الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 12 ديسمبر 2024

الطعن 1186 لسنة 30 ق جلسة 17 / 10/ 1960 مكتب فني 11 ج 3 ق 129 ص 678

جلسة 17 من أكتوبر سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: السيد أحمد عفيفي، وتوفيق أحمد الخشن، وعبد الحليم البيطاش، ومحمود إسماعيل المستشارين.

---------------

(129)
الطعن رقم 1186 لسنة 30 القضائية

تحقيق. التصرف فيه. إحالة الجنايات من المحاكم العسكرية. محكمة الجنايات اختصاص.

إحالة قضايا الجنايات التي لم تبدأ المحاكم العسكرية نظرها بعد إلغاء الأحكام العرفية إلى محكمة الجنايات - لا غرفة الاتهام. الم 2 من الق 270 لسنة 1956.

----------------
مقتضى نص المادة الثانية من القانون رقم 270 لسنة 1956 - بشأن إلغاء الأحكام العرفية أن إحالة قضايا الجنايات التي لم تبدأ المحاكم العسكرية في نظرها إنما يكون إلى محكمة الموضوع المختصة - وهي محكمة الجنايات - فتنتقل القضية من المحكمة التي كانت مختصة بنظرها إلى المحكمة التي انعقد لها الاختصاص الجديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: عرض رشوة على مستخدم عمومي للإخلال بواجبات وظيفته، وذلك بأن عرض على سكرتير مجلس التأديب بمصلحة السكة الحديد مبلغ أربعة جنيهات ونصف على سبيل الرشوة مقابل انتزاع بعض أوراق مرفقة بملف القضية التأديبية الخاصة بالدعوى التأديبية المرفوعة ضده وتسليمه هذه الأوراق لإخفائها ولكن المستخدم العمومي لم يقبل الرشوة منه وطلبت النيابة المذكورة من المحكمة العسكرية العليا معاقبة المتهم بالمواد 104 و109/ 1 مكرر و110 و111 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 وقررت المحكمة العسكرية العليا إحالة القضية إلى محكمة الجنايات طبقاً للقانون رقم 270 لسنة 1956 وصدر الحكم على المتهم غيابياً - ولما ضبطت أعيدت محاكمته. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 109 مكرر، 110 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الرشوة المضبوط. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وبالقصور والإخلال بحق الدفاع بالإضافة إلى ما شاب إجراءات المحاكمة من بطلان، وفي ذلك يقول الطاعن إن الحكم المطعون فيه قد استند في إدانته إلى دليل مستمد من أقوال المبلغ الذي عرض عليه الطاعن الرشوة وأن الإجراءات التي تمت للوصول إلى هذا الدليل كانت بغير علم النيابة العامة مما يجعل إسناد الاتهام إلى الطاعن على أساس هذا الدليل إسناداً خاطئاً، فوق أن الحكم المطعون فيه لم يناقش دفاع الطاعن من أنه لم يقدم الرشوة إلى المبلغ بل أن هذا الأخير هو الذي أخذ المبلغ عنوة من فوق المنضدة التي كان يجلس إليها معه وذلك رغم إرادة الطاعن ومما نعته - وهو ما تنعدم به جريمة الرشوة وهي التي تقوم على العرض أو التقديم من جانب المتهم - لا على انتزاع المبلغ وأخذه بالقوة ثم الادعاء بأنه قدم على سبيل الرشوة، وفي ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخل بحق الطاعن في الدفاع بإطراح دفاعه هذا وعدم الرد عليه أو مناقشته - ويضيف الطاعن إلى ذلك أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بتحصيل الواقعة على أنها حدثت في المدة من 11/ 2/ 1956 إلى 2/ 4/ 1956 من عرض الطاعن على المبلغ رشوة قدرها خمسين جنيهاً ثم تخفيضها في يوم آخر إلى عشرين جنيهاً ثم انتهى الحكم إلى مؤاخذته الطاعن عن واقعة دفعه مبلغ أربعة جنيهات ونصف للمبلغ في يوم 2/ 4/ 1956 - هذا وقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه شابه البطلان لصدوره من محكمة الجنايات بعد إحالة الدعوى وتقديمها إليها مباشرة دون تقديمها إلى غرفة الاتهام أولاً، ويضيف الطاعن إلى ذلك أن الحكم لم يناقش بالتفصيل شهادة الشاهدين محمد فهمي الخشاب وعامل المقهى، كما لم يعرض لما قاله الشهود في صالح الطاعن.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المتهم التقى بشوقي السيد علي سكرتير مجلس التأديب (المبلغ) وطلب منه أن يخفي بعض أوراق القضية التأديبية لقاء مبلغ خمسين جنيهاً وعده بدفعها فتقدم هذا بشكوى إلى مدير إدارة الشئون القانونية الذي حولها بدوره إلى حكمدارية السكة الحديد وجرى التحقيق فيها بمعرفة ضابط مباحث السكة الحديد محمد صالح شكري الذي سأل الشاكي بتاريخ 9/ 2/ 1956 فردد ما ورد بشكواه فكلفه بمسايرته وانتظار اتصاله به ثم أعاد سؤاله بتاريخ 3/ 3/ 1956 فأجابه بأن المتهم لم يتصل به - على أنه بتاريخ 13/ 3/ 1956 حضر المبلغ إلى الضابط وأبدى أمامه أقوالاً مؤداها أن المتهم حضر له يوم 8 أو 9 مارس سنة 1956 وسأله عن الموعد الذي حدد لنظر موضوعه أمام مجلس التأديب فأجابه بأنه أول أبريل... وبتاريخ 20 مارس سنة 1956 أبلغ الشاكي أن المتهم حضر له بمكتبه في اليوم السابق وطلب الإطلاع على الملف... إلخ ووعده بأنه سيدفع له 20 جنيهاً... ثم اتفقا على المقابلة يوم 25/ 3/ 1956" ثم تابع الحكم المطعون فيه تفصيل هذه الواقعة بأن الضابط المحقق عهد إلى زميله صادق الدسوقي معاون المباحث أمر ضبط المتهم متلبساً بالجريمة لأنه يعرفه ويخشى افتضاح الأمر، ولما تحدد ميعاد المقابلة بين المبلغ والمتهم في يوم 1/ 4/ 1956 راقبهما الضابط المنوط به عملية القبض على المتهم ورآهما حين التقيا وجلسا يتضاحكان ثم اعتذر المبلغ عن عدم إحضار الأوراق المطلوبة بحجة أن رئيس المجلس طلب القضية للاطلاع عليها ثم تحدد بينهما ميعاد المقابلة في اليوم التالي 2/ 4/ 1956 وقد استأذن الضابط النيابة العامة في ضبط وتفتيش المتهم وفي الوقت المحدد انتقل الضابط وزميله هندي أحمد هندي وقوة من المخبرين إلى قهوة البوسفور حيث كان موعد المقابلة وقام الضابط بتفتيش المبلغ وسلمه مظروفاً به الأوراق التي طلبها المتهم (الطاعن) وقد تم ضبط المتهم وبيده مظروف الأوراق المطلوبة كما وجد مع المبلغ مبلغ أربعة جنيهات ونصف قيمة الرشوة التي أعطاها له المتهم. واستند الحكم المطعون فيه في إدانة الطاعن إلى شهادة المبلغ والضابط هندي أحمد هندي والضابط صادق دسوقي، وقد أشار الحكم المطعون فيه إلى إنكار المتهم وإلى ادعائه بأن المبلغ هو الذي خطف المبلغ المدعي بتقديمه إليه على سبيل الرشوة ثم انتهى إلى ما ذكرته المحكمة من أنها تطمئن إلى أقوال المبلغ التي تأيدت بشهادة الضابط هندي أحمد هندي الذي رأى بنفسه واقعة تسليم المبلغ للشاكي.
وحيث إن هذا الذي حصله الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وما اشتمله من الأسباب المؤيدة لما انتهى إليه من إدانة الطاعن سائغ وسديد، وقد كونت فيه المحكمة عقيدتها مما اطمأنت إليه من الأدلة والعناصر التي رددتها - وهي أدلة وعناصر تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، ولم تأخذ بدفاع الطاعن بعد أن ناقشته، كما اطمأنت إلى الإجراءات التي تمت في الدعوى وانتهت إلى ضبط الطاعن متلبساً بالجريمة - وهي إجراءات سليمة لا شائبة فيها من ناحية القانون - لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن عن القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع لا محل له.
وحيث إنه بالنسبة لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون لتحصيله وقائع الدعوى على أنها حدثت في المدة من 11/ 2/ 1956 حتى 2/ 4/ 1956 مع أنه انتهى عند إدانته إلى قصر ذلك على واقعة تقديم الرشوة التي تمت في يوم 2/ 4/ 1956 فواضح أن الحكم المطعون فيه حصل واقعات الدعوى من وقت عرض الطاعن الرشوة على المبلغ يوم 9/ 2/ 1956 ثم مفاوضاته معه بعد ذلك إلى أن تم تقديم مبلغ أربعة جنيهات ونصف على سبيل الرشوة في 2/ 4/ 1956 وليس في هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه أي خطأ في تطبيق القانون - بل على العكس فقد جاء تحصيل المحكمة له تحصيلاً سليماً ومطابقاً للحقيقة والواقع، ويكون النعي بأن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون نعياً غير سليم ولا محل له. أما ما يقوله الطاعن من أن النيابة العامة أقامت الدعوى العمومية ضد المتهم أمام المحكمة العسكرية العليا لمعاقبته عن جناية الرشوة المسندة إليه ثم بعد إلغاء الأحكام العرفية بالقانون رقم 270 لسنة 1956 أحالت الدعوى إلى محكمة الجنايات العادية وذلك إعمالاً لنص المادة الثانية من هذا القانون التي تنص على أن "تحال القضايا التي لم تبدأ المحاكم العسكرية في نظرها إلى المحاكم العادية المختصة لنظرها وفقاً للأحكام المقررة في قانون الإجراءات الجنائية وتستمر المحاكم العسكرية في نظر القضايا التي كانت قد بدأت في نظرها" ولما كان مقتضى هذا النص أن إحالة قضايا الجنايات التي لم تبدأ المحاكم العسكرية في نظرها إنما يكون إلى محكمة الموضوع المختصة بعد إلغاء الأحكام العرفية وهي محكمة الجنايات - فتنتقل القضية من المحكمة التي كانت مختصة بنظرها إلى المحكمة التي انعقد لها الاختصاص الجديد وهو ما تم في شأن القضية الحالية. أما باقي ما جاء بأسباب الطعن في شأن عدم مناقشة أقوال بعض الشهود وما قالوه في صالح المتهم، فإن الحكم المطعون فيه قد أورد من أقوال شهود الإثبات ما يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة، وما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى هذه الأقوال، وكان من حقها أن لا تأخذ ببعض أقوال الشاهد التي لا ترتاح لها، وكان ما يثيره الطاعن هو من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا تلزم المحكمة بالرد عليه ما دام هذا الرد مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الإثبات التي أحاط الحكم بها. لما كان ذلك، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق