الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 أبريل 2023

الطعن 7 لسنة 11 ق جلسة 17 / 4 / 1941 مج عمر المدنية ج 3 ق 113 ص 347

جلسة 17 إبريل سنة 1941

برياسة سعادة محمد فهمي حسين باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

-----------------

(113)
القضية رقم 7 سنة 11 القضائية

نزع ملكية. 

الدفع بسقوط حكم الدين لحلول محضر الصلح محله. دفع جوهري. وجوب الرد عليه في الحكم. صحة هذا الدفع. أثرها. تحلل المدين من تتبع إجراءات نزع الملكية لانعدام الحكم. انعدام القرينة القانونية المستفادة من الحكم في حق المدين وهي افتراض علمه باليوم المحدّد للبيع. طلب المدين في هذه الحالة بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة. جوازه.
(المادة 561 مرافعات وما بعدها)

----------------
الدفع بسقوط الحكم الذي صدر بالدين لحلول محضر الصلح محله من الدفوع الجوهرية التي يجب على المحكمة أن ترد عليها في الحكم، لأنه يترتب عليه إذا كان صحيحاً أن يتحلل المدين من تتبع إجراءات نزع الملكية لاطمئنانه إلى انعدام السند الواجب التنفيذ الذي كان مهدّداً به وهو الحكم، ما تنعدم معه القرينة القانونية المستفادة من الحكم في حق المدين وهي افتراض علمه من إجراءات اللصق والنشر باليوم الذي يحدّد للبيع. وفي هذه الحالة يكون للمدين أن يطلب بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة كما لو أنه لم يكن خصماً في تلك الإجراءات.


الوقائع

تتضمن وقائع هذه الدعوى - كما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق الأخرى التي كانت تحت نظر محكمة الموضوع - أن مورّث الطاعنة كان رئيساً وأميناً لصندوق جمعية العهد الوثيق السكوتية بإسكندرية التي يمثلها المطعون ضدّهما. وقد استمرّ مورّث الطاعنة رئيساً وأميناً لصندوق تلك الجمعية مدّة ثماني عشرة سنة تقريباً. ولما توفى في سنة 1936 أرادت الجمعية أن تتعرّف حسابها مع مورّث الطاعنة التي احتفظت بجميع أوراق ودفاتر الجمعية ولم تشأ أن تسلمها للمطعون ضدّهما، فاضطر هذان الأخيران لاستخراج شهادات رسمية من قلم رهونات المحكمة المختلطة بالتصرفات المسجلة ضدّ الجمعية وتبين منها أن مورّث الطاعنة باع للغير ثلاث قطع من الأرض الفضاء التي تملكها الجمعية وقبض ثمنها البالغ 136 جنيهاً و651 مليماً ولم يوجد هذا المبلغ في صندوق الجمعية. فرفع المطعون ضدّه الأوّل الدعوى رقم 995 سنة 1937 أمام محكمة كرموز الجزئية على الطاعنة بصفتيها طلب فيها الحكم للجمعية بالمبلغ المذكور وفوائده. وقد قضت محكمة كرموز في 12 من إبريل سنة 1937 بإلزام تركة مورّث الطاعنة بدفع المبلغ وفوائده ومصاريفه. وقد صار ذلك الحكم نهائياً لعدم استئنافه من جانب الطاعنة. وبناء على حكم الدين رفع المطعون ضدهّ الأوّل دعوى بنزع ملكية اثني عشر قيراطاً مملوكة لمورّث الطاعنة شيوعاً في منزل بالإسكندرية. وفي 18 من أكتوبر سنة 1938 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بنزع ملكية ثمانية قراريط من الاثنى عشر قيراطاً المذكورة وفاء لمطلوب الجمعية الذي بلغ حينذاك 150 جنيهاً تقريباً، وأحالت الأوراق لقاضي البيوع لتحديد يوم للبيع وإجراء النشر والتعليق. وفي 28 من أكتوبر سنة 1938 تحرّر بين الطاعنة والمطعون ضدّه الثاني بصفته نائباً عن الجمعية محضر صلح تضمن ما يأتي: "اتفق الطرفان على نهو قضية نزع الملكية التي فصل فيها نهائياً بجلسة 18 من أكتوبر سنة 1938 لصالح الطرف الأوّل والقضيتين الابتدائيتين المرفوعتين إحداهما من الطرف الأوّل ضد الطرف الثاني، والثانية من الطرف الثاني ضدّ الطرف الأوّل والمضمومتين إلى بعضهما ومحدّد لنظرهما جلسة 26 من نوفمبر سنة 1938 أمام محكمة إسكندرية الابتدائية الأهلية وذلك صلحاً بالكيفية الآتية: (أوّلاً) تصالح الطرفان على اعتبار أن المبلغ المستحق للطرف الأوّل قبل الطرف الثاني عن قضية نزع الملكية المشار إليها بعاليه من أصل ورسوم ومصاريف وخلافه هو مبلغ 150 جنيهاً، وأن الحساب الناتج من تقرير الخبير الحسابي المعين في دعوى مجلس حسبي إسكندرية رقم 211 كرموز سنة 1936 المستحق للطرف الأوّل قبل الطرف الثاني هو مبلغ 271 جنيهاً فيكون مجموع المبلغين 421 جنيهاً، وأن هذا المبلغ أصله دين على تركة مورّث الطرف الثاني، وأن هذا المبلغ المذكور بضمان وتضامن أفراد الطرف الثاني لتمام السداد. (ثانياً) تنازل الطرف الأوّل للطرف الثاني عن مبلغ 50 جنيهاً من مبلغ 421 جنيهاً فيكون الباقي على الطرف الثاني للطرف الأوّل مبلغ 371 جنيهاً يتعهد الطرف الثاني بأن يدفع منه للطرف الأوّل 100 جنيه فوراً بعد مصادقة مجلس حسبي إسكندرية على هذا الصلح، والباقي وقدره 271 جنيهاً يدفع على ستة أقساط سنوية: القسط الأوّل مبلغ 21 جنيهاً ويستحق دفعه في أوّل يناير سنة 1939 والخمسة أقساط يستحق دفع كل منها في أوّل شهر يناير من كل سنة... إلخ. (ثالثاً) في حالة استلام الطرف الأوّل مبلغ الـ 100 جنيه يقوم الطرفان بشطب القضايا المرفوعة منهما كل قبل الآخر. وإذا تأخر الطرف الثاني عن دفع مبلغ الـ 100 جنيه في الميعاد المنصوص عنه بعاليه يكون من حق الطرف الأوّل الالتجاء إلى المحكمة المختصة لتنفيذ شروط هذا الصلح بضمان وتضامن الست سكينة محمد حسين بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على قصر المرحوم حسن أفندي أحمد شلبي. (رابعاً) يقرّ الطرف الثاني بموجب هذا المحضر بتنازله عن الإنذار المعلن منه إلى مجلس حسبي الإسكندرية والخاص بحجز دفاتر وأوراق الطرف الأوّل بدون قيد ولا شرط، ويقرر بذلك رسمياً بمحضر الجلسة في الدعوى المرفوعة من الطرف الأوّل أمام محكمة إسكندرية المحدّد لها جلسة 26 نوفمبر سنة 1938 لمصادقة المحكمة على هذا المحضر. (خامساً) يقرّ الطرف الأوّل بأنه لا يطالب الطرف الثاني بأي مبلغ آخر خلاف المبالغ الوارد ذكرها بهذا المحضر سابقاً، ويتحمل الطرف الأوّل بمصاريف الصلح ورسوم الدعاوى المرفوعة منه، ويتحمل الطرف الثاني أيضاً بمصاريف دعواه المنظورة أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الأهلية، وكذلك بكافة مصاريف القضية رقم 211 سنة 1936 كرموز المرفوعة أمام مجلس حسبي الإسكندرية بما في ذلك أتعاب الخبير الحسابي المعين في الدعوى الأخيرة وبمعرفة المجلس المذكور أي الدعوى رقم 211 سنة 1936 كرموز مجلس حسبي إسكندرية. (سادساً) يقرّ الطرف الثاني بأن ليس له الحق في أرباح قبل الطرف الأوّل إلا ابتداء من سنة 1937 وما يستجد بعد ذلك من الأرباح". لم ينتظر المطعون ضدّهما حتى يصدر قرار المجلس الحسبي بشأن التصديق على الصلح، وقدّم أوّلهما في 8 من نوفمبر سنة 1938 طلباً لحضرة قاضي البيوع بمحكمة إسكندرية الابتدائية لتحديد يوم للبيع فحدّد له يوم 28 من ديسمبر سنة 1938 وأمر بإجراء النشر والتعليق لليوم المذكور. وبجلسة 28 من ديسمبر سنة 1938 المحدّدة للبيع حضر المطعون ضدّه الأوّل ولم تحضر الطاعنة ورسا المزاد عليه. علمت الطاعنة بما كان من تصرف المطعون ضدّهما وبرسوّ مزاد الحصة المملوكة لمورّثها على أوّلهما، فرفعت عليهما الدعوى رقم 143 سنة 1939 كلي أمام محكمة إسكندرية الابتدائية طلبت فيها الحكم: (أوّلاً) بإيقاف تنفيذ الحكم الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 والحكم بعدم جواز تنفيذه. (ثانياً) بطلان حكم رسوّ المزاد الصادر من محكمة إسكندرية الأهلية بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 في القضية رقم 570 سنة 1938 كلي سالفة الذكر وبطلان ما ترتب عليه من التسجيلات والإجراءات وثبوت ملكية الطالبة عن نفسها وبصفتها المذكورة إلى الحصة التي قضى بنزع ملكيتها وقدرها ثمانية قراريط شائعة في أرض وبناء المنزل الكائن بشارع الثريا رقم 51 بإسكندرية قسم كرموز والمبين الحدود والمعالم بعريضة دعوى نزع الملكية وشطب ما توقع عليها من التسجيلات. (ثالثاً) بإلزام المطعون ضدّهما متضامنين بأن يدفعا للطاعنة عن نفسها وبصفتها المذكورة مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض. (رابعاً) إلزام المطعون ضدّهما بالمصاريف والأتعاب بحكم مشمول بالنفاذ العاجل وبلا كفالة. وبجلسة 13 من إبريل سنة 1939 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية: (أوّلاً) برفض طلب الطاعنة الأوّل الخاص بإيقاف تنفيذ الحكم الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 كلي إسكندرية مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثانياً) بعدم قبول طلب المدعية الثاني الخاص ببطلان حكم رسوّ المزاد الصادر في القضية السالفة الذكر بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1938 مع إلزام الطاعنة بالمصاريف الخاصة بذلك. (ثالثاً) بإلزام المطعون ضدّهما بطريق التضامن بأن يدفعا للطاعنة مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض مع إلزامهما بالمصاريف الخاصة بذلك. استأنفت الطاعنة حكم محكمة الإسكندرية في 20 و21 من مايو سنة 1939 لدى محكمة استئناف مصر طالبة إلغاءه بالنسبة للطلبات التي قضى برفضها والحكم لها بها، كما استأنفه المطعون ضدّهما في 29 من مايو سنة 1939 طالبين إلغاءه بالنسبة لما قضى به عليهما على سبيل التعويض ورفض دعوى الطاعنة قبلهما.
وبجلسة 16 من يناير سنة 1940 قضت محكمة استئناف مصر في هذين الاستئنافين بعد ضم أحدهما إلى الآخر بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: (أوّلاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب إيقاف تنفيذ حكم مرسى المزاد ومن عدم قبول طلب بطلان حكم مرسى المزاد. (ثانياً) بتعديله فيما قضى به من مبلغ التعويض وإلزام المطعون ضدّهما بأن يدفعا بطريق التضامن للطاعنة بصفتيها مبلغ خمسين جنيهاً مصرياً على سبيل التعويض. (ثالثاً) بإلزام الطاعنة بمصاريف استئنافها وبإلزام المطعون ضدّهما بالمصاريف المناسبة لمبلغ خمسين جنيهاً عن الدرجتين عن طلب التعويض وإلزام الطاعنة بباقي المصاريف الخاصة بهذا الطلب وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة.
وفي 30 من ديسمبر سنة 1940 طعنت الطاعنة في حكم محكمة استئناف مصر بطريق النقض طالبة للأسباب التي ذكرتها في تقرير طعنها قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه والحكم لها في موضوع الدعوى بجميع طلباتها التي رفعت بها دعواها... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعنة تبنى طعنها على أسباب أربعة: (أوّلها) أن محكمة الاستئناف لم تفصل فيما دفعت به الطاعنة من أن حكم الدين الذي اتخذت بموجبه إجراءات البيع قد أصبح غير قابل للتنفيذ بعد الصلح الذي تم بين الطرفين في 28 من أكتوبر سنة 1938 ذلك الصلح الذي أنهى دعوى نزع الملكية وغيّر من قيمة الدين المحكوم به بإضافة دين جديد إليه، وجعل للوفاء طريقاً خاصاً، وقرّر ما يجب أن يتخذه المطعون ضدّهما من إجراءات في حالة تأخير الطاعنة عن السداد، وهو المطالبة بتنفيذ شروط الصلح بضمان الطاعنة شخصياً. وتقول الطاعنة إن الصلح المذكور قد استبدل به حكم الدين، وأنهى دعوى نزع الملكية بعد الفصل فيها، فلا يكون من حق المطعون ضدّه الأول الاستمرار في إجراءات نزع الملكية بطلب تحديد يوم للبيع. وتزيد على ذلك قولها إن الحكم المطعون فيه قرّر في جلاء ووضوح أن الصلح قد فض النزاع بين الطرفين، وإن المطعون ضدّهما قد خالفا شروطه بسوء نية، وما كان يحق لهما السير في إجراءات نزع الملكية. ولذلك قضى عليهما بالتعويض للطاعنة، وهو بهذا يناقض نفسه فيما ذهب إليه من اعتبار إجراءات البيع صحيحة.
وحيث إنه وإن كانت الطاعنة لم تقدّم من أوراق المرافعات لدى محكمة الاستئناف ما يدل على تمسكها بذلك الدفع إلا أن المطعون ضدّهما لا ينازعانها فيما تقول ويسلمان به بردهما عليه.
وحيث إن كل ما ذكره الحكم المطعون فيه عن استئناف الطاعنة هو ما يأتي:
"وحيث إنه عن الاستئناف المرفوع من الست سكينة محمد حسين فإن الحكم المستأنف في محله فيما قضى به من رفض طلبها إيقاف تنفيذ حكم رسوّ المزاد الصادر في قضية البيع رقم 570 سنة 1938 كلي إسكندرية وبعدم قبول طلبها الخاص ببطلان الحكم المذكور. وذلك للأسباب التي بنى عليها وتأخذ بها هذه المحكمة، وتضيف إليها أن القانون لا يحتم إعلان المدين باليوم الذي يحدّد للبيع مكتفياً في ذلك بإجراء النشر واللصق المنصوص عنهما في المادة 561 وما بعدها من قانون المرافعات والتي يفترض القانون أن في إتمامها علماً كافياً للمدين بهذا التحديد، وأن لا داعي بعد صدور حكم نزع الملكية لإعلان المدين إعلاناً خاصاً بما يتلو ذلك من إجراءات. خصوصاً وأن من بين المحلات الواجب لصق الإعلانات عليها باب محل المدين وباب العقار المطلوب بيعه. ومتى ثبت حصول النشر واللصق بالكيفية المبينة بتلك المواد كانت إجراءات البيع صحيحة وقد ثبت من محضر اللصق المحرّر بتاريخ 4 من ديسمبر سنة 1938 إتمام تلك الإجراءات".
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم الاستئنافي بأسبابه بعد أن سرد الشروط المتفق عليها في عقد الصلح المحرر بين الطرفين قال:
"وحيث إن المدعية تقول إن نية المتعاقدين بهذا الصلح كانت منصرفة إلى عدم السير في القضايا التي تضمنها إلى أن يصدّق المجلس الحسبي عليه على الأقل لأنه من المتفق عليه أنه في حالة التصديق عليه تشطب هذه القضايا. والدليل على ذلك أن المدّعى عليه الأوّل طلب في 17 ديسمبر سنة 1938 تأجيل القضيتين المدنيتين الابتدائيتين المشار إليهما في محضر الصلح حتى يتم التصديق على هذا الصلح أمام المجلس الحسبي فأجيب إلى طلبه وتأجلت القضيتان المذكورتان إلى جلسة 25 فبراير سنة 1939 وكان تحدّد أمام المجلس الحسبي جلسة 5 فبراير سنة 1939 للتصديق على الصلح المذكور. هذا فضلاً عن أن هذا الصلح قد أبطل الحكم الذي بمقتضاه اتخذت الجمعية إجراءات نزع الملكية أو على الأقل أوقف تنفيذه حتى يصدّق عليه المجلس الحسبي فهو على كل حال يمنع الجمعية من الاستمرار في إجراءات التنفيذ لأنه أنهى هذا الحكم واستبدل بمقتضاه دينها قبل الجمعية بدين آخر أكبر منه بإضافة مبالغ أخرى إليه اتفق على تقسيطها واستحقاقها طبقاً للشروط الواردة به.
"وحيث إن المدّعية تقول إنه متى تقرّر ما تقدّم فإنه كان الواجب على الجمعية أن لا تسير في إجراءات التنفيذ بعد الصلح إلا أنها وقد سارت فيها حتى رسا مزاد الحصة المنزوع ملكيتها على المدّعى عليه الأوّل فإنها تطلب إيقاف تنفيذ حكم مرسى المزاد السالف الذكر والحكم ببطلانه وبأن يحكم لها بتعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء ذلك".
"وحيث إن المدّعية تضيف إلى ما تقدّم أنها لم تعلم باليوم المحدّد للبيع لأن إجراءات اللصق، وهي الطريقة الوحيدة لعلمها بيوم البيع، قد وقعت باطلة لأنه كان الواجب على المحضر الذي قام باللصق أن يحرّر محضراً مستقلاً لكل جهة فرض عليه القانون فيها اللصق، ولكنه لم يفعل ذلك بل حرر محضراً واحداً عن لصق تم في جهات متعدّدة فيكون بذلك محضره باطلاً، وأنه متى ثبت هذا البطلان يكون علمها بالبيع منتفياً قانوناً، ويجوز لها أن تطلب بطلان حكم مرسى المزاد بدعوى أصلية لأنها لم يكن في استطاعتها استئنافه، وطلب هذا البطلان أمام المحكمة الاستئنافية لأن هذا الاستئناف يجب رفعه في الخمسة الأيام التالية للحكم وهي لم تعلم به إلا بعد ذلك عند الشروع في تنفيذه".
"وحيث إن الحاضر عن المدّعى عليهما دفع دعوى المدّعية بعدم قبولها لأنه لا يجوز للمدّعية، وهي طرف في حكم مرسى المزاد وقد علمت بيوم البيع من اللصق، أن تطلب بطلان هذا الحكم بدعوى أصلية بل لها أن تلجأ فقط إلى طريق الطعن العادي وهو الاستئناف لطلب بطلانه وذلك طبقاً لنص المادة 586".
وحيث إنه للفصل في دفاع المدّعية والمدّعى عليه الأوّل يجب الرجوع أوّلاً إلى ملف دعوى نزع الملكية والبيع المضمومة ونصوص المادتين 586 و602 مرافعات والبحث فيما إذا كان محضر اللصق صحيحاً أو باطلاً".
وحيث إن الحكم الابتدائي قرّر بعد ذلك في أسبابه التالية أن إجراءات النشر واللصق قد تمت صحيحة طبقاً لأحكام القانون الذي لم يشترط إعلان المدين إعلاناً خاصاً باليوم الذي يحدّد للبيع اكتفاء بتلك الإجراءات المفروض قانوناً علمه بها. كما قرّر أنه ليس للمدين أن يطلب بطلان حكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة لأنه طرف في دعوى البيع وكان له أن يدفع أمام قاضي البيوع ببطلان الإجراءات كما كان له أن يستأنف حكم البيع إذا شاء. وبناء على هذا قضت برفض طلب إيقاف تنفيذ حكم البيع وبعدم قبول دعوى بطلان الحكم المذكور. ولم تعرض المحكمة مطلقاً لما دفعت به الطاعنة من عدم جواز الاستمرار في تنفيذ حكم الدين بعد استبدال محضر الصلح به.
وحيث إن الدفع بسقوط حكم الدين وحلول محضر الصلح محله هو دفع جوهري إذا صح فإنه يترتب عليه أن يصبح المدين غير ملزم بتتبع إجراءات نزع الملكية والاهتمام بما يتخذ منها لاطمئنانه إلى انعدام السند الواجب التنفيذ الذي كان مهدّداً به، وفي هذه الحالة تسقط القرينة القانونية التي افترضها القانون وهي علم المدين باليوم الذي يحدّد للبيع من إجراءات اللصق والنشر، ويصبح من حق المدين أن يطلب بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد بدعوى مستقلة، شأنه في ذلك كشأن من لم يكن خصماً في تلك الإجراءات.
وحيث إنه مما يجعل سكوت الحكم المطعون فيه عن الكلام عن هذا الدفع أمراً غير مفهوم كونه أخذ بوجهة نظر الحكم الابتدائي وأسبابه في القضاء للطاعنة بالتعويض - ذلك الحكم الذي يقول في أسبابه إن الصلح الذي تم بين الطرفين قد فض النزاع القائم بينهما، وإنه ما كان يحق للمطعون ضدّه الأوّل بعد التعاقد عليه أن يجدّد السير في إجراءات التنفيذ. ثم أضاف الحكم المطعون فيه إلى ما ذكره الحكم الابتدائي أن المطعون ضدّهما قد خالفا عقد الصلح بسوء نية. فإذا كانت هذه عقيدة قضاة الموضوع في الصلح فيكون من الواجب عليهم أن يبينوا الأسباب التي دعتهم إلى عدم الأخذ بما دفعت به الطالبة من بطلان الإجراءات التي اتخذها المطعون ضدّه الأوّل مخالفاً بها مع سوء النية ما التزم به في ذلك الصلح.
وحيث إن سكوت الحكم المطعون فيه عن الكلام عن دفع الطاعنة سالف الذكر يجعله غير مسبب تسبيباً كافياً، وقضاءه بالتعويض لمخالفة المطعون ضدّهما التزامات الصلح بسوء نية يجعل أسبابه متناقضة متعارضة. ولذلك يتعين نقضه بدون حاجة إلى البحث في الأسباب الأخرى التي تضمنها تقرير الطعن.
وحيث إن نقض الحكم بالنسبة للطلب الأصلي وهو بطلان إجراءات البيع وحكم رسوّ المزاد يستتبع حتماً نقضه بالنسبة لطلب التعويض لأن هذا التعويض يختلف تقديره باختلاف الضرر المترتب عليه، وهذا الضرر يختلف باختلاف ما إذا كانت إجراءات البيع صحيحة أم باطلة، ويتعين والحالة هذه نقض الحكم برمته وإعادة القضية لمحكمة الاستئناف للفصل فيها بكامل أجزائها من جديد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق