جلسة 10 من أبريل سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة/ محمود التركاوى، د. مصطفى سالمان، محمد القاضي نواب رئيس المحكمة ود. محمد رجاء.
----------------
(78)
الطعنان رقما 1132، 1501 لسنة 84 القضائية
(1) معاهدات .
التصديق على المعاهدات ونشرها . مؤداه . معاملتها معاملة القانون من حيث الالتزامات والآثار المترتبة عليها . م 151 دستور . مثال .
(2) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب الوارد على غير محل " .
سبب النعي . وجوب وروده على الدعامة التي قام عليها قضاء الحكم ولا قيام بدونها . علة ذلك . مثال .
(3) نقل " نقل جوى : مسئولية الناقل الجوي " .
الضرر الناشئ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو . استيعابه للضررين المادي والأدبي معا . علة ذلك . عدم تعارضه في ذلك مع التشريع المصري . م 19 اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 .
(4) مسئولية " المسئولية التقصيرية : عناصر المسئولية : الضرر الأدبي " .
المساءلة المدنية . الأصل فيها . وجوب تعويض كل من لحقه ضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي . قضاء الحكم بالتعويض عن الضرر الأدبي إذا كان بين عناصر الضرر . صحيح .
(5- 8) نقل " نقل جوى : مسئولية الناقل الجوي " .
(5) مسئولية الناقل الجوي . ماهيتها . تعويض الضرر المترتب على وفاة أو جرح أو أذى الراكب . مقداره . ألا يجاوز التقدير المحدد بالمادة 22 من الاتفاقية . الاستثناء . وقوع الضرر من جراء فعل إيجابي أو سلبي من الناقل أو أحد تابعيه بقصد إحداث الضرر عمدا أو كان من قبيل الخطأ الجسيم . الإعفاء من المسئولية أو الحد منها طبقا لنص المادة 217 من القانون المدني . مؤداها . عدم اعتبار من أنواع الخطأ ما يعادل الغش ويأخذ حكمه سوى الخطأ الجسيم . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح . م 17 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929، الفقرة الأولى من م 22 من الاتفاقية والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955 والصادر بشأنها القانون رقم 644 لسنة 1955 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 31/12/1955 .
(6) تذكرة سفر الراكب . لها الحجية من حيث انعقاد عقد النقل وشروطه . شرطه . عدم قيام الدليل على عكسه . الفقرة الثانية من م 3 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 والمستبدلة ببروتوكول لاهاى 28 من سبتمبر سنة 1955 . مثال .
(7) مسئولية الناقل الجوي عن الضرر الناشيْ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع . بطلان أي شرط يهدف الى اعفائه من تلك المسئولية . عدم تحديد إتفاقية فارسوفيا لمعيار لمدة التأخير . أثره . اعتبارها المدة المعقولة . تحديد المدة المعقولة من سلطة محكمة الموضوع . م 19، 23 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929. مثال .
(8) الناقل المتعاقد . ماهيته . الناقل المتتابع . اشتراك اكثر من ناقل في تنفيذ عملية نقل جوي واحدة سواء من خلال عقد واحد أو عدة عقود . شرطه . نظرة الأطراف إليها باعتبارها عملية نقل جوي واحدة . م 1(ب) من اتفاقية جوادالاخارا (Guadalajara) لسنة 1961 المكملة لاتفاقية وارسو لتوحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الذي يقوم به شخص آخر غير الناقل المتعاقد . مثال .
(9) التزام " تعدد طرفي الالتزام : انقسام الالتزام " .
وصف عدم قابلية الالتزام للانقسام . مناطه . محل الالتزام . انصراف آثاره الى أطراف الالتزام . علة ذلك . م 300، 301 (1) مدني .
(10) نقل " نقل جوى : مسئولية الناقل الجوي " .
انتهاء الحكم المطعون فيه الى مسئولية الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية عن الأخطاء التي أدت الى حدوث إصابة للراكب . أثره . مسئولية كل منهما بالتضامن في أداء التزاماتهما عن عقد النقل الجوي وكذلك عند الإخلال بها . مؤداه . جواز مطالبة الراكب لهما بالتعويض مجتمعتين أو منفردتين عملا بالمادة 285 (1) من القانون المدني . التزام الحكم المطعون فيه ذلك . صحيح .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر أن النص فى المادة 151 من دستور 1971 –القائم وقت انضمام جمهورية مصر العربية للاتفاقية- على أن "رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة"، مفاده أنه بمجرد التصديق على المعاهدات من مجلس الشعب ونشرها بالجريدة الرسمية تعامل المعاهدة معاملة القانون فينصرف إليها ما ينصرف إلى القانون من جهة تحديد الالتزامات التي يحكمها سواء من حيث مداها وتحديد الآثار المترتبة عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 16 بتاريخ 23 من إبريل سنة 2005 أنه ووفق على اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوى الدولى الموقعة فى مونتريال بتاريخ 28 من مايو سنة 1999 مع التحفظ بشرط التصديق، وإذ نشرت تلك الاتفاقية رفق القرار الجمهوري سالف البيان بتاريخ 23 من إبريل سنة 2005، وكانت واقعة النقل الجوي الدولي محل النزاع بتاريخ 7/8/1999 فلا تنطبق تلك الاتفاقية على هذا النزاع، وتكون اتفاقية فارسوفيا (وارسو) 1929 هي واجبة التطبيق، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- وجوب إيراد سبب النعي على الدعامة التي أقام عليها الحكم قضاءه والتي لا يقوم له قضاء بدونها إذ إن الطعن بالنقض إنما يعنى مخاصمة الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم فإذا خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الشركة الطاعنة بمبلغ التعويض على سند من إصابة المطعون ضده الأول بالإصابات الثابتة بالتقرير الطبي الصادر بتاريخ 16/7/1999 عن مستشفى مركز نورث ريدج نتيجة التأخير في نقله من لندن إلى لوس أنجلوس على متن الطائرة التابعة لها ومكوثه بالمطارات لفترات طويلة، وليس على ما لحق حقائبه من تلفيات، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا الوجه وارداً على غير محل، ومن ثم غير مقبول.
3- المقرر في نص المادة 19 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الدولي عن طريق الجو The Convention for the Unification of certain rules relating to international carriage by air على "يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى ينشأ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو"، جاء عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده بدعوى الاستهداء بالحكمة منه إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، ومن ثم يُحمل لفظ "الضرر" الوارد بهذا النص على إطلاقه ولا محل لتخصيصه أو تقييده، وهو بذلك يستوعب الضرر المادي والضرر الأدبي على حد السواء، ولا تعارض في ذلك مع التشريع المصري.
4- الأصل في المساءلة المدنية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، هو وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، فلا على الحكم أن يقضى بالتعويض عن الضرر الأدبي طالما بين عناصره، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
5- النص في المادة 17 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 على أنه " يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى يقع في حالة وفاة أو جرح أو أي أذى بدني آخر يلحق براكب ..." وفى الفِقرة الأولى من المادة 22 من ذات الاتفاقية -والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955 والصادر بشأنها القانون رقم 644 لسنة 1955 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 31/12/1955- على أنه "في حالة نقل الأشخاص تكون مسئولية الناقل قبل كل راكب محدودة بمبلغ مائتين وخمسين ألف فرنك..." ونصت المادة 25 من ذات الاتفاقية - والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955- على أن "لا تسرى الحدود المنصوص عليها في المادة 22 متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع من جانب الناقل أو تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر وإما برعونة مقرونة بإدراك أن ضرراً قد يترتب على ذلك..."، يدل على أن الناقل يعد مسئولاً عن الضرر الذى يقع في حالة وفاة أو جرح أو أي أذى بدني آخر يلحق براكب ويكون تعويض هذا الضرر بمبلغ لا يجاوز التقدير المحدد بالمادة 22 من الاتفاقية، ومتى أثبت المضرور أن الضرر الذى وقع له من جراء فعل إيجابي أو سلبي من الناقل أو أحد تابعيه كان بقصد إحداث الضرر عمداً أو كان من قبيل الخطأ الجسيم، فيصح تجاوز الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه بالمادة المشار إليها. ولما كانت المادة 217 من القانون المدني الخاصة بشروط الإعفاء من المسئولية أو الحد منها لا تعتبر من أنواع الخطأ ما يعادل الغش ويأخذ حكمه سوى الخطأ الجسيم فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص صائباً من الأوراق وقوع خطأ جسيم من الناقل الجوي وأن ذلك يستوجب تعويض المضرور بالمبلغ المقضي به، فإن ما تثيره الطاعنة حول تجاوز مبلغ التعويض للحد المنصوص عليه بالمادة 22 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) يكون على غير أساس.
6- نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955على أنه "ما لم يقم الدليل على العكس، تكون لتذكرة السفر حجيتها من حيث انعقاد عقد النقل وشروطه..."، ولما كان الثابت بالأوراق أن تذكرة السفر التي أصدرتها الشركة المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضده الأول مؤكدة للسفر على متن الطائرة التابعة للشركة الطاعنة بالرحلة رقم ...، ولم تقدم الأخيرة أمام محكمة الموضوع الدليل على عكس ذلك أو على انتفاء إخطار مدير الإياتا لخدمات المسافرين بالحجز على الرحلة البريطانية المتجهة من لندن إلى لوس أنجلوس، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
7- النص في المادة 19 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 على أن "يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى ينشأ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو"، وفى المادة 23 من ذات الاتفاقية على أن " كل شرط يهدف إلى إعفاء الناقل من المسئولية أو تقرير حد أدنى من الحد المعين في هذه الاتفاقية يكون باطلاً وكأنه لم يكن، على أن بطلان هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان العقد كله الذى يظل مع ذلك خاضعاً لأحكام هذه الاتفاقية"، مؤداه بطلان أي شرط يهدف إلى إعفاء الناقل من المسئولية عن التأخير في نقل الركاب، غير أنه لما كانت خطوط الملاحة الجوية شأنها شأن كافة خطوط وسائل النقل برية كانت أم بحرية يتعذر في الكثير من الأحيان أن تُقل الركاب لوجهتهم في الميعاد المحدد بتذكرة السفر لمواجهة تلك الخطوط مؤثرات طبيعة وبشرية تؤدى إلى ذلك، وكانت اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لم تضع معياراً لتحديد مدة التأخير التي تنعقد معها مسئولية الناقل، ومن ثم يكون المعيار المقبول هو المدة المعقولة، ومدى معقولية المدة هو مما يدخل في سلطة قاضى الموضوع طالما بنى رأيه على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول حجز للسفر على متن طائرات الشركة الطاعنة لنقله بتاريخ 7/7/1999 من الرياض إلى القاهرة ومنها إلى لوس أنجلوس على متن الرحلة رقم ...، وإذ تأخرت الرحلة الأولى فى الوصول إلى مطار القاهرة فترتب على ذلك عدم لحاقه بالرحلة الثانية فحجزت الشركة الطاعنة له على متن طائرتها المتجهة إلى لندن، ثم منها إلى لوس أنجلوس على متن الطائرة التابعة للشركة المطعون ضدها الثانية بالرحلة رقم ..، وعند وصوله لندن تبين عدم وجود حجز له على متن الشركة الأخيرة رغم أنه يحمل تذكرة سفر مؤكدة الحجز، فحجزت له الشركة المطعون ضدها الثانية طائرة تابعة لها بالرحلة رقم ... فى اليوم التالى إلى لوس انجلوس، مما اضطره للمبيت بالمطار، وإذ استخلص الحكم أن هذا التأخير نتج عنه إصابة المطعون ضده الأول بإصاباته المشار إليها آنفًا، بما مؤداه تجاوز المدة المعقولة للتأخير، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بمبلغ التعويض المقضي به، وكان استخلاصه سائغًا وله أصله بالأوراق ويتفق وصحيح القانون، ومن ثم لا يُعدو النعي على الحكم سوى جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
8- المادة 1 (ب) من اتفاقية جوادالاخارا (Guadalajara) لسنة 1961 المكملة لاتفاقية وارسو لتوحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الذى يقوم به شخص آخر غير الناقل المتعاقد، المعقودة بتاريخ 18/9/1961 والصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم 2861 لسنة 1962 والمنشورة بالجريدة الرسمية – بالعدد رقم 198 الصادر في أول سبتمبر سنة 1964 بناءً على قرار وزير الخارجية رقم 22 لسنة 1964، قد عرفت الناقل المتعاقد contracting carrier، بأنه شخص يكون طرفًا في عقد نقل خاضع لاتفاقية وارسو ومبرم مع راكب أو شاحن أو مع شخص يعمل لحساب الراكب أو الشاحن. وكان النص في المادة 1(3) من اتفاقية وارسو لسنة 1929 -المستبدلة ببروتوكول لاهاي لسنة 1955 الموقع في 28/9/1955- على أن "يعتبر النقل الذي يتولاه عدد من الناقلين بطريق الجو على التتابع، لأغراض هذه الاتفاقية، نقلاً واحدًا غير منقسم، إذا اعتبره الأطراف بمثابة عملية واحدة، سواء كان الاتفاق بشأنه قد أبرم في صورة عقد واحد أو مجموعة من العقود، ولا يفقد طابعه الدولي لمجرد وجوب تنفيذ عقد واحد أو مجموعة من العقود تنفيذاً كاملاً في إقليم ذات الدولة"، يدل على أن المقصود بالناقل المتتابع successive carrier، هو الناقل الذى يشترك مع ناقلين آخرين في تنفيذ عملية نقل جوى واحدة، سواء أبرم بشأنها عقد واحد أو عدة عقود طالما أن الأطراف ينظرون إليها باعتبارها عملية واحدة. وبالترتيب على ما تقدم، فإن المطعون ضده الأول إذ تعاقد مع الشركة الطاعنة (...) فتولت نقله على متن إحدى طائراتها إلى لندن، وتعاقدت هي مع الشركة المطعون ضدها الثانية – بموجب عقد النقل (تذكرة السفر) - لإتمام رحلة الراكب على متن إحدى طائرات الأخيرة إلى مقصده لوس أنجلوس، فإن الناقلين يكونان قد اشتركا على سبيل التتابع في تنفيذ عملية نقل جوى واحدة تحققت وحدتها طبقًا لإرادة المسافر والشركة الأولى منذ إبرام العقد. وهي بذلك التزام غير قابل للانقسام، وبتعدد الناقلين يتعدد المدينون المتضامنون فيما بينهم لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد النقل الجوي.
9- النص في المادة 300 من القانون المدني على أن "يكون الالتزام غير قابل للانقسام: (أ) إذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم. (ب) إذا تبين من الغرض الذي رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك"، والنص في المادة 301 (1) من ذات القانون على أنه "إذا تعدد المدينون في التزام غير قابل للانقسام كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملاً"، يدل على أن وصف عدم قابلية الالتزام للانقسام، وإن كان ينبعث في جوهره من محل الالتزام، إلا أنه ينصرف في آثاره إلى أطراف الالتزام، ذلك أنه - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني - لا تظهر أهمية عدم قابلية الالتزام للانقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون إما ابتداءً عند إنشاء الرابطة القانونية، وإما بعد ذلك إذا تعدد ورثة من كان بمفرده طرفاً من طرفي الالتزام.
10- إذ كان الحكم المطعون فيه بما له من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، قد خلص – وعلى التفصيل السابق سرده - إلى مسئولية الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية عن الأخطاء التي أدت في نهاية الأمر إلى اضطرار الراكب إلى المبيت بمطار لندن وحدوث إصاباته البدنية نتيجة لذلك، ومن ثم تكون الشركتان مسئولتين بالتضامن في أداء التزامهما عن عقد النقل الجوي وكذلك الحال عند إخلالهما بتلك الالتزامات، فيجوز للراكب أن يطالبهما بالتعويض مجتمعتين أو منفردتين عملاً بالمادة 285(1) من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر أوراق الطعنين- تتحصل في أن المطعون ضده الأول –في الطعن الأول– أقام على الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم ... لسنة 2000 جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم – وفقاً لطلباته الختامية - بإلزامهما أن يؤديا له مبلغ 200,000 جنيه على سند من أنه حجز مقعداً للسفر على متن الطائرة التابعة للشركة المطعون ضدها الثانية لنقله بتاريخ 7/7/1999 من الرياض إلى القاهرة ومنها إلى لوس أنجلوس على متن الرحلة رقم ...، وإذ تأخرت الرحلة الأولى فترتب على ذلك عدم لحاقه بالرحلة الثانية بمطار القاهرة فحجزت له الشركة المطعون ضدها الثانية على متن إحدى طائراتها المتجهة إلى لندن، ثم منها إلى لوس أنجلوس على متن الطائرة التابعة للشركة الطاعنة بالرحلة رقم ...، وعند وصوله لندن تبين عدم وجود حجز له على متن الرحلة الأخيرة رغم أنه يحمل تذكرة سفر مؤكدة الحجز، فحجزت الشركة الطاعنة له على متن طائرة تابعة لها بالرحلة رقم ... فى اليوم التالى إلى لوس أنجلوس، مما اضطره للمبيت بالمطار، وعند وصوله إلى لوس أنجلوس تبين تلف حقيبتين من حقائبه، فسلمته الشركة الطاعنة شيكاً بمبلغ 300 دولار، وإذ لحقته من جراء كل ما تقدم أضرار مادية وأدبية فكانت الدعوى. وجهت الشركة المطعون ضدها الثانية دعوى فرعية ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بما عسى أن يقضى عليها به فى الدعوى الأصلية، وندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 28 من نوفمبر سنة 2012 بإلزام الشركة الطاعنة والشركة المطعون ضدها الثانية أن يؤديا للمطعون ضده الأول مبلغ 25,000 جنيه تعويضاً مادياً وأدبياً، ورفضت الدعوى الفرعية. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم ... لسنة 129 ق، كما استأنفته الطاعنة أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 129 ق، واستأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم ... لسنة 130 ق، ووجهت الأخيرة استئنافاً فرعياص رقم ... لسنة 130 قبل شركة ... للتامين، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين الثانى والفرعى للأول، قضت بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 2013 بتأييد الحكم المستأنف وعدم جواز الاستئناف الفرعى. طعنت الشركة الطاعنة فى هذا الحكم بطريق الطعن بالنقض برقم 1132 لسنة 84 ق، كما طعنت عليه المطعون ضدها الثانية فى الطعن الأول أمام ذات المحكمة بالطعن رقم 1501 لسنة 84 ق، وقدمت النيابة العامة مذكرتين رأت فيهما رفض الطعنين، وإذ عُرِض الطعنان على هذه المحكمة فى غرفة مشورة، حددت جلسة لنظرهما، وفيها ضمت الطعن الثانى إلى الأول، والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 1132 لسنة 84 ق:
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه لم يطبق أحكام اتفاقية مونتريال الخاصة بتوحيد قواعد النقل الجوي الدولي في 28/5/1999 والصادر بشأنها قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 23/4/2005 والتي حلت محل اتفاقية فارسوفيا (وارسو).
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك أنه من المقرر أن النص في المادة 151 من دستور 1971 –القائم وقت انضمام جمهورية مصر العربية للاتفاقية- على أن "رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها وفقاً للأوضاع المقررة"، مفاده أنه بمجرد التصديق على المعاهدات من مجلس الشعب ونشرها بالجريدة الرسمية تعامل المعاهدة معاملة القانون فينصرف إليها ما ينصرف إلى القانون من جهة تحديد الالتزامات التي يحكمها سواء من حيث مداها وتحديد الآثار المترتبة عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من قرار رئيس الجمهورية رقم 276 لسنة 2004 المنشور في الجريدة الرسمية بالعدد 16 بتاريخ 23 من إبريل سنة 2005 أنه ووفق على اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الموقعة في مونتريال بتاريخ 28 من مايو سنة 1999 مع التحفظ بشرط التصديق، وإذ نشرت تلك الاتفاقية رفق القرار الجمهوري سالف البيان بتاريخ 23 من إبريل سنة 2005، وكانت واقعة النقل الجوي الدولي محل النزاع بتاريخ 7/8/1999 فلا تنطبق تلك الاتفاقية على هذا النزاع، وتكون اتفاقية فارسوفيا (وارسو) 1929 هي واجبة التطبيق، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعىَ على الحكم المطعون فيه بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، على سند من أنه قضى بإلزامها بالمبلغ المحكوم به مخالفاً لاتفاقية فارسوفيا واجبة التطبيق والتي حددت حداً أقصى للتعويض عن تلف حقائب المطعون ضده الأول بمبلغ 250 فرنك فرنسي وحددت معيار تحويله إلى 5/65 مليجرام من الذهب عيار 900 في الألف ثم التحويل بالعملة الوطنية، وقد حدد القانون رقم 185 لسنة 1951 أن وزن الذهب في الجنيه 55187/2 جرام أي أن هذا المبلغ محول بالجنيه المصري يعادل 578 قرشاً، كما أن المطعون ضده الأول لم يقدم الاحتجاج عن تلف الحقائب بل إنها عوضته بمبلغ 300 دولار وحقيبتي سفر بدلاً عن حقيبتيه التالفتين باعتباره أحد عملاء الشركة وأن الشركة المطعون ضدها الثانية هي المسئولة عن تأخر الحقائب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بأن المقرر فى قضاء هذه المحكمة وجوب إيراد سبب النعى على الدعامة التى أقام عليها الحكم قضاءه والتى لا يقوم له قضاء بدونها إذ إن الطعن بالنقض إنما يعنى مخاصمة الحكم المطعون فيه، ومن ثم يتعين أن ينصب النعى على عيب قام عليه الحكم فإذا خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعى وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الشركة الطاعنة بمبلغ التعويض على سند من إصابة المطعون ضده الأول بالإصابات الثابتة بالتقرير الطبى الصادر بتاريخ 16/7/1999 عن مستشفى مركز نورث ريدج نتيجة التأخير فى نقله من لندن إلى لوس أنجلوس على متن الطائرة التابعة لها ومكوثه بالمطارات لفترات طويلة، وليس على ما لحق حقائبه من تلفيات، ومن ثم يكون النعى على الحكم بهذا الوجه واردًا على غير محل، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أنه ألزمها بتعويض أدبى فضلاً عن التعويض المادي بالمخالفة لأحكام اتفاقية فارسوفيا.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن نص المادة 19 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 لتوحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الدولي عن طريق الجو The Convention for the Unification of certain rules relating to international carriage by air على "يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى ينشأ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو"، جاء عاماً مطلقاً فلا محل لتخصيصه أو تقييده بدعوى الاستهداء بالحكمة منه إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به النص عن طريق التأويل، ومن ثم يُحمل لفظ "الضرر" الوارد بهذا النص على إطلاقه ولا محل لتخصيصه أو تقييده، وهو بذلك يستوعب الضرر المادي والضرر الأدبي على حد السواء، ولا تعارض في ذلك مع التشريع المصري إذ إن الأصل في المساءلة المدنية، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، هو وجوب تعويض كل من أصيب بضرر يستوي في ذلك الضرر المادي والضرر الأدبي، فلا على الحكم أن يقضى بالتعويض عن الضرر الأدبي طالما بين عناصره، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الرابع من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن قضاءه بالتعويض الأدبي فضلاً عن التعويض المادي يعد تجاوزاً للحد الأقصى المنصوص عليه بالمادة 22 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو).
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 17 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 على أنه " يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى يقع في حالة وفاة أو جرح أو أي أذى بدني آخر يلحق براكب ..." وفى الفِقرة الأولى من المادة 22 من ذات الاتفاقية -والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955 والصادر بشأنها القانون رقم 644 لسنة 1955 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 31/12/1955- على أنه "في حالة نقل الأشخاص تكون مسئولية الناقل قبل كل راكب محدودة بمبلغ مائتي وخمسين ألف فرنك..." ونصت المادة 25 من ذات الاتفاقية -والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955- على أن "لا تسرى الحدود المنصوص عليها في المادة 22 متى قام الدليل على أن الضرر قد نشأ عن فعل أو امتناع من جانب الناقل أو تابعيه وذلك إما بقصد إحداث ضرر وإما برعونة مقرونة بإدراك أن ضرراً قد يترتب على ذلك..."، يدل على أن الناقل يعد مسئولاً عن الضرر الذى يقع فى حالة وفاة أو جرح أو أي أذى بدني آخر يلحق براكب ويكون تعويض هذا الضرر بمبلغ لا يجاوز التقدير المحدد بالمادة 22 من الاتفاقية، ومتى أثبت المضرور أن الضرر الذى وقع له من جراء فعل إيجابي أو سلبي من الناقل أو أحد تابعيه كان بقصد إحداث الضرر عمداً أو كان من قبيل الخطأ الجسيم، فيصح تجاوز الحد الأقصى للتعويض المنصوص عليه بالمادة المشار إليها. ولما كانت المادة 217 من القانون المدني الخاصة بشروط الإعفاء من المسئولية أو الحد منها لا تعتبر من أنواع الخطأ ما يعادل الغش ويأخذ حكمه سوى الخطأ الجسيم فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص صائباً من الأوراق وقوع خطأ جسيم من الناقل الجوي وأن ذلك يستوجب تعويض المضرور بالمبلغ المقضي به، فإن ما تثيره الطاعنة حول تجاوز مبلغ التعويض للحد المنصوص عليه بالمادة 22 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) يكون على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، على سند من أنه قضى بإلزامها والمطعون ضدها الثانية بمبلغ التعويض على الرغم أن الأخيرة لم تقم بتأكيد حجز تذكرة السفر وهو ما أثبته تقرير الخبير الأول، ولم تخطر مدير الأياتا لخدمات المسافرين بالحجز على الرحلة البريطانية المتجهة من لندن إلى لوس أنجلوس.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن نص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 والمستبدلة ببروتوكول لاهاي 28 من سبتمبر سنة 1955على أنه "ما لم يقم الدليل على العكس، تكون لتذكرة السفر حجيتها من حيث انعقاد عقد النقل وشروطه..."، ولما كان الثابت بالأوراق أن تذكرة السفر التي أصدرتها الشركة المطعون ضدها الثانية إلى المطعون ضده الأول مؤكدة للسفر على متن الطائرة التابعة للشركة الطاعنة بالرحلة رقم ...، ولم تقدم الأخيرة أمام محكمة الموضوع الدليل على عكس ذلك أو على انتفاء إخطار مدير الإياتا لخدمات المسافرين بالحجز على الرحلة البريطانية المتجهة من لندن إلى لوس أنجلوس، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيًا: الطعن رقم 1501 لسنة 84 ق :
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول عدم فهم الواقع في الدعوى والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إنه قضى بإلزامها بمبلغ التعويض المحكوم به على الرغم من أن البند التاسع من شروط التعاقد مع المطعون ضده – الراكب – المطبوعة بتذكرة السفر لا يلزم الناقل إلا ببذل أفضل الجهد لنقل الراكب إلى وجهته في مدة معقولة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص فى المادة 19 من اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لسنة 1929 على أن "يكون الناقل مسئولاً عن الضرر الذى ينشأ عن التأخير في نقل الركاب أو البضائع بطريق الجو"، وفى المادة 23 من ذات الاتفاقية على أن " كل شرط يهدف إلى إعفاء الناقل من المسئولية أو تقرير حد أدنى من الحد المعين في هذه الاتفاقية يكون باطلاً وكأنه لم يكن، على أن بطلان هذا الشرط لا يترتب عليه بطلان العقد كله الذى يظل مع ذلك خاضعاً لأحكام هذه الاتفاقية"، مؤداه بطلان أي شرط يهدف إلى إعفاء الناقل من المسئولية عن التأخير في نقل الركاب، غير أنه لما كانت خطوط الملاحة الجوية شأنها شأن كافة خطوط وسائل النقل برية كانت أم بحرية يتعذر فى الكثير من الأحيان أن تُقل الركاب لوجهتهم في الميعاد المحدد بتذكرة السفر لمواجهة تلك الخطوط مؤثرات طبيعة وبشرية تؤدى إلى ذلك، وكانت اتفاقية فارسوفيا (وارسو) لم تضع معياراً لتحديد مدة التأخير التى تنعقد معها مسئولية الناقل، ومن ثم يكون المعيار المقبول هو المدة المعقولة، ومدى معقولية المدة هو مما يدخل فى سلطة قاضى الموضوع طالما بنى رأيه على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول حجز للسفر على متن طائرات الشركة الطاعنة لنقله بتاريخ 7/7/1999 من الرياض إلى القاهرة ومنها إلى لوس أنجلوس على متن الرحلة رقم ...، وإذ تأخرت الرحلة الأولى فى الوصول إلى مطار القاهرة فترتب على ذلك عدم لحاقه بالرحلة الثانية فحجزت الشركة الطاعنة له على متن طائرتها المتجهة إلى لندن، ثم منها إلى لوس أنجلوس على متن الطائرة التابعة للشركة المطعون ضدها الثانية بالرحلة رقم ...، وعند وصوله لندن تبين عدم وجود حجز له على متن الشركة الأخيرة رغم أنه يحمل تذكرة سفر مؤكدة الحجز، فحجزت له الشركة المطعون ضدها الثانية طائرة تابعة لها بالرحلة رقم ... فى اليوم التالى إلى لوس انجلوس، مما اضطره للمبيت بالمطار، وإذ استخلص الحكم أن هذا التأخير نتج عنه إصابة المطعون ضده الأول بإصاباته المشار إليها آنفاً، بما مؤداه تجاوز المدة المعقولة للتأخير، ورتب الحكم على ذلك قضاءه بإلزام الطاعنة والمطعون ضدها الثانية بمبلغ التعويض المقضى به، وكان استخلاصه سائغاً وله أصله بالأوراق ويتفق وصحيح القانون، ومن ثم لا يُعدو النعى على الحكم سوى جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعىَ على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني مخالفة الثابت بالأوراق، وفى بيان ذلك تقول إنه قضى بإلزامها بمبلغ التعويض المحكوم به تأسيساً على الخطأ المشترك بينها وبين المطعون ضدها الثانية على الرغم من أن الثابت الأوراق وتقرير خبير الدعوى أن تذكرة السفر التي أصدرتها للمطعون ضده الأول مؤكدة للسفر على متن الطائرة التابعة للمطعون ضدها، ويعزز ذلك أنها استدلت على حقائب المسافر من النظام الإلكتروني ولا يتصور ذلك إلا إذا كانت التذكرة مؤكدة وبالتالي ينسب إليها وحدها الخطأ.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المادة 1(ب) من اتفاقية جوادالاخارا (Guadalajara) لسنة 1961 المكملة لاتفاقية وارسو لتوحيد بعض قواعد النقل الجوي الدولي الذى يقوم به شخص آخر غير الناقل المتعاقد، المعقودة بتاريخ 18/9/1961 والصادر بشأنها القرار الجمهوري رقم 2861 لسنة 1962 والمنشورة بالجريدة الرسمية – بالعدد رقم 198 الصادر في أول سبتمبر سنة 1964 بناءً على قرار وزير الخارجية رقم 22 لسنة 1964، قد عرفت الناقل المتعاقد contracting carrier، بأنه شخص يكون طرفًا في عقد نقل خاضع لاتفاقية وارسو ومبرم مع راكب أو شاحن أو مع شخص يعمل لحساب الراكب أو الشاحن. وكان النص في المادة 1(3) من اتفاقية وارسو لسنة 1929 -المستبدلة ببروتوكول لاهاي لسنة 1955 الموقع في 28/9/1955- على أن "يعتبر النقل الذى يتولاه عدد من الناقلين بطريق الجو على التتابع، لأغراض هذه الاتفاقية، نقلاً واحداً غير منقسم، إذا اعتبره الأطراف بمثابة عملية واحدة، سواء كان الاتفاق بشأنه قد أبرم في صورة عقد واحد أو مجموعة من العقود، ولا يفقد طابعه الدولي لمجرد وجوب تنفيذ عقد واحد أو مجموعة من العقود تنفيذاً كاملاً فى إقليم ذات الدولة"، يدل على أن المقصود بالناقل المتتابع successive carrier، هو الناقل الذى يشترك مع ناقلين آخرين في تنفيذ عملية نقل جوي واحدة، سواء أبرم بشأنها عقد واحد أو عدة عقود طالما أن الأطراف ينظرون إليها باعتبارها عملية واحدة. وبالترتيب على ما تقدم، فإن المطعون ضده الأول إذ تعاقد مع الشركة الطاعنة (...) فتولت نقله على متن إحدى طائراتها إلى لندن، وتعاقدت هي مع الشركة المطعون ضدها الثانية – بموجب عقد النقل (تذكرة السفر) - لإتمام رحلة الراكب على متن إحدى طائرات الأخيرة إلى مقصده لوس أنجلوس، فإن الناقلين يكونان قد اشتركا على سبيل التتابع في تنفيذ عملية نقل جوى واحدة تحققت وحدتها طبقاً لإرادة المسافر والشركة الأولى منذ إبرام العقد. وهى بذلك التزام غير قابل للانقسام، وبتعدد الناقلين يتعدد المدينون المتضامنون فيما بينهم لتنفيذ الالتزامات الناشئة عن عقد النقل الجوي، إذ إن النص في المادة 300 من القانون المدني على أن "يكون الالتزام غير قابل للانقسام: (أ) إذا ورد على محل لا يقبل بطبيعته أن ينقسم. (ب) إذا تبين من الغرض الذى رمى إليه المتعاقدان أن الالتزام لا يجوز تنفيذه منقسماً، أو إذا انصرفت نية المتعاقدين إلى ذلك"، والنص في المادة 301(1) من ذات القانون على أنه "إذا تعدد المدينون في التزام غير قابل للانقسام كان كل منهم ملزماً بوفاء الدين كاملاً"، يدل على أن وصف عدم قابلية الالتزام للانقسام، وإن كان ينبعث فى جوهره من محل الالتزام، إلا أنه ينصرف في آثاره إلى أطراف الالتزام، ذلك أنه -وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني- لا تظهر أهمية عدم قابلية الالتزام للانقسام إلا حيث يتعدد المدينون أو الدائنون إما ابتداءً عند إنشاء الرابطة القانونية، وإما بعد ذلك إذا تعدد ورثة من كان بمفرده طرفاً من طرفي الالتزام. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بما له من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها، قد خلص – وعلى التفصيل السابق سرده - إلى مسئولية الشركتين الطاعنة والمطعون ضدها الثانية عن الأخطاء التي أدت في نهاية الأمر إلى اضطرار الراكب إلى المبيت بمطار لندن وحدوث إصاباته البدنية نتيجة لذلك، ومن ثم تكون الشركتان مسئولتين بالتضامن في أداء التزامهما عن عقد النقل الجوي وكذلك الحال عند إخلالهما بتلك الالتزامات، فيجوز للراكب أن يطالبهما بالتعويض مجتمعتين أو منفردتين عملاً بالمادة 285 (1) من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ