جلسة 21 من مايو سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاطف عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / كمال عبد اللاه و د. أحمد عثمان نائبي رئيس المحكمة ومحمد الحنفي ويوسف عبد الفتاح .
-------------------
(39)
الطعن رقم 11029 لسنة 89 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه . أثره : عدم قبوله شكلاً .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراده مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(3) إتلاف . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة الإتلاف العمدي المؤثمة بالمادة 361 عقوبات . لا تستلزم قصداً خاصاً . القصد الجنائي فيها . مناط تحققه ؟
مثال .
(4) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعنين على الحكم بشأن جريمة القتل العمد التي لم يدنهم بها . غير مقبول .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم بشأن شهادة شاهد لم يتساند إليها في الإدانة أو يورد لها ذكراً في مدوناته . غير مقبول .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
(7) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تناقض الشهود في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود . موضوعي .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام الحكم بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان القبض . ما دام لم يعول على دليل مستمد منه .
(9) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية تصوير الواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(10) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بأمر لا يتصل بقضائه . غير مقبول .
مثال .
(11) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(12) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم . علة ذلك ؟
(13) عقوبة " تقديرها " . ظروف مخففة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها . موضوعي .
(14) عقوبة " تطبيقها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " أثر الطعن " . محكمة النقض " سلطتها " .
إدانة الحكم الطاعنين وفقاً للفقرتين الأولى والثالثة من المادة 361 عقوبات ومعاقبتهما بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات بدلاً من السجن . خطأ في تطبيق القانون . لمحكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك ؟
اتصال الخطأ الذي تردى فيه الحكم بطاعن آخر قضي بعدم قبول طعنه شكلاً . يوجب امتداد تصحيح الحكم إليه . علة وأساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، ومن ثم فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له .
3- لما كانت المادة 361 من قانون العقوبات لا تستلزم قصداً جنائياً خاصاً ، إذ القصد الجنائي في جريمة الإتلاف يتطابق فيما اعتبره القانون من الجنايات منها والجنح ، وهو ينحصر في تعمد الجاني ارتكاب الفعل الجنائي المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون ويتلخص في اتجاه إرادة الجاني إلى إحداث الإتلاف مع علمه بأنه يحدثه بغير حق ، وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت بمدوناته قيام الطاعنين والمحكوم عليه الثاني بارتكاب الجريمة المسندة لهم بركنيها المادي والمعنوي والمتمثل في إتلاف سيارة المجني عليه بعد قيامهم بإضرام النار فيها والذي ترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر إذ نتج عن مكافحة الحريق إصابة المجني عليه ووفاته فيما بعد ، ومن ثم فإنه يكون قد توافرت أركان جريمة الإتلاف العمدي المؤثمة بالمادة 361 /3،1 من قانون العقوبات في حقه ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد .
4- لما كان الحكم لم يدن الطاعنين بجريمة القتل العمد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
5- لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعنين إلى شهادة شقيق المجني عليه ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعنين في خصوص شهادة هذا الشاهد لا يكون له محل .
6- لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد .
7- لما كان التناقض في أقوال الشهود – بفرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ، إذ إن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الدليل المستمد منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل بما لا يجوز معه إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كان الحكم المطعون فيه – فيما أورده من بيان للواقعة وسرد لأدلتها – لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعن الأول وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان القبض ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد .
9- من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ، ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله .
10- لما كان ما يثيره الطاعنان بشأن إصابة المجني عليه بالرأس وموقف الضارب من المضروب آنذاك أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فإن منعاهما في هذا الخصوص يكون لا محل له .
11- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، إذ إن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً لوجهه ، وكان الطاعنان لم يفصحا بأسباب طعنهما عن الدفوع المبداة منهما التي أعرضت المحكمة عنها وتقاعست عن تحقيقها ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
12- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمامها ، وما دامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث قناعتها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة يكون غير قويم .
13- لما كان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي أوقعت من أجلها العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين بشأن العقوبة الموقعة عليهما غير سديد .
14- لما كان البين أن الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعنين حكم المادة 361/ 3،1 من قانون العقوبات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه ، وكان الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن المشدد لمدة خمس سنين بدلاً من عقوبة السجن ، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه وفقاً للقانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على مخالفة القانون ، فإنه يتعين وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين تصحيح الحكم وفقاً للقانون بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها بجعلها السجن خمس سنوات . لما كان ذلك ، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الآخر الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملا ًبمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ، ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم أو تصحيحه واحدة ، إذ تأبى العدالة أن يمتد أثر نقض الحكم ، ولا يمتد هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع ، مما يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها على سالف الذكر أيضاً هي السجن لمدة خمس سنوات ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
أولاً : قتلوا عمداً المجني عليه / .... مع سبق الإصرار وذلك بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على تنفيذ مخططهم الإجرامي وأعدوا لهذا الغرض مادة حارقة ( بنزين ) وذلك بأن سكبوا سائل البنزين على السيارة المملوكة له وأضرموا النيران بها وحال دفعه الضرر عن ماله أحرقت النيران جسده وهو أمر متوقع حدوثه إلا أنهم أتوا تلك الأفعال ومرحبين بها مما تسبب في إحداث إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً : أتلفوا عمداً سيارة المجني عليه سالف الذكر وذلك بأن سكبوا البنزين بها وأضرموا النيران بها فأحدثوا ما بها من تلفيات وترتب على ذلك جعل حياة الناس وأمنهم في خطر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعت .... زوجة المجني عليه مدنياً قبل المتهمين بمبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 361 /3،2،1 من قانون العقوبات ، بمعاقبتهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وبتغريم كل منهم ألف جنيه وألزمتهم بالمصاريف الجنائية ، وبإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المدنية المختصة ، بعد أن استبعدت التهمة الأولى من وصف الاتهام .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني / .... :
لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ، ومن ثم فإن طعنه يكون غير مقبول شكلاً .
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليهما الأول / .... والثالث / .... :
من حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الإتلاف العمدي الذي ترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه صيغ في عبارة مجملة ، ولم يورد الأسباب التي أقام عليها قضاءه بالإدانة ، وقَصَرَ في استظهار القصد الجنائي في حقه في جريمتي الإتلاف والقتل اللتين دانه بهما ، وعول على أقوال شقيق المجني عليه رغم تناقضها وأنها مُملاة عليه فضلاً عن تعارضها مع باقي أدلة الدعوى الأخرى ، وتساند إلى تحريات الشرطة رغم أنها خلت من ذكر للطاعن الثالث ولم تحدد دوره في الواقعة ، فوق تناقضها مع أقوال شاهدة الإثبات الأولى ، والتفت عن دفع الطاعن الأول ببطلان القبض عليه لحصوله قبل صدور الأمر به مما يشير إلى كيدية الاتهام وتلفيقه ، كما أعرض عن دفاعهما بعدم معقولية تصوير الواقعة ، وتعارض الأدلة القولية مع الأدلة الفنية في صدد تصوير إصابة المجني عليه بالرأس وموقف الضارب من المضروب آنذاك ، واطرح باقي دفوعهما الأخرى بعبارة مجملة فيما تقاعست المحكمة عن تحقيقها ، ولم يفطــن الحـكم لما شاب تحقيقات النيابة العامة من قصور في تحري صحة وكالة مقدم البلاغ قبل الطاعن الثالث وصلته بالمجني عليه ، ودانهما بعقوبة مغلظة غير مراعٍ حداثة سنهما ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المادة 361 من قانون العقوبات لا تستلزم قصداً جنائياً خاصاً ، إذ القصد الجنائي في جريمة الإتلاف يتطابق فيما اعتبره القانون من الجنايات منها والجنح ، وهو ينحصر في تعمد الجاني ارتكاب الفعل الجنائي المنهي عنه بأركانه التي حددها القانون ويتلخص في اتجاه إرادة الجاني إلى إحداث الإتلاف مع علمه بأنه يحدثه بغير حق ، وإذن فمتى كان الحكم قد أثبت بمدوناته قيام الطاعنين والمحكوم عليه الثاني بارتكاب الجريمة المسندة لهم بركنيها المادي والمعنوي والمتمثل في إتلاف سيارة المجني عليه بعد قيامهم بإضرام النار فيها والذي ترتب عليه جعل حياة الناس وأمنهم في خطر إذ نتج عن مكافحة الحريق إصابة المجني عليه ووفاته فيما بعد ، ومن ثم فإنه يكون قد توافرت أركان جريمة الإتلاف العمدي المؤثمة بالمادة 361/3،1 من قانون العقوبات في حقه ، ويكون ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يدن الطاعنين بجريمة القتل العمد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعنين إلى شهادة شقيق المجني عليه ولم يورد لها ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعنين في خصوص شهادة هذا الشاهد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان التناقض في أقوال الشهود – بفرض وجوده – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه ، إذ إن وزن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع واطمئنانها إلى الدليل المستمد منها ، ومن ثم فإن منازعة الطاعنين في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل بما لا يجوز معه إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – فيما أورده من بيان للواقعة وسرد لأدلتها – لم يشر إلى حدوث قبض على الطاعن الأول وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من هذا القبض ، ومن ثم فقد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالاً على الدفع ببطلان القبض ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم معقولية تصوير الواقعة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان بشأن إصابة المجني عليه بالرأس وموقف الضارب من المضروب آنذاك أمر لم يتصل بقضاء الحكم ، فإن منعاهما في هذا الخصوص يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، إذ إن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً لوجهه ، وكان الطاعنان لم يفصحا بأسباب طعنهما عن الدفوع المبداة منهما التي أعرضت المحكمة عنها وتقاعست عن تحقيقها ، فإن ما يثيرانه في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، إذ العبرة عند المحاكمة هي بالتحقيق الذي تجريه المحكمة بنفسها ، ومن ثم فإن تعييب التحقيق الذي أجرته النيابة لا تأثير له على سلامة الحكم ، لأن العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة وبالتحقيقات التي تحصل أمامها ، وما دامت المحكمة قد استخلصت من مجموع الأدلة والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث قناعتها وعقيدتها بشأن واقعة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي أوقعت من أجلها العقوبة بالقدر الذي ارتأته ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين بشأن العقوبة الموقعة عليهما غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين أن الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعنين حكم المادة 361 /3،1 من قانون العقوبات والتي تعاقب على تلك الجريمة بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تجاوز ألف جنبه ، وكان الحكم إذ قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن المشدد لمدة خمس سنين بدلاً من عقوبة السجن ، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه وفقاً للقانون . لما كان ذلك ، وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على مخالفة القانون ، فإنه يتعين وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ما دام العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر في الحكم . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين تصحيح الحكم وفقاً للقانون بالنسبة للعقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها بجعلها السجن خمس سنوات . لما كان ذلك ، وكان الخطأ الذي تردى فيه الحكم يتصل بالطاعن الآخر الذي قضي بعدم قبول طعنه شكلاً ، فإنه يتعين أن يمتد إليه تصحيح الحكم المطعون فيه عملا ًبمفهوم نص المادة 42 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف الذكر ، ذلك أن علة امتداد هذا الأثر في حالتي نقض الحكم أو تصحيحه واحدة ، إذ تأبى العدالة أن يمتد أثر نقض الحكم ، ولا يمتد هذا الأثر في حالة التصحيح ، وهو ما يتنزه عنه قصد الشارع ، مما يتعين تصحيح الحكم المطعون فيه بجعل العقوبة المقيدة للحرية المقضي بها على سالف الذكر أيضاً هي السجن لمدة خمس سنوات ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق