جلسة 29 من نوفمبر سنة 1987
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عصام الدين السيد علام نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد يسري زين العابدين وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم وصلاح الدين أبو المعاطي نصير وعادل لطفي عثمان المستشارين.
----------------
(45)
الطعن رقم 1139 لسنة 30 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - استقلال المسئولية التقصيرية للعامل عن قواعد التأديب - المنازعة في قرار التحميل - تكييفها - منازعة في راتب.
إلزام العامل بجبر الضرر الذي لحق بجهة الإدارة مناطه توافر أركان المسئولية التقصيرية في حقه من الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما - إذا كان الفعل المكون للذنب الإداري يمكن أن يشكل ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية إلا أن ذلك لا يؤدي للقول بأن إلزام العامل بجبر الضرر مرتبطاً بالدعوى التأديبية أو متفرع عنها - أساس ذلك.
استقلال كل من النظامين عن الآخر سواء من حيث القواعد القانونية التي تحكمه أو الغرض الذي يسعى إلى تحقيقه - اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطة التأديبية ليس من شأنه بسط اختصاصها لموضوعات تدخل في اختصاص المحاكم الأخرى لمجرد أن المخالفة التي صدر بشأنها قرار السلطة التأديبية تكون ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية للعامل - المنازعة في قرار التحميل دون طلب إلغاء القرار التأديبي تعتبر من قبيل المنازعة في مرتب مما تختص به محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية حسب المستوى الوظيفي للعامل – تطبيق (1).
إجراءات الطعن
بتاريخ 4/ 3/ 1984 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1139 لسنة 30 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) بجلسة 4/ 1/ 1984 في الطعن رقم 195/ 11 ق. س الذي كان مرفوعاً من المطعون ضده الأول ضد المطعون ضدهما الثاني والثالث، والقاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية نوعياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية لوزارة الري للفصل فيه وإبقاء الفصل في المصروفات.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بالطلبات المنوه عنها. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة التي تداولت نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات واستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ملاحظات ذوي الشأن وقررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، وبها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الطعن هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراقها - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 107/ 22 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الري والحربية بطلب الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 80 جنيه قيمة ما استقطع من راتبه دون وجه حق في الفترة من ديسمبر سنة 72 حتى آخر يونيه سنة 75 وبأن يصرفا له راتبه بالكامل اعتباراً من أول شهر يوليو سنة 1975، والمصروفات، وقال شرحاً لدعواه إنه عين في 1957 عاملاً بإدارة المخازن، وبتاريخ 24/ 12/ 1964 نقل من حسابات العهد إلى قلم العهد وحل محله السيد/ ........ بعد أن قام بتسليمه عهدته من الدفاتر والاستمارات بموجب إيصال تسليم عهد موقع من المذكور بتاريخ 25/ 12/ 1964 إلا أن مدير عام المخازن امتنع عن إخلاء عهدته وتسليمه العمل الجديد في 25/ 7/ 1966 حيث تقدمت إدارة المخازن بطلب مجازاته بزعم أنه تقاعس عن تنفيذ أمر النقل الصادر إليه في 24/ 12/ 1964 حتى 25/ 7/ 1966 وصدر قرار بمجازاته بخصم من مرتبه في 28/ 2/ 1968، وأنه فوجئ بالتحقيق رقم 59/ 66 نيابة إدارية للتحقيق معه ومع الموظف الذي حل محله بخصوص تصرفات نسبت إليهما كان من نتيجتها عجز في العهد قيمته 1194.570، وقد فوجئ بقرار الجهة رقم 1758/ 1973 بتاريخ 13/ 11/ 1973 بتحميله والموظف الجديد بمبلغ العجز المذكور مناصفة بينهما وتم تنفيذ ذلك بالخصم شهرياً من مرتبه. وبجلسة 7/ 4/ 1979 حكمت المحكمة الإدارية بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعي المصروفات، تأسيساً على ما قرره المدعي في تحقيق أجرته الإدارة من أنه لم ينفذ قرار نقله من حسابات العهد وأنه ظل يمارس عمله بحسابات العهد. وبتاريخ 2/ 5/ 1979 أقام المدعي الطعن رقم 1995/ 11 ق. س أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية) بطلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم له بالطلبات المشار إليها وبجلسة 4/ 1/ 1984 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه وإقامته على أسباب محصلها أن الثابت بالأوراق والتحقيقات أن الطاعن ظل متحفظاً بعهدته إلى أن كشف العجز فيها بواسطة لجنة الجرد.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله، استناداً إلى أن اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى هو من النظام العام وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء ذاتها، وأن المحكمة الإدارية العليا قد ذهبت إلى اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية. يستوي في ذلك أن يكون طلب العامل في هذا الخصوص قد قدم إلى المحكمة التأديبية مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبي الموقع عليه أو أن يكون قد قدم إليها على استقلال، وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد تمخض عن جزاء تأديبي أو لم يتمخض عن ثمة جزاء، وأنه بتطبيق ما تقدم على وقائع المنازعة يبين أن المحكمة التأديبية هي المختصة نوعياً بنظرها، على الرغم من أن طلبات المدعي غير مقترنة بطلب إلغاء جزاء تأديبي، وأنه كان يتعين على المحكمة الإدارية أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة التأديبية، إلا أنها تصدت للفصل في موضوعها وسايرتها في ذلك محكمة القضاء الإداري (الدائرة الاستئنافية).
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مؤدى نصوص المواد 10 و13 و14 و15 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 72 أن المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين أو لورثتهم تدخل في اختصاص محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بحسب المستوى الوظيفي للمدعي، وأن المحاكم التأديبية تختص بنظر الدعاوى التأديبية وطلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية، وأن قوام الدعوى التأديبية هو النظر في مؤاخذة العامل تأديبياً عن المخالفة المالية أو الإدارية المنسوبة إليه والتي تتمثل في إخلاله بواجبات وظيفته أو الخروج على مقتضياتها، إلا أن ذلك لا يؤدي للقول بأن إلزام العامل بجبر الضرر مرتبط بالدعوى التأديبية أو متفرع عنها لاستقلال كل من هذين النظامين عن الآخر سواء من حيث القواعد القانونية التي تحكمه أو الغرض الذي يسعى إلى تحقيقه، كما أن اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات النهائية للسلطات التأديبية ليس من شأنه بسط اختصاص هذه المحاكم على ما عدا ذلك من الاختصاصات التي ورد النص على اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل فيها لمجرد أن المخالفة التي صدر بشأنها قرار السلطة التأديبية تكون ركن الخطأ في المسئولية التقصيرية للعامل. وعلى هذا وإذ قصر العامل دعواه أمام المحكمة التأديبية على المنازعة في إلزامه بقيمة الضرر الذي أصاب جهة الإدارة، دون أن يضمن دعواه طلب إلغاء القرار الضريبي بمجازاته بسبب إخلاله بواجبات الوظيفة الذي أدى إلى هذا الضرر، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون عندما فصل في الدعوى على أنها من قبيل المنازعة في مرتب، مما تختص به محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية بحسب المستوى الوظيفي للمدعي، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
(1) يراجع الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1064 لسنة 28 ق بجلسة 11/ 1/ 1987 والذي انتهى إلى أن اختصاص المحاكم التأديبية بنظر طلبات إلغاء القرارات التأديبية ليس من شأنه بسط اختصاص هذه المحاكم على ما عدا ذلك مما تختص بها محاكم أخرى إلا إذا كان قد طرح أمامها مرتبطاً بصفة تبعية بمناسبة مباشرة اختصاصها وانتهى إلى عدم اختصاص المحاكم التأديبية بطلب إلغاء قرار التحميل إذا لم تتضمن صحيفة الدعوى طلب إلغاء قرار تأديبي (منشور مجموعة السنة 31 عليا مبدأ رقم (16) والحكم الصادر في الطعن رقم 524 لسنة 33 بجلسة 12/ 1/ 1988 والذي انتهى إلى اختصاص المحكمة التأديبية بالفصل في مدى التزام العامل بما ألزمته به جهة الإدارة من مبالغ بسبب المخالفة التأديبية سواء كان طلب العامل قد قدم للمحكمة مقترناً بطلب إلغاء الجزاء أو يكون قد قدم إليها على استقلال وبغض النظر أن يكون التحقيق قد تمخض عن جزاء من عدمه غاية الأمر أن يكون السبب في إلزام العامل بالتحميل هو وقوع مخالفة تأديبية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق