الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أبريل 2023

الطعن 9 لسنة 10 ق جلسة 23 / 5 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 63 ص 216

جلسة 23 مايو سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

------------------

(63)
القضية رقم 9 سنة 10 القضائية

(أ) نقض وإبرام. 

تقرير الطعن. أسماء الخصوم وصفاتهم ومحال إقامتهم. تبيانها في التقرير. الغرض منه.
(المادة 15 من قانون محكمة النقض)
(ب) ملكية. 

ملكية أرض. تشمل ما فوقها وما تحتها. سند الملكية.
(المادة 11 من القانون المدني)

-----------------
1 - إن الغرض الذي رمى إليه الشارع مما أورده في المادة 15 من قانون محكمة النقض عن ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحال إقامتهم في تقرير الطعن إنما هو إعلام ذوي الشأن بمن رفع الطعن من خصومهم في الدعوى وصفته ومحله علماً كافياً. فكل تبيان من شأنه أن يفي بذلك يتحقق به الغرض. وإذن فإذا كان الوارد في تقرير الطعن أن فلاناً نائب قسم القضايا الأهلية بالنيابة عن وزارة الأشغال العمومية هو الذي قرّر بالطعن، وكان إعلان التقرير إلى المطعون ضدّه مصدّرة صيغته بأنه بناء على طلب وزير الأشغال المتخذ له محلاً مختاراً بقسم القضايا الأهلية بشارع كذا رقم كذا، فلا يكون هذا التقرير باطلاً.
2 - إن كل من تملك أرضاً صار مالكاً لكل ما فوقها وما تحتها إلا إذا ظهر من سند الملكية أنها لا تتضمن ذلك.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل مقدّمة من طرفي الخصومة لمحكمة الموضوع - فيما يأتي:
نزعت وزارة الأشغال ملكية جزء من ربع بشارع الحمزاوي للمنفعة العامّة لتوسيع شارع الأزهر واتفقت مع واضع اليد عليه الظاهر وهو أحمد سامي السمني أفندي (المطعون ضدّه) على الثمن ومقداره 1690 جنيهاً أودعته بخزانة محكمة مصر بمقتضى محضر إيداع اشترطت لقبضه شروطاً. ولما لم يتمكن أحمد سامي السمني أفندي من صرفه بسبب هذه الشروط رفع دعوى على وزارة الأشغال وعلى باشكاتب محكمة مصر طلب فيها الحكم بصرف المبلغ المودع على ذمته وبإلزام وزارة الأشغال بفوائد هذا المبلغ لغاية الصرف وبأن تدفع له أيضاً مبلغ 30 جنيهاً شهرياً ابتداء من 23 من يناير سنة 1927 وهو قيمة ريع باقي ملكه لغاية يوم تسليم المبلغ إليه مع المصاريف والأتعاب. وقد انتهت هذه الدعوى بحكم أصدرته محكمة استئناف مصر في 10 من يناير سنة 1928 (في الاستئناف رقم 950 سنة 44 قضائية) قضت فيه بأحقية أحمد سامي السمني أفندي في صرف مبلغ 1690 جنيهاً المودع بخزينة محكمة مصر بعد أن يقدّم للوزارة شهادة من المحكمة المختلطة عن العقار المنزوعة ملكيته دالة على خلوه من جميع الحقوق والتسجيلات. وتنفيذاً لهذا الحكم حرّرت الحكومة مع أحمد سامي السمني أفندي عقد البيع المؤرّخ في 23 من فبراير سنة 1928 والمسجل في 16 من أكتوبر سنة 1928.
اشترى بعد ذلك أحمد سامي السمني أفندي عقاراً آخر قال إنه ابتاعه ليكون مدخلاً للباقي من الربع بعد نزع الملكية، وطلب رخصة لبناء هذا المدخل الجديد، فرفضت الوزارة طلبه وتبين له أنها استصدرت مرسوماً آخر بتوسيع شارع الأزهر من 20 متراً إلى 26 متراً فأخذت من الربع 34 متراً زيادة على الـ 149 متراً و32 سنتيمتراً التي نزعت ملكيتها.
لهذا رفع عليها الدعوى رقم 1084 سنة 1930 كلي أمام محكمة مصر الابتدائية طلب فيها الحكم بإلزامها بمبلغ 746 جنيهاً و28 مليماً ثمن الزيادة مع مبلغ 480 جنيهاً قيمة ريعها لغاية مايو سنة 1930 وما يستجد من الريع بواقع الشهر عشرة جنيهات وبإلزامها كذلك بأن تدفع له 270 جنيهاً تعويضاً عن عدم انتفاعه ببناء باقي ملكه بسبب رفض الوزارة إعطاءه رخصة البناء لغاية مايو سنة 1930 وما يستجد بواقع الشهر 30 جنيهاً لغاية تسليمه الرخصة.
نظرت المحكمة هذه الدعوى ثم ندبت خبيراً يقول أحمد سامي السمني أفندي إنه تبين من تقريره أن الذي دخل في الشارع زيادة على المقدار المنزوعة ملكيته هو 35 متراً و85 سنتيمتراً، وأن الوزارة أخذت من المدخل الجديد الذي اشتراه 2 متر و17 سنتيمتراً فأصبح لا ينتفع به. ولذا عدّل طلباته وطلب الحكم من باب أصلي بإلزام الوزارة بأن تدفع له 2450 جنيهاً ثمن الـ 111 متراً و73 سنتيمتراً الباقية بعد المنزوعة ملكيته و40 جنيهاً قيمة ريعها شهرياً من 2 من يونيه سنة 1926 لغاية السداد. ومن باب الاحتياط إلزامها بأن تدفع له 1486 جنيهاً و630 مليماً ثمن الـ 35 متراً و85 سنتيمتراً والـ 2 متر و17 سنتيمتراً و480 جنيهاً قيمة ريع ذلك المقدار لغاية مايو سنة 1930 مع ما يستجد بواقع عشرة جنيهات شهرياً لغاية يوم السداد ومبلغ 270 جنيهاً تعويضاً عن عدم انتفاعه ببناء باقي الملك لرفضها إعطاءه رخصة البناء لغاية مايو سنة 1930 مع ما يستجد بواقع الشهر 30 جنيهاً لغاية تسليمها إليه تلك الرخصة.
والمحكمة بعد أن ندبت خبيراً آخر باشر مأموريته وقدّم تقريره، وبعد أن انتقلت لمحل النزاع قضت بتاريخ 21 من مايو سنة 1934 بإلزام وزارة الأشغال العمومية بأن تدفع إلى أحمد سامي السمني أفندي: (أوّلاً) 116 جنيهاً و908 مليمات ثمن 12 متراً و14 سنتيمتراً ومبلغ 23 جنيهاً و816 مليماً ريع هذا المقدار عن المدّة الموضحة بأسباب الحكم. (ثانياً) 400 جنيه مقابل عدم انتفاعه بباقي ملكه بعد نزع الملكية في المدّة الموضحة بأسباب الحكم.
استأنف أحمد سامي السمني أفندي هذا الحكم كما استأنفته الوزارة فقضت محكمة استئناف مصر في 14 من فبراير سنة 1935 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لما تبين من أن العقار المنزوعة ملكيته وقف.
طعن أحمد سامي السمني أفندي في هذا الحكم بطريق النقض ولكن محكمة النقض والإبرام رفضت طعنه.
فرفع بتاريخ 6 من فبراير سنة 1936 أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى الحالية رقم 478 سنة 1936 كلي على وزارة الأشغال العمومية طالباً الحكم بإلزامها بأن تدفع له بصفته الشخصية وبصفته ناظر وقف السمني من باب أصلي مبلغ 2452 جنيهاً ثمن 111 متراً و73 سنتيمتراً وهو المقدار الباقي بعد المنزوعة ملكيته مقابل استيلائها عليها ومبلغ 40 جنيهاً شهرياً قيمة ريعها من 2 من يونيه سنة 1926 لغاية السداد والمصاريف وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ وبلا كفالة، ومن باب الاحتياط إلزامها بأن تدفع له 1486 جنيهاً و630 مليماً ثمن 35 متراً و85 سنتيمتراً التي أدخلتها في الشارع وثمن 2 متر و17 سنتيمتراً التي أدخلتها فيه من المدخل الجديد بما في ذلك تعويض عدم صلاحيتها للانتفاع، ومبلغ 480 جنيهاً قيمة ريع هذه المقادير لغاية مايو سنة 1930 مع ما يستجدّ بواقع الشهر عشرة جنيهات لغاية السداد، وبمبلغ 270 جنيهاً مقابل عدم انتفاعه بالباقي من العقار بعد ذلك لعدم إعطائها إياه رخصة ببنائه لغاية مايو سنة 1930 ولعدم هدمها مباني لها به مع ما يستجدّ بواقع الشهر 30 جنيهاً لحين تسليمه رخصة بالبناء وهدم مالها من مبانٍ وإلزامها بالمصاريف وأتعاب المحاماة بحكم مشمول بالنفاذ بلا كفالة مع حفظ سائر الحقوق.
وبتاريخ 28 من فبراير سنة 1937 قضت محكمة مصر الابتدائية بتعيين خبير لأداء ما يأتي:
(أوّلاً) بيان ما إذا كانت مصلحة التنظيم قد أدخلت في شارع الأزهر الجديد من الوقف نظارة المدّعي أكثر من المقدار الذي نزعت ملكيته والمبين بالصورة الرسمية من عقد البيع الصادر من المدًّعي إلى مصلحة التنظيم ومصدّق عليه من قلم كتاب محكمة مصر في 23 من فبراير سنة 1928 ومسجل في 16 من أكتوبر سنة 1928 ومقدار تلك الزيادة إن كانت وموقعها وطول أبعادها بالدقة.
(ثانياً) ما إذا كانت أرض المدخل وبير السلم لها ركوب خاص مستقل عن ركوب المباني العلوية التي نزعت ملكيتها ومقدارها 149 متراً و32 سنتيمتراً أو لا، وهل السلم كان ينتهي عند سطح الدور الأوّل من الربع وهو ابتداء الركوب أو لا، وهل مسطح مباني المدخل وبير السلم بالطبقة الأرضية تندمج عند تقدير مساحة المقدار المنزوع ملكيته ضمن مساحة أعيان العلو مع بيان الأسباب.
(ثالثاً) هل يوجد خطأ من مصلحة التنظيم في تضريب المساحة التي نزعت ملكيتها ومقداره؟
(رابعاً) مقدار ما أخذ من الوقف أكثر مما نزعت ملكيته وحصل بيعه ناتجاً عن انحراف خط التنظيم.
(خامساً) تحقيق ما ورد في دفاع الوزارة...... إلخ.
وبعد أن باشر الخبير مأموريته وقدّم تقريره قضت المحكمة حضورياً في 4 من ديسمبر سنة 1938 بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع إلى أحمد سامي السمني أفندي بصفته مبلغ 37 جنيهاً و518 مليماً والفوائد بواقع 5% سنوياً ابتداء من 23 من فبراير سنة 1928 لغاية السداد والمصاريف المناسبة لذلك ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف أحمد سامي السمني أفندي هذا الحكم بتاريخ 23 من يناير سنة 1939 أمام محكمة استئناف مصر وقيدت صحيفته برقم 293 سنة 56 قضائية طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع الحكم بالطلبات الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى مع المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
ورفعت وزارة الأشغال استئنافاً فرعياً بمذكرتها المقدّمة لجلسة أوّل أكتوبر سنة 1939 تحضير وقيد استئنافها برقم 101 سنة 57 قضائية وطلبت فيه الحكم برفض الاستئناف الأصلي وقبول استئنافها وإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة لمبلغ 37 جنيهاً و518 مليماً، واحتياطياً إيداع هذا المبلغ خزانة المحكمة الشرعية لذمة الوقف وإلزام المستأنف أصلياً بمصاريف الدرجتين وأتعاب المحاماة.
وبتاريخ 30 من نوفمبر سنة 1939 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع:
(أولاً) بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لطلب ثمن العلوّ عن 15 متراً و12 سنتيمتراً وإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع لأحمد سامي السمني أفندي ثمنه ومقداره 145 جنيهاً و813 مليماً وفوائده بواقع 5% سنوياً ابتداء من 23 من فبراير سنة 1928 لغاية السداد.
(ثانياً) فيما يختص بالمبلغ المحكوم به ابتدائياً ومقداره 37 جنيهاً و518 مليماً بتعديل الحكم المستأنف وإلزام وزارة الأشغال بإيداعه بخزانة محكمة مصر الشرعية مع فوائده بواقع 5% سنوياً ابتداء من 23 من فبراير سنة 1928 لغاية تاريخ الإيداع على ذمة وقف المرحوم الشيخ أحمد السمني.
(ثالثاً) بإلزام وزارة الأشغال بالمصاريف المناسبة عما حكم به أوّلاً وثانياً عن الدرجتين.
(رابعاً) برفض ما عدا ذلك من طلبات الطرفين وتأييد الحكم المستأنف بشأنها. أعلن هذا الحكم في 28 من يناير سنة 1940 وقد قرّرت وزارة الأشغال العمومية في 10 من فبراير سنة 1940 الطعن فيه بطريق النقض وأعلنت تقريرها للمطعون ضدّه في 15 منه إلخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون ضدّه دفع ببطلان التقرير بالطعن لخلوّه من اسم من يمثل وزارة الأشغال وصفته ومحل إقامته ومحل تلك الوزارة ومحل إقامة مقرّر الطعن الذي قال إنه نائب قسم القضايا ومحل قسم القضايا هذا.
ومن حيث إن غرض الشارع بشأن ما جاء في المادة 15 من قانون إنشاء محكمة النقض والإبرام من ذكر البيانات العامة المتعلقة بأسماء الخصوم وصفاتهم ومحال إقامتهم في تقرير الطعن هو إعلام ذوي الشأن برافع الطعن وصفته ومحله علماً تاماً، فكل بيان يؤدّي إلى هذه الغاية يتحقق به غرض الشارع وينتفي معه البطلان. ولما كان الثابت بتقرير الطعن أن الأستاذ عبد الرحيم غنيم نائب قسم القضايا الأهلية بالنيابة عن وزارة الأشغال العمومية مدّعى عليها أصلاً ومستأنف عليها ومستأنفة فرعياً هو الذي قرّر بالطعن بطريق النقض والإبرام ضد أحمد سامي السمني أفندي بصفته الشخصية وبصفته ناظر وقف المرحوم والده الشيخ أحمد السمني مدع أصلاً ومستأنف عليه فرعياً فإن هذا البيان يتحقق به التعريف اللازم، لا سيما وأن المطعون ضدّه سبق أن أعلن في 28 من يناير سنة 1940 وزارة الأشغال بالحكم المطعون فيه بمحلها المختار بشارع القصر العيني رقم 93 بمصر، وأن تقرير الطعن أعلن إليه مصدّراً بأنه بناء على طلب وزير الأشغال المتخذ له محلاً مختاراً بقسم القضايا الأهلية بشارع القصر العيني رقم 93 بمصر. وإذن فدفعه ببطلان التقرير لا أساس له على الإطلاق ويجب رفضه. ومن حيث إن الطعن رفع صحيحاً في ميعاده عن حكم قابل له وقد استوفيت الإجراءات القانونية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وأن به قصوراً في التسبيب مبطلاً له. وفي تفصيل ذلك تقول إن أوجه الطعن المقدّمة منها تنصب على أمرين:
الأمر الأوّل - قيمة العلو الخاص بالمدخل والسلم الذي مساحته 15 متراً و12 سنتيمتراً والتي قدّرها الحكم المطعون فيه بمبلغ 145 جنيهاً و813 مليماً مع فوائدها القانونية من 23 من فبراير سنة 1928.
الأمر الثاني - قيمة مساحة الـ 3 أمتار و90 سنتيمتراً المقول إنها دخلت في الشارع بسبب انحراف خط التنظيم والمقدّرة بمبلغ 37 جنيهاً و518 مليماً وفوائدها القانونية منذ 23 من فبراير سنة 1928.
أما عن الأمر الأوّل فتبدي الطاعنة ما يأتي:
(أوّلاً) أن الحكم المطعون فيه قد خالف القاعدة القانونية التي تقضي بأن ملكية الأرض تشمل ما فوقها إلا إذا نص القانون أو الاتفاق على خلاف ذلك. ولما كانت وزارة الأشغال اشترت من المطعون ضدّه أرض المدخل وبناءه وسلم الربع ومساحتها 15 متراً و12 سنتيمتراً ودفعت إليه ثمنها، كما يستدل على ذلك من عقد البيع المؤرّخ في 23 من فبراير سنة 1928 ومن حكم محكمة الاستئناف الصادر بتاريخ 10 من يناير سنة 1928، فليس للبائع إذن حق في المطالبة بزيادة الثمن نظير العلوّ الذي فوق الأرض لأن العلوّ يدخل قانوناً في الصفقة المبيعة منه.
(ثانياً) أن الوزارة دفعت مطالبة المطعون ضدّه بثمن العلوّ بأنه سقط بالتقادم وفقاً للمادة 296 من القانون المدني التي تقضي بأن حق البائع في طلب تكملة الثمن يسقط بالسكوت عليه سنة واحدة من تاريخ العقد، وكان دفعها بناء على ما ثبت من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة أوّل درجة من أن ذلك العلوّ يدخل في حدود المساحة الكلية للمباني العلوية التي باعها المطعون ضدّه والتي قدّرت في عقد البيع سالف الذكر بـ 149 متراً و32 سنتيمتراً. وقد أخذ الحكم الابتدائي بهذا الدفع، ولكن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم الابتدائي بالنسبة لثمن علوّ المدخل قد خالف حكم المادة 296 المتقدّم ذكرها من غير أن يبين أسباب هذه المخالفة ومن غير أن يردّ على ما جاء بالحكم الابتدائي.
(ثالثاً) أنه على فرض أن المطعون ضدّه له حق في المطالبة بثمن العلو وأن حقه لم يسقط بالتقادم فقد أخطأ الحكم المطعون فيه لأنه قضى للمطعون ضدّه شخصياً بالثمن وكان يتعين القضاء بإيداعه في خزانة المحكمة الشرعية على ذمة الوقف أسوة بمبلغ الـ 37 جنيهاً و518 مليماً الذي قضى بإيداعه بخزانة المحكمة الشرعية. هذا فيما يتعلق بالأمر الأوّل. وأما فيما يتعلق بالأمر الثاني فتقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في قضائه للمطعون ضدّه بثمن 3 أمتار و90 سنتيمتراً على اعتبار أنها دخلت من الوقف في شارع الأزهر بسبب انحراف وقع في تطبيق خط التنظيم. ولما كانت هذه المساحة وهمية نتيجة فرق في عملية التطبيق فإن الوزارة أثبتت أمام محكمة أوّل درجة وأمام محكمة الاستئناف عدم منازعتها للمطعون ضدّه فيها، فما كان يصح إذن إلزامها بدفع ثمنها، ويكون الحكم بذلك قد قضى للمطعون ضدّه بثمن عقار لا زال مملوكاً له وملّك الوزارة عقاراً لا تريد امتلاكه. وتضيف الطاعنة إلى ما تقدّم أن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي في قضائه على الوزارة بفوائد مبلغ 37 جنيهاً و518 مليماً بواقع 5% من 23 من فبراير سنة 1928 كما أنه قضى عليها بالفوائد عن مبلغ 145 جنيهاً و813 مليماً عن نفس المدّة من غير أن يسبب قضاءه في الحالتين فجاء بذلك باطلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد ما يأتي عما أثارته الطاعنة بشأن قيمة المساحة المتخلفة عن انحراف خط التنظيم.
"ومن حيث إن وزارة الأشغال طلبت باستئنافها الفرعي أصلياً الحكم بإلغاء الحكم المستأنف واحتياطياً بإيداع المبلغ المحكوم به في خزانة المحكمة الشرعية على ذمة الوقف. وبنت طلبها الأوّل على أساس أن محكمة أوّل درجة أغفلت دفاع الوزارة بشأن 3 أمتار و90 سنتيمتراً الذي أدخل ضمن الشارع......... ومن حيث إنه بالنسبة لما طلبته الوزارة من إيداع المبلغ بخزانة المحكمة الشرعية على ذمة الوقف فإن هذه المحكمة ترى إجابتها إلى ما طلبته". وجاء به أيضاً بصدد مطالبة أحمد سامي السمني أفندي بثمن 2 متر و17 سنتيمتراً: "ومن حيث إنه بالنسبة للمترين وسبعة عشر سنتيمتراً فإنه لا محل للبحث فيه لأن المحكمة عندما عينت خبيراً في الدعوى طلبت إليه الاطلاع على كل المستندات المقدّمة من الخصوم لبيان مقدار العجز في الملك فأثبت الخبراء على تفاوتهم مقدار العجز وكان أقصاه 3 أمتار و90 سنتيمتراً وهو ما حكمت المحكمة بثمنه للمستأنف. وغنى عن البيان أن هذا المقدار يشمل كل عجز في العين التي نزعت ملكية بعضها وإن تعدّدت عقود ملكيتها". ثم جاء في آخر ذلك الحكم الفقرة الآتية:
"وحيث إن الحكم المستأنف فيما قضى به خلافاً لما تقدّم يكون في محله للأسباب الواردة به ويتعين لذلك تأييده". أما الحكم الابتدائي فقد ورد به ما يأتي:
"وحيث إنه عن مقدار الـ 3 أمتار و90 سنتيمتراً التي أخذتها الحكومة زيادة عما اشترته فإن المحكمة ترى "أن المدعي محق في طلب ثمنها وتقدّر المحكمة له الثمن باعتبار 962 قرشاً للمتر الواحد حسب عقد الاتفاق فيكون المجموع 37 جنيهاً و518 مليماً مع فوائد هذا المبلغ باعتبار 5% سنوياً من تاريخ العقد لغاية السداد وذلك مقابل عدم انتفاعه بهذا الجزء".
ومن حيث إنه يستفاد من هذه الأسباب أن محكمة الموضوع قد اطمأنت من الأدلة القائمة في الدعوى إلى أن المقدار الذي يطالب المطعون ضدّه بثمنه إنما انتقل من ملكه ودخل فعلاً في الشارع فلا محل إذن لما تثيره الطاعنة بأوجه الطعن خاصاً بهذا الأمر.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة على الحكم من ناحية عدم بيانه أسباباً لقضائه بالفوائد القانونية من يوم 23 من فبراير سنة 1928 مردود بأن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه فيما يتعلق بذلك ذكر أن هذه الفوائد هي مقابل انتفاع الطاعنة بالأرض. وفي هذا بيان كافٍ لسبب الحكم بالفوائد. فيتعين إذن رفض الطعن عما جاء في التقرير عن الأمر الثاني.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة فيما يتعلق بالأمر الأوّل الخاص بعلو المدخل والسلم قد تناولته الفقرات الآتية من الحكم المطعون فيه:
"ومن حيث إنه بالنسبة لحق السفل والعلو على 15 متراً و12 سنتيمتراً فإنه تبين للمحكمة من الاطلاع على عقد البيع بين الطرفين أن حق العلو المتفق عليه بين الطرفين خاص بـ 149 متراً و32 سنتيمتراً وهو الذي قدّر له الثمن. أما مبلغ المائتين وخمسين جنيهاً فهو ثمن المدخل ومبانيه لا يدخل في ذلك حق العلو.
ومن حيث إنه لذلك يتعين الحكم لأحمد السمني أفندي بقيمة العلو على المدخل ومساحته 15 متراً و12 سنتيمتراً على أساس الثمن المقدّر بالقدر السابق وهو مبلغ 145 جنيهاً و813 مليماً مع فوائده بواقع 5% سنوياً ابتداء من 23 من فبراير سنة 1928 لغاية السداد".
هذا ما ذكره الحكم المطعون فيه عن حق العلو في المدخل والسلم.
ومن حيث إنه من المقرّر قانوناً أن كل من ملك أرضاً صار مالكاً ما فوقها وما تحتها أيضاً إلا إذا ظهر من سند الملكية أنها لا تتضمن كل ذلك. ولما كانت الحكومة قد اشترت أرض المدخل موضوع النزاع فقد أصبحت بمقتضى ذلك مالكة لها سطحاً وعلواً. ولا يوجد في عقد شرائها المحرّر في 23 من فبراير سنة 1928 ما يحدّ من ملكيتها، بل على العكس من ذلك فإن هذا العقد يؤيد امتلاكها أرض المدخل بما فوقها. فقد جاء فيه ما يأتي:
"(أولاً) باع الطرف الأوّل (أحمد سامي السمني أفندي) إلى الطرف الثاني (الحكومة المصرية) الذي قبل مشتري العقار الموضحة حدوده في الجدول أعلاه وهو عبارة عن أرض مدخل ربع القائم على دكاكين مملوكة للغير وسلم موصل إليه بمسطح 15 متراً و12 سنتيمتراً وجزء من مباني الربع وما يخصها من حق الركوب والبقاء والقرار بمسطح 149 متراً و32 سنتيمتراً وباقي مباني الربع مع ترك حق البقاء والقرار الخاص بها للبائع الوارد العقار المذكور في جريدة عوائد الأملاك المبنية باسم الشيخ أحمد السمني".
"(ثانياً) هذا البيع نظير مبلغ 1690 جنيهاً لا غير، منها مبلغ 1440 جنيهاً نظير ثمن أرض المدخل والسلم وثمن جميع مباني الربع و250 جنيهاً نظير تعويض للبائع ليقوم بمعرفته وبدون دخل للحكومة بإيجاد مدخل وسلم للجزء الباقي له من الربع وهذا المبلغ هو قيمة ما قضت به محكمة استئناف مصر الأهلية ثمناً للعقار المشار إليه في القضية الاستئنافية رقم 950 سنة 44 قضائية، ويدخل في مبلغ الـ 1690 جنيهاً المذكور كل تعويض مهما كان نوعه وبصفة خاصة التعويض مقابل الحرمان من الانتفاع بالعقار من تاريخ تسليمه لغاية الدفع. ويقرّر الطرف الأوّل باستلامه اليوم وقت التوقيع على العقد مبلغ 1960 جنيهاً من خزانة محكمة مصر الابتدائية الأهلية وليس له أي حق من الآن في مطالبة الحكومة في هذا الشأن بأي شيء آخر ولأي سبب كان وتحت أية حجة كانت...".
هذا ما جاء في العقد. وهو صريح في أن نية العاقدين هي نقل ملكية المدخل إلى الحكومة بكل ما تشمله هذه الملكية من مدى، وأن الثمن قدّر ودفع على هذا الأساس. ولذلك يكون الحكم المطعون فيه، وقد ألغى الحكم الصادر من محكمة أوّل درجة فيما قضى به من رفض طلب المطعون ضدّه الحكم له بثمن العلو، قد أخطأ في تطبيق قانون العقد المبرم بين طرفي الخصومة، وهذا يقتضي نقضه نقضاً جزئياً فيما يتعلق بهذه النقطة.
ومن حيث إن هذا النقض يحتم صرف النظر عما جاء في أوجه الطعن عن ضرورة إيداع ثمن العلو بخزانة المحكمة الشرعية وكذلك عن سقوط حق المطالبة فيه بالتقادم إذ أن بحث ذلك أصبح غير مجد.
ومن حيث إن الدعوى صالحة للحكم في موضوعها عما تناوله النقض الجزئي.
ومن حيث إن الأسباب الواردة في الحكم الابتدائي مضافاً إليها الأسباب التي تقدّم بيانها تقتضي تأييد الحكم الابتدائي فيما يتعلق بقضائه رفض الحكم بثمن العلو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق