الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 6 أبريل 2023

الطعن 17 لسنة 10 ق جلسة 30 / 5 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 64 ص 227

جلسة 30 مايو سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(64)
القضية رقم 17 سنة 10 القضائية

إثبات. 

إقرار موصوف غير قابل للتجزئة. وجوب الأخذ به كله أو تركه كله. عدم تسليم المدعي بالقيد الوارد في الإقرار واستناده إلى باقي ما ورد فيه. لا يجوز. يجب عليه إثبات دعواه من طريق آخر. مثال. صاحب بناء. مهندس.
(المادة 233 مدني)

----------------
إذا كان مفهوم الإقرار الصادر من المدعى عليه (صاحب البناء) أنه اشترط عدم دفع أجر عن الرسوم التي يقوم بها المدعي (مهندس) إلا إذا قبلها هو وأجرى البناء على أساسها، فإنه يكون من الإقرارات الموصوفة التي لا تقبل التجزئة متعيناً الأخذ به كله أو تركه كله. فإذا كان المدعي لا يسلم بالقيد الوارد في الإقرار فلا يقبل منه أن يستند إلى الإقرار فيما عدا هذا القيد، بل يكون عليه أن يثبت دعواه من طريق آخر، لأن تجزئة الإقرار والأخذ بشق منه وإلزام المدعى عليه بدفع الأجر مع إطّراح القيد الوارد فيه مخالف لقواعد الإثبات.


الوقائع

تتحصل وقائع هذه الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه والأوراق الأخرى المقدّمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الموضوع - في أن الطاعن رغب في بناء عمارة كبيرة له فكلف خمسة من المهندسين المعماريين بتقديم رسوم لها. ولما علم المطعون ضدّه الأوّل بخبر هذا العمل قابل ابن الطاعن وهو المطعون ضدّه الثاني وأبدى له الرغبة في دخول تلك المسابقة مع المهندسين الآخرين فأبلغ والده (الطاعن) هذه الرغبة فارتاح لها. وعلى إثر ذلك قام المطعون ضدّه الأوّل بعمل عدّة رسومات عرضها على الطاعن فلم يجدها مطابقة لما يريد أن يكون عليه البناء ورفض العمل بها واختار رسوماً قام بها أحد المهندسين الآخرين. ولما كان الطاعن لم يدفع للمطعون ضدّه الأوّل أجراً على ما قام به من عمل فقد رفع هذه الدعوى أمام محكمة مصر الابتدائية ضدّ الطاعن والمطعون ضدّهما الثاني والثالث وقيدت بجدولها برقم 767 سنة 1938 كلي طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1500 جنيه كأجر له على عمله الذي لم يقبل.
نظرت محكمة مصر هذه الدعوى ثم قرّرت بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1938 استجواب المدّعى عليهم فيما رأت استيضاحه وتم ذلك ثم قضت في 24 من ديسمبر سنة 1938 برفض دعوى المطعون ضدّه الأوّل مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر فقضت فيه تلك المحكمة بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1939 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 120 جنيهاً مع مصاريف الدرجتين وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 6 من فبراير سنة 1940 فطعن فيه بطريق النقض في 4 من مارس سنة 1940 بتقرير أعلنه إلى المطعون ضدّهم في 14 و16 من ذلك الشهر إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أمرين: (أوّلهما) أنه أخطأ في تطبيق أحكام القانون إذ جزأ إقراره القضائي في الدعوى وجعل عليه عبء إثبات أن المطعون ضدّه الأوّل لا يستحق قبله شيئاً مقابل أتعابه في عمل رسوم العمارة. (وثانيهما) أنه قصر في الردّ على أسباب الحكم الابتدائي القاضي برفض دعوى المطعون ضدّه الأوّل تلك الأسباب المبنية على أقوال الخصوم في محضر الاستجواب وعلى أوراق الدعوى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بنى مسئولية الطاعن عن مقابل الأتعاب الذي قضى بإلزامه على الأسباب الآتية:
"ومن حيث إن المستأنف عليه (الطاعن) لا ينازع في قيام المستأنف (المطعون ضدّه الأوّل) بإجراء رسومات لبناء عمارته وتقديمها إليه لكنه ادعى أنه ما قبل من المستأنف أن يعمل رسومات لبناء عمارته إلا على شرط أن لا يكون له أجر عليها إلا إذا قبلها وأجرى البناء على مقتضاها. وقال إنه عمل مسابقة لإجراء تصميم لبناء عمارته بين أربعة من المهندسين على هذا الشرط، وقدّم من كل منهم خطاباً مؤيداً لذلك بالحافظة رقم 5 دوسيه ابتدائي، وادعى أن المستأنف عرض أن يدخل المسابقة معهم على هذا الشرط فقبل عرضه".
"وحيث إن المستأنف ينكر قبوله هذا الشرط وينكر علمه به فيتعين على المستأنف عليه الأوّل أن يثبت ذلك قبله كما أثبته قبل غيره من المهندسين بإقرارات كتابية منهم، وهذا ما لم يفعله، ولا ترى المحكمة أن إقرارات المهندسين الآخرين حجة على المستأنف بقبوله هذا الشرط، ولا تعتبر دليلاً ضدّه، خصوصاً ولم تجر العادة بعمل مسابقات بين المهندسين لبناء عمارة كبيرة كعمارة المستأنف عليه الأوّل إلا إذا وضعت لها قائمة شروط مفصلة لما يطلبه صاحب العمارة من بيانات واشتراطات يتقيد هو بها كما تكون ملزمة لمن يدخل في هذه المسابقة، وهذا ما لم يحصل في هذه الدعوى. ويعزز ذلك دعوى المستأنف بعدم صحة دعوى المستأنف عليه المذكور، فيكون للمستأنف الحق في أتعابه عن الرسوم التي عملها قبل المستأنف عليه الأوّل حتى مع عدم أخذه بهذه الرسومات فعلاً".
تلك هي الأسباب التي بنت عليها محكمة الاستئناف حكمها.
وحيث إن إقرار الطاعن الذي أوردته محكمة الاستئناف هو إقرار موصوف (aveu qualifié) غير قابل للتجزئة إذ قد تضمن اشتراطه عدم دفع أجر عن الرسوم التي لا يقبلها.
وحيث إن محكمة الاستئناف بتجزئتها إقرار الطاعن بلا وجه حق، ومؤاخذته بقبوله دفع الأجر، وإطّراحها الشرط الجوهري المقرون به، قد قلبت قواعد الإثبات وجعلت المدّعى عليه هو المكلف بإثبات علم المطعون ضدّه الأوّل بهذا الشرط وقبوله العمل به ثم فندت ما قدّمه الطاعن من أدلة دفعاً للدعوى.
وحيث إنه متى كان إقرار الطاعن غير قابل للتجزئة فيكون من المتحتم الأخذ به كله أو تركه كله. ولما كان المطعون ضدّه لا يريد الأخذ بإقرار الطاعن كاملاً فيجب عليه أن يقدّم الدليل القانوني على صحة دعواه لا أن يكتفي بدحض الدليل المقدّم من خصمه لنفيها.
وحيث إنه متى استبان خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق أحكام القانون يتعين نقضه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لتفصل في موضوعها دائرة أخرى على مقتضى الرأي القانوني الذي سبق إيضاحه. ولا محل إذن لبحث وجه الطعن الآخر الخاص بقصور التسبيب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق