جلسة 17 من ديسمبر سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
---------------------
(124)
الطعن رقم 270 لسنة 25 القضائية
(أ) عمل "التزامات صاحب العمل" "تهيئة الغذاء". أوامر عسكرية. "الأمر العسكري رقم 469".
فرض الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317 سنة 1952 على من يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة عن العمران التي تعين بقرار من وزير الشئون الاجتماعية أن يوفر لهم التغذية الملائمة بأسعار لا تزيد على 1/ 3 التكاليف بشرط ألا يجاوز ما يؤديه العامل 20 مليماً عن الوجبة الواحدة.
عدم ورود ما يفيد إلغاء الأمر العسكري رقم 469 الصادر في 28/ 2/ 1944 في القانون 317 لسنة 1952.
(ب) عمل "التزامات صاحب العمل" "تهيئة الغذاء". قانون "إلغاء التشريع".
الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317/ 1952، الأمر العسكري رقم 469 مجال تطبيقهما:
انطباق أحكام الأمر العسكري في الحدود المبينة به على جميع العمال في مديريتي قنا وأسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة أو غير بعيدة عن العمران.
عدم انطباق حكم الم 27/ 2 من المرسوم بقانون 317 سنة 1952 إلا حيث يكون العمال في المناطق البعيدة عن العمران التي يحددها وزير الشئون الاجتماعية.
عدم تنظيم المرسوم بقانون 317 سنة 1952 ما سبق أن نظمه الأمر العسكري 469 فلا محل معه للتحدي بنص الم 2 من القانون المدني.
المحكمة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن نقابة العمال المطعون عليها تقدمت إلى مكتب العمل بأسوان بعدة طلبات ضد شركة سنتاب الطاعنة. ولما لم تجد محاولة الصلح بين الطرفين أحيل الأمر على لجنة التوفيق التي أخفقت بدورها في فض الخلاف - ثم أحيل إلى هيئة التحكيم بمحكمة استئناف أسيوط. وكان من بين ما طلبه العمال في النزاع رقم 13 لسنة 1954 تحكيم إلزام الشركة الطاعنة بأن تقدم وجبة غذائية كاملة لكل عامل على ألا يزيد ما يدفعه العامل عن خمسة عشر مليماً، واستندوا في طلبهم إلى الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 الذي لا يزال سارياً بموجب المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 بشأن استمرار العمل ببعض التدابير المتعلقة بالشئون الاجتماعية وهو يوجب تقديم وجبة واحدة لعمال ومستخدمي بعض المحال الصناعية والتجارية في مديريتي قنا وأسوان. وقد دفعت الشركة الطاعنة هذا الطلب بأن قانون العمل الفردي 317 سنة 1952 قد ألغى الأمر العسكري 469 لسنة 1944 لأنه عالج هذه المسألة في المادة 27 منه وشرط أن يكون منطقة العمل بعيدة عن العمران وهو شرط غير متحقق. وقد أصدرت هيئة التحكيم قرارها في 4 من مايو سنة 1955 بإجابة طلب العمال وبإلزام الشركة بأن تقدم للعامل حسب اختياره إما الوجبة الغذائية التي ذكرت أصنافها في الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 مقابل خمسة عشر مليماً أو الوجبة الغذائية التي يقدمها الكانتين حالياً والمكونة من أرز ولحم وخضر وخبر مقابل أربعة قروش على أن يوقع العامل إقراراً كتابياً باختياره لإحدى الوجبتين، وأقامت هيئة التحكيم قرارها على أن قانون العمل الفردي لم يلغ الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944 إذ يستوجب الإلغاء طبقاً للمادة الثانية من القانون المدني أن يكون كل من التشريعين منظماً لحالة واحدة. مع أن الأمر العسكري يهتم بتنظيم إيجاب تقديم وجبة واحدة في كل يوم من أيام العمل للعمال الذين يعملون بمديريتي قنا وأسوان ولو لم يكونوا في مناطق بعيدة عن العمران. أما القانون رقم 317 لسنة 1952 فإنه ينظم في المادة 27 منه إيجاب تقديم وجبة واحدة في كل يوم من أيام العمل بالنسبة للعمال الذين يعملون في مناطق بعيدة عن العمران. ومن ثم يلزم رب العمل في مديريتي قنا وأسوان بتقديم وجبة غذائية كاملة يومياً لعماله سواء أكانوا في مناطق بعيدة عن العمران أو قريبة منه، وبالنظر لأن الشركة الطاعنة قد أقامت في منطقة العمل جمعية تعاونية وكانتيناً لبيع الأطعمة للعمال وأن الوجبة المكونة من خضر وأرز ولحم وخبر تباع بستة قروش وتعهدت الشركة بأن تقبل بيعها بأربعة قروش. فلذلك رأت الهيئة أن يكون العمال بالخيار بين هذه الوجبة بسعر أربعة قروش أو الوجبة التي فرضها الأمر العسكري رقم 469 لسنة 1944، وقد طعنت شركة سنتاب في هذا القرار - بطريق النقض - وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 2 يونيه سنة 1955 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 أكتوبر سنة 1959 وصمم فيها الحاضر عن الطاعنة على ما جاء بتقرير الطعن كما صممت النيابة على مذكرتها المتضمنة رفض الطعن. وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 3 من ديسمبر سنة 1959، وبتلك الجلسة طلب الحاضر عن الشركة الطاعنة نقض القرار. وصممت النيابة على طلباتها السابقة.
وحيث إن الطاعنة تنعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أن ما يحكم واقعة النزاع هو المرسوم بقانون 317 سنة 1952 بما نصت عليه المادة 27 منه وهي لا توجب على رب العمل تقديم وجبة غذاء للعمال إلا إذا كانوا يعملون في مناطق نائية. الأمر الذي لا يتوفر في العمال التابعين للنقابة المطعون عليها. وأنه طبقاً للمادة الثانية من القانون المدني لا محل لتطبيق الأمر العسكري 469 لسنة 1944 على واقعة الدعوى لأن هذا الأمر يعتبر ملغي بصدور القانون 317 سنة 1952 الذي نظم في المادة 27 منه أمر غذاء العمال والتزام رب العمل في خصوصه وهو ما كان ينظمه الأمر العسكري من قبل بطبيعته المؤقتة والقاصرة على فئة معينة من العمال هم الذين يعملون في مديريتي قنا وأسوان، في حين أن قانون العمل الفردي وقد صدر تالياً للأمر العسكري قد نظم أمر غذاء العمال في جميع أنحاء القطر ثم صدر القرار الوزاري الصادر في 27 مايو سنة 1953 تنفيذاً للمادة 27 من القانون محدداً المناطق التي تعتبر بعيدة عن العمران في حكم المرسوم بقانون سالف الذكر وإذ خرج القرار المطعون فيه على هذا النظر فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من مراجعة تشريعات العمل التي صدرت حتى تاريخ تقديم الطلب من النقابة أن الأمر العسكري رقم 469 قد صدر في 28 فبراير سنة 1944، وهو ينص على إلزام أصحاب المحال الصناعية والتجارية التي تستخدم عادة خمسين مستخدماً أو عاملاً فأكثر في مصنع واحد والحائزين لأرض زراعية تزيد مساحتها على مائتي فدان أن يتخذوا الترتيبات اللازمة لتقديم وجبة الظهر في كل يوم من أيام العمل لمن يريد من هؤلاء المستخدمين والعمال ويتحمل المستخدم أو العامل نصف تكاليف الطعام الذي يقدم له بما لا يتجاوز خمسة عشر مليماً وفي نفس العام أصدر المشرع أول قانون لعقد العمل الفردي وهو القانون رقم 41 سنة 1944 الصادر في 10 من مايو سنة 1944 وقد أوجبت المادة 34 منه في فقرتها الثانية على من يستخدم عمالاً في أماكن بعيدة عن العمران أن يسهل لهم وسائل السكن اللازم والتغذية، ثم صدر الأمر العسكري رقم 522 في 29 من أغسطس سنة 1944 بعد نفاذ قانون العمل متضمناً امتداد أحكام الأمر رقم 469 على محافظة البحر الأحمر - وفي 4 من أكتوبر سنة 1945 صدر المرسوم بقانون رقم 102 لسنة 1945 بمناسبة إلغاء الأحكام العرفية وانتهاء العمل بالأحكام العسكرية. وقد استبقى هذا القانون الأمر 469 المعدل بالأمر 522 ونص على استمرار العمل بأحكامها. وفي سنة 1952 صدر المرسوم بقانون رقم 317 سنة 1952 في شأن عقد العمل الفردي ليحل محل القانون رقم 41 سنة 1944 ونص على إلغاء هذا القانون الأخير كما نصت المادة 27 منه في فقرتها الثانية على أن من يستخدم عمالاً في المناطق البعيدة عن العمران التي تعين بقرار من وزير الشئون الاجتماعية أن يوفر لهم التغذية الملائمة بأسعار لا تزيد على ثلث التكاليف بشرط ألا يجاوز ما يؤديه العامل عشرين مليماً عن الوجبة الواحدة. ولم يرد في القانون رقم 317 سنة 1952 ما يفيد إلغاء الأمر رقم 469.
وحيث إنه يبين من ذلك أن مجال تطبيق الأمر العسكري رقم 469 يختلف عن مجال تطبيق القانون رقم 317 سنة 1952 - ذلك أن الأمر العسكري رقم 469 تنطبق أحكامه في الحدود المبينة به على جميع العمال في مديريتي قنا وأسوان دون التقيد بما إذا كانت مناطق العمل بعيدة عن العمران أو غير بعيدة عنه، في حين أن الفقرة الثانية من المادة 27 من القانون رقم 317 سنة 1952 لا تنطبق إلا حيث يكون العمال في المناطق البعيدة عن العمران والتي حددها وزير الشئون الاجتماعية، وعلى هذا فلا محل لما يتمسك به الطاعن من أن القانون رقم 317 سنة 1952 قد نظم من جديد ما سبق أن نظمه الأمر العسكري رقم 469، ولا يكون ثمت محل للتحدي بنص المادة الثانية من القانون المدني فيما نصت عليه من أنه يلغي التشريع السابق إذا صدر تشريع لاحق ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق