جلسة 27 من ديسمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان والسيد محمد السيد الطحان المستشارين.
----------------
(81)
الطعن رقم 401 لسنة 32 القضائية
مسئولية إدارية - مسئولية الإدارة عن قرار ندب مخالف للقانون (تعويض مؤقت) (ضرر أدبي).
قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971.
أجاز المشرع ندب العامل إلى وظيفة في نفس مستوى وظيفته أو في وظيفة تعلوها مباشرة - مؤدى ذلك:
عدم جواز الندب لوظيفة تعلو وظيفة العامل المنتدب بأكثر من درجة - صدور قرار الندب بالمغايرة لذلك يبطله لصدوره مشوباً بعيب مخالفة القانون - أساس ذلك: إصدار التنظيم الوظيفي الذي يقوم على أساس التدرج الهرمي الرئاسي - لا يستقيم أو يتفق مع مقتضيات التنظيم الإداري أن تتجاهل الجهة الإدارية بقرار الندب الترتيب الهرمي بما يجعل الأدنى درجة رئيساً لمن يعلوه درجة - القرار بهذه المثابة يشكل ركن الخطأ في جانب جهة الإدارة - متى أدى الخطأ يقيناً إلى إلحاق ضرر مباشر يتمثل في الإيذاء بلا مسوغ من القانون فإن مسئولية الإدارة تنعقد - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 18/ 1/ 1986 أودع الأستاذ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد...... قلم كتاب هذه المحكمة عريضة طعن قيد بجدولها برقم 401 لسنة 32 القضائية عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 12/ 6/ 1985 في الدعوى رقم 95 لسنة 32 القضائية المقامة من الطاعن ضد فضيلة شيخ جامع الأزهر ووزير الأوقاف والذي قضى بإخراج المدعى عليه الثاني من الدعوى بلا مصروفات وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً للطاعن بالطلبات المبينة بعريضة الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 26/ 1/ 1986 فقررت إحالته إلى محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية) التي نظرته بجلسة 1/ 3/ 1987 وبالجلسات التالية على النحو الثابت بالمحاضر وبعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيه أودعت مسودة الحكم مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تجمل في أنه بتاريخ 19/ 10/ 1977 أقام السيد/ ...... الدعوى رقم 95 لسنة 32 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد فضيلة شيخ جامع الأزهر ووزير الأوقاف طالباً الحكم بوضعه في المكان الذي يتناسب مع مؤهله ومدة خدمته ودرجته الثانية وإلزام المدعى عليهما بمبلغ 51 جم على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات والأتعاب مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقال بياناً لدعواه إنه عين بوزارة الخزانة في 10/ 6/ 1942 ثم نقل إلى إدارة الأزهر وتدرج في الدرجات الأعلى حتى حصل على الدرجة الثانية العالية اعتباراً من 31/ 12/ 1974 وتقل إلى إدارة الامتحانات في 20/ 3/ 1976 وفيها أسندت إليه أعمال كتابية لا تتناسب مع مؤهله ومدة خدمته ودرجته ثم فوجئ بترقية السيد الوكيل مديراً لإدارة الامتحانات رغم أنه يشغل الدرجة الثالثة وبالتالي فهو أدنى من المدعي في الدرجة ومدة الخدمة وبتاريخ 15/ 5/ 1979 قدم المدعي عريضة بتعديل طلباته إلى الحكم بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 51 جم على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات والأتعاب وحفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقدمت الجهة الإدارية مذكرتين بدفاعها وطلبت في الأولى الحكم (أولاًَ) بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمدعى عليه الثاني. (ثانياً) أصلياً بعدم قبول الدعوى لعدم تحديد الطلبات وفق أحكام قانون مجلس الدولة واحتياطياً برفض طلبات المدعي وإلزامه في جميع الأحوال بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وفي مذكرتها الثانية طلب الحكم برفض جميع طلبات المدعي ارتكاناً إلى أن القرار المطعون فيه ليس قرار ترقية وإنما هو قرار ندب استهدف حسن تسيير الأعمال في إدارة الامتحانات التي تتطلب خبرة خاصة لا تتوافر في المدعي وإنما تتوافر في المطعون ضده الذي باشر هذه الأعمال الفترة الطويلة فضلاً على أن المدعي حصل على الدرجة الثانية تسوية بالقانون رقم 11 لسنة 1975 الذي قضى بألا يترتب على الترقيات التي تم بموجب أحكامه الإخلال بالتدرج الرئاسي.
وبجلسة 12/ 6/ 1985 قضت المحكمة بإخراج المدعى عليه الثاني من الدعوى بلا مصروفات وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الندب لأداء عمل الوظيفة المندوب إليها لا يعتبر تعييناً فيها وإنما هو إجراء موقوت بطبيعته تقصيه ظروف العمل ولا يترتب عليه أن ينتظم العامل في سلك الوظيفة المنتدب إليها ولا يكسبه حقاً عليها وإنما مناط الحصول على الدرجة الأعلى المنتدب إليها هو توافر شروط الترقية إليها وأن للترقية أصول وضوابط حددتها القوانين واللوائح ولا بد أن يصدر بها قرار من الجهة المختصة وأن المدعي يطعن على قرار ندب الشيخ السيد الوكيل بحسبانه قرار بالترقية إلي وظيفة مدير عام لإدارة الامتحانات وشئون الطلاب بالأزهر وهو ليس كذلك إذ هو قرار ندب مؤقت محدد بظروف إصداره وقد أصدر فضيلة شيخ الأزهر القرار رقم 505 بتاريخ 28/ 10/ 1978 بإنهاء ندب المذكور من تلك الوظيفة ومن ثم يتكون طعن المدعي على قرار الندب وطلب الترقية إلى الوظيفة المذكورة في غير محله ذلك أنه لا يجوز له أن يطالب الجهة الإدارية بترقيته إلى تلك الوظيفة إلا إذا أفصحت عن إرادتها بترقية غيره إليها مع توافر الشروط المقررة في شأنه وفقاً للقانون وتميزه عن غيره ممن يرشحون لهذه الترقية فإذا انتفى هذا المسلك من جانب الجهة الإدارية انتفى بالتالي حق المدعي في طلب الترقية للوظيفة المذكورة ومتى كانت الجهة الإدارية لم تتجه إرادتها إلى الترقية لوظيفة مدير إدارة الامتحانات وإنما إلى شغلها بطريق الندب لظروف أملتها المصلحة العامة لتوافر الخبرة في جانب من ندبته لأداء أعمال تلك الوظيفة فإن قرارها لا يكون معيباً ما ينتفي معه ركن الخطأ في جانبها وتنعدم بالتالي مسئوليتها بالتعويض عن ذلك القرار.
وحيث إن مبنى الطعن أن هناك خطأ ظاهر من الجهة الإدارية تمثل في قيامها بإسناد وظيفة مدير إدارة الامتحانات لمن هو أدنى درجة من المدعي إذ أن الأخير شغل الدرجة الأولى من 31/ 12/ 1974 بينما كان الأول في ذلك التاريخ يشغل الدرجة الرابعة وبذلك أصبح المدعي مرؤوساً للمذكور الذي عمد إلى التحايل عليه وحرمانه من المكافآت والحوافز لمبالغ تجاوز ألفين من الجنيهات وأنه رغم صدور قرار من الجهة الإدارية بنقله من رئاسة إدارة الامتحانات فلم يتم تنفيذ ذلك القرار لوقوف المذكور حائلاً دون تنفيذه وقد ترتب على ذلك إلحاق الضرر الأدبي والمادي بالطاعن.
وحيث إن نظام العاملين المدنيين بالدولة السابق الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 قد نص في المادة (28) على أنه يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتاً بعمل وظيفة أخرى في نفس مستواها أو في وظيفة تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى أو في مؤسسة أو وحدة اقتصادية إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك.
وحيث إن المبين من هذا النص أن المشرع أجاز ندب العامل إلى وظيفة في نفس مستوى وظيفته أو في الوظيفة التي تعلوها مباشرة وهو ما مؤداه أنه لا يجوز ندب العامل لوظيفة تعلو وظيفته بأكثر من درجة واحدة.
وحيث إن الجهة الإدارية أودعت بجلسة 8/ 11/ 1987 حافظة مستندات مرفقاً بها كتاباً مؤرخاً 26/ 10/ 1987 لمدير عام شئون العاملين بالأزهر يفيد أن الدرجة المالية لمدير الإدارة العامة للامتحانات الواردة بالهيكل الوظيفي والممولة هي درجة مدير عام.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أصدرت بتاريخ 22/ 9/ 1976 القرار رقم 345 لسنة 1976 بندب الشيخ....... مديراً للإدارة العامة للامتحانات وشئون الطلاب بالأزهر وأن المذكور كان في ذلك التاريخ يشغل الدرجة الرابعة وأن الطاعن كان في تاريخ صدور قرار الندب يشغل الدرجة الثانية التي منحت له في تسوية القانون رقم 101 لسنة 1974 اعتباراً من 31/ 12/ 1974 ثم أصدرت الجهة الإدارية بتاريخ 28/ 12/ 1978 القرار رقم 505 لسنة 1978 بإلغاء القرار رقم 345 لسنة 1976 وندب الشيخ....... مدير عاماً للإدارة العامة للامتحانات وشئون الطلاب.
وحيث إنه مما لا جدال فيه أن ما قامت به الجهة الإدارية من إسناد وظيفة مدير إدارة الامتحانات العامة إلى الشيخ........ في وقت كان يشغل الدرجة الرابعة قد شابه عيب مخالفة القانون من وجهتين أولهما أن الوظيفة المشار إليها تعلو وظيفته بأكثر من درجة والثاني وضع المذكور بموجب ذلك القرار رئيساً للطاعن الذي كان يعلوه بأكثر من درجة في تاريخ صدور القرار ما ينطوي على أهدار للتنظيم الوظيفي الذي يقوم على أساس من التدرج الهرمي الرئاسي بحيث يرأس الأعلى درجة أو الأقدم من هم دونه في الدرجة أو الأقدمية إذ لا يستقيم بحال ولا يتفق مع مقتضيات النظام الإداري أن تتجاهل الجهة الإدارية فيما تتخذه من قرارات الندب الترتيب الهرمي الرئاسي للعاملين بما يجعل الأدنى درجة رئيساً لمن يعلوه درجة ولا حجة فيما أثارته الجهة الإدارية من أن الطاعن حصل على الدرجة الثانية بموجب تسوية بالقانون رقم 11 لسنة 1975 الذي قضى في المادة الثالثة من مواد الإصدار بألا يترتب على أحكامه أي إخلال بالترتيب الرئاسي للوظائف لأن هذا النص أياً كان وجه الرأي في تفسيره وتحديد المراد منه فهو لا شك يتناول فقط الأوضاع القائمة في تاريخ العمل بذلك القانون والحال في النزاع الراهن أن قرار الندب صدر في عام 1976 ولم يكن الشيخ........ يشغل الوظيفة المنتدب إليها في تاريخ العمل بالقانون المشار إليه.
وحيث إنه وقد استبان بطلان قرار الندب المشار إليه لصدوره مشوباً بعيب مخالفة القانون وهو بهذه المثابة يشكل ركن الخطأ في جانب الجهة الإدارية ولما كان هذا الخطأ قد أدى يقيناً إلى إلحاق ضرر مباشر بالمدعي يتمثل في القليل في الإيذاء الأدبي الناجم عن الوضع الوظيفي غير السليم الذي فرضته عليه الجهة الإدارية بلا مسوغ من القانون والذي استمر طيلة فترة العمل بالقرار المشار إليه والذي تجاوز سنتين وبذلك تكاملت أركان مسئوليتهما عنه وهو ما يوجب الحكم بتعويض مؤقت للطاعن عن تلك الأضرار مقداره واحد وخمسون جنيهاً وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بنظر مغاير فإنه يكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله واجباً إلغاؤه مما يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمدعي 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الجامع الأزهر بأن يؤدي للمدعي 51 جنيهاً واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق