جلسة 21 من إبريل سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار حسنين رفعت - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة أحمد فؤاد أبو العيون وأحمد سعد الدين قمحة وسعد أبو عوف ومحمد بدير الألفي - المستشارين.
-----------------
(112)
القضية رقم 831 لسنة 16 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - ترقية بالاختيار - إجازة بدون مرتب - تقارير دورية
- الترقية بالاختيار تتم على أساس درجة الكفاية المستقاة من التقارير السنوية وغيرها من العناصر تقدير الكفاية في حالة حصول العامل على إجازة بدون مرتب - لا يصح غمط العامل حقه في الترشيح للترقية بسبب استعماله رخصة أقامها له القانون - جواز الاسترشاد بالتقارير السابقة على الإجازة وما وصل إليه من مزايا وصفات وما كسبه من خبرة ودراية على مدى حياته الوظيفية وما يتجمع لدى الإدارة عن ماضيه وحاضره - أساس ذلك - مثال.
------------------
إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضدها عينت في الهيئة العامة لمرفق مياه القاهرة ابتداء كمساعدة أمين مخزن عمومي تحت الاختبار لمدة ستة أشهر اعتباراً من يوم أول يناير سنة 1958 وألحقت بالسكرتارية القضائية ثم جدد عقد استخدامها لمدة ستة أشهر أخرى ثم ثبتت اعتباراً من أول يناير سنة 1959 بأجر يومي مقداره واحد وثلاثون قرشاً وبتاريخ 9 يونيه سنة 1959 صدر قرار مدير عام المرفق رقم 322 م بتعيينها هي وزملائها المطعون في ترقيتهم السادة/ علي أدهم إبراهيم أدهم وعبد الفتاح محمد نصير وفاطمة طلعت أحمد البدوي ويوسف كمال محمد في وظائف كتبة بالفئة 120/ 540 جنيه سنوياً بأول مربوطها لمدة سنة تحت الاختبار ابتداء من أول يونيه سنة 1959 وذلك بناء على قرار مجلس الإدارة بجلسته المنعقدة يوم 25/ 5/ 1959 وبتاريخ 31/ 12/ 1959 صدر قرار مجلس الإدارة بترقية المطعون ضدها إلى وظيفة مفتش في الفئة 180/ 540 جنيهاً سنوياً اعتباراً من أول يناير سنة 1960 وقد شمل هذا القرار السيد/ علي أدهم إبراهيم أدهم والسيد/ عبد الفتاح علي محمد نصير على التوالي بعد المطعون ضدها أما السيدة/ فاطمة طلعت أحمد البدوي والسيد/ يوسف كمال محمد رقيا إلى وظيفة مفتش في الفئة المذكورة اعتباراً من أول يناير سنة 1961 ومن ثم تكون المطعون ضدها سابقة في ترتيب الأقدمية في وظيفة مفتش على زملائها الأربعة السالفي الذكر.
ومن حيث إن المطعون ضدها وقد كانت قائمة بإجازة لمرافقة زوجها المعار للحكومة الليبية فقد كان أول تقرير سنوي عن درجة كفايتها هو التقرير الذي وضع عن سنة 1959 بدرجة ممتاز وكان التقرير الثاني هو التقرير الذي وضع عن سنة 1960 وكان بدرجة جيد وبعد ذلك قامت بإجازة من أول مايو سنة 1961 إلى آخر ديسمبر سنة 1962 بترخيص من مجلس الإدارة ثم تسلمت العمل في أول يناير سنة 1963 وزاولته حتى أخر يوليه سنة 1963 ثم قامت بإجازة لمدة عامين آخرين وفي هذه الأثناء صدر القرارين المطعون فيهما أما زملاؤها الأربعة الذين رقوا بالقرارين المطعون فيهما إلى وظيفة وكيل إدارة فقد حصل جميعهم على تقدير بدرجة ممتاز عن كل من السنوات 1961، 1962، 1963 وذلك فيما عدا السيدة/ فاطمة طلعت البدوي فقد حصلت على تقرير بدرجة جيد عن كل من سنة 1961، 1962 وعلى تقرير بدرجة ممتاز عن سنة 1963 ويخلص من ذلك أن كلاً من المطعون في ترقيتهم قد حصل على تقدير كفاية بدرجة ممتاز عن العامين السابقين لصدور قرار ترقيته فيما عدا السيدة فاطمة طلعت البدوي فقد حصلت على تقرير بدرجة جيد عن سنة 1962 وعلى تقرير بدرجة ممتاز عن سنة 1963.
ومن حيث إنه جاء في محضر اجتماع لجنة شئون الموظفين في 5 من ديسمبر سنة 1963 أن اللجنة أطلعت على توصيات اللجنة المشكلة من أعضاء مجلس الإدارة وأنه تطبيقاً لهذه التوصيات قررت اللجنة ترقية المفتشين المبين اسميهما في المحضر - وهما علي أدهم إبراهيم أدهم وعبد الفتاح علي نصير - إلى وظيفة وكيل قلم في الفئة 360/ 600 سنوياً بالأقدمية المطلقة مع مراعاة شرط انقضاء المدة الزمنية المقررة وأن اللجنة تسترعي النظر إلى أن السيدة/ عفاف عشوش لم يقدم عنها تقرير سري في السنوات الثلاث الماضية وذلك لحصولها على إجازة بدون مرتب لترافق زوجها المعار إلى حكومة ليبيا وبذلك فقد استبعدتها اللجنة من الترقية لعدم الصلاحية وبناء على ذلك صدر القرار الأول المطعون فيه وهو القرار رقم 35 م المؤرخ في 13/ 1/ 1964 بترقية السيدين علي أدهم إبراهيم أدهم وعبد الفتاح محمد نصير إلى وظيفة وكيل إدارة في الفئة 360/ 600 جنيه سنوياً، كذلك فقد جاء في محضر اجتماع لجنة شئون الموظفين في 6 من فبراير سنة 1964 أن اللجنة استعرضت أسماء الصالحين للترقية إلى وظيفة وكيل قلم في الفئة 360/ 600 جنيه سنوياً وقررت ترقية كل من السيدة/ فاطمة طلعت البدوي والسيد/ يوسف كمال محمد يوسف بالأقدمية المطلقة ودرجة الكفاية، وبناء على ذلك صدر القرار التالي المطعون فيه وهو القرار رقم 184 م المؤرخ في 26/ 4/ 1964 بترقية المذكورين إلى وظيفة وكيل إدارة في الفئة 360/ 600 جنيه سنوياً.
وحيث إنه وإن كان قد ورد في محضر لجنة شئون الموظفين المؤرخ في 5 من ديسمبر سنة 1963 أن الترشيح للترقية قد تم على أساس الأقدمية إلا أن الواضح أن إجراء الترقية بالأقدمية كان مرده إلى أن المرشحين للترقية كانوا متساوين في درجة الكفاية المستقاة من تقاريرهم السنوية ومن توصيات اللجنة المشكلة من أعضاء مجلس إدارة الهيئة، وبالتالي فإن القرار الأول المطعون فيه يكون قد أجرى الترقية على أساس الاختيار للكفاية، كذلك فإنه فيما يختص بالترقيات موضوع القرار الثاني المطعون فيه فإن الدلائل تقطع بأنها تمت على الأساس نفسه إذ أشارت لجنة شئون الموظفين صراحة في محضرها المؤرخ في 6 من فبراير سنة 1964 إلى أن الترشيحات تمت على أساس الأقدمية ودرجة الكفاية فإذا ما روعي أن جميع المرقين في كل من القرارين المطعون فيهما كانت تقاريرهم السنوية عن السنة السابقة للترقية بتقدير ممتاز كما كانت تقاريرهم السنوية عن السنة السابقة للترقية بتقدير ممتاز أيضاً فيما عدا التقرير السنوي الخاص بالسيدة/ فاطمة طلعت البدوي عن سنة 1962 الذي كان بتقدير جيد، فإن مفاد ذلك كله هو أن الهيئة قد أعملت فيما أجرته من ترقيات بالقرارين السالفي الذكر حكم المادة 16 من لائحة استخدام موظفي المرفق التي نصت على أن "تكون الترقية بالاختيار للكفاية وذلك بالاسترشاد بالتقارير السرية المقدمة عن الموظف ودرجة صلاحيته وخبرته واستعداده لتحمل المسئوليات" ومقتضى هذا النص أن تتم الترقية بالاختيار على أساس درجة الكفاية مستقاة من التقارير السنوية والعناصر الأخرى التي تأخذها الهيئة في الاعتبار عند تقدير درجة الكفاية مما لا تتضمنه العناصر التي تنتظمها التقارير السنوية وإذ كان مناط المفاضلة عند الترقية بالاختيار هو رجحان الكفاية، وكان تقرير ذلك ملاءمة تقديرية تباشر فيها الإدارة اختصاصاً مطلقاً بحسب ما تراه محققاً لصالح العمل شريطة أن يجيء اختيارها مستمداً من عناصر مؤدية إلى صحة النتيجة التي تنتهي إليها وغير مشوب بعيب الانحراف بالسلطة فإن المفاضلة التي أجرتها لجنة شئون الموظفين بين المرشحين للترقية تطبيقاً لحكم المادة 16 من اللائحة تكون بمنأى عن تعقيب القضاء طالما أنها جرت على أساس الصلاحية في العمل وحسن الدراية بمقتضياته والقدرة على الاضطلاع بمسئولياته سواء كان استخلاص هذه العناصر مستقى من التقارير السنوية أم من المعلومات الأخرى التي حصلت عليها اللجنة من مصادرها أو من الرؤساء الذين يتصل عملهم بعمل المرشحين للترقية. وإذ كان الثابت أن المطعون ضدها لم تؤد عملاً بمرفق المياه في الفترة السابقة على إجراء الترقيات موضوع القرارين المطعون فيهما، وكان الأصل أن التقارير التي توضع عن الموظفين لتقرير كفايتهم خلال مدة معينة إنما تستهدف تقييم أعمالهم خلال تلك المدة والحكم على كفاية الموظف من خلالها وهو الأمر الذي يستتبع أن تمتنع جهة الإدارة عن وضع تقرير عن مدى كفاية الموظف في فترة لم يؤد فيها عملاً بسبب غيابه في إجازة طويلة إلا أنه ليس ثمة ما يمنع الإدارة من أن تقيم أعمال هذا الموظف عند حلول دوره في الترشيح للترقية مسترشدة في ذلك بالتقارير السابق وبملف خدمته وبغير ذلك من العناصر التي تراها مؤدية لتكوين رأي سليم عن مدى كفايتهم وذلك حتى لا تغمط حقه في الترشيح للترقية بسبب استعماله لرخصة أقامها له القانون غير أن تقييم أعمال الموظف على هذا النحو يجب أن يتم في إطار أصل عام في الترقية بالاختيار وهو أن المفاضلة التي تجريها جهة الإدارة يجب أن تتم بمقياس موحد توزن مدى كفاية كل من المرشحين للترقية وهذا المقياس إنما يجد بحاله الزمني الطبيعي في فترة ما سابقة مباشرة على الترشيح للترقية وهذه الفترة تترخص الجهة الإدارية في تحديد بدايتها إذا لم يكن القانون قد تكفل بذلك وذلك اعتباراً بأنها القاعدة الزمنية لإعمال سلطة الإدارة في استنباط درجة كفاية الموظف من خلال العناصر المختلفة المكونة لقواعد الترجيح الموضوعية، هذا وغنى عن البيان أن طبيعة الأمور تقتضي أن يكون أول ما يوضع في الحسبان عند إعمال الاختيار هو مدى رجحان الكفاية بين الموظفين عند إجراء الترشيح وإذا كان الحكم على كفاية الموظف حينذاك يقبل الاسترشاد بالتقارير الموضوعة عن سنوات سابقة فإنه يبقى دائماً في المقام الأول ما وصل إليه الموظف المرشح من مزايا وصفات وما اكتسبه من خبرة ودراية على مدى حياته الوظيفية وما يتجمع لدى جهة الإدارة عن ماضيه وحاضره من عناصر تعينها على إقامة مقاييس التفاضل بالقسط. وعلى هدي هذا النظر فإن ما ارتأته لجنة شئون الموظفين بمرفق المياه وأثبتته في محضرها المؤرخ في 5 ديسمبر 1963 ثم في محضرها المؤرخ في 6 فبراير 1964 من استبعاد المطعون ضدها من الترشيح للترقية بسبب غيابها في إجازة بدون مرتب وبالتالي عدم صلاحيتها لأن توضع في مصاف المرشحين للترقية بالاختيار إنما يحمل على معنى واحد أكيد هو أن اللجنة في تقييمها لكفاية المطعون ضدها على ضوء التقريرين اللذين وضعا عن أعمالها في سنتي 1959، 1960 قبل قيامها بالإجازة قد ارتأت أنها ليست على درجة من الكفاية تؤهلها للترقية بالاختيار بالقياس على زملائها الذين رقوا بالقرارين المطعون فيهما ولم يقم قرار اللجنة في هذا الشأن على أخذ المطعون ضدها بجريرة مستندة إلى غيابها بإجازة لمدة أربع سنوات صاحبت فيها زوجها المعار خارج البلاد وإنما قام رأي اللجنة في تقييم كفايتها للترشيح محمولاً على أسباب سائغة تتمثل في وزن مدى خبرتها ودرايتها منذ أن عينت في وظيفة مفتش قضائي في أول يناير سنة 1960 إلى أن قامت بالإجازة في أول عام 1961 ثم أجرت المفاضلة بينها وبين زملائها الذين مارسوا العمل في وظائف مماثلة على مدى ثلاث سنوات سابقة على الترقية فاكتسبوا خبرة ودراية حتى حصل بعضهم على درجة ممتاز في السنوات الثلاث وحصل البعض الآخر على تقديرات بدأت بدرجة جيد وانتهت بدرجة ممتاز في السنة السابقة على الترقية وكان جميعهم موضع تزكية من رؤسائهم في العمل هذا في الوقت الذي كانت فيه المطعون ضدها قد حصلت على تقدير بدرجة جيد في السنة السابقة مباشرة على قيامها بالإجازة ثم غابت عن عملها بالمرفق لمدة أربع سنوات أما التقرير الذي حصلت عليه بدرجة ممتاز فقد كان عن سنة 1959 عندما كانت هي وزملائها في وظائف كتابية تحت الاختبار وملحقين للعمل بالسكرتارية القضائية وإذا كان غير جائز أن تضار المطعون ضدها بسبب قيامها بالإجازة المصرح لها بها فإنه لا يسوغ أن يكون ذلك على حساب الافتئات على حق زملاء لها اكتسبوه بالعمل الدائب المتواصل حتى أهلهم امتيازهم فيه لشغل الوظائف التي رقوا إليها - وبناء على ذلك فإن ما انتهت إليه لجنة شئون الموظفين من اختيارها للمرقين بالقرارين المطعون عليهما مستبعدة المدعية من بينهم يكون قد جاء مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من عناصر تؤدي إلى صحة النتيجة التي انتهت إليها وإذا ذهب الحكم المطعون عليه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب وجه الصواب ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المدعية مع إلزامها المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق