جلسة 24 من أكتوبر سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عادل يونس، وعبد الحسيب عدي، ومحمود إسماعيل، وحسن خالد المستشارين.
-----------------
(132)
الطعن رقم 1213 لسنة 30 القضائية
جرائم عسكرية. استدلال. الفارق بين التفتيش في معنى الاستدلال المخول لمأمور الضبط القضائي بنص المادة 46 أ. ج والتفتيش كإجراء تحفظي.
تفتيش جندي الجيش عند القبض عليه لمخالفته التعليمات العسكرية هو إجراء تحفظي يسوغ القيام به من أي فرد من أفراد السلطة العامة المنفذة لأمر القبض للتحوط من استعمال الشخص ما عساه يكون معه من أشياء في إيذاء نفسه أو غيره أو من يتواجدون معه في محبسه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول المرافق. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام ماعدا 33/ جـ وبدلاً عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاثة سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة المواد المخدرة المضبوطة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في القانون إذ أن المحكوم عليه تمسك ببطلان القبض عليه وما تلاه من تفتيش باعتبار أن ما نسب إلى الطاعن لا يعدو أن يكون مخالفة مرور لا تبيح القبض عليه - وسلم الحكم صراحة بأن ما نسب إلى المتهم هو مخالفة سير ولكنه حملها ما لا تطيق من المعاني وخلع عليها وصف الجريمة العسكرية التي تخول قائد الشرطة العسكرية أن يأمر بالتحفظ على المتهم، ومتى وقع القبض باطلاً فلا شك في أن التفتيش باطل أيضاً لأن الطاعن لم يكن في حالة التلبس حتى يصح تفتيشه قانوناً. ثم قال الطاعن إن الحكم أخطأ في الإسناد وشابه قصور في البيان إذ أن الشاهد شوقي أبو المكارم يقول في شهادته إنه أثناء تفتيش المتهم وجدت ورقتان صغيرتان وسمع أن رجال القوة وجدوا قطعتين من الحشيش سقطتا منه وهذه الشهادة مبنية على السماع وليست شهادة رؤية وعيان كما ذهب الحكم.
وحيث إن واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تتلخص في أن المتهم كان جندياً ووضع تحت المراقبة لمخالفته التعليمات العسكرية إذ كان يذهب أثناء عمله إلى أمكنة غير مسموح بها في وقت العمل وفي 14/ 12/ 1955 وجد في إحدى الأمكنة المذكورة وأحضره رجال المباحث إلى قائد الشرطة العسكرية ولما كان عمله يعد جريمة عسكرية فقد أمر بالتحفظ عليه في إحدى الغرف ومن مقتضى ذلك أن يجرى تفتيشه وفي أثناء التفتيش عثر معه الباشجاويش على المادة المخدرة داخل حذائه وقد رد الحكم على دفاعه بشأن ظروف القبض عليه بقوله: "إن قانون الأحكام العسكرية صريح في أن من يرتكب أية جريمة عسكرية يتخذ ما يلزم من التدابير اللازمة للتحفظ عليه وتقدير الجريمة والتحفظ أمر متروك إلى القائد العسكري. ولا شك في أن ذهاب المتهم إلى أمكنة لا يصح له الجلوس فيها أثناء العمل الرسمي وإركابه أشخاصاً مدنيين على موتوسيكل الجيش وتوالي هذه المخالفات منه يعد في نظر القانون العسكري جريمة يتحفظ عليه بعد ضبطه لاتخاذ إجراءات محاكمته فيكون القبض والتحفظ الذي اقتضى إجراء التفتيش قد وقعا صحيحين منتجين لآثارهما" لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من قانون الأحكام العسكرية تنص على أنه "عندما يرتكب أحد الأشخاص الخاضعين للأحكام العسكرية جناية ما يقتضي اتخاذ ما يلزم من التدابير لأجل تحقيق قضية بدون تأخير ويصير التحفظ على الجاني بحجزه في الحبس متى كانت الجناية جسيمة أو اقتضت الحالة موافقة التحفظ عليه" وجاء في المادة العاشرة أن سلطة تحديد نوع الإيقاف والحجز بالنسبة لصف الضابط هي في يد الضابط ذي الشأن الآمر به. ولما كان القبض الذي وقع على المتهم قد تم بناء على أمر الضابط المختص، وكان التفتيش الذي يجرى عليه بعد ذلك وقبل دخوله إلى المكان الذي يعد للتحفظ عليه هو أمر يسيغه القانون لأن هذا التفتيش وإن لم يكن نظير التفتيش الذي عده القانون من إجراءات الاستدلال التي تجوز لمأموري الضبط بالمعنى المشار إليه في المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية ولكن سند إباحته كائن في أنه إجراء تحفظي يسوغ لأي فرد من أفراد السلطة المنفذة لأمر القبض القيام به دفعاً لما قد يحتمل من أن يلحق المتهم أذى بشخصه من شيء يكون معه أو أن يلحق مثل هذا الأذى بغيره ممن يباشرون القبض عليه أو يوجدون معه في محبسه إذا أودع فيه، ولذلك فإن ما انتهى إليه الحكم في مطابقة القبض على الطاعن وتفتيشه لحكم القانون صحيحاً لا غبار عليه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على أقوال الشاهد شوقي أبو المكارم عبد الرحمن أنه ذكر رؤيته القطعتين التي كان الطاعن يحرزهما عند سقوطهما وهو يخلع حذاءه وكان للمحكمة أن تأخذ من أقوال الشاهد بما تطمئن إليه وتعتقد صحته، فلا تثريب عليها إذا هي اعتبرته شاهد رؤية بناء على ما شهد به أمامها بالجلسة.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق