جلسة الأول من ديسمبر سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / عاصم عبد الجبار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سامح عبد الله عبد الرحيم ، محمود عبد الرحمن ، عصام محمد أحمد عبد الرحمن ومحسن أبو بكر محمد نواب رئيس المحكمة .
----------------
(112)
الطعن رقم 23389 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
للمحكمة أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها . حد ذلك ؟
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دين بها الطاعن . لا قصور .
(2) الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
مثال لرد سائغ على الدفع بانتفاء أركان جريمة الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة والضرر الجسيم وعلاقة السببية .
(3) إثبات " بوجه عام " " أوراق رسمية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(4) الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم خطأه في الإسناد لإيراده مخالفة الطاعن بند يتعلق بعدم تنفيذه تعليمات وتعديلات المهندس الاستشاري رغم التسليم الابتدائي . غير مقبول . ما دام البين أن المشروع لم يتم الانتهاء منه .
(5) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
دفاع الطاعن بأن الواقعة نزاع مدني من اختصاص المحاكم المدنية . ظاهر البطلان لا تلتزم المحكمة بالرد عليه .
(6) نيابة عامة . نقض " المصلحة في الطعن " .
رأي وكيل النيابة في التصرف في الجنايات . اقتراح . للمحامي العام أو من يقوم مقامه عدم الأخذ به .
نعي الطاعن بسبق حفظ النيابة الجزئية للواقعة إدارياً . غير مجد . طالما أن إقامتها تمت صحيحة بأمر من المحامي العام .
(7) الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
دفاع الطاعن بأنه نفذ التزاماته بدلالة ما ثبت بمحضر التسليم الابتدائي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . اطراحه برد كافٍ . أثره ؟
(8) الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . عقوبة " تطبيقها " . غرامة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال الحكم القضاء بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على جريمة الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان ، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان الواقعة بركانهاأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق ما دامت اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دين بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون من قصور في بيان بنود العقدين محل الالتزام يكون غير سديد .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء الركن المادي والمعنوي للجريمة واطرحه بقوله : ( لما كان ما تقدم وكان قد ثبت يقيناً للمحكمة أن المتهم وهو صاحب إحدى شركات المقاولات قد تعاقد مع الشركة المجني عليها وهي شركة مساهمة بموجب عقدين مؤرخين .... لتوريد وتركيب وتشغيل واختبار أعمال حريق وكهرباء للمصنع الخاص بتلك الشركة بالمنطقة الصناعية بمدينة .... لتصنيع الأدوية وقد التزم المتهم بموجب تلك العقود بتوريد وتركيب وتشغيل واختبار أعمال الحريق والكهرباء داخل المصنع وذلك طبقاً للمواصفات والمستندات الفنية للمشروع والذي نظمه العقد المؤرخ بين الطرفين في .... ، كما التزم المتهم بكافة التعليمات والتعديلات الفنية التي يطلبها المهندس الاستشاري المشرف على المشروع ( .... ) وذلك قبل وأثناء التنفيذ ومع علم المتهم اليقيني بتلك الالتزامات فقد اتجهت إرادته عن علم وإرادة إلى الإخلال العمدي بتلك الالتزامات التعاقدية عند تنفيذه تلك الأعمال المسندة إليه بموجب العقدين فلم يلتزم بكراسة الشروط ومواصفات الاستشاري بشأن أعمال الحريق والمحددة بالمواصفات القياسية المصرية ( الكود المصري ) بشأن أعمال الكهرباء فقام بتوريد بعض البنود الخاصة بأعمال الحريق بالمخالفة لما تعاقد عليه بكراسة الشروط والمواصفات المحددة من الاستشاري عن عمد وإرادة فلم يورد الطلمبة الغاطسة بغرف معدات طلمبات الحريق وإكسسوارات تشغيل تلك الطلمبات الخاصة بأعمال الحماية الدائمة وقام بتوريد طلمبتين حريق غير مطابقتين للمتفق عليه عقدياً وعمد إلى تنفيذ شبكة مواسير الحريق بأسلوب غير سليم وغير مقبول ولم ينفذ خزان المياه الخاص بالحريق طبقاً لكراسة الشروط وقد ترتب على ذلك ضرراً جسيماً بأموال الشركة قدره 850000 ( ثمانمائة وخمسون ألف جنيه ) كما أن المتهم اتجهت إرادته عن عمد إلى الإخلال بالتزاماته التعاقدية بشأن أعمال الكهرباء متعمداً مخالفة أحكام المواصفات القياسية المصرية ( الكود المصري ) وشروط التعاقد ومنها .... ، كما أنه امتنع عمداً عن توريد بعض الأعمال الواردة بالمقايسة المعدلة للاستشاري وامتنع عن تنفيذ بعض الأعمال الأخرى الواردة بذات المقايسة وقد ترتب على تلك الأفعال ضرراً جسيماً بأموال الشركة قدره ( 2383355 ) مليونين وثلاثمائة وثلاثة وثمانون ألف وثلاثمائة وخمسة وخمسون جنيهاً ومن ثم فقد تحققت أركان الجريمة المسندة إلى المتهم بأركانها المادية والمعنوية وقيام علاقة السببية بين إخلال المتهم تنفيذ التزاماته التعاقدية وما ترتب على ذلك من ضرر جسيم بأموال الشركة المجني عليها ) ، وكان ما أورده الحكم رداً على الدفع - على نحو ما تقدم - كاف وسائغ ، فإن ما يدعيه الطاعن من قصور الحكم المطعون في الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة والضرر الجسيم وعلاقة السببية غير سديد .
3- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن المقرر - أيضاً - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الثبوت ، ومن ثم لا يعيب الحكم عدم تعرضه للمستندات المقدمة من الطاعن ، ويضحى منعاه في هذا الصدد غير سديد .
4- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه أن البند الثالث من العقدين المؤرخين .... يعطي المهندس استشاري المشروع الحق في إصدار التعليمات والتعديلات قبل وأثناء التنفيذ ويلتزم بها الطاعن ، وأن المشروع لم يتم الانتهاء منه حتى تاريخه ، وهو ما يتفق مع ما أورده الحكم بمدوناته ولا يؤثر فيه ما أثبت بمحضر التسليم الابتدائي ، ومن ثم فإنه يكون بريئاً من قالة الخطأ في الإسناد ، ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول .
5- لما كان دفاع الطاعن بأن الواقعة في حقيقتها نزاع مدني تختص بها المحاكم المدنية لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه .
6- لما كان رأي وكيل النيابة بالنسبة للتصرف في الجنايات لا يعدو أن يكون اقتراحاً خاضعاً لتقدير المحامي العام المختص وحده - أو من يقوم مقامه - والذي من حقه اطراح رأي وكيل النيابة وعدم الأخذ به ، ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الخصوص - بفرض صحته - طالما أمر المحامي العام بإقامة الدعوى الجنائية قبله قد تم صحيحاً في القانون - وهو ما لا يماري فيه - ، من ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون لا محل له .
7- لما كان دفاع الطاعن بأنه نفذ التزاماته بدلالة ما ثبت بمحضر التسليم الابتدائي مردودًا بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً على أن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره في الخصوص يكون غير مقبول .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الحكم على الطاعن بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة التي دين بها والمنصوص عليها في المادة 116 مكرراً/ج من قانون العقوبات وبما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون ، بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
أخل عمداً بتنفيذ بعض الالتزامات التي يفرضها عليه عقدي المقاولة المؤرخين .... اللذين ارتبط بهما مع إحدى شركات المساهمة " شركة .... " فيما يخص أعمال الكهرباء والحريق بمصنع الشركة ، بأن خالف قواعد القانون التي تحكمه - الكود المصري - بالنسبة لأعمال الكهرباء ، بأن ورد أجهزة ومعدات غير مطابقة للمواصفات بالنسبة لأعمال الحريق ، كما خالف الأصول والقواعد الهندسية وأصول الصناعة في تنفيذ ما سلف ، وقد ترتب على ذلك ضرراً جسيماً بأموال الشركة جاوز مبلغ مليوني جنيه ، مع تعريض أمن وسلامة المنشأة والعاملين بها للخطر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت الشركة المجني عليها مدنياً قبل الطاعن لإلزامه بأن يؤدي لها مبلغ مائة ألف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 116 مكرراً ج/1 - 4 من قانون العقوبات ، مع إعمال المواد 17 ، 55 /1 ، 56 /1 من ذات القانون ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وأمرت بإيقاف عقوبة الحبس المقضي بها وفي الدعوى المدنية بإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ مائة ألف جنيه وواحد تعويضاً مدنياً مؤقتاً .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإخلال العمدي بتنفيذ عقد مقاولة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة ، إذ لم يورد مضمون العقدين المؤرخين .... للوقوف على بنوده وماهية الالتزامات والمواصفات القياسية والاشتراطات الفنية التي أخل بها ، ودفع بانتفاء ركني الجريمة المادي والمعنوي لأسباب عدة عددها بوجه الطعن ، وخلو الأوراق من ضرر جسيم لحق بالشركة المدعية بالحقوق المدنية ، وانقطاع علاقة السببية بينه والفعل المنسوب إليه ، وقدم المستندات المؤيدة لدفعه إلا أن الحكم اطرحه بما لا يسوغ ، وأورد الحكم في مدوناته أنه خالف البند الثالث من العقدين محل الدعوى وذلك بعدم تنفيذه تعليمات وتعديلات المهندس الاستشاري للمشروع التي طلبها قبل وأثناء التنفيذ بموجب تقرير أعلنه للطاعن بتاريخ 22/11/2009 رغم أن التنفيذ كان قد تم قبل 10/1/2009 ، بدلالة محضر التسليم الابتدائي المؤرخ بالتاريخ الأخير والذي أقر فيه الاستشاري بصلاحية الأعمال المنفذة ومطابقتها للمواصفات الفنية ، وهو ما يكون معه الحكم قد خالف الثابت بالأوراق ، إذ إن دور الاستشاري طبقاً للبند الثالث متابعة التنفيذ في كل مراحله وله سلطة التعديل قبل وأثناء التنفيذ دون أن يمتد ذلك إلى ما بعد تمام التنفيذ ، وأخيراً فإن المحكمة أغفلت دفاعه القائم على أن الدعوى في حقيقتها نزاع مدني لجأت إليها الشركة المدعية عقب إقامته دعويين لمطالبتها بحقوقه المالية سيما وأن التسليم النهائي للمشروع لم يتم حتى تاريخه ، وهو ما لا يمكن معه القول بوجود إخلال عمدى بالالتزامات ، وأن النيابة الجزئية التي حققت الواقعة انتهت إلى حفظها إدارياً ، فضلاً عن أنه نفذ التزاماته بموجب العرض الفني الذي قدمه للشركة المدعية والتعديلات التي أدخلها عليه المهندس الاستشاري للشركة المدعية وتم قبولها بدلالة تقرير المهندس الاستشاري للشركة المدعية ومحضر التسليم الابتدائي وما ثبت به من صلاحية الأعمال المنفذة ومطابقتها للمواصفات الفنية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إنه لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ولم يرسم شكلاً خاصاً أو طريقة معينة يصوغ فيها الحكم هذا البيان ، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في بيان الواقعة بركانهاأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تورد في حكمها من مؤدى الأدلة ما يكفي لتبرير اقتناعها بالأوراق ما دامت اطمأنت إلى هذه الأدلة واعتمدت عليها في تكوين عقيدتها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصر الجريمة التي دين بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون من قصور في بيان بنود العقدين محل الالتزام يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بانتفاء الركن المادي والمعنوي للجريمة واطرحه بقوله : ( لما كان ما تقدم وكان قد ثبت يقيناً للمحكمة أن المتهم وهو صاحب إحدى شركات المقاولات قد تعاقد مع الشركة المجني عليها وهي شركة مساهمة بموجب عقدين مؤرخين .... لتوريد وتركيب وتشغيل واختبار أعمال حريق وكهرباء للمصنع الخاص بتلك الشركة بالمنطقة الصناعية بمدينة .... لتصنيع الأدوية وقد التزم المتهم بموجب تلك العقود بتوريد وتركيب وتشغيل واختبار أعمال الحريق والكهرباء داخل المصنع وذلك طبقاً للمواصفات والمستندات الفنية للمشروع والذي نظمه العقد المؤرخ بين الطرفين في .... ، كما التزم المتهم بكافة التعليمات والتعديلات الفنية التي يطلبها المهندس الاستشاري المشرف على المشروع ( .... ) وذلك قبل وأثناء التنفيذ ومع علم المتهم اليقيني بتلك الالتزامات فقد اتجهت إرادته عن علم وإرادة إلى الإخلال العمدي بتلك الالتزامات التعاقدية عند تنفيذه تلك الأعمال المسندة إليه بموجب العقدين فلم يلتزم بكراسة الشروط ومواصفات الاستشاري بشأن أعمال الحريق والمحددة بالمواصفات القياسية المصرية ( الكود المصري ) بشأن أعمال الكهرباء فقام بتوريد بعض البنود الخاصة بأعمال الحريق بالمخالفة لما تعاقد عليه بكراسة الشروط والمواصفات المحددة من الاستشاري عن عمد وإرادة فلم يورد الطلمبة الغاطسة بغرف معدات طلمبات الحريق وإكسسوارات تشغيل تلك الطلمبات الخاصة بأعمال الحماية الدائمة وقام بتوريد طلمبتين حريق غير مطابقتين للمتفق عليه عقدياً وعمد إلى تنفيذ شبكة مواسير الحريق بأسلوب غير سليم وغير مقبول ولم ينفذ خزان المياه الخاص بالحريق طبقاً لكراسة الشروط وقد ترتب على ذلك ضرراً جسيماً بأموال الشركة قدره 850000 ( ثمانمائة وخمسون ألف جنيه ) كما أن المتهم اتجهت إرادته عن عمد إلى الإخلال بالتزاماته التعاقدية بشأن أعمال الكهرباء متعمداً مخالفة أحكام المواصفات القياسية المصرية ( الكود المصري ) وشروط التعاقد ومنها .... ، كما أنه امتنع عمداً عن توريد بعض الأعمال الواردة بالمقايسة المعدلة للاستشاري وامتنع عن تنفيذ بعض الأعمال الأخرى الواردة بذات المقايسة وقد ترتب على تلك الأفعال ضرراً جسيماً بأموال الشركة قدره ( 2383355 ) مليونين وثلاثمائة وثلاثة وثمانون ألف وثلاثمائة وخمسة وخمسون جنيهاً ومن ثم فقد تحققت أركان الجريمة المسندة إلى المتهم بأركانها المادية والمعنوية وقيام علاقة السببية بين إخلال المتهم تنفيذ التزاماته التعاقدية وما ترتب على ذلك من ضرر جسيم بأموال الشركة المجني عليها ) ، وكان ما أورده الحكم ردًا على الدفع - على نحو ما تقدم - كاف وسائغ ، فإن ما يدعيه الطاعن من قصور الحكم المطعون في الرد على الدفع بانتفاء أركان الجريمة والضرر الجسيم وعلاقة السببية غير سديد ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، ومن المقرر - أيضاً - أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية ، فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فحسب المحكمة ما أوردته من اطمئنانها إلى أدلة الثبوت ، ومن ثم لا يعيب الحكم عدم تعرضه للمستندات المقدمة من الطاعن ، ويضحى منعاه في هذا الصدد غير سديد ، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه وما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه أن البند الثالث من العقدين المؤرخين .... يعطي المهندس استشاري المشروع الحق في إصدار التعليمات والتعديلات قبل وأثناء التنفيذ ويلتزم بها الطاعن ، وأن المشروع لم يتم الانتهاء منه حتى تاريخه ، وهو ما يتفق مع ما أورده الحكم بمدوناته ولا يؤثر فيه ما أثبت بمحضر التسليم الابتدائي ، ومن ثم فإنه يكون بريئاً من قالة الخطأ في الإسناد ، ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن بأن الواقعة في حقيقتها نزاع مدني تختص بها المحاكم المدنية لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان مما لا تلتزم المحكمة بالرد عليه . لما كان ذلك ، وكان رأي وكيل النيابة بالنسبة للتصرف في الجنايات لا يعدو أن يكون اقتراحاً خاضعاً لتقدير المحامي العام المختص وحده - أو من يقوم مقامه - والذي من حقه اطراح رأي وكيل النيابة وعدم الأخذ به ، ومن ثم فإنه لا يجدي الطاعن ما يثيره في هذا الخصوص - بفرض صحته - طالما أمر المحامي العام بإقامة الدعوى الجنائية قبله قد تم صحيحاً في القانون - وهو ما لا يماري فيه - ، ومن ثم فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن بأنه نفذ التزاماته بدلالة ما ثبت بمحضر التسليم الابتدائي مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا فضلاً على أن الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ، ومن ثم فإن ما يثيره في الخصوص يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الحكم على الطاعن بغرامة تساوي قيمة الضرر المترتب على الجريمة التي دين بها والمنصوص عليها في المادة 116 مكرراً/ج من قانون العقوبات وبما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون ، بيد أنه لا سبيل لتصحيحه ما دام أن النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم وحتى لا يضار الطاعن بطعنه .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق