الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 أغسطس 2023

الطعن 2342 لسنة 36 ق جلسة 29 / 8 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 168 ص 1650

جلسة 29 من أغسطس سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي فؤاد الخادم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم وعلي رضا عبد الرحمن - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(168)

الطعن رقم 2342 سنة 36 القضائية

تراخيص إنشاء المباني - شروطها - وقف الترخيص بعد منحه.
المواد 4 و5 و6 و7 و11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء.
اختصاص الجهة الإدارية في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف بغرض التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والمواصفات المقررة قانوناً - إذ كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة للمواصفات فلا يجوز رفض منح الترخيص لأسباب أخرى تتعلق بادعاء الغير بحق ارتفاق بالمرور على الأرض المرخص بالبناء عليها - لا يجوز وقف الترخيص لهذا السبب - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم 24 من مايو سنة 1990 أودع الأستاذ نعيم لبيب المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام برقم 2342 لسنة 36 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 5/ 4/ 1990 في الدعوى رقم 5206 لسنة 43 ق فيما قضي به رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته، وقد طلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغائه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهم بصفتهم المصروفات - وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهم على الوجه المقرر قانوناً. قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن رأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1 يونيه سنة 1992، وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 16 من نوفمبر سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتي نظرته جلسة 13 من ديسمبر سنة 1992، وبجلسة 3 من يناير سنة 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 14 من فبراير سنة 1993 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسات 14/ 3, 16/ 5، 8/ 7/ 1993 لإتمام المداولة ثم قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 15/ 8/ 1993 لتغير تشكيل الهيئة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 29/ 8/ 1993 وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5206 لسنة 43 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25 من مايو سنة 1989 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق برفض تظلمه من قراره بوقف ترخيص البناء رقم 136 لسنة 1988 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه أنه استصدر هذا الترخيص بالبناء على قطعة الأرض الكائنة بشارع عبد الله المتفرع من شارع الشركات بجوار موقف سيارات شركة النيل العامة للنقل وبناء على شكوى من شركة النيل العامة لأتوبيس وسط الدلتا أصدر رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق قراراً بوقف ترخيص البناء المذكور وعلم به المدعي بتاريخ 28/ 3/ 1989، فتظلم منه، بإنذار على يد محضر بتاريخ 19/ 4/ 1989 وقد تم رفض تظلمه وعلم بذلك بتاريخ 24/ 4/ 1989 لذلك أقام دعواه بغية الحكم له بطلباته وناعياً على قرار وقف ترخيص البناء مخالفته للقانون، وعدم قيامه على سبب يبرره، ويتسم بإساءة استعمال السلطة، كما ترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها تتمثل في إخلاله بالعقود التي أبرمها مع المقاولين، وموردي مواد البناء ومع المهندس الذي يشرف على التنفيذ إضافة إلى فساد بعض مواد البناء كالأسمنت.
وقد ردت جهة الإدارة على الدعوى وطلبت رفضها على أساس أن القرار المطعون فيه بإيقاف ترخيص البناء رقم 136 لسنة 1988 أوجبته على الجهة الإدارية حالة ضرورة تتمثل في الخطر الجسيم المفاجئ، الذي نجم عن قيام المدعي بأعمال الحفر في المدخل الخاص بمحطة دسوق التابعة لشركة النيل العامة لأتوبيس وسط الدلتا، والذي ترتب عليه إعاقة دخول وخروج مركبات الشركات التي تقوم بنقل المواطنين إلى المحطة، ومن ثم الإخلال بمبدأ دوام واستمرار أداء المرفق لدوره في هذا المجال، الأمر الذي يضر بالمصالح العام، كما أن الجهة الإدارية قدرت حالة الضرورة بقدرها وأوقفت ترخيص البناء لحين الفصل في النزاع القائم بين المدعي وبين الشركة محل الدعوى رقم 177 لسنة 1989 مدني مستعجل دسوق والتي أقامتها الشركة بدعوى وجود حق ارتفاق لها على قطعة الأرض موضوع الترخيص.
وبجلسة 5 من إبريل سنة 1990 صدر الحكم المطعون فيه وقضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفاته. وأقامت قضاءها على أن المستفاد من نص المادتين 5، 10 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن القانون لا يستلزم في طلب رخصة البناء أن يكون موقعاً عليه من مالك الأرض التي ينصب عليها الطلب وذلك ضناً بالوقت الذي يبذل في إثبات الملكية ما دام أن الترخيص يصرف تحت مسئولية مقدمه ولا يمس بحال حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالأرض، ونظراً لأن الترخيص في حقيقته إنما يستهدف أصلاً مطابقة مشروع البناء وتصحيحه لأحكام واشتراطات تنظيم المباني ومخططات المدن وما يقترن بذلك من الأصول والقواعد الفنية ولا ينال من حقوق ذوي الشأن المتعلقة بالملكية وغيرها من الحقوق العينية والتي لم يشرع الترخيص لإثباتها، وأن يبقى دوماً لكل صاحب حق رغم صدور الترخيص أن يتلمس من الوسائل والإجراءات القانونية لدى جهات الاختصاص ما يؤكد به حق ويزود عنه، ومن ثم فلا مدعاة إلى أن تستغرق جهة الترخيص في تحري أسباب الملكية وفي مدى تحمل الأرض إلي ينصب عليها طلب الترخيص بحق الارتفاق بالمرور وعدم البناء عليها، ومستندات ذلك من كل طالب ترخيص على نحو تستطيل معه إجراءات الفحص في كل حالة، ويستعصى إصدار الترخيص بالسرعة المتطلبة، ولئن كان ذلك إلا أن هذه القاعدة والتي صدر القانون رقم 106 لسنة 1976 في إطار منها، إنما يعمل بها على إطلاقها ما دام أن طلب الترخيص لا تعتوره شكوك ظاهرة أو منازعات جادة، تنفي عن طالب وجه الأحقية في الاستحواذ عليه والاستئثار به، إذ يعلو في هذه الحالة أصل لا مرية فيه يفرض على جهة الترخيص تغليب صاحب الحق وحجب الترخيص عن من يثبت تجرده من حق البناء على الأرض الذي يصدر الترخيص طبقاً له وتنظيماً لمتطلباته، وعليه فليس من شأن تلك القاعدة غل يد جهة الإدارة عن رفض الترخيص ابتداء أو إلغاء ترخيص سابق ووقفه إذا ما ثبت لها أن طالب الترخيص أو صاحبه يتجرد من حق البناء على الأرض، ويرجح عليه حق آخر أولى بالرعاية والتفضيل، ولما كان البين من ظاهر الأوراق أن ثمة منازعات جادة بين شركة النيل العامة لأتوبيس وسط الدلتا وبين المدعي حول مدى تحمل جزء من قطعة الأرض محل الترخيص رقم 136 لسنة 1988 بحق ارتفاق المرور، والمرفوع بشأنه الدعوى رقم 177 لسنة 1989 مدني مستعجل دسوق، والتي أدخلت الشركة فيها الوحدة المحلية لمركز ومدينة دسوق ومن ثم فالقرار المطعون فيه يكون بحسب الظاهر من الأوراق متفقاً وصحيح حكم القانون ويتخلف بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه مما يتعين معه - ودون الحاجة إلى بحث ركن الاستعجال الحكم برفضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أصابه العوار من كافة جوانبه وأخطأ التطبيق السليم لصحيح حكم القانون وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، فقد خالف القانون ذلك أن القرار المطعون فيه بمنح الطاعن ترخيص البناء قد تحصن بفوات الستين يوماً فلا يجوز للإدارة سحبه أو إلغائه أو تعديله إلا أن الحكم المطعون فيه قد خالف ذلك حين رفض طلب وقف التنفيذ وقد أخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره وتأويله حين استند إلى نص المادتين 5، 10 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في إيقاف الترخيص بالبناء، وقد انتهى في رفض طلب وقف التنفيذ إلى أن هناك دعوى مقامة من الشركة المذكورة برقم 177 لسنة 1989 مستعجل مدني دسوق بحق ارتفاق للشركة على الأرض محل الترخيص في حين ذكر الحكم في حيثياته أن هذه الحالة ليست من الحالات التي تعطي لجهة الإدارة سلطة إيقاف الترخيص، كما أن الحكم حين يقضي في الشق العاجل إنما يقضي بصفته قاضياً للأمور المستعجلة وليس له أن يتغلغل في بحث الموضوع ولا أن يتطرق لأصل الحق على نحو ما فعل الحكم المطعون فيه حين تغلغل في بحث موضوع الدعوى وظاهر طلبات الشركة بوجود حق ارتفاق بالمرور بالرغم من أنه لا يوجد لدى الشركة ثمة مستند مؤيد لدعواها، بل أخد الحكم بأقوال جهة الإدارة غير المؤيدة بمستندات مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال أيضاً.
ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1983 تنص على أنه: "لا يحوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها في الفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية وتبين اللائحة التنفيذية الشروط والأوضاع اللازم توافرها فيما يقام من الأبنية على جانبي الطريق عاماً كان أو خاصاً وتحدد التزامات المرخص له عند الشروع في تنفيذ العمل وأثناء التنفيذ وفي حالة التوقف عنه....".
وتنص المادة (5) من ذات القانون على أن "يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم مرفقاً به البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية والإنشائية والتنفيذية التي تحددها اللائحة التنفيذية وعلى هذه الجهة أن تعطي الطالب إيصالاً باستلام الطلب ومرفقاته، ويجب أن يكون طلب الترخيص في أعمال الهدم موقعاً عليه من المالك أو من يمثله قانوناً وتنص المادة (6) على أن: "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه، على أنه في الحالات التي تلزم فيها موافقة اللجنة المنصوص عليها في المادة (1) فيكون هذا الميعاد من تاريخ إخطار الجهة المذكورة بالموافقة وتحدد اللائحة التنفيذية الأحوال التي يجب فيها البت في الطلب خلال مدة أقل وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته القرارات المنفذة له، قامت بإصدار الترخيص بعد مراجعة واعتماد الأصول والرسومات وصورها ويحدد في الترخيص خط التنظيم أو حد الطريق أو خط البناء الذي يجب على المرخص له إتباعه وعرض الشوارع والمناسيب المقررة لها أمام واجهات البناء وأية بيانات يتطلبها أي قانون آخر....".
وتنص المادة (7) على أن "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص، انقضاء المدد المحددة للبت فيه دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات والمستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات ويلتزم طالب الترخيص في هذه الحالة بمراعاة جميع الأوضاع والشروط والضمانات المنصوص عليها في هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
وتنص المادة (11) على أنه: "يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها بأن تكون مواد البناء المستخدمة مطابقة للمواصفات المصرية المقررة، ولا يجوز إدخال أي تعديل أو تغيير جوهري في الرسومات المتعددة، إلا بعد الحصول على تراخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أما التعديلات البسيطة التي تقتضيها ظروف التنفيذ فيكتفي في شأنها بإثبات الجهة المذكورة لها على أصول الرسومات المعتمدة وصورها وذلك كله وفقاً للأحكام والإجراءات التي تبينها اللائحة التنفيذية.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن اختصاص الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف ذلك أن المشرع قد أبان بوضوح أن الهدف الذي تغياه من اشتراط الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم قبل القيام بإنشاء المباني أو الأعمال المشار إليها، هو التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ومراعاة خطوط التنظيم المعتمدة أو الجاري تخطيطها فضلاً عن مقتضيات الأمن والقواعد الصحية وذلك في ضوء المستندات والرسومات والبيانات التي يقدمها ذو الشأن. فإذا ما ثبت للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له، وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص أمام إذا رأت الجهة الإدارية لزوم استيفاء بعض البيانات أو الرسومات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، فقد أوجب عليها المشرع إعلان الطالب بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص، كما أوجب عليها إتمام البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الرسومات المعدلة.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد من تقييد سلطة جهة الإدارة في منح التراخيص بالأهداف والضوابط والمدد المنوه عنها، إنما جاوز المشرع ذلك إلى اعتبار أنه بمجرد انقضاء المدد المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات على الرسومات يعتبر ذلك بمثابة موافقة على طلب الترخيص وكل ذلك يقطع بأن سلطة جهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم في إصدار التراخيص المشار إليها هي سلطة مقيدة ومخصصة الأهداف فلا يجوز لها متى كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ولأحكام القانون ولائحته أن ترفض منح الترخيص لأسباب أخرى لا يدخل تقديرها في مجال اختصاصها ولا ينبغي لها أن تتجاوز هذا الاختصاص المقيد والمخصص الأهداف - على ما سبق تحديده - إلى استخدام هذا الاختصاص المخول لها في منح الترخيص برفضه أو تعديله أو تقييده حماية لمصالح أخرى أو أن تستهدف بقرارها مساندة حقوق مراعاة لآخرين على العقار محل الترخيص إذ كفل القانون الوسيلة المناسبة لرعاية وحماية الحق المدعى به، ولا ينبغي لجهة الإدارة استخدام اختصاصها في غير المجال المخصص له بل يتعين إلزامها بالأداة والوسيلة المناسبة للغاية المخصص لها تلك الوسيلة أو الأداة التي خولها القانون إياها.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن رئيس الوحدة المحلية لمجلس مدينة دسوق يتحدد اختصاصه في شأن طلب الترخيص المقدم من الطاعن في بحث الرسومات والمواصفات التي قدمها الطاعن مرفقة بطلبه للتحقق من مطابقتها للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة المطلوبة بحيث لا يكون له رفض الترخيص أو تعديله إلا إذا ثبت له عدم مطابقة هذه الرسومات والمستندات للأصول والمواصفات المطلوبة، وليس له بالتالي أن يقرر وقف الترخيص الصادر للطاعن بعد صدوره سليماً دون سبب مستمد من الترخيص ذاته، وكذا ليس له وقف الأعمال تبعاً لوقف الترخيص إلا إذا كانت تلك الأعمال مخالفة للقانون أو غير مطابقة للترخيص، فإذا كان الترخيص محل الطعن الماثل قد صدر سليماً ومطابقاً للقانون فإن صدور القرار المطعون فيه بوقفه بناء على شكوى من شركة النيل العامة للنقل بادعاءها بحق ارتفاق بالمرور على الأرض المرخص بالبناء عليها. هذا القرار يغدو مخالفاً للقانون وتجاوزت فيه الإدارة اختصاصها المقيد والمخصص الهدف - في الوقت الذي كفل القانون لهذه الشركة - شأنها في ذلك شأن أشخاص القانون الخاص - من الوسائل ما تستطيع به حماية ما تدعيه من حقوق، وليس للإدارة أن تستخدم الرخصة المخولة لها في مساندة الشركة فيما تدعيه من حقوق لم تتأيد بعد بحكم نهائي وفي ذات الوقت تهدر حق الطاعن - غير المنكور- في ملكيته وبالتالي في استصدار الترخيص بالبناء على الأرض المملوكة له وفي المضي قدماً في إتمام هذا البناء، أما وقد خالف الحكم الطعين هذا النظر وقضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلوم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق