الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 5 أبريل 2023

الطعن 89 لسنة 9 ق جلسة 11 / 4 / 1940 مج عمر المدنية ج 3 ق 49 ص 153

جلسة 11 إبريل سنة 1940

برياسة سعادة محمد لبيب عطية باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: محمد فهمي حسين بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-------------------

(49)
القضية رقم 89 سنة 9 القضائية

هبة. 

هبة بمقابل. توثيقها بعقد رسمي. لا وجوب. عقد مشتمل على التزامات متبادلة بين طرفيه. التزام أحدهما بتمليك الآخر (مجلس مديرية المنيا) قطعة أرض بشرط أن يقيم عليها مؤسسة خيرية. عقد غير مسمى. لا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه. 

(المادتان 48 و138 مدني)

-----------------
إن الهبات التي يشترط فيها مقابل لا تعتبر من التبرعات المحض التي يجب أن توثق بعقد رسمي. فإذا كان العقد مشتملاً على التزامات متبادلة بين طرفيه إذ التزم أحدهما أن يملك الآخر (مجلس مديرية المنيا) قطعة أرض بشرط أن يقيم عليها مؤسسة خيرية فإنه لا يكون عقد تبرع، كما أنه ليس ببيع ولا معاوضة، وإنما هو عقد غير مسمى، فلا تجب له الرسمية ولا يجوز الرجوع فيه. وذلك على الرغم مما هو وارد في عقد الاتفاق من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع، فإن كل هذه الألفاظ إنما سيقت لبيان الباعث الذي حدا بصاحب الأرض إلى تمليك المجلس إياها، فهي لا تؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته.


الوقائع

تتلخص وقائع هذه الدعوى - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - في أن الطاعن تعاقد مع مجلس مديرية المنيا في 31 من مايو سنة 1924 على أن يتنازل له عن قطعة أرض فضاء من ملكه بمعصرة سمالوط مساحتها 1060 متراً مبينة الحدود والمعالم بالعقد، وذلك مقابل أن يقيم عليها المجلس مدرسة أوّلية للبنات أو يخصصها لأي عمل خيري آخر. وقد صُدّر ذلك العقد بالعبارة الآتية:
"قد وهب وتبرع وتنازل الطرف الثاني للطرف الأوّل... إلخ". وجاء بالعقد أيضاً أن "الطرف الثاني (الطاعن) يشترط على الطرف الأوّل (مجلس المديرية) أن يقوم ببناء المعهد العلمي المذكور على الأرض الموهوبة في مدّة سنتين تبتدئ من تاريخ هذا التنازل، وإذا لم يتيسر للمجلس البناء في هذه المدّة فتجدّد لمدّة سنتين أخريين". وجاء به كذلك أنه "ليس للطرف الثاني حق الرجوع في هذا التبرع بأي حال من الأحوال ما دام مجلس المديرية استعمل هذه الأرض لبناء المدرسة الأوّلية للبنات عليها أو أي عمل خيري آخر".
وقد سجل العقد في قلم رهون محكمة مصر المختلطة في أوّل يونيه سنة 1924 برقم 186 المنيا. بعد ذلك رأت وزارة الداخلية - على ما تقول في أوراق الدعوى - أن مساحة الأرض صغيرة وموقعها غير صحي لإقامة مدرسة عليها فاتفقت مع الطاعن على إبرام عقد معاوضة بمقتضاه يعيد المجلس قطعة الأرض المحرّر بها عقد 31 مايو سنة 1924 إلى مالكها مقابل أن ينقل إليه ملكية قطعة أخرى تتوافر فيها الشروط المطلوبة. وفعلاً حرّر عقد معاوضة في 15 من فبراير سنة 1932 وسجل في 17 من ذلك الشهر نقل الطاعن بموجبه إلى ملكية المجلس قطعة أرض مساحتها 1500 متر المبينة الحدود بالعقد المذكور. وقد جاء في ذلك العقد العبارة الآتية:
"تنازل حضرة صاحب العزة يعقوب بباوى عطية بك بطريق البدل إلى حضرة صاحب العزة أحمد زكي مصطفى بك بصفته..... الذي قبل ذلك عن العقارات...... إلخ".
بعد هذا شرع المجلس في إعداد اللازم لبناء المدرسة فأنذره الطاعن في 13 من ديسمبر سنة 1934 بأنه يعتبر العقدين المؤرّخين في 31 من مايو سنة 1924 و15 من فبراير سنة 1932 باطلين لأن المجلس لم ينفذ ما فرض عليه، ولأن العقدين ليسا إلا هبة تمت بغير عقد رسمي، وكلف المجلس برد تكليف العقار إليه. ثم استولى على قطعة الأرض المحرّر بها عقد 15 من فبراير سنة 1932 وسوّرها.
فرفع المجلس الدعوى رقم 185 سنة 1937 كلي لدى محكمة المنيا الابتدائية الأهلية ضد الطاعن طالباً الحكم بتثبيت ملكيته لقطعة الأرض المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى مع كف منازعته والتسليم وإزالة السور الذي أقامه عليها وحفظ حق المجلس في مطالبته بالريع عن مدّة الاغتصاب مع المصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ بلا كفالة.
وبعد أن سمعت تلك المحكمة دفاع وطلبات الطرفين قضت حضورياً في 28 من فبراير سنة 1938 برفض الدعوى مع إلزام رافعها بالمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
استأنف المجلس هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر الأهلية بصحيفة أعلنت في 22 من مايو سنة 1938 وطلب للأسباب التي أوردها بها قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء له بالطلبات الواردة بصحيفة الدعوى الابتدائية مع إلزام الطاعن بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين. فقضت تلك المحكمة بتاريخ 30 من مايو سنة 1939 حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المجلس إلى قطعة الأرض البالغ مساحتها 1500 متر مربع والمبينة الحدود والمعالم بصحيفة افتتاح الدعوى وبالعقد المسجل كلياً في 17 من فبراير سنة 1932 وكف منازعة الطاعن له فيها وإلزامه بتسليمها إلى المجلس مع إزالة السور الذي أقامه حولها وإلزامه أيضاً بالمصاريف عن الدرجتين و500 قرش مقابل أتعاب محاماة عنهما.
أعلن هذا الحكم إلى الطاعن في 12 من أكتوبر سنة 1939 فقرّر وكيله بالطعن فيه بطريق النقض في 18 من ذلك الشهر... إلخ.


المحكمة

وبما أن مبنى الطعن وجهان: يتلخص أوّلهما في أن الحكم المطعون فيه قد خالف المادتين 138 و48 من القانون المدني حين خرج في تفسير العقد الصادر من الطاعن في 31 من مايو سنة 1924 عن مرمى ذلك العقد وعن مبناه ومسخه مسخاً قد مس بالتكييف الصحيح لذلك العقد.
وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن شروط ذلك العقد القائم عليها النزاع قد بلغت من الوضوح غاية لا تفتقر بعدها إلى تفسير، وهي تعلن في صراحة بأنه عقد هبة، ومع هذا فقد كيفها الحكم المطعون فيه بأنها ليست كذلك، فخرج بما ذهب إليه على قانون العقد وعلى المادة 138 من القانون المدني وما تتطلبه من وجوب رسمية عقد الهبة صيانة له من الجدل.
ويتلخص الوجه الثاني في أن الطاعن قد طرح على محكمة الاستئناف استشكالاً طالباً إليها أن تفصل فيه وهو هل من المحتم أن تخضع الهبة في شكلها وفي موضوعها سواء بسواء إلى أحكام القانون المدني، أو أنها وفقاً للمادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية تخضع في شكلها فقط لأحكام ذلك القانون، أما في موضوعها فتسير عليها أحكام الشريعة الإسلامية - طرح الطاعن هذا السؤال على المحكمة فتنكبت الإشارة إليه في حكمها مع أهميته في استظهار أثر القاعدة الشرعية التي تجيز للواهب الرجوع في هبته. وبدهي أن هذا الرجوع إذا تقرّر قيام الحق فيه كانت دعوى مجلس مديرية المنيا منقوضة الأساس.
وبما أن الأسباب التي اعتمد عليها الحكم المطعون فيه تأييداً لنظره قد شملتها الفقرات الآتية:
"وحيث إن أساس هذه الدعوى يرجع إلى عقدين محررين بين طرفي الخصوم: أحدهما مؤرخ في 31 مايو سنة 1924 ومسجل كلياً في أوّل يونيه سنة 1924، وثانيهما مؤرّخ 17 فبراير سنة 1932 ومسجل كلياً في نفس التاريخ".
"وحيث إن مثار الخلاف بين طرفي الخصوم يدور حول قيمة كل من العقدين المذكورين من الوجهة القانونية إذ يذهب المستأنف إلى أن العقدين موضوع النزاع هما عقدا معاوضة بمقابل ولم يكونا عقدي هبة بالمعنى القانوني مما يشترط فيه أن يكون العقد رسمياً. ويخالفه في ذلك المستأنف عليه يعقوب بك بباوى ويقرّر أن العقد المؤرّخ 31 مايو سنة 1924 هو عقد هبة ظاهرة ولا تصح إلا إذا كانت حاصلة بعقد رسمي، وأن بطلان عقد الهبة المذكورة يترتب عليه قانوناً بطلان العقد المبنى عليه المؤرّخ سنة 1932".
"وحيث إنه للوقوف على الغرض الذي قصده المتعاقدان من تعاقدهما توصلا لمعرفة الوصف القانوني لكل من العقدين المتنازع عليهما يجب استظهار عبارة كل واحد منهما وبيان ظروف التعاقد والملابسات المحيطة به".
"وحيث إنه بتصفح العقد الصادر بتاريخ 31 مايو سنة 1924 والمسجل بقلم رهون المحكمة المختلطة في أوّل يونيه سنة 1924 تبين منه أن المستأنف عليه يعقوب بك بباوى ذكر به أنه وهب وتبرع وتنازل لمجلس المديرية المستأنف في شخص رئيسه وقتذاك عن قطعة أرض مساحتها 1060 متراً مربعاً كائنة بزمام سمالوط، واشترط في البند الثالث والرابع منه على أن يقوم مجلس المديرية ببناء مدرسة أوّلية للبنات أو أي عمل خيري آخر على الأرض الموهوبة، وذلك في مدّة سنتين تبدأ من تاريخ التعاقد. وإذا لم يتيسر للمجلس البناء في هذه المدّة فتجدّد لمدّة سنتين أخريين. كما أنه ظهر من الاطلاع على العقد اللاحق للعقد المشار إليه المؤرّخ 17 فبراير سنة 1932 والمسجل في نفس التاريخ أن المستأنف عليه يعقوب بباوى بك تنازل بطريق البدل عن 1500 متر مربع مبينة الحدود والمعالم بالعقد المذكور إلى مجلس المديرية المستأنف مقابل أخذه 1060 متراً مربعاً المبينة الحدود والمعالم بالعقد السابق المؤرّخ 31 مايو سنة 1924".
"وحيث إنه مما لا شك فيه أن العقد المؤرخ 17 فبراير سنة 1932 إنما هو وليد العقد المؤرّخ 31 مايو سنة 1924 لذلك يستلزم معرفة الوصف القانوني للعقد المؤرّخ 31 مايو سنة 1924 بادي الأمر ليتسنى للمحكمة تحديد مركز كل من المتعاقدين".
"وحيث إن ما انعقد عليه الإجماع فقهاً وقضاء أنه يشترط في عقود البيع أن يكون الثمن مبلغاً من النقود فإن كان الثمن غير نقد وجب اعتبار العقد مقايضة لا بيعاً".
"وحيث إنه وإن جاء بمستهل العقد الرقيم 31 مايو سنة 1924 أن المستأنف عليه يعقوب بك بباوى وهب وتبرع وتنازل لمجلس المديرية عن قطعة أرض مساحتها 1060 متراً مربعاً إلا أنه اشترط على المستأنف بالبندين الثالث والرابع منه أن يقوم ببناء مدرسة أوّلية للبنات عليها أو أي عمل خيري آخر، ولم يشترط عليه أن يقوم بدفع مبلغ من النقود ثمناً للأرض الموهوبة على زعم المستأنف عليه مما ينتفي معه اعتبار العقد عقد بيع لانعدام الثمن فيه، وما دام أن كلاً من المستأنف والمستأنف عليه المتعاقدين قد ألزم القيام بعمل معين في العقد المشار إليه، فالتزم المستأنف عليه بأن يملك المستأنف قطعة أرض معدّة للبناء على شرط أن يقوم المستأنف بدوره بتشييد مدرسة أوّلية للبنات أو يقوم بأي عمل خيري آخر فلا يعدّ إذن العقد عقد تبرع لأن عقد التبرع هو العقد الذي لا يأخذ فيه المتعاقد مقابلاً لما أعطاه ولا يعطي المتعاقد الآخر مقابلاً لما أخذه. وكذلك لا يعتبر العقد المذكور عقد معاوضة لأن المقايضة وإن كان لا ثمن فيها إلا أن كل عاقد من المتعاقدين يتعهد فيها بتمليك الآخر شيئاً على سبيل التبادل الأمر الذي لم يحصل في العقد المنوّه عنه آنفاً".
"وحيث إنه ما دام أن العقد المذكور يشتمل على التزامات متبادلة بين طرفي الخصوم فالتزم المستأنف عليه بتمليك قطعة أرض للمستأنف في مقابل التزام من قبل المستأنف في أن يقوم بعمل من جانبه هو تشييد مدرسة أوّلية للبنات عليها أو أي عمل خيري آخر فلا يعتبر العقد المذكور إذن عقد بيع ولا عقد مقايضة ولا عقد تبرع كما سبق البيان، بل يكون عقداً من العقود غير المعينة (راجع في ذلك بلانيول المطوّل طبعة سنة 1932 ص 28 نبذة 35 عن التكلم على الثمن في البيع ومؤلف نجيب بك الهلالي في البيع والمراجع الواردة به بند 272 و279). ولا عبرة بما جاء بمستهل العقد المذكور من الألفاظ الدالة على التبرع. فلفظ الهبة والتبرع والتنازل كلها ألفاظ تدل على أنها دوّنت عند تحرير العقد لبيان الباعث على تمليك المستأنف لقطعة الأرض، ولم يكن المراد من ذكرها الدلالة على ما يقصده المتعاقدان ولا تأثير لها على كيان العقد".
"وحيث إنه متى اتضح أن عقد سنة 1924 هو عقد غير مسمى ملزم للطرفين وواجب الاحترام وليس لأحد من الطرفين أن يتحلل من تنفيذ ما تعهد به بدون إرادة الآخر ورضائه، وينبني على ذلك أن ملكية قطعة الأرض تنتقل إلى المستأنف بمجرّد تسجيل العقد، وإذن يكون العقد اللاحق له سنة 1932 هو عقد مقايضة صحيحاً نافذاً التزم بموجبه المستأنف أن يملك المستأنف عليه قطعة الأرض المالك لها البالغة مساحتها 1060 متراً مربعاً، ويمتلك هو بدلاً عنها قطعة الأرض البالغة مساحتها 1500 متر مربع". هذا هو الأساس الذي دعمت به محكمة الاستئناف تكييفها لعقد 31 من مايو سنة 1924. وبما أن هذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه يفيد أن محكمة الاستئناف قد حصّلت من فهمها لعبارات عقد 31 من مايو سنة 1924 الصريحة أنه يشتمل على التزامات متبادلة بين عاقديه فقد التزم الطاعن أن يملك مجلس المديرية قطعة الأرض في مقابل التزام ذلك المجلس بتشييد مدرسة أوّلية أو أي عمل خيري آخر عليها. وبناء على هذا الذي حصلته المحكمة واقعياً من عبارات العقد تحصيلاً لا تنبو عنه تلك العبارات قد كيفت المحكمة ذلك العقد بأنه ليس عقد بيع ولا عقد مقايضة ولا عقد تبرع، وإنما هو عقد من العقود غير المعينة، وأنه لا عبرة بما ورد فيه من ألفاظ التنازل والهبة والتبرع فقد سيقت تلك الألفاظ لبيان الباعث الذي حدا بالطاعن إلى تمليك المجلس أرض النزاع فهي لا تؤثر بحال على كيان العقد.
وبما أن تحصيل محكمة الموضوع لهذا الواقع تحصيلاً لا شائبة فيه وما بني عليه من تكييف لماهية العقد يجعل الحكم المطعون فيه بمنجى عن تدخل محكمة النقض ما دام هذا التكييف يقرّه القانون. ذلك أنه لا نزاع في أن الهبات المشروط فيها المقابل (avec charges) لا تعتبر تبرعاً محضاً يجب توثيقه رسمياً. ولا يجدي الطاعن ما ذهب إليه من أن التزام مجلس المديرية ببناء مدرسة لا يعتبر مقابلاً فقد فرغ من ذلك بتقدير محكمة الموضوع لهذا الالتزام بأنه مقابل، وهو في الواقع كذلك، فقد أصبح هذا الالتزام في عنق المجلس وليس عنه من محيص بعد أن تلقى ما يقابله وهو الأرض التي تنازل عنها الطاعن. يؤيد هذا النظر أنه في خصوصية الدعوى المطروحة ظاهرة بارزة وهي أن الطاعن بإبرامه عقد 15 من فبراير سنة 1932 الذي استرد به الـ 1060 متراً موضوع عقد 31 من مايو سنة 1924 في مقابل تقديمه 1500 متر أخرى، قد دل على أنه ما كان يفكر قط في أنه قد تحلل من الالتزام الأوّل بفوات توثيقه رسمياً أو بقعود المجلس عن تنفيذ شروط التنازل بل إنه يقرّ بقيام التزامه القديم وبنفاذه، ولكنه لاعتبارات جاء بها المجلس من ناحيته قد قبل استبدال الالتزام الثاني به، ثم حصل بعد ذلك أن طاف به الندم على الخير الذي قدّم فهمّ بالرجوع عنه متعللاً بما كان ساكتاً عن التعلل به ومستمسكاً بشيء جديد وهو أن له الحق في الرجوع عما وهب برغم ما كان ذكره صراحة في عقد 31 من مايو سنة 1924 من أنه لا حق له في الرجوع عن تبرعه بأية حال من الأحوال ما دام مجلس المديرية سينفذ تعهده.
وبما أنه متى وضح أن عقد 31 من مايو سنة 1924 ليس عقد هبة أصبح الوجه الأوّل من وجهي الطعن لا أساس له، وكذلك الوجه الثاني المؤسس على افتراض نفته محكمة الاستئناف وما كانت بعد نفيه بحاجة لبحث أحكام الهبة غير الموثقة رسمياً ولا أحكام الرجوع فيها، ذلك الرجوع الممتنع شرعاً في الصدقات والذي فات الطاعن حكمه عندما استمسك به أخيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق