جلسة 10 من يناير سنة 1978
المؤلفة من السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة رئيساً، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، وزكي الصاوي صالح، وجمال الدين عبد اللطيف، وعبد الحميد المرصفاوي.
----------------
(29)
الطعن رقم 578 لسنة 50 القضائية
(1، 2) شفعة. نقض "السبب الجديد"
(1) النزول الضمني عن الحق في أخذ العقار المبيع بالشفعة. شرطه. صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد البيع يفيد ذلك.
(2) المنازعة الموضوعية بشأن تقدير ثمن العقار المشفوع فيه. عدم جواز إثارتها لأول مره أمام محكمة النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المرحوم...... مورث المطعون عليهم الثمانية الأول أقام الدعوى رقم 236 سنة 1964 مدني المنصورة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه التاسع وطلب الحكم بأحقيته في أخذ 21 قيراط و8 أسهم أطياناً زراعية موضحة بالصحيفة بالشفعة مقابل ثمن قدره 345 جنيه وملحقاته القانونية وقدرها 31 جنيهاً و950 مليم وقال بياناً لدعواه أنه علم أن المطعون عليه التاسع باع للطاعن الأطيان المذكورة بموجب عقد مؤرخ في 1/ 3/ 1957 تضمن أيضاً شراء هذا الأخير من آخر أطياناً زراعية أخرى مساحتها فدان و23 قيراط و10 أسهم وذلك مقابل ثمن إجمالي قدره 1100 جنيه ولما كانت أطيانه مجاورة للأرض المشفوع فيها من الجهة الشرقية وتشترك معها في حقوق ارتفاق الري والصرف مما يجيز له أخذها بالشفعة، فقد أعلن رغبته في ذلك للطاعن والمطعون عليه التاسع في 23/ 2/ 1964، 1/ 3/ 1964 مقابل الثمن الذي علم به وقدره 345 جنيه أو ما يثبت أنه الثمن الحقيقي وملحقاته القانونية إن كان هناك ملحقات، وإذ أنكر عليه الطاعن حقه في الشفعة فقد أودع الثمن وملحقاته خزانة المحكمة وأقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان. دفع الطاعن بأن مورث المطعون عليهم الثمانية الأول لا يملك الأرض المشفوع بها، وأن حقه في الشفعة سقط لسبق موافقته على البيع للطاعن. وبتاريخ 24/ 4/ 1965 حكمت المحكمة بندب خبير، وبعد تقديم التقرير حكمت في 29/ 1/ 1966 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت مورث المطعون عليهم الثمانية الأول ملكيته للأرض المشفوع بها بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية، وليثبت الطاعن تنازل الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة. لم ينفذ الحكم لوفاة الشفيع وحلول ورثته - المطعون عليهم الثمانية الأول - محله. وبتاريخ 27/ 5/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ذات الوقائع السابق بيانها، وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين، حكمت في 14/ 6/ 1969 بأحقية المطعون عليهم الثمانية الأول في أخذ 21 قيراط و8 أسهم الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل دفع ثمن قدره 345 جنيهاً وملحقاته القانونية. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 235 سنة 21 ق مدني المنصورة. وبتاريخ 28/ 4/ 1970 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب من ثلاثة وجوه. الأول - أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بملكية الشفيع للأطيان المشفوع بها على ما استخلصه من تقرير الخبير وشهادة شاهدي الإثبات من أن الشفيع كان يحوز تلك الأطيان منذ شرائه لها بالعقدين الصادرين في سنتي 1938، 1941 وأن حيازته هذه توفرت فيها العناصر القانونية للتملك بالتقادم، في حين أن شهادة الشاهدين المذكورين لا تفيد أن حيازة الشفيع للأرض المشفوع بها قد استكملت المدة الطويلة المكسبة للملكية في تاريخ شراء الأرض المشفوع فيها في 1/ 3/ 1957 وتناقضت مع تقرير الخبير في بيان مصدر حيازة الشفيع هل هو الشراء أو الميراث، فضلاً عن أن أقوال الشاهدين المشار إليها وتقرير الخبير جاءت عامة مجهلة وخالية مما يدل على توفر الشروط القانونية في حيازة الشفيع، وهو ما يعيب الحكم فيه بالفساد في الاستدلال. الثاني: أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة لنزوله عنه مستدلاً على ذلك بأن الطاعن وضع يده على الأرض المشفوع فيها منذ أن اشتراها في 1/ 3/ 1957 على مرأى من الشفيع، ومع ذلك لم يرفع الدعوى إلا في مارس سنة 1964 بعد أن سجل هو عقده متضمناً ثمناً أقل من الثمن الحقيقي الوارد في عقد البيع الابتدائي تخففاً من رسوم التسجيل، وبما قرره شاهداه في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة من أن الشفيع تنازل عن حقه في الشفعة بعد علمه بشراءه للأرض المشفوع فيها، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بعد أن طرح أقوال شاهديه وأخذ بشهادة شاهدي الشفيع رغم ارتباطهما به بصلة القربى، وانتهى إلى أن وضع يد الطاعن على الأرض التي اشتراها - المشفوع فيها - لم يبدأ إلا منذ 3 أو 4 سنوات وهو تاريخ معاصر للتاريخ الذي رفعت فيه دعوى الشفعة بعد تسجيل عقد بيع الأرض المشفوع فيها، ملتفتاً عما ورد في تقرير الخبير من أن الطاعن وضع يده على هذه الأرض منذ شرائها في 1/ 3/ 1957 وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال الثالث: أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ قدر ثمن الأطيان المشفوع فيها على أساس قسمة الثمن الوارد في عقد البيع المسجل في 1/ 3/ 1957 على عدد الوحدات موضوع البيع، مع أن هذه الأطيان تتفاوت قيمتها باختلاف صقعها وموقعها وقد كان على المحكمة لمعرفة الثمن الحقيقي الأطيان المشفوع فيها أن تستعين بأهل الخبرة أو بالتحقيق مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، ذلك أنه جاء بتقرير الخبير أن الشفيع وضع يده على الأطيان المشفوع بها المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ شرائها بالعقدين المؤرخين في 15/ 2/ 1938، 1/ 3/ 1941، وثبت من أقوال شاهديه أنه كان يضع اليد على تلك الأطيان مدة عشرين عاماً، وقد انتهى الحكم الابتدائي الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه إلى إقناع المحكمة أخذاً بأقوال شاهدي الشفيع بأن الأخير كان يضع اليد على الأرض المشفوع بها منذ شرائها في سنتي 1938، 1941 وضع يد هادئ وظاهر ومستمر ومقترن بنية الملك مدة تزيد على خمس عشرة سنة متصلة دون انقطاع وظل واضعاً اليد عليها إلى أن أقام دعوى الشفعة واستند الحكم في إثبات توفر نية التملك في تلك الحيازة إلى أن وضع اليد على الأرض المشفوع بها كان بموجب عقدي البيع المشار إليهما وأن الثابت من عقد سنة 1938 أن الشفيع كان يمتلك ستة أسهم من المساحة 1 فدان و4 أسهم بالميراث عن شقيقه ثم اشترى 22 قيراطاً من باقي الورثة وأنه بذلك يكون قد تملك المساحة كلها بالميراث والحيازة المدة الطويلة المكسبة للملكية منذ سنة 1956 أي قبل صدور البيع للطاعن. وقد أضاف الحكم المطعون فيه إلى ذلك "أن الثابت من تقرير الخبير أن مورث المستأنف عليهم - المطعون عليهم الثمانية الأول - يملك الأرض المشفوع بها التي تجاوز الأرض المشفوع فيها من الجهة الشرقية وذلك للأسباب السائغة التي تضمنها هذا التقرير وتطمئن المحكمة إلى صحة ما شهد به شاهدا المستأنف عليهم - المطعون عليهم - المذكورين في التحقيق الذي أجرته محكمة الدرجة الأولى من أن ذلك المورث وضع اليد على الأرض المشفوع بها المدة الطويلة المكسبة للمكية." وإذ كان مؤدى ذلك أن الحكم المطعون فيه استظهر من عقدي الشراء الصادرين لمورث المطعون عليهم الثمانية الأول - الشفيع - في سنة 1938، سنة 1941، ومن أقوال شاهديه ومما جاء في تقرير الخبير على ما سلف البيان أن المورث المذكور تملك الأطيان المشفوع بها بالميراث عن شقيقه وبالحيازة المدة الطويلة المكسبة للمكية قبل شراء الطاعن للأطيان المشفوع فيها، لما كان ذلك وكان لما أورده أصله الثابت في أوراق الدعوى ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن ما تضمنه وجه النعي لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير محكمة الموضوع للدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. والنعي مردود في وجهه الثاني، ذلك أن النزول الضمني عن الحق في الأخذ بالشفعة يفترض صدور عمل أو تصرف من الشفيع بعد البيع يفيد الرغبة عن استعمال ذلك الحق. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد رفض دفع الطاعن بسقوط حق مورث المطعون عليهم الثمانية الأول في الأخذ بالشفعة استناداً إلى خلو أوراق الدعوى مما يدل على أن المورث المذكور قد نزل صراحة أو ضمناً عن ذلك الحق، وإلى عدم أخذ المحكمة بأقوال شاهدي الطاعن، لما كان ذلك وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أطرحت شهادة من لم تقتنع بصدق أقواله إذ أن ذلك من الأمور التي يستقل بها قاضي الموضوع لتعلقه بتقدير الدليل، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه يكون في غير محله. والنعي بالوجه الثالث غير مقبول ذلك أنه قائم على منازعة موضوعية في تقدير ثمن الأطيان المشفوع فيها، وإذ لم تسبق للطاعن إبداء هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، ذلك أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن العقد الابتدائي المؤرخ في 1/ 3/ 1957 الذي اشترى بمقتضاه الأطيان المشفوع فيها، عقد صحيح اقترن بوضع اليد على ما اشتراه بموجبه، غير أن المحكمة التفتت عن هذا الدفاع ولم ترد عليه رغم أهميته في تعيين تاريخ بدء حيازته بدء لتلك الأطيان. وحيث إن هذا النعي غير منتج، ذلك أنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه - على ما سلف البيان في الرد على الوجه الثاني من السبب الأول - إلى أنه لم يثبت نزول مورث المطعون عليهم الثمانية الأول صراحة أو ضمناً عن حقه في الأخذ بالشفعة، فإنه لا يجدي الطاعن بعد ذلك أن يتمسك بوضع يده على الأطيان المشفوع فيها من تاريخ الشراء الحاصل في 1/ 3/ 1957.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق