جلسة 11 من يونيه سنة 1972
برئاسة السيد الأستاذ المستشار عبد الفتاح بيومي نصار نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وأحمد فؤاد أبو العيون وسليمان محمود جاد ومحمد فهمي طاهر، المستشارين.
-----------------
(79)
القضية رقم 752 لسنة 14 القضائية
عاملون مدنيون "كادر العمال. ترقية".
إن كادر العمال لم يحدد الضوابط الواجب مراعاتها في ترقية العمال بالاختيار - لا تثريب على جهة الإدارة إن هي وضعت قواعد موضوعية تتضمن معايير ثابتة في هذا الخصوص - بيان ذلك ومثال.
إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تسري على العمال المعينين على درجات كادر العمال.
"المحكمة"
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 428 لسنة 11 القضائية بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 3 من يونيه سنة 1964 طلب فيها الحكم بإلغاء قرار سحب ترقيته لدرجة أسطى وما يترتب على ذلك من آثار وقال شرحاً لدعواه أنه كان قد صرف مرتبه عن المدة الثانية من شهر أغسطس سنة 1962 مشتملاً على فرق علاوة ترقية لدرجة أسطى وأنه بتاريخ أول نوفمبر سنة 1962 ورد كشف المرتبات وبه مرتبه عن المدة الثانية من أكتوبر سنة 1962 منخفضاً من (760) مليم إلى (720) مليم، وأنه علم أن سبب ذلك هو سحب قرار ترقيته بحجة أنه وقع عليه جزاء بخصم ماهية يومين من مرتبه لما نسب إليه من امتناع عن العمل رغم أنه عمل في هذين اليومين، كما وأن التحقيق الذي أجري معه لم يقم به مكتب التحقيقات الموجود بالهيئة بالقاهرة، هذا فضلاً عن أن قرار ترقيته كان قد مضى عليه أكثر من ستين يوماً وأصبح بالتالي لا يجوز سحبه وأنه تظلم من ذلك القرار في 18 من نوفمبر سنة 1962 ولما لم يصله رد تقدم بطلب معافاته من رسوم الدعوى في 16 من مارس سنة 1963 وحصل على قرار بالإعفاء في 12 من مايو سنة 1964.
وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي التحق بخدمة الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية وطبق عليه كادر العمال واعتبر في درجة الصانع الدقيق من أول مايو سنة 1936 وفي درجة الدقيق الممتاز من أول مايو سنة 1942 وفي درجة الصانع الممتاز من 9 من مارس سنة 1954 وأنه نظراً لأن الترقية إلى درجة الأسطى والملاحظ تتم بالاختيار فإن الهيئة اتبعت لإجراء الترقية لإحدى هاتين الدرجتين مبدأ الحصول على أعلا الدرجات في التقارير السرية مع تفضيل الأقدم في حالة التساوي وبشرط ألا يكون قد وقع على المرشح جزاء خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية. وأنه طبقاً لذلك قررت لجنة شئون العمال بالهيئة بجلسة 22 من يوليه سنة 1962 ترقية ثمانية وعشرين عاملاً من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى بالاختيار للكفاية لأنهم حصلوا على أعلا الدرجات في التقارير السرية ولم توقع عليهم جزاءات خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية، وأن المدعي كان قد رقى في هذه الحركة من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى ثم اتضح للجنة أنه وقع عليه جزاء الخصم يومين من أجره لما ثبت في حقه من التحقيق الذي أجري معه بمعرفة مدير الورش المساعد من امتناعه عن استلام العمل يومي 1، 2 من أغسطس سنة 1959، فقررت لجنة شئون العمال بالهيئة بجلسة 17 من سبتمبر سنة 1962 سحب قرار ترقية المدعي لوجود جزاء موقع عليه بتاريخ 17 من أغسطس سنة 1959.
وعقب المدعي على ذلك قائلاً أن اشتراط لجنة شئون العمال عدم توقيع جزاء على العامل المراد ترقيته خلال السنوات الخمس السابقة على تاريخ الترقية غير ملزم لأنه لا عبرة إلا بالنصوص القانونية وأنه لما كان القانون لا يحوي مثل هذا القيد فإن سحب الترقية يكون في غير محله.
وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1965 قررت المحكمة الإدارية بالإسكندرية إحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص حيث قيدت بجدولها تحت رقم 1743 لسنة 19 القضائية.
وبتاريخ 15 من فبراير سنة 1968 قضت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر بسحب ترقية المدعي إلى درجة أسطى وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الهيئة المصروفات. وأقامت قضاءها على أن القواعد الخاصة بالترقية الواردة في كادر العمال قضت بأن تكون الترقية بالاختيار للكفاية من درجة صانع ممتاز إلى أسطى ولم تحدد القرارات الصادرة في شأن كادر العمال ولا الكتب الدورية الضوابط الواجب مراعاتها في تحديد الكفاية ولذلك فإنه يجب الرجوع في شأنها إلى القواعد العامة، وهذه القواعد في شأن تحديد الكفاية تقضي طبقاً لقانون التوظف بالرجوع إلى التقريرين السابقين على إجراء الترقية، أما بالنسبة للموظفين الذين لا يخضعون لنظام التقارير السرية فتحديد كفايتهم إنما يكون بتقرير لجنة شئون الموظفين باعتبارها أقدر على تبيان حقيقة أقدارهم وتعرف كفاياتهم، وأنه ولئن كان للجنة شئون العمال سلطة تقديرية في تحديد مدى كفاية العامل المرشح للترقية بالاختيار إلا أن هذه السلطة يجب ألا تخرج عن الحدود المقررة قانوناً حتى لا تنحرف في استعمالها فإذا ما قررت اللجنة شرط الحصول على أعلا الدرجات في التقارير السرية وأضافت إلى ذلك شرط عدم توقيع جزاءات على العامل خلال الخمس سنوات السابقة على الترقية فإن هذا الشرط الأخير يعتبر انحرافاً بسلطتها وخروجاً على ما يقتضيه المنطق القانوني السليم، وآية ذلك أن اللجنة وقد رأت الاستهداء بالتقارير السرية لتقدير الكفاية يجب ألا تخرج عن مضمون القواعد العامة التي استنها القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتباره القانون العام بالنسبة للعاملين بالدولة والذي أبت أحكامه تمشياً مع مبدأ حسن التقدير إلا أن يكون الحد الأقصى للحرمان من الترقية سنة في حالة الخصم من المرتب مدة تزيد على خمس عشرة يوماً وتتناقص هذه المدة كلما قل الجزاء عن ذلك وأن هذا الحرمان وإن كان ينصب على الترقية بالأقدمية المطلقة إلا أنه يمكن الاستهداء به كمعيار يمكن القياس عليه عند الترقية بالاختيار وإلا أدى الأمر إلى نتيجة تأباها قواعد العدالة الإدارية. وخلصت المحكمة إلى القول بأنه طالما ثبت فساد الأساس الذي استندت إليه المدعى عليها في سحب قرار ترقية المدعي فإن القرار الساحب يكون قد صدر فاقداً أساسه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما انتهى إليه من تطبيق الأحكام العامة الواردة في قانون الموظفين بشأن قواعد الترقية بالاختيار للكفاية على عمال اليومية الحكوميين رغم أن القانون المذكور لا تسري أحكامه على العمال المعينين على درجات كادر العمال، ولا يغير من ذلك أن كادر العمال لم يتضمن قواعد الترقية بالاختيار ولا الضوابط الواجب مراعاتها في تحديد الكفاية فإذا ما وضعت جهة الإدارة ضابط التقارير السرية وضابط عدم توقيع الجزاء وطبقت هذه الضوابط على جميع العمال فلا يسوغ القول بوجود مخالفة قانونية ذلك أن جهة الإدارة إذا ما وضعت قاعدة تنظيمية تطبيقاً في جميع الحالات المتماثلة كأساس للمفاضلة والاختيار فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون لأن الصلاحية للترقية قد لا تتوافر بالرغم من توافر الكفاية التي تعتبر أحد عناصر الصلاحية وأنه ليس من المعقول أن يرقى من وقع عليه جزاء أو أن يتساوى مع غيره الذي حصل على درجة كفايته ولم يوقع عليه جزاء في المدة المشار إليها، هذا فضلاً عن أن الترقية بالاختيار تستقل بها جهة الإدارة وأنه لا وجه للتحدي في هذا المقام بالاقتصار عند الاختيار على ما تضمنته التقارير السرية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة لا تسري على العمال المعينين على درجات كادر العمال.
ومن حيث إن القرارات الصادرة في شأن كادر العمال والكتب الدورية المكملة لها لم تحدد الضوابط الواجب مراعاتها في ترقية العمال بالاختيار كما وأنه لم يرد بها أية إشارة تفيد الرجوع في هذا الشأن إلى أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه فإنه لا تثريب على جهة الإدارة - وهي غير ملزمة بنص في التشريع بتطبيق أحكام القانون سالف الذكر - إن هي وضعت قواعد موضوعية تتضمن معايير ثابتة لإجراء الترقية بالاختيار بين عمالها الخاضعين لكادر العمال تلتزم تطبيقها في الحالات الفردية المتماثلة. وغنى عن البيان أنه ليس هناك ما يمنع جهة الإدارة وهي بصدد وضع تلك المعايير والضوابط من الاسترشاد بما يكون قد ورد في هذا الشأن من قواعد وأحكام في التشريعات الأخرى ومنها القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإنه إذا ما ارتأت الجهة الإدارية أن تقوم القاعدة التنظيمية التي استنتها لترقية عمالها بالاختيار على نظام التقارير السرية المماثل للنظام الوارد بالقانون رقم 210 لسنة 1951 كأحد ضوابط الاختيار من ناحية وعلى قاعدة خلو ملف خدمة العامل المرشح للترقية بالاختيار من أي جزاء يكون قد وقع عليه خلال السنوات الخمس الميلادية السابقة على الترقية كضابط أخر من ضوابط الاختيار من ناحية أخرى، فإنها لا تكون بذلك قد خالفت القانون أو تعسفت في استعمال سلطتها، ولا ينال من ذلك أن يكون ضابط الاختيار الثاني متسماً بطابع الصرامة من حيث المدة التي يتعين فيها أن يخلو ملف العامل من الجزاءات ومن حيث نوع الجزاء الموقع عليه خلالها، ذلك أن تحديد ضابط الاختيار هو مما تترخص فيه الإدارة بما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن وبما لا معقب عليها في ذلك ما دامت قد استهدفت فيما وضعته من ضوابط اصطفاء الأصلح والتزمت تطبيقه على جميع عمالها.
ومن حيث إن جهة الإدارة إذ رقت المطعون ضده من درجة صانع ممتاز إلى درجة أسطى في 22 من يوليه سنة 1962 ثم اتضح لها أنه وقع عليه جزاء في 17 من أغسطس سنة 1959 أي خلال السنوات الخمس السابقة على الترقية فقررت سحب ترقيته في 17 من سبتمبر سنة 1962 أعمالاً للقاعدة التنظيمية التي استنتها في ترقية عمالها بالاختيار فإن قرارها الساحب لترقية المطعون ضده يكون قد صدر على أساس سليم من الواقع والقانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - وقد ذهب غير هذا المذهب - يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه: وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق