعن المقام من الهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان أن انبنى على أن الحكم المطعون فيه أغفل كافة الوقائع التي تقرر جسامة الخطأ الصادر من المطعون ضده خاصة وقد أقرت بالخطأ وبتأييد مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه مما جعلها وقعت في تناقض واضح مع ما انتهت إليه بعدم تحميله قيمة التلفيات، ومما يؤيد جسامة الخطأ أن الطريق الذي وقع فيه الحادث طريق رئيسي ممتد واضح الرؤية بين السد العالي وأسوان كما أنه الطريق المعتاد للسائق وكانت أجهزة السيارة بحالة جيدة والأنوار الأمامية صالحة ولا تفسير للحادث إلا أن السائق كان يسير بسرعة كبيرة ولو كان متوخياً لجانب الحيطة والحذر لكان بإمكانه تفادي الاصطدام بالجرار الذي كان ملتزماً يمين الطريق الذي يشغل منه متر ونصف متر خاصة وأن عرض الطريق ثمانية أمتار، أما ما أثاره السائق من عدم وجود أنوار خلفية أو عواكس بالجرار فلا يعتبر مبرراً لخطأ السائق المطعون ضده وإنما كان عليه الالتزام بقواعد ولوائح المرور التي تقضي في المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور بأن على كل قائد مركبة ألا يجاوز بمركبته السرعة التي يظل في حدودها مسيطراً على مركبته وعليه أن يلتزم في سرعته بما تقتضيه حالة المرور في الطريق وإمكان الرؤية والظروف الجوية القائمة وحالة المركبة والطريق وعليه أن تكون سرعته بما لا يجاوز القدر الذي يمكنه من وقف المركبة في حدود الجزء المرئي من الطريق، وأضاف تقرير الطعن أن السائق المطعون ضده كان يقود سيارته بسرعة تزيد على المقرر ولم توجد آثار للفرامل بأرض الحادث على الرغم من صلاحية الفرامل ومما يوضح جسامة الخطأ أن الاستناد إلى انحدار الطريق ليس في صالح المطعون ضده بل إن العكس هو الصحيح لأن ذلك يجعله في وضع أيسر لاكتشاف الطريق، كما أن الطريق كان مستقيماً لا تكتنفه المنحنيات أو تقاطعه الطرق وكانت أجهزة السيارة من نور وفرامل صالحة للاستعمال ولو بذل العناية المعتادة واستخدم الإضاءة العليا لتبين وجود الجرار بوقت ومسافة كافيين مما يؤكد أنه كان منشغلاً عن الطريق الذي يسير فيه، أما استناده إلى وجود سيارة "جيب" في الاتجاه المضاد يبادلها الإشارات الضوئية ففضلاً عن عدم وجود ما يؤكد ذلك من الأوراق فإن تبادل الإشارات بهذه الكيفية أمر معتاد ولا يؤدي للحادث، وإن ما يؤكد سرعته الكبيرة قبل وقوع الحادث حجم التلفيات الجسيمة التي حدثت والتقرير الفني لجهة المرور حيث تأكد توافر السرعة غير العادية المشكلة لخطأ جسيم أدى للحادث وهو ما يجعله مسئولاً عن التلفيات في ماله الخاص، ومن ثم انتهت الجهة الطاعنة إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة الذكر.
ومن حيث إن الثابت من المستندات والأوراق أنه بتاريخ 24/ 4/ 1978 في الساعة العاشرة والنصف ليلاً بينما كان المطعون ضده يقود السيارة الأتوبيس المملوكة للهيئة العامة للسد العالي وخزان أسوان بطريق السد العالي اصطدم بالجرار المملوك للقوات المسلحة والمحمل عليه دبابة والذي كان يقف على الجانب الأيمن من الطريق ويشغل مسافة متر ونصف من عرض الطريق الذي يبلغ ثمانية أمتار ولا توجد به أنوار خلفية أو عواكس للأنوار، وبسؤال المطعون ضده قرر أنه كان يتبادل الأنوار مع سيارة "جيب" في الطريق المضاد، ففوجئ بوجود الجرار واقفاً على يمين الطريق وحاول مفاداته إلا أنه اصطدم به رغم أن سرعته كانت لا تتجاوز 40 كيلو متراً في الساعة، وبسؤال قائد الجرار التابع للقوات المسلحة قرر أنه كان نائماً وقت الحادث بعد أن أوقف الجرار على الجانب الأيمن من الطريق لتعطله منه، وأن الجرار التابع للقوات المسلحة به إشارات عاكسة للنور ويعتقد أن سبب الحادث يرجع إلى سرعة قائد الأتوبيس الذي كان قادماً من الجزء الأعلى من الطريق للأسفل وقد أثبت السيد الضابط محرر المحضر انتقاله لمكان الحادث ومعاينته له على النحو السالف كما تبين له وجود تلفيات شديدة بالسيارة الأتوبيس نتيجة الحادث ولم يتبين آثار فرامل بالطريق لعدم وضوح الرؤية ليلاً، وقد انتهت النيابة العامة إلى حفظ المحضر إدارياً في 1/ 11/ 1978.
ومن حيث إنه على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة فإنه لا يجوز للإدارة أن ترجع على أي من تابعيها في ماله الخاص لاقتضاء ما تحتمله من أضرار عن أخطائهم إلا إذا اتسم هذا الخطأ بطابع شخصي، وأن الخطأ يعتبر شخصياً إذا كان الفعل التقصيري يكشف عن نزوات مرتكبه وعدم تبصره وتغييه منفعته الشخصية أو قصد الإضرار بالغير أو كان الخطأ جسيماً.
ومن حيث إن المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور تنص على أن "على قائد المركبة ألا يجاوز بمركبته السرعة التي يظل في حدودها مسيطراً على المركبة وعليه أن يلتزم في سرعته ما تقتضيه حالة المرور بالطريق وإمكان الرؤية به والظروف الجوية القائمة وما تقتضيه حالته ومقدرته الشخصية وحالة كل من المركبة والحمولة والطريق وسائر الظروف المحيطة به، وعليه أن تكون سرعته بما لا يجاوز القدر الذي يمكنه من وقف المركبة في حدود الجزء المرئي من الطريق أما في الطرق التي تضيق بحيث يمكن أن يتعرض المرور المقابل للخطر من جراء السرعة فيجب عليه التمهل بحيث يمكنه الوقوف في حدود نصف الجزء المرئي من الطريق بل وعليه إذا كانت الرؤية غير واضحة تماماً التوقف وعدم السير".
ومن حيث إن المحكمة تستخلص من جماع ما توافر في الواقعة المعروضة من أدلة وعناصر أن السائق المطعون ضده قد خالف قواعد المرور المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية لقانون المرور سالفة الذكر، كما خالف ما يقتضيه واجبه الوظيفي من بذل عناية خاصة وهو يقود مركبة الأتوبيس حتى لا يعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، وترى المحكمة أن ما وقع منه يشكل خطأً جسيماً ساهم في وقوع الحادث مع خطأ آخر منسوب إلى الجرار الخاص بالقوات المسلحة وذلك أن الظروف التي كان يقود فيها المطعون ضده سيارة الأتوبيس الخاص بالهيئة العامة للسد العالي ليلاً في وقت تتعذر فيه الرؤية بدون استعمال الأنوار الكاشفة، وفي طريق منحدر كالذي كان يسير فيه، ومطروق من السيارات الأخرى القادمة من الناحية المضادة كل ذلك كان يقتضى من المطعون ضده بذل عناية خاصة والتمهل في سرعته واتخاذ جانب الحيطة، إلا أن ما أثبتته المعاينة من وجود تهشم شديد بمقدمة السيارة الأتوبيس قيادته وما ثبت من عدم تمكنه مفاداة الحادث واصطدامه بشدة بالجرار الخاص بالقوات المسلحة الذي يقف على الجانب الأيمن من الطريق يدل على سيره بسرعة كبيرة ومخالفته للقواعد الأساسية التي كان يتعين عليه مراعاتها في مثل هذه الظروف والتي وردت الإشارة إليها في المادة 48 من اللائحة التنفيذية لقانون المرور سالف الذكر والتي تقضي عليه في مثل هذه الظروف بالتمهل في سرعته حتى يتمكن من السيطرة على المركبة وإيقافها عند اللزوم، إلا أن الثابت أن المطعون ضده لم يستطع السيطرة على مركبته واصطدم بشدة بالجرار المشار إليه الأمر الذي أدى لحدوث التلفيات الجسيمة بالسيارة قيادته. أما ما أشار إليه المطعون ضده من وجود سيارة مقابلة له يتبادل معها الإشارات الضوئية الكاشفة فذلك ادعى به إلى التمهل في سرعته كما لا يمنعه من رؤية الطريق طالما أن الإشارات الضوئية الكاشفة كانت بالتبادل بينه وبين السيارة المواجهة له حسبما يقرر، كما أن عدم وجود أنوار خلفية أو إشارات عاكسة للضوء بالجرار المملوك للقوات المسلحة الذي يقف على جانب الطريق وإن كان يعد في حد ذاته من الأخطاء التي لا ترجع إلى المطعون ضده والتي ساهمت بدورها في وقوع الحادث إلا أنها لا تنفي عن المطعون ضده وقوعه في خطأ جسيم مساهم أيضاً في الحادث لتجاهله القواعد الأساسية التي يتعين عليه مراعاتها لإحكام السيطرة على السيارة قيادته ليلاً والتي توجب عليه تخفيض السرعة ليلاً في مواجهة السيارات المقابلة وعند تبادل الأنوار الكاشفة بما يمكنه من السيطرة على مركبته وإيقافها عند اللزوم. ومن ثم فإن ما وقع من المطعون ضده يعتبر من قبيل الخطأ الشخصي الذي يجعله مسئولاً في ماله الخاص عن الأضرار التي أصابت الجهة الإدارية من جراء الحادث، إلا أنه وقد ثبت وقوع خطأ آخر من غير المطعون ضده ساهم بدوره في الحادث حسبما سلف، فإن المحكمة تقدر مسئولية المطعون ضده ساهم بنصف مقدار التعويض الذي حملته الجهة الإدارية الطاعنة به بحيث يعد قرار الإدارة بتحميله صحيحاً في حدود نصف المبلغ الذي حمل به ومخطئاً فيما جاوز ذلك، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف الوجه السالف من النظر واعتبر المطعون ضده غير مسئول كلية عن الضرر الذي أصاب الجهة الإدارية رغم ثبوت وقوع خطأ شخصي منه ساهم في وقوع الضرر، فإنه يكون مخالفاً للقانون وخليقاً بالإلغاء، مع بقاء الحكم صحيحاً في رفض طلب إلغاء قرار الجزاء الصادر بالخصم من المرتب لمدة خمسة أيام وهو ليس محل الطعن الماثل.
ومن حيث إنه بالنسبة لما ارتأته المحكمة من مسئولية المطعون ضده عن نصف مقدار مبلغ التعويض الذي حمل به، فإنه يتعين الحكم بإلغاء قرار التحميل الذي طعن فيه أمام المحكمة التأديبية فيما تضمنه من تحميل المدعي بما يجاوز مبلغ 142 مليماً و693 جنيهاً أي بما يجاوز أكثر من نصف المبلغ المقابل للضرر الذي أصاب الجهة الإدارية، ورفض طلب المطعون ضده في إلغاء قرار التحميل فيما عدا ذلك.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بتحميل المطعون ضده...... فيما يجاوز مبلغ 142 مليماً و693 جنيهاً وألزمت الطرفين بالمصروفات مناصفة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق