بسم
الله الرحمن الرحيم
باسم
صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة
التمييز
بالجلسة
العلنية المنعقدة يوم 30-01-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في
الطعنين رقمي 580
لسنة 2024 مدني & 10 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ل. ش.
مطعون ضده:
ا. ل. ا. ت. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/37 بطلان
حكم تحكيم
بتاريخ 05-12-2024
أصـدرت
الحكـم التـالي
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر / وليد ربيع
السعداوي وبعد المداولة
حيث
إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث
إن الوقائع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ــ تتحصل في أن
الطاعنة في الطعن الأول أقامت على الشركة المطعون ضدها فيه الدعوى رقم 37 لسنة
2024 بطلان حكم تحكيم أمام محكمة استئناف دبي بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم
المؤسسي الإضافي الصادر بتاريخ 9/9/2024 في الدعوى التحكيمية رقم 187 لسنة 2019
مركز دبي للتحكيم الدولي. وقالت بيانًا لذلك إنه بموجب عقد مقاولة من الباطن
أَسندت إليها المطعون ضدها ــ بصفتها المقاول الرئيسي ــ أعمال الحديد الإنشائية
لمشروع في منطقة جبل علي، ونظرًا لنشوب خلاف بينهما، فقد سلكت الطاعنة طريق
التحكيم إعمالًا للشرط الوارد في البند 26 من العقد بطلب الحكم بإلزامها أن تؤدي
إليها مبلغ 59,762,858,32 درهمًا قيمة مستحقاتها عن أعمال مقاولة الباطن، وبتاريخ
16/6/2024صدر حكم التحكيم النهائي لصالح الطاعنة، وبتاريخ 8/7/2024 تم إخطار
الطرفين بهذا الحكم، فتقدمت المطعون ضدها إلى هيئة التحكيم بتاريخ 16/7/2024 بطلب
تصحيح خطأ حسابي بخصم مبلغ (19,709,998+ 5,278,253,85درهمًا)، وبتاريخ 9/8/2024
وبعد انقضاء الميعاد المقرر قانونًا، تقدمت بطلب تصحيح آخر بخصم مبلغ
(4,275,010,61درهمًا)، وبتاريخ 9/9/2024 أصدرت هيئة التحكيم حكمها الإضافي بتصحيح
الأخطاء الحسابية الواردة في الطلبين بالمخالفة للمادة 38/2 من قواعد مركز دبي
للتحكيم الدولي لعام 2007 الواجبة التطبيق وفقًا للاتفاق المبرم بينهما، حيث إن
طلب التصحيح الثاني قُدم بعد انقضاء الميعاد المقرر وهو ثلاثون يومًا من تاريخ
تسلّم حكم التحكيم النهائي، كما أن حكم التحكيم الإضافي قد صدر بعد انقضاء ميعاد
الثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلبي التصحيح بالمخالفة للمادة المذكورة مما يترتب
عليه البطلان ، فأقامت الدعوى. بتاريخ 5/12/2024 قضت المحكمة ببطلان حكم التحكيم
الإضافي بشأن طلب التصحيح الثاني المقدم بتاريخ 9/8/2024. طعنت الطاعنة في هذا
القضاء بطريق التمييز بالطعن رقم 580 لسنة 2024 مدني، كما طعنت فيه المطعون ضدها
بذات الطريق بالطعن رقم 10 لسنة 2025 تجاري، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في
غرفة مشورة فقررت ضم الثاني للأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد وقررت حجزهما
للحكم بغير مرافعة لجلسة اليوم.
أولًا:
الطعن رقم 580 لسنة 2024 مدني
حيث
إن الطعن أقيم على سببين تنعَى بهما الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك
تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم الإضافي بتصحيح الخطأ
المادي لصدوره بتاريخ 9/9/2024 بعد انقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ تسلّم هيئة
التحكيم لطلبي التصحيح بتاريخي 16/7/2024، 9/8/2024على التوالي، وذلك وفقًا للمادة
38/2 من قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لعام 2007 التي اتفق الطرفان على تطبيقها ،
إلا أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان حكم التحكيم الإضافي جزئيًا بالنسبة لطلب
التصحيح الثاني لتقديمه بعد الميعاد ولم يقضِ ببطلان الحكم بالنسبة لطلب التصحيح
الأول لصدوره بعد الميعاد المشار إليه في المادة سالفة البيان، بما يعيبه ويستوجب
نقضه.
وحيث
إن النعي في غير محله، ذلك بأنه من المقرَّر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ أن النص في
المادة 139 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات
المدنية على أنه "إذا أغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية فعليها
بناءً على طلب من أحد أصحاب الشأن أن تنظر في الطلب وأن تصدر في الطلبات التي تم
إغفالها قرارًا أو حكمًا حسب الأحوال بعد إعلان الخصم به، ... " يدل على أن
الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقيًا على حاله ومعلقًا أمامها، ويكون السبيل إلى
الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، ولا يجوز الطعن
بالتمييز في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي، لأن الطعن لا يقبل إلا عن
الطلبات التي فصل فيها إما صراحةً أو ضمنًا . لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق
أن الطاعنة قد ضمّنت طلباتها أمام محكمة الموضوع بطلان حكم التحكيم الإضافي بتصحيح
الأخطاء المادية الصادر بتاريخ 9/9/2024، استنادًا إلى أن هذا الحكم اشتمل على
طلبي تصحيح وأن طلب التصحيح الثاني قُدِّم إلى هيئة التحكيم بعد انقضاء الميعاد
المقرر قانونًا، كما استندت إلى أن حكم التحكيم قد صدر بالنسبة للطلبين المشار
إليهما بعد انقضاء الميعاد المحدد في ال مادة 38/2 من قواعد مركز دبي للتحكيم
الدولي لعام 2007، التي اتفق الطرفان على تطبيقها، إلا أن الحكم المطعون فيه قد
اقتصر على بحث الشق الخاص ببطلان طلب التصحيح الثاني لتقديمه بعد الميعاد وفصل
فيه، دون أن يتعرض لطلب بطلان حكم التحكيم الإضافي بالنسبة للطلب الأول لصدوره بعد
الميعاد المقرر في المادة 38 المشار إليها ولم يفصل فيه، وبالتالي يكون الحكم قد
أغفل خطأً أو سهوًا الفصل في هذا الطلب، مما يجعل سبيل الطاعنة للفصل فيه هو
الرجوع إلى ذات المحكمة مصدرة الحكم لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وليس الطعن عليه
بطريق التمييز، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير
مقبول.
وحيث
إنه ــ لما تقدم ــ يتعين رفض الطعن.
ثانيًا:
الطعن رقم 10 لسنة 2025 تجاري
حيث
إن الطعن قد أقيم على سببين تنعى الطاعنة ب الوجه الأول من السبب الأول والوجه
الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في
الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه قد تم إخطارها بصدور حكم التحكيم النهائي بتاريخ
8/7/2024، فتقدمت بطلب تصحيح الخطأ المادي الوارد به بتاريخ 16/7/2024 في الميعاد
المحدد بالمادة 38/2 من قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لعام 2007 ــ التي اتفق
الطرفان على تطبيقها ــ فيجوز لها تقديم طلب تصحيح تكميلي، ولا يُعد ذلك طلبًا
جديدًا بل هو إضافة إلى طلب التصحيح الأول المقدم منها في الميعاد، إذ إن القانون
لا يمنع أثناء المرافعة أمام المحكمة إضافة أسباب جديدة أو التعديل فيها مادام لم
تخرج عن نطاق ما تضمنه طلب التصحيح، ومن ثم فإن تقديم طلب التصحيح في الميعاد يخول
هيئة التحكيم التعرض لتصحيح جميع الأخطاء المادية والحسابية الواردة بحكمها
النهائي دون أن تتقيد بما ورد في طلب التصحيح، إذ إن العبرة في قبول طلب التصحيح
من عدمه هو تقديمه خلال المهلة المحددة قانونًا، وليس بما اشتمل عليه من بيان لبعض
الأخطاء المستوجبة للتصحيح، إذ يجوز تعديل تلك الأسباب أو الإضافة إليها سواءً من
طالب التصحيح أو بمبادرة من هيئة التحكيم، كما أن المادة المذكورة لم تنص صراحةً
على البطلان كأثر لتجاوز المهلة المحددة لتقديم طلب التصحيح، إلا أن الحكم خالف
هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم الإضافي بشأن طلب التصحيح الثاني لأنه قُدم
بتاريخ 9/8/2024 بعد انقضاء الميعاد الوارد في المادة المشار إليها، مما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث
إن النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 17 من المرسوم رقم 11 لسنة 2007
بالمصادقة على قواعد التحكيم لدى مركز دبي الدولي للتحكيم ــ المنطبق على الوقعة
محل النزاع ــ على أن "1ــ تخضع الإجراءات المتبعة أمام الهيئة لأحكام هذه
القواعد وفي حالة عدم وجود نص في هذه القواعد فتخضع لأية قواعد يختارها الأطراف أو
تقررها الهيئة إذا لم يتفق الأطراف على ذلك. 2ــ..."، يدل على أن القواعد
الإجرائية الواجبة التطبيق على التحكيم الذي يتم تحت مظلة مركز دبي للتحكيم الدولي
هي القواعد الصادرة عن هذا المركز، وفي حالة عدم وجود نص فيها تُطبق القواعد
الإجرائية التي يتفق عليها أطراف التحكيم، وفي حالة عدم اتفاقهم تحدد هيئة التحكيم
الإجراءات الواجبة بشرط ألا تخالف النصوص الآمرة في القوانين الواجبة التطبيق
والمعمول بها في الدولة. وأنه لا محل لتأويل النص الواضح الصريح متى كان قاطعًا في
الدلالة على المُراد منه، ولا محل للخروج عليه بدعوى تفسيره أو البحث عن الغرض
منه. وكان النص في المادة 38/2 من قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لعام 2007 ــ
التي اتفق الطرفان على تطبيقها ــ قد جرى على أنه "يجوز لأي من الأطراف خلال
ثلاثين يومًا من استلام حكم التحكيم، أن يتقدم بطلب خطي إلى الهيئة، مع إرسال نسخة
إلى المركز وإلى الطرف الآخر، لتصحيح أي خطأ حسابي أو مطبعي أو مادي في حكم
التحكيم، وإذا وجدت الهيئة أن الطلب مبرَر فعليها تصحيح الخطأ خلال ثلاثين يومًا
من استلام ذلك الطلب، ويتخذ التصحيح شكل حكم تحكيم إضافي موقع من الهيئة، ويُعد
جزءًا من حكم التحكيم"، يدل بوضوح على أن المشرع قد حدد فترة زمنية لتقديم
جميع طلبات تصحيح الأخطاء المادية التي تُقدَّم من الأطراف إلى هيئة التحكيم، وذلك
خلال ثلاثين يومًا من تسلّمهم حكم التحكيم النهائي، دون أن يُفرق بين ما أسمته
الطاعنة طلبًا أصليًا وطلبًا تكميليًا، وأنه إذا انقضت هذه المدة فلا يكون الطلب
مقبولًا، خاصةً أن ولاية هيئة التحكيم محددة النطاق بما اتفق الطرفان على إسناده
إليها، سواءً كان الاتفاق على قواعد يحددها الطرفان لهيئة التحكيم، أو اتفاقهما
على خضوع التحكيم لقواعد محددة مسبقًاً مثل القواعد النموذجية أو قواعد مراكز
التحكيم، وفي جميع الأحوال تكون ولاية هيئة التحكيم مقصورة على ما تم الاتفاق عليه
في هذا الشأن، وخارج هذا النطاق تفقد هيئة التحكيم ولايتها للفصل في أي من طلبات
الطرفين، ويكون ما يصدر عنها خارج هذا النطاق معيبًا لصدوره من غير ذي ولاية، ومن
ثم لا يجوز تقديم طلبات تصحيح بعد انقضاء هذا الميعاد، سواءً عن طريق تقديم طلب
جديد لم يسبق تقديمه، أو عن طريق تعديل طلب التصحيح المقدم في الميعاد. ولا يغير
من ذلك ما أثارته الطاعنة من أنه يجوز تعديل الطلبات أو الإضافة إليها أثناء
المرافعة أمام المحكمة وفقًا لقانون الإجراءات المدنية؛ ذلك أن اتفاق الأطراف على
إخضاع منازعاتهم لمركز تحكيم دائم، وطنيًا كان أو دوليًا، واختيارهم له ليتم
التحكيم تحت مظلته، يعني أنهم قد جعلوا من قواعد هذا المركز قانونًا متفقًا عليه
بينهم ليحكم إجراءات التحكيم، فتكون هذه القواعد هي الواجبة التطبيق فيما لا يخالف
النظام العام ومن ثم يلتزمون بما جاء في نصوصها من أحكام وإجراءات، مثلما تحكم
قواعد قانون الإجراءات المدنية عمل محاكم الدولة، ومن ثم فإن قواعد هذا المركز
تمنع وتحجب تطبيق أي قانون آخر، ولا يكون للأطراف بعد ذلك الطعن على أي إجراء تم
طبقًا لهذه القواعد التي اختاروها وقبلوا بإرادتهم الحرة تطبيقها، وإذ التزم الحكم
المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان حكم التحكيم الإضافي بشأن قبوله طلب تصحيح الخطأ
المادي الثاني المقدم من الطاعنة بتاريخ 9/8/2024 بعد انقضاء الميعاد الوارد في
المادة بالمادة 38/2 من قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لعام 2007 الواجبة التطبيق،
فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله يكون على غير أساس.
وحيث
إن الطاعنة تنعى ب الوجه الثاني من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني على
الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن
الحكم المطعون فيه قضى ببطلان حكم التحكيم الإضافي بشأن طلب التصحيح الثاني المقدم
منها بتاريخ 9/8/2024 على الرغم من ثبوت الخطأ المادي الوارد في حكم التحكيم
النهائي، مما يثبت صحة طلب التصحيح الثاني وعدم استحقاق المطعون ضدها للمبلغ
المطلوب خصمه بموجب هذا الطلب، هذا فضلًا عن أنه وبفرض أن طلب التصحيح الثاني يُعد
طلبًا جديدًا تم تقديمه بعد الميعاد المحدد، فإن ذلك لا يستتبع بطلان حكم التحكيم
الإضافي بشأن طلب التصحيح الأول المقدم خلال الميعاد المنصوص عليه في المادة 38/2
من قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي لعام 2007، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث
إن النعي غير مقبول، ذلك بأنه من المقررـ في قضاء هذه المحكمة ـ أنه يجب إيراد سبب
النعي على الدعامة التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه والتي لا يقوم له قضاء
بدونها، أما تعييبه فيما لم يتطرق إليه فإنه يكون واردًا على غير محل من قضائه.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد وقف بقضائه عند حد القضاء ببطلان حكم
التحكيم الإضافي بشأن طلب التصحيح الثاني لتقديمه بعد الميعاد ، ومن ثم لم يتطرق
لموضوع هذا الطلب كما لم يتطرق لحكم التحكيم الإضافي بشأن طلب التصحيح الأول، بما
يكون معه النعي عليه في هذا الشأن واردًا على غير محل من قضائه، ومن ثم غير مقبول
.
وحيث
إنه ــ لما تقدم ــ يتعين رفض الطعن.
فلهذه
الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعنين وألزمت كل طاعنة مصاريف طعنها مع مصادرة مبلغي التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق