جلسة 27 من مارس سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ يحيى العموري نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: ماهر قلاده واصف، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وحمدي محمد علي.
---------------
(110)
الطعن رقم 921 لسنة 52 القضائية
(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" عقد "الإيجار". نظام عام.
(1) تعدد عقود الإيجار. المفاضلة بينها. مناطه. أن تكون كلها صحيحة حظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة. م 126 من ق 52 لسنة 69 والمادة 24 من ق 49 لسنة 77. مؤداه. بطلان العقود اللاحقة للأول بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام. لا محل لإعمال نص المادة 573 مدني بإجراء المفاضلة بينها. علة ذلك.
(2) عقود الإيجار غير ثابتة التاريخ والتي لم يطعن على تاريخ تحريرها العبرة في تحديد العقد اللاحق الذي يلحقه البطلان بتاريخ تحريره لا بتاريخ نفاذه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 134 لسنة 1979 مدني الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من شقة النزاع وتسليمها له خالية، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 8/ 2/ 1978 استأجر هذه الشقة من المطعون ضده الثاني بصفته وقام بسداد الأجرة من تاريخ التعاقد إلا أنه لم يتمكن من استلام العين المؤجرة بسبب شغل الطاعن لها فأقام هذه الدعوى بطلباته سالفة البيان، ندبت محكمة الدرجة الأولى خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتمكين المطعون ضده الأول من شقة النزاع وتسليمها له خالية، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 5 ق الإسماعيلية، وبتاريخ 4/ 2/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الثابت من الأوراق وتقرير خبير الدعوى أن الطاعن يضع يده على العين المؤجرة من مايو سنة 1976 وأن عقد إيجاره وإن حرر في 21/ 8/ 1978 إلا أنه قد اتفق فيه على سريانه اعتباراً من 15/ 1/ 1977 مما مفاده انسحاب التعاقد إلى هذا التاريخ الأخير ومن ثم فإن القانون 52 لسنة 69 هو الذي يحكم واقعة الدعوى دون القانون 49 لسنة 1977 الذي عمل به ابتداء من 9/ 9/ 1977، فإذا أعمل الحكم الفقرة الأخيرة من المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 - التي تحظر إبرام أكثر من عقد إيجار واحد للوحدة الواحدة واعتبار العقد اللاحق للعقد الأول باطلاً دون نص المادة 573 من القانون المدني في شأن المفاضلة بين العقود والتي تفضل من سبق من مستأجري الوحدة الواحدة في وضع يده بدون غش لخلو القانون 52 لسنة 1969 - الواجب التطبيق - من نص مماثل للفقرة الأخيرة من المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 سالفة الذكر ورتب على ذلك اعتبار عقد الطاعن باطلاً رغم أنه الأحق بالتفضيل لسبق وضع يده على عين النزاع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون هذا وبفرض أن القانون 49 لسنة 1977 هو الواجب التطبيق فإن عقد المطعون ضده الأول الذي أبرم في 8/ 2/ 1978 هو العقد اللاحق لعقد الطاعن الذي اتفق على سريانه اعتباراً من 15/ 1/ 1977 وانتزعه بوضع يده، ومن ثم يكون عقد المطعون ضده الأول باطلاً أيضاً، فإذا اعتد الحكم المطعون فيه بتاريخ إبرام عقد الطاعن دون تاريخ بدء سريانه بمقولة إن ذلك كان بقصد تحصيل مستحقات الجهة المؤجرة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المفاضلة بين العقود أن تكون كلها صحيحة، ومن المقرر بنص المادة 135 من القانون المدني "أنه إذا كان محل الالتزام مخالفاً للنظام العام أو الآداب العامة كان العقد باطلاً" هذا ولا يجوز أن يتعارض محل الالتزام مع نص ناهٍ في القانون لأن مخالفة النهي المقرر بنص في القانون يندرج تحت مخالفة النظام العام أو الآداب بحسب الأحوال، ولما كانت الفقرة الأخيرة من المادة 16 من القانون 52 لسنة 1969 تنص على أنه "يحظر على المالك القيام بإبرام أكثر من عقد إيجار واحد للمبنى أو الوحدة منه" ولئن كانت لم تنص صراحة على البطلان بلفظة جزاء مخالفتها إلا أن مقتضى الحظر الصريح الوارد بها وتجريم مخالفتها بحكم المادة 44 من هذا القانون يرتب هذا الجزاء وإن لم يصرح به، وهو ما نصت عليه أيضاً المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 مما مؤداه أن البطلان يلحق العقود اللاحقة في ظل أي من هذين القانونين بما لا محل معه لإعمال نص المادة 573 من القانون المدني بإجراء المفاضلة بين هذه العقود، فإن النعي في هذا الشق - أياً كان وجه الرأي فيه لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ومن ثم يكون غير منتج، والنعي في شقه الثاني مردود ذلك أنه إذا كان عقدا إيجار الوحدة الواحدة غير ثابتي التاريخ فإن العبرة في تحديد العقد اللاحق الذي يلحقه البطلان يكون بالأسبقية بينهما في تاريخ تحريرهما دون تاريخ نفاذهما طالما أن أياً من الطرفين لم يطعن على تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر بثمة مطعن، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن عقدي إيجار الطاعن والمطعون ضده الأول لم يثبت تاريخهما وقد حرر عقد الطاعن بتاريخ 21/ 8/ 1978 بينما حرر عقد المطعون ضده الأول بتاريخ 8/ 2/ 1978 ولم ينازع أي من الطرفين في صحة تاريخ تحرير عقد الطرف الآخر ومن ثم يعتبر عقد الطاعن لاحقاً لعقد المطعون ضده الأول وبالتالي باطلاً عملاً بنص المادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 - المنطبق على واقعة الدعوى - وإن نص على سريانه بأثر رجعي، فإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكين المطعون ضده الأول من عين النزاع لبطلان عقد الطاعن باعتباره لاحقاً على عقد المطعون ضده الأول فإنه يكون قد أعمل القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي في هذا الشق على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق