الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 أبريل 2023

الطعن 69 لسنة 12 ق جلسة 11 / 3 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 36 ص 69

جلسة 11 مارس سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات. حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(36)
القضية رقم 69 سنة 12 القضائية

عقد. 

صراحته في ألفاظه في أنه تمليك قطعي منجز. ورقة ضد صادرة من المشتري في ذات تاريخ العقد. استخلاص المحكمة منها ومن سائر ظروف الدعوى أن العقد وصية. لا تدخل في ذلك لمحكمة النقض.

-----------
إذا كان العقد المختلف على تكييفه صريحاً في نصه في أنه تمليك قطعي منجز، ولكن استظهرت المحكمة من ورقة الضد الصادرة ممن صدر له العقد في ذات تاريخه المتضمنة، فيما تضمنته، تعهده بعدم المساس بملكية الأطيان الواردة في العقد طوال حياة والديه البائعين له ثم بعد وفاتهما يكون لأخواته البنات نصيب معين في تلك الأطيان، ومن عدم دفعه شيئاً من الثمن، ومن سائر ظروف الدعوى، ومن اقتناعها بأن السبب الذي صدر من أجله التصرف هو استكمال المتصرف له النصاب القانوني اللازم للترشيح للعمودية - استظهرت من كل ذلك أن هذا التصرف لم يكن عقد بيع منجز بل هو وصية، فإن هذا مما يدخل في سلطتها ولا معقب عليها فيه.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن محمد خليل إبراهيم وزوجته خديجة بنت موسى سالم والدي الطاعن والمطعون ضدهن باعا لابنهما الطاعن بموجب عقد تاريخه 18 من يوليو سنة 1916 ومسجل في 18 من سبتمبر سنة 1916 12 س و10 ف مبينة الحدود والمعالم فيه. وقد باع الوالد من هذا القدر 12 س و3 ط و9 ف بثمن قدره 900 ج أقر بأنه قبض منه 500 ج وأبقى تحت يد الطاعن 400 ج لوفاء ديون على هذه الأطيان - وباعت الوالدة الباقي وهو 21 ط بثمن قدره 80 ج أقرت أنها قبضته. وفي يوم البيع حرر الطاعن وهو المشتري ورقة عرفية نصها ما يأتي: "أنا الموقع عليه أدناه عبد المطلب محمد من القنايات أقر وأعترف وأتعهد وأشترط على نفسي أنني لا أتصرف مطلقاً في الأطيان المبيعة في تاريخه من والدي البالغ قدرها 12 س و3 ط و9 ف وكذا الأطيان المبيعة من الست والدتي البالغ قدرها أيضاً 21 ط لا بالبيع ولا بالرهن ولا بالانتفاع بالريع ولا بما يمس الملكية طول حياة والدي ووالدتي، وأما بعد وفاتهما فيكون لإخوتي البنات وهن هانم وأم محمد وناعسة فدان ونصف - كل واحدة منهن نصف فدان والباقي يكون ملكاً باتاً لي لا ينازعني فيه أحد ما وقد تحررت هذه المعاهدة بذلك، المقر بما فيه عبد المطلب محمد خليل. تحريراً في 18 يوليو سنة 1916".
ثم توفي الوالدان وتبقى من هذه الأطيان - بعد أن تصرف الطاعن في جزء منها - ستة أفدنة شائعة في 22 س و20 ط و7 ف مبينة الحدود والمعالم في صحيفة الدعوى رقم 333 منه 1939 المعلنة في 31 من يوليو سنة 1939 التي رفعتها المطعون ضدها الأولى أمام محكمة الزقازيق الابتدائية ضد الطاعن وباقي المطعون ضدهن وطلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها إلى فدانين من الستة الأفدنة المشار إليها على اعتبار أنهما نصيبها الشرعي في ميراث والديها وكف منازعة الطاعن وباقي المطعون ضدهن لها فيهما وتسليمهما إليها وإلزامهم متضامنين بالمصاريف وأتعاب المحاماة. وطعنت على عقد البيع المشار إليه بأنه باطل، وأنه قصد به الوصية، واستندت في ذلك إلى أن الطاعن لم يدفع ثمناً وأن الورثة التي حررها وقت البيع السابق ذكرها نصها والتي تصفها بأنها ورقة ضد تفيد أن تملكه للأطيان أضيف إلى ما بعد موت والديها. أما الطاعن فقد ارتكن على عقد البيع الذي انتقلت بموجبه ملكية الأطيان إليه ووضع يده عليها فعلاً من وقت شرائها، وعلى أنه دفع الثمن بإقرار البائعين في العقد، وقام بوفاء ديون على والده تزيد قيمتها على المبلغ الذي تبقى تحت يده من الثمن. وقد أخذت محكمة أول درجة بدفاع الطاعن واعتبرت أن العقد المؤرخ 18 من يوليو سنة 1916 هو عقد بيع منجز توفرت فيه جميع أركان البيع، وأن ما جاء بورقة الضد المحررة في تاريخه لا يخرج العقد عن حقيقته وقضت في 30 من ديسمبر سنة 1940 برفض الدعوى.
استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر بالاستئناف رقم 617 سنة 58 قضائية وطلبت القضاء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم لها بالطلبات التي تقدمت بها لمحكمة أول درجة. ومحكمة الاستئناف قضت في 21 من مايو سنة 1942 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدها الأولى إلى فدانين شائعين في 22 س و20 ط و7 ف المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة الطاعن لها في هذا القدر مع تسليمهما إليها وألزمته بالمصاريف عن الدرجتين و300 قرش أتعاب محاماة. وذلك بناءً على ما رأته من أن العقد يخفي وصية إذ هو تمليك مضاف إلى ما بعد الموت.
أعلن هذا الحكم للطاعن في 6 من أغسطس سنة 1942 فقرر الطعن فيه بطريق النقض في 5 من سبتمبر سنة 1942 إلخ. إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أن المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تطبيق القانون. ذلك لأن الظاهر من عقد البيع موضوع الدعوى المسجل تسجيلاً تاماً في 18 من سبتمبر سنة 1916 أنه عقد تمليك قطعي منجز انتقلت بموجبه الملكية فوراً إلى الطاعن الذي وضع يده على الأطيان المبيعة وانتفع بها وتصرف فيها تصرف الملاك في أملاكهم، ولكن المحكمة أغفلت كل ذلك، كما أغفلت ما قام به الطاعن من وفاء الديون التي كانت تثقل الأطيان المبيعة تنفيذاً لما التزم به في العقد. كما أنه تصرف في بعض هذه الأطيان في حياة والديه بالبيع بعقود مسجلة. وهذه الملابسات كلها تنفي الزعم بأنه عقد تمليك مضاف إلى ما بعد الموت خصوصاً أنه مشهور بالتسجيل. وإذا قيل إن الطاعن لم يدفع ثمناً، وإن الثمن المبين في العقد كان في الواقع صورياً، فإن العقد يكون عقد تبرع منجز أي هبة مستترة في صورة عقد بيع، والهبة الموصوفة بصفة عقد آخر صحيحة طبقاً لنص المادة 48 من القانون المدني ولو لم تكن بعقد رسمي. أما الورقة العرفية فهي صادرة من الطاعن وحده ولم يكن البائعان طرفاً فيها ولم تسلم لهما وهي لا تفيد استمرار وضع يدهما على الأطيان المبيعة منهما، وإنما هي عبارة عن تعهد يجعل ريع الأطيان لهما طوال حياتهما ولا يمنع انتقال ملكية الرقبة للطاعن فوراً ولا المنفعة أيضاً. فهي على هذه الصورة تعتبر تبرعاً منه بريعها لهما - الأمر الظاهر من عدم اشتمالها على ما يفيد وجود المقابل لهذا التعهد. ولذلك كله، ولأن واقعة ترشيح الطاعن نفسه للعمودية التي تقدمت بها المطعون ضدها الأولى واقعة لا أصل لها ولا دليل عليها ولا تأثير لوجودها في كيان العقد فإنه لذلك تكون المحكمة الاستئنافية قد أخطأت في تكييف العقد موضوع النزاع واعتباره وصية. ويجب نقض الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون ضدها الأولى.
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن المحكمة الاستئنافية أوردت في حكمها العبارات التي تضمنها العقد المؤرخ 18 من يوليو سنة 1916 موضوع النزاع ثم عقبت عليها بما يأتي: " وحيث إن هذا العقد حسب الظاهر من عباراته هو عقد تمليك منجز لم يحتفظ البائعان فيه بحق انتفاعهما بالعين المبيعة حتى الوفاء بل بالعكس ظاهر منه أن المشتري وهو المستأنف عليه الأول وضع يده على العين المبيعة للتصرف فيها بما يشاء أي للانتفاع بها وبيعها إذا أراد، وما كان لأية محكمة أن تشك في صحة ما ورد في هذا العقد لولا الورقة التي حررها على نفسه لمستأنف عليه الأول في نفس اليوم الذي حرر العقد فيه أي في 18 يوليو سنة 1916 وتعهد فيها بأن لا يتصرف مطلقاً في الأطيان المبيعة من والده وقدرها 9 ف و3 ط و12 س وكذا الأطيان المبيعة من والدته وقدرها 21 ط لا بالرهن ولا بالانتفاع بالريع ولا بما يمس الملكية طول حياة والديه. كما تعهد بأنه بعد وفاتهما يكون لأخواته البنات ومنهن المستأنفة فدان ونصف فدان. فهذه الورقة الصريحة في مدلولها والتي تعتبرها المحكمة ورقة ضد تدل دلالة قاطعة على أن عقد البيع المشار إليه لم يكن عقد تمليك منجز، وأن البائعين فيه لم يقصدا إلى التخلي عن ملكيتهما للعقار وقت تحريره، وأن الذي لا شك فيه أن التمليك مضاف لما بعد الموت. ويفهم من هذه الورقة فوق ذلك أن المستأنف عليه الأول لم يدفع شيئاً، إذ لو كان دفع من الثمن مبلغ 580 ج كما جاء في العقد المشار إليه لما قبل أن يحرر هذه الورقة التي تمنعه من التصرف مدة حياة والديه وتلزمه بالتنازل لإخوته عن فدان ونصف فدان". وبعد أن رجحت المحكمة صحة دفاع المطعون ضدها الأولى بأن السبب الذي تحرر عقد البيع من أجله هو استيفاء الطاعن للنصاب القانوني ليرشح نفسه للعمودية إذ لم يكن يملك هذا النصاب قالت: وحيث إنه من كل ما تقدم يكون عقد 18 يوليه سنة 1916 عقد تمليك غير منجز مضاف إلى ما بعد الموت، فهو عقد باطل ويتعين الحكم ببطلانه. ومن ثم يكون نصيب المستأنفة (المطعون ضدها الأولى) في القدر المبيع فدانين لأن البائعين تركا ولداً وثلاث بنات، ولما كان المستأنف عليه الأول تصرف في جزء من الأطيان ولم يبق له سوى ستة أفدنة شائعة في 7 ف 20 ط و22 س المبينة الحدود بصحيفة التكليف فيتعين الحكم للمستأنفة بفدانين شائعين في هذا القدر".
وحيث إنه يبين مما تقدم أن محكمة الاستئناف قد استظهرت من ورقة الضد الصادرة من الطاعن نفسه ومن عدم دفعه شيئاً من الثمن ومن اقتناعها بصحة ما ذكرته المطعون ضدها عن سبب تحرير العقد المذكور وتعهد الطاعن بعدم مساسه بملكية الأطيان الواردة في العقد طول حياة والديه أن هذا التصرف لم يكن عقد بيع منجز بل إن حقيقته وصية مرجأ تنفيذها إلى ما بعد موت المتصرف، وأن للمطعون ضدها على هذا الاعتبار بصفتها وارثة لم تجز الوصية أن تطالب بنصيبها الشرعي في الأطيان المخلفة. ولما كان هذا الذي استخلصته محكمة الموضوع ورتبت عليه قضاءها مستقى من ورقة الضد ومن ظروف الدعوى وملابساتها فلا سلطان لمحكمة النقض عليها فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق