الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 8 أبريل 2023

الطعن 35 لسنة 45 ق جلسة 11 / 1 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 أحوال شخصية ق 38 ص 163

جلسة 11 من يناير سنة 1978

المؤلفة من السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري؛ وصلاح نصار؛ ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.

--------------

(38)
الطعن رقم 35 لسنة 45 ق "أحوال شخصية"

(1) تزوير "الادعاء بالتزوير".
للخصم اتخاذ طريق الطعن بالتزوير بالتقرير في قلم الكتاب دون حاجة إلى تصريح من المحكمة بذلك، مجرد إدعاء الخصم بأن الورقة مزورة. لا يوجب على المحكمة بحث هذا الادعاء طالما لم يسلك الطريق القانوني للادعاء بالتزوير.
(2) دعوى "وقف الدعوى". حكم "حجية الحكم الجنائي".
وجوب وقف الدعوى المدنية لحين صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية المقامة قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية متى كانت الدعويان ناشئتين عن فعل واحد. تعلق هذه القاعدة بالنظام العام. مجرد تقديم الشكوى إلى سلطات التحقيق لا يعد تحريكاً للدعوى الجنائية بوقف الدعوى المدنية.
(3) إثبات "المعاينة". حكم.
إجراء المحكمة معاينة المتنازع فيه. اعتبار نتيجة المعاينة دليلاً قائماً في الدعوى وجوب إدلاء المحكمة برأيها فيه.

---------------
1 - الادعاء بالتزوير هو مجموع الإجراءات التي نص عليها القانون لإثبات عدم صحة الأوراق، وهو بهذه المثابة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى يقصد به مقدمه اجتناء منفعة ومصلحة في رد دعوى الخصم ودفعها، وإذ كانت المادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وإن إباحته في أية حالة تكون عليها الدعوى إلا أنها أوجبت أن يكون بتقرير في قلم الكتاب مشتملاً على تحديد كل مواضع التزوير المدعى به وإلا كان باطلاً كما أوجبت على مدعيه إعلان خصمه في ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات التحقيق التي يطلب إثباتها بها وإلا جاز الحكم بسقوط إدعائه مما مفاده أن من حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة وأنه لا يعتبر إدعاء بالتزوير في معنى هذه المادة ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لا يؤثر في ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعن برغم إشارته أمام محكمة أول درجة إلى تزوير وثيقة الزواج - فإنه لم يسلك السبيل الذي حدده - القانون للإدعاء بالتزوير سواء على عقد زواجه الموثق أو محضر الجلسة المنوه عنه بسبب النعي، فإذا كانت المحكمة لم تر ما يبرر استعمال الرخصة المخولة لها في القضاء برد وبطلان هذين المحررين، ولم تجد فيما لوح به الطاعن من رغبة في اتخاذ إجراءات الادعاء بالتزوير فيهما مما يسوغ الاستجابة لطلبه - بتمكينه من الادعاء بالتزوير مقررة أنه لم يقصد بذلك سوى إطالة أمد النزاع واللدد في الخصومة فإنها لا تكون قد أهملت بحقه في الدفاع.
2 - النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها.."، يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقييد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها انتظار للحكم الجنائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء السير في الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن تحقق ارتباطاً بينهما يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية لما كان ذلك وكان تحريك الدعوى الجنائية لا يتحقق بمجرد تقديم الشكاوى والتبليغات التي تقدم لسلطات التحقيق، وكانت قاعدة الجنائي يوقف المدني من النظام العام، فتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإيقاف الفصل في الدعوى المدنية حتى يقضي نهائياً في الدعوى الجنائية متى تحققت من توافر دواعيه، ويحق طلب الإيقاف في أية حال تكون عليها الدعوى المدنية، كما يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض، لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن الدعوى الجنائية قد أقيمت بشأن تزوير عقد زواجه بالمطعون عليها والمقدم كدليل إثبات في دعواها، ولا على أنه طلب وقف السير في الدعوى لهذا السبب فيكون النعي مفتقراً إلى الدليل.
3 - انتقال المحكمة لمعاينة المتنازع فيه وفق المادة 131 من قانون الإثبات هو من الرخص القانونية المخولة لها، ويجوز القيام به من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم وهي صاحبة السلطة في تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه، غير أنه متى قررت الانتقال للمعاينة فإن ما يثبت لها منها يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم أن تقول كلمتها فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم.... "أحوال شخصية" أجانب أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن طالبة الحكم بإلزامه بأداء نفقة لها بأنواعها الأربعة اعتباراً من أول مارس سنة 1970 وفرض نفقة بنوعيها لابنتيهما من يوم الحكم مع أمره بالأداء، وقالت بياناً لدعواها أنها زوجته بعقد شرعي صحيح ومدخولته وما زالت على عصمته وفي طاعته وقد رزقت منه على فراش الزوجية بالصغيرتين في يدها وحضانتها، وإذ ترك ثلاثتهن دون نفقة ولا منفق منذ أول مارس سنة 1970 رغم الوجوب والمطالبة فقد أقامت دعواها. وبتاريخ 13/ 11/ 1973 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى للتحقيق لتثبت المطعون عليها أن الطاعن امتنع عن الإنفاق عليها وعلى صغيرتيهما من 1/ 3/ 1970 وحالته المالية والاجتماعية، وبعد سماع شاهديها دفع الطاعن بعدم سماع الدعوى تأسيساً على عدم ثبوت الزواج بين الطرفين. وبتاريخ 4/ 6/ 1974 عادت وحكمت برفض الدفع بعدم سماع الدعوى، وبإلزام الطاعن بأن يؤدي - للمطعون عليها نفقة لها بأنواعها الأربعة قدرها عشرة جنيهات شهرياً اعتباراً من أول إبريل سنة 1970 على أن تصير نفقة عدة من تاريخ الطلاق الحاصل في 13/ 11/ 1973 وحتى تاريخ انتهائها شرعاً، وبأن يؤدي لكل من الصغيرتين نفقة شاملة قدرها عشرة جنيهات اعتباراً من تاريخ الحكم استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم....... القاهرة طالباً إلغاءه وعدم سماع الدعوى، كما استأنفت المطعون عليها برقم.......... القاهرة طالبة زيادة النفقة. وبتاريخ 23/ 6/ 1925 حكمت محكمة الاستئناف بعد ضمها الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب من محكمة الموضوع بمرحلتيهما التصريح له بالطعن بالتزوير في عقد زواجه بالمطعون عليها، وفي محضر جلسة 9/ 10/ 1974 الذي أثبت به إقرار منسوب إليه مشوب بتغييرات مادية واضحة بالعين المجردة لا يسوغ معها التعويل، عليه وإذ التفت الحكم عن التصريح له بالطعن بالتزوير على مداد المحررين فإنه يكون قد أخل بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان الادعاء بالتزوير هو مجموع الإجراءات التي نص عليها القانون لإثبات عدم حجية الأوراق، وكان بهذه المثابة لا يعدو أن يكون وسيلة دفاع ينصب على مستندات الدعوى يقصد به مقدمه اجتناء منفعة ومصلحة في رد دعوى الخصم ودفعها، وكانت المادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 وإن أباحته في أية حالة تكون عليها الدعوى إلا أنها أوجبت أن يكون بتقرير في قلم الكتاب مشتملاً على تحديد كل مواضع التزوير المدعى به وإلا كان باطلاً، كما أوجبت على مدعيه إعلان خصمه في ثمانية الأيام التالية للتقرير بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير وإجراءات - التحقيق التي يطلب إثباتها بها وإلا جاز الحكم بسقوط ادعائه، مما مفاده أنه من حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة، وأنه لا يعتبر إدعاء بالتزوير في معنى هذه المادة ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون. لا يؤثر في ذلك أن المحكمة تملك بالرخصة المخولة لها بالمادة 58 من قانون الإثبات أن تحكم برد أية ورقة وبطلانها إذا ظهر لها بجلاء ومن حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة ولو لم يدع أمامها بالتزوير. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أن - الطاعن رغم إشارته أمام محكمة أول درجة إلى تزوير وثيقة الزواج - فإنه لم يسلك السبيل الذي حدده القانون للادعاء بالتزوير سواء على عقد زواج الموثق أو محضر الجلسة المنوه عنه بسبب النعي، فإذا كانت المحكمة لم تر ما يبرر استعمال الرخصة المخولة لها في القضاء برد وبطلان هذين المحررين، ولم تجد فيما لوح به الطاعن من رغبة في اتخاذ إجراءات الادعاء بالتزوير فيهما مما يسوغ الاستجابة لطلبه مقدرة أنه لم يقصد بذلك سوى إطالة أمد النزاع واللدد في الخصومة فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع، ويكون النعي غير سديد.
وحيث إن الطاعن ينعى بالأسباب الثالث والرابع والخامس والسادس الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم عول في قضائه على أقوال وردت في محضر جمع الاستدلالات تجردت في توقيعه وأنكرها في حين أن الزوجية لا تثبت إلا بعقد صحيح موثق، ولم يلتفت إلى أنه تزوج المطعون عليها بعقد عرفي في 28/ 4/ 1971 مما يقطع بعدم صحة العقد الرسمي الموثق بغير اسمه، وأغفل الرد على ما قرره من اختلاف اسمه وجنسيته من اسم الزوج الوارد في عقد الزواج الموثق وجنسيته، ولم يرد على المستندات التي قدمها والمثبتة أنه كان ميسوراً وقت إجراء ذلك العقد، كما أطرح ما استند إليه في طلب قدمه بعد حجز الدعوى للحكم أورد به أن المطعون عليها أقرت في محضر جمع استدلالات أنها أنجبت صغيرتيها من سواه. وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت زواج الطاعن بالمطعون عليها ونسبه الصغيرتين إليه على عقد زواجهما المؤرخ 27/ 6/ 1968 والموثق بتاريخ 1/ 7/ 1968 بمكتب سجل مدني الأزبكية تحت رقم 1367 رغم أن اسم الزوج في العقد المشار إليه مخالف لاسم الطاعن استناداً إلى أنه قرر بجلسة 9/ 10/ 1973 أمام محكمة أول درجة أن بعض الاعتبارات السياسية هي التي حدته على انتحال الاسم الوارد بالعقد، مقرراً أنه هو الذي عقد زواجه على المطعون عليها وأن اسمه الصحيح هو الوارد بصحيفة الطعن. وأردف الحكم أن هذا الإقرار قد تأيد بوجود صورة للطاعن مرفقة بعقد الزواج الموثق لدى انتقال المحكمة الاستئنافية إلى مكتب الشهر العقاري واستطرد الحكم إلى أنه مما يؤكد هذا النظر أنه الطاعن اتهم زوجته المطعون عليها بارتكاب جريمة الزنا في القضية رقم...... جنح مركز....... - لما كان ذلك، وكان لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً، وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليها منها، وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه لمحكمة النقض في ذلك، وكان لا تثريب عليه في الأخذ بأي دليل يقتنع به ما دام هذا الدليل طريق إثبات قانوني، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، دون أن يلزم بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وأن يرد استقلالاً على كل حجة أو قول ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليله عليها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وكانت الأسباب التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. بشأن قيام عقد زواج بين الطاعن والمطعون عليها فإن ما أورده الطاعن بسبب النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لقاضي الدعوى من حق تقدير الدليل وفهم الواقع فيها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم وكان الطاعن لم يقم الدليل على ما ينسبه من إقرار للمطعون عليها بعدم أبوته للصغيرتين فإن ما يسرده في هذا الشق يكون عارياً عن دليله ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه أبلغ ضد المطعون عليها بتزوير عقد زواجها المنسوب إليه، وقدم للمحكمة بعد حجز الدعوى للحكم طلباً بوقفها حتى يقضي في الشق الجنائي، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الطلب ولم يرد عليه رغم القاعدة المقررة من أن "الجنائي" يوقف المدني" فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أنه "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو أثناء السير فيها..."، يدل على أن المشرع ارتأى كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي في الموضوع المشترك بين الدعويين وهو وقوع الجريمة ونسبتها إلى فاعلها وفق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، أنه يتعين على المحكمة المدنية وقف الدعوى أمامها، انتظار للحكم النهائي الصادر في الدعوى الجنائية، طالما أقيمت الدعوى الجنائية قبل أو أثناء سير الدعوى المدنية، وطالما توافرت وحدة السبب بأن تكون الدعويان ناشئتين عن فعل واحد، وأن يتحقق ارتباط بينهما، يقتضي أن يترقب القاضي المدني صدور حكم نهائي في الدعوى الجنائية لتفادي صدور حكمين مختلفين عن ذات الواقعة من محكمة جنائية وأخرى مدنية. لما كان ذلك، وكان تحرك الدعوى الجنائية لا يتحقق بمجرد تقديم الشكاوى والتبليغات التي تقدم لسلطات التحقيق، وكانت قاعدة "الجنائي يوقف المدني" من النظام العام، فتقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإيقاف الفصل في الدعوى المدنية حتى يقضي نهائياً في الدعوى الجنائية متى تحققت من توافر دواعيه، ويحق طلب الإيقاف في أية حالة تكون عليها الدعوى المدنية، كما يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن الدعوى الجنائية قد أقيمت بشأن تزوير عقد زواجه بالمطعون عليها والمقدم كدليل إثبات في دعواها، ولا على أنه طلب وقف السير في الدعوى لهذا السبب فيكون النعي مفتقراً إلى الدليل وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أشار في مدوناته إلى أن المحكمة قررت الانتقال لمصلحة الشهر العقاري تحقيقاً لدفاعه، في حين أن الثابت بالأوراق أنه طلب العدول عن تنفيذ هذا القرار عندما تبين أن المطعون عليها دست صوراً له مع عقد الزواج المودع بمكتب التوثيق، وإذ استند الحكم في قضائه إلى الدليل المستمد من الانتقال فإنه يكون معيباً بمخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن انتقال المحكمة لمعاينة المتنازع فيه وفق المادة 131 من قانون الإثبات هو من الرخص القانونية المخولة لها، ويجوز القيام به من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم، وهي صاحبة السلطة في تقدير لزوم هذا الإجراء أو عدم لزومه، غير أنه متى قررت الانتقال للمعاينة فإن ما يثبت لها منها يعتبر دليلاً قائماً في الدعوى يتحتم أن تقول كلمتها فيه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن المحكمة انتقلت إلى مقر مأمورية التوثيق المختصة بمصلحة الشهر العقاري بغية الاطلاع على الصور المرفقة بعقد الزواج الموثق الذي تستند إليه المطعون عليها في دعواها، واستخلصت مما ثبت لها بالمعاينة ومن الأدلة الأخرى المطروحة عليها. بأسباب سائغة وفي حدود سلطتها التقديرية على ما سبق بيانه في الرد على الأسباب من الثالث إلى السادس - أن الطاعن كان طرفاً في عقد الزواج سالف الذكر، فإن الحكم لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق سواء كان انتقال المحكمة للمعاينة بناء على طلب الطاعن أم بغير طلب منه، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق