جلسة 15 من إبريل سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ محمد صدقي العصار نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم فودة، حسن النسر، منير عبد المجيد ومحمد إبراهيم خليل.
---------------
(215)
الطعن رقم 961 لسنة 44 القضائية
(1) استئناف "نظر الاستئناف". حكم. نقض.
الدفاع الوارد بمذكرة المستأنف أمام محكمة أول درجة والتي استبعدتها لتقديمها بعد الميعاد. عدم التمسك به أمام محكمة الاستئناف. أثره. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) اختصاص. دعوى. قوة الأمر المقضي. نقابات.
الأتعاب المستحقة للمهندس النقابي عند عدم الاتفاق عليها. اختصاص مجلس النقابة بتقديرها. عدم التظلم في الميعاد من قرار المجلس. أثر. اكتساب قوة الأمر المقضي. لا يغير من ذلك أن تكون المنازعة حول سبب الالتزام.
(3) تزوير.
قبول الادعاء بالتزوير. مناطه. أن يكون منتجاً في النزاع. ثبوت أن التظلم قد رفع بعد الميعاد. ادعاء المتظلم بتزوير سند متعلق بموضوع الدعوى. غير منتج.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 1129 لسنة 1972 م تنفيذ العطارين بطلب رفع الحجز التنفيذي الموقع تحت يد المطعون عليه الثاني بتاريخ 2/ 11/ 1972 م وفاء لمبلغ 4990 ج و972 م، نفاذ الأمر التقدير رقم 2778 لسنة 1969 م الصادر ضدها من مجلس نقابة المهن الهندسية لصالح المطعون عليه الأول. وقالت شرحاً لدعواها إن ذمتها بريئة من أية ديون للمطعون عليه الأول وذلك بإقرار كتابي منه مؤيد بكتاب الجهة الحكومية التي يعمل بها، ولذلك أقامت الدعوى رقم 3113 لسنة 1972 م الإسكندرية الابتدائية بطلب براءة ذمتها وإلغاء أمر التقدير رقم 2778 لسنة 1969 نقابة المهن الهندسية واعتباره كأن لم يكن تأسيساً على منازعتها في أساس الالتزام ذاته، إذ أنها غير ملزمة بالمبلغ المطالب به لانعدام سببه، وبعد أن قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، ادعت الطاعنة بتزوير الصورة الشمسية للخطاب المؤرخ 30/ 8/ 1961 م الصادر من رئيس الجمعية إلى المطعون عليه الأول لإعداد رسم التقسيم الجديد، على أن تصرف له مكافأة تتناسب مع مجهوده، وبعد أن أعلنت مذكرة شواهد التزوير في 16/ 5/ 1973 حكمت المحكمة بتاريخ 27/ 6/ 1973 م برفض الدعوى ملتفتة عن إجراءات الادعاء بالتزوير لتقديمها بعد قفل باب المرافعة في الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 232 لسنة 29 ق الإسكندرية وبتاريخ 19/ 6/ 1974 م حكمت المحكمة بعدم قبول الادعاء بالتزوير لكونه غير منتج وبتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إن أمر التقدير رقم 2778 لسنة 1969 م الصادر من نقابة المهن الهندسية وسند المطعون عليه الأول في إجراءات التنفيذ موضوع الدعوى، صدر معدوماً لعدم انعقاد الخصومة، ذلك أنه رغم تمسكها في مذكرتها المقدمة إلى محكمة أول درجة في 23/ 5/ 1973م بعدم إخطارها بالحضور أمام لجنة نقابة المهن الهندسية وأن مجرد القول بإخطار الطاعنة بالبريد المسجل لا يكفي لقيام علمها بها، وبأن إعلانها بهذا الأمر تم في مواجهة شخص لا ينتسب إليها، فصلاً عن بطلان هذا الإعلان لعدم بيان المحضر بإجراءات الإعلان من حيث إثبات غياب الممثل القانوني للجمعية وتسليم الإعلان لمن سلم إليه وإخطارها بذلك. والتأشير به على أصل الإعلان وصورته، فإن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما ذهب إليه من "أن إجراءات استصدار ذلك الأمر وإعلانه ووضع الصيغة التنفيذية تمت طبقاً للقانون ولم يشبها أي بطلان جوهري يفقدها كيانها القانوني"، دون أن يرد على ما أثارته من مطاعن على إجراءات الخصومة وإعلان أمر التقدير، مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه ولئن كانت الطاعنة قد تمسكت في مذكرتها المقدمة إلى محكمة أول درجة لجلسة 23/ 5/ 1973 م - والتي استبعدت لتقديمها بعد الميعاد المحدد خلال فترة حجز الدعوى للحكم - بعدم إخطارها بالحضور أمام لجنة تقدير الأتعاب بنقابة المهن الهندسية لنظر طلب المطعون عليه تقدير أتعابه، وببطلان إعلانها بأمر التقدير وبحجز ما للمدين لدى الغير الموقع تحت يد المطعون عليه الثاني، غير أنها لم تتمسك بهذا الدفاع بصحيفة الاستئناف ولم تقدم ما يدل على تمسكها به أمام محكمة الاستئناف، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي قضت بتأييد الحكم الابتدائي في هذا الخصوص لأسبابه دون أن تضيف إليه أسباباً أخرى، وإذ كان ذلك، فإن ما تثيره بهذين السببين يعتبر سبباً جديد لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إنه طبقاً للمادتين 33، 34 من القانون رقم 89 لسنة 1946 م بإنشاء نقابة المهن الهندسية، لا يكون التظلم من أمر التقدير، إلا بالنسبة لمقدار الأتعاب فحسب، فإذا تعلق الأمر ببراءة الذمة وأصل الالتزام، فإن الطعن عليه يكون بطريق الدعوى العادية، ولذلك أقامت الدعوى رقم 3113 لسنة 1972 م الإسكندرية الابتدائية بطلب براءة ذمتها من أية ديون للمطعون عليه الأول وتمسكت بذلك في الدعوى الحالية أمام درجتي التقاضي، كما أن طلبها رفع الحجز أمام قاضي التنفيذ يعد طبقاً للمادة 335 من قانون المرافعات، نزاعاً موضوعياً نحو قيام السند في صحة الحجز ونفاذه في حقها، يختص دون غيره بالفصل فيه وفقاً لحكم الساعة 275 من قانون المرافعات، غير أن الحكم المطعون فيه لم يقل كلمته في دفاعها المستند إلى إقرار المطعون عليه الأول بالقيام بالعمل لصالح الجمعية على سبيل التبرع، مكتفياً بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه التي خلت من الرد على دفاعها في هذا الخصوص، فجاء معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مؤدى ما نصت عليه المواد 33، 34، 35 من القانون رقم 89 لسنة 1946 م إنشاء نقابة المهن الهندسية، أن مجلس النقابة يختص دون غيره - في حالة عدم الاتفاق المسبق كتابة على الأتعاب المستحقة للمهندس النقابي عن العمل الذي قام به - بنظر ما يثور بين عضو النقابة وصاحب العمل من نزاع حول سبب الالتزام بالأتعاب أو تقديرها، وأن عليه إصدار قراره فيه خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب وإلا جاز الالتجاء إلى القضاء، ويصدر بتنفيذ ذلك القرار أمر من رئيس المحكمة الابتدائية المختصة أو القاضي الجزئي بحسب الأحوال، ويحق لكل من المهندس وصاحب العمل أن يتظلم من قرار مجلس النقابة خلال العشرة أيام التالية لإعلانه به، وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة المختصة وفقاً للقواعد المنصوص عليها في قانون المرافعات، فإذا فوت أي منهما ذلك الميعاد، فإن الأمر يضحى نهائياً تحول حجيته دون بحث ما يمس موضوعه لسمو قواعد الحجية على أية اعتبارات أخرى. وإذ كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنة فوتت ميعاد التظلم من الأمر وذيل بالصيغة التنفيذية وأعلن إليها وغدا بذلك سنداً تنفيذياً، وكانت منازعة الطاعنة تدور حول سبب الالتزام ومدى استحقاق المطعون عليه الأول لتلك الأتعاب وهي أسباب سابقة على صدور الأمر، فصل فيها ضمناً وحاز حجيته في خصوصها، وكان الحكم المطعون فيه قد أيد الحكم الابتدائي فيما جرت به أسبابه من أن الثابت لديه أن إجراءات استصدار الأمر وإعلانه وضع الصيغة التنفيذية عليه بعد فوات ميعاد التظلم منه وإعلانه مذيلاً بالصيغة التنفيذية قد تمت طبقاً للقانون، وأن الطاعنة تؤسس دفاعها على ما يمس ذلك الأمر بدعوى صدوره بدون سبب قانوني وأن حجيته تحول دون بحث ذلك وأن إجراءات الحجز ذاتها ليس عليها أي مطعن من الطاعنة، فإن تعييبه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن المطعون عليه الأول قدم أمام محكمة أول درجة صورة شمسية من كتاب نسب صدوره إلى رئيس الجمعية آنذاك يتضمن تكليفه بإعداد تقسيم جديد على أن تصرف له مكافأة تتناسب مع مجهوده، وإنه لما كانت الورقة مزورة فقد ادعت بتزويرها بوصفها مؤثرة على قيام أصل الالتزام، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الادعاء بالتزوير بدعوى أنه غير منتج لأنه حتى لوثبت لا ينال من حجية أمر التقدير الصادر لصالح المطعون عليه الأول والذي أصبح نهائياً لعدم التظلم منه، فشابه بذلك الفساد في الاستدلال، وإذ رفضت المحكمة إعادة الدعوى للمرافعة لضم المظروف الذي ينطوي على السند المدعى بتزويره، فإن المحكمة تكون قد أخلت بحقها في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق أن الطاعنة وبعد قفل باب المرافعة أمام محكمة أول درجة، لجأت إلى الادعاء بالتزوير على الصورة الشمسية للخطاب المؤرخ 20/ 8/ 1961 م المنسوب صدوره إلى رئيس الجمعية والمتضمن تكليفه بإعداد رسوم التقسيم الجديد على أن تصرف له مكافأة تتناسب مع مجهوده، والتفتت المحكمة عنه لتقديمه بعد قفل باب المرافعة، وإذ تمسكت به الطاعنة أمام محكمة الاستئناف، قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبوله لأنه غير منتج في النزاع لأنه حتى لو ثبت تزوير تلك الورقة، فإن ذلك لن ينال من حجية أمر التقدير لصالح المطعون عليه الأول والذي أصبح نهائياً بعدم التظلم منه. إذ كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط قبول الادعاء بالتزوير على ما تقرره المادة 52 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 م، أن يكون منتجاً في النزاع، فإن كان غير ذي أثر في موضوع الدعوى تعين على المحكمة أن تفضي بعدم قبوله دون أن تبحث شواهده أو تحققها، إذ من العبث تكليف الخصوم بإثبات ما لو ثبت بالفعل ما كان منتجاً نتيجة ما في موضوع الدعوى، وكانت الطاعنة تستهدف من هذا الادعاء النيل من أمر التقدير سند المطعون عليه الأول في التنفيذ بالمنازعة في مدى التزامها أصلاً بالأتعاب موضوع هذا الأمر، وهو ما يمتنع قانوناً على الطاعنة بعد أن فوتت ميعاد التظلم منه وأصبح نهائياً تحول حجته دون بحث ما يمس موضوعه على نحو ما سبق بيانه في الرد على السبب الثالث، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال لا يكون في محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق