الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أبريل 2023

الطعن 57 لسنة 12 ق جلسة 1 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 44 ص 107

جلسة أول إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

---------------

(44)
القضية رقم 57 سنة 12 القضائية (1)

موظف:
أ - إحالته على المعاش. تقدير السن وفقاً لأحكام قانون المعاشات الصادر في سنة 1913 متعلق بالنظام العام. حيازته قوة الشيء المقضى فيه. تقيد الحكومة والموظف به. لا يصح العدول عنه إلى تقدير آخر ولو قبله الموظف. المادة 40 من ذلك القانون. النص المقابل في قانون سنة 1930. المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية. المقصود منها.
ب - تعويض. إحالة موظف على المعاش قبل الأوان. فوات فرصة الترقية عليه بسبب ذلك. إدخالها ضمن عناصر التعويض. جوازه.

-----------------
1 - إن السن إذا قدرت وفقاً لأحكام قانون المعاشات العسكرية الصادر في نوفمبر سنة 1913 عند تعذر وجود شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد فهذا التقدير مما يتعلق بالنظام العام وله حجية معتبرة. ولذلك فلا تملك جهة الإدارة، بأية حال، نقضه باستصدار قرارات طبية تخالفه، بل ترتبط به الحكومة كما يرتبط به الموظف. ولا يصح العدول عنه إلى تقدير آخر ولو قبله الموظف (2).
ولا يؤثر في ذلك أن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية تجيز العدول عن قرار القومسيون الطبي إذ قالت "ما لم يقدم فيما بعد ما يثبت جلياً خلاف ذلك" لأن المقصود من هذه العبارة هو فقط الحالة التي لم يكن يوجد فيها أي دليل رسمي سابق للتقدير فيكون في تقديم شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي منها ما يدل بطريقة قاطعة على السن الحقيقية للموظف وعلى أن التقدير الذي دعت إليه الضرورة كان خاطئاً.
2 - إذا أدخل الحكم ضمن التعويض المحكوم به ما فات على الموظف من فرصة الترقي بسبب إحالته إلى المعاش قبل الأوان فلا خطأ في ذلك. فإن القول بأن الترقي من الإطلاقات التي تملكها الجهات الرئيسية للموظف وليس حقاً مكتسباً له، محله بالبداهة أن يكون الموظف باقياً يعمل في الخدمة. أما إذا كانت الوزارة هي التي أحالت الموظف إلى المعاش بدعوى بلوغه السن بناءً على قرار باطل فلا مناص من إدخال تفويت الترقية على الموظف ضمن عناصر الضرر التي نشأت عن الإخلال بحقه في البقاء في الخدمة. ذلك لأن القانون لا يمنع من أن يحسب في الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام هذا الأمل له أسباب معقولة (3).


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن المطعون ضده أقام على وزارتي الأشغال والمالية أمام محكمة مصر الابتدائية الدعوى رقم 1272 سنة 1938 وقال في صحيفتها إنه تخرج في المدرسة الحربية في أكتوبر سنة 1894 واستمر في الخدمة العسكرية دون أن يطلب تقدير سنه. وفي سنة 1922 رأت وزارة الحربية أن تطبق عليه المادة 40 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1913 فطالبته بتقديم شهادة الميلاد أو ما يقوم مقامها فأعطى الوزارة البيانات التي تساعدها على استخراج شهادة ميلاده، ولما لم يعثر على اسمه بدفتر المواليد أحالته في 20 من نوفمبر سنة 1922 إلى لجنة طبية لتقدير سنه فقدرتها باثنتين وأربعين سنة. غير أن الوزارة عادت في نوفمبر سنة 1923 فأحالته إلى لجنة طبية ثانية لتقدير سنه مرة أخرى فاضطر للرضوخ للأمر العسكري، ولم يفته أن يرفع شكوى إلى قسم المحروسة في 7 من نوفمبر سنة 1923 محتجاً فيها على إعادة الكشف عليه طبياً لمخالفة ذلك لقانون المعاشات العسكرية. ثم نقل إلى وزارة الأشغال في 17 من يناير سنة 1926 فأرسل إليه كشف ببيان مدة خدمته، وأن سنه بحسب كشف 21 من نوفمبر سنة 1922 هي 42 سنة وقد أقره وحفظ بملف خدمته. وبعد ذلك فاجأته الوزارة بإحالته إلى المعاش ابتداءً من 9 من نوفمبر سنة 1937 استناداً إلى قرار اللجنة الطبية الثاني الذي صدر في نوفمبر سنة 1923.
ولما كان هذا القرار باطلاً لمخالفته القانون فهو يطلب إلزام وزارتي الأشغال والمالية بأن تدفعا له مبلغ 2057 جنيهاً والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي 30 من مايو سنة 1940 قضت المحكمة بإلزام الطاعنتين بأن تدفعا للمطعون ضده 706 مليم و175 جنيهاً والمصاريف المناسبة و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة فاستأنفت الطاعنتان هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر، كما استأنفه المطعون ضده.
وفي 31 من يناير سنة 1942 قضت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف المرفوع من الطاعنتين، وفيما يختص بالاستئناف المرفوع من المطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام وزارة المالية في مواجهة وزارة الأشغال بأن تدفع له مبلغ 350 جنيهاً والمصاريف المناسبة لذلك على أول درجة والمناسبة لمبلغ 174 جنيهاً و214 مليماً عن ثاني درجة وبمبلغ 600 قرش مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وألزم هو بباقي المصاريف عنهما.
أعلن هذا الحكم للطاعنتين في 13 من مايو سنة 1942 فقررتا الطعن فيه بطريق النقض بتقرير أعلن للمطعون ضده إلخ إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنتين تنعيان على الحكم المطعون فيه أنه:
أولاً: خالف القانون إذ قضى بالتعويض للمطعون ضده لإحالته إلى المعاش مع أن الإحالة إلى المعاش من تصرفات الحكومة الإدارية التي لا يجوز الحكم فيها بالتعويض إلا إذا وقعت مخالفة للقوانين أو الأوامر العالية على مقتضى المادة 15 من لائحة ترتيب المحاكم. وقد جاء قرار اللجنة الطبية التي قدرت سن المطعون ضده في نوفمبر سنة 1923 مطابقاً للقانون، لأن المادة 40 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1913 لا تمنع من إعادة تقدير سن الموظف مرة أخرى، ولأن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية إذ أجازت العدول عن قرار القومسيون الطبي إذا تقدم فيما بعد ما يثبت خلاف السن التي قدرها قد أقامت الدليل على أن هذا القرار لا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه. أما ما ورد في المادة 42 من قانون المعاشات العسكرية الصادر في سنة 1930 من أنه لا يجوز الطعن في تقدير اللجنة الطبية بأي حال من الأحوال فهو حكم جديد لم يكن موجوداً أو مستفاداً من المادة 40 من قانون سنة 1913.
ثانياً - أخطأ إذ اعتمد تقدير اللجنة الطبية الأولى مع أن اللجنة لم تراع في هذا التقدير الأوضاع والشروط المبينة في المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية لأنها لم تطلع على البيانات الخاصة بالمطعون ضده والموجودة بملف خدمته ومنها جملة قرارات عن سنه، ثم إن تقديرها لم يجيء جازماً إذ قدرت سن المطعون ضده باثنتين وأربعين سنة تقريباً، وهذه العبارة تتسع للزيادة وتتحمل النقص فكان من الضروري أن يضبط التقدير.
ثالثاً - أخطأ أيضاً إذ أدخل ضمن التعويض المحكوم به ما فات المطعون ضده من فرصة الترقي بإحالته إلى المعاش، مع أن ترقية الموظف إلى درجة أعلى من درجته ليست حقاً مكتسباً، بل هي من الإطلاقات التي تستقل بها الإدارة دون أن يكون هناك معقب على تصرفها.
رابعاً - جاء قاصر التسبيب. وذلك لأن الحكومة أبدت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف أوجهاً جديدة فذكرت أن المطعون ضده قد قبل المعاملة بالتقدير الطبي الثاني ولذا أصبح ملتزماً بنتيجة هذا التقدير، ويمتنع عليه الطعن فيه، كما أبدت أن المطعون ضده عين في ديسمبر سنة 1923 تعييناً جديداً فشغل وظيفة مدنية في مصلحة التنظيم وجرت وزارة الأشغال في هذا التعيين الجديد على اعتباره من مواليد سنة 1877 وفقاً للتقدير الطبي الثاني، وهذا الاعتبار مما يحتج به عليه إذ ألحق بالخدمة على أساسه، ولكن محكمة الاستئناف لم ترد على ذلك.
عن الوجه الأول:
ومن حيث إن تقدير السن وفقاً لأحكام قانون المعاشات الصادر في سنة 1913 لتعذر وجود شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي من دفاتر المواليد يتعلق بالنظام العام ويحوز قوة الشيء المقضى به، كما استقر على ذلك قضاء هذه المحكمة في تفسير هذه الأحكام. وإذن فلا تملك جهة الإدارة بأية حال نقض هذا التقدير باستصدار قرارات طبية تخالفه.
ومن حيث إنه متى تقرر ذلك فلا محل لما تثيره الطاعنتان بهذا الوجه من مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون بأخذه بتقدير اللجنة الطبية الأولى الحاصل في 20 من نوفمبر سنة 1922 وباعتباره تصرف وزارة الدفاع الوطني بإعادة تقدير سن المطعون ضده بمعرفة اللجنة الطبية الثانية في نوفمبر سنة 1923 وأخذ وزارة الأشغال بنتيجة هذا التقدير الأخير تصرفاً مخالفاً للقانون ومناقضاً لوجوب احترام قرار اللجنة الأولى. ولا يلتفت إلى ما تقوله الطاعنتان من أن المادة 40 من قانون سنة 1913 لا تجعل تقدير اللجنة الطبية تقديراً نهائياً لا رجوع فيه كما نص على ذلك قانون سنة 1930، فالنص في القانون الأخير إنما جاء بياناً لما تضمنه قانون سنة 1913. كذلك لا يلتفت إلى ما تستند إليه الطاعنتان من أن المادة 19 من لائحة القومسيونات الطبية تجيز العدول عن قرار القومسيون الطبي لورود عبارة "ما لم يقدم فيما بعد ما يثبت جلياً خلاف ذلك"، فإن المقصود من هذه العبارة هو فقط الحالة التي لا يوجد فيها دليل رسمي سابق على التقدير، بأن تقدم شهادة الميلاد أو مستخرج رسمي منها، إذ في تقديم هذا المستند ما يدل بطريقة قاطعة على السن الحقيقية للموظف، وعلى أن التقدير الذي دعت إليه الضرورة كان خاطئاً.
عن الوجه الثاني:
ومن حيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأنه يكفي لصحة التقدير أن يكون مبنياً على اعتبارات فنية، فإذا كانت اللجنة لم تكن في حاجة وهي تقدر السن إلى الاطلاع على البيانات المشار إليها بوجه الطعن فلا يصح أن ينعى عليها بأنها أخطأت، ثم إن الحكومة لم تعترض في الوقت المناسب على قرار اللجنة الطبية الأولى بما تثيره بهذا الوجه بل قبلته وأرفقته بملف المطعون ضده، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإقرار الصادر من المطعون ضده عن سنه وخصوصاً أن الحكومة لا تأخذ بإقرار الموظف عن سنه، بل تعتمد في ذلك على ما يقرره أهل الفن الذين يندبون لهذا الغرض. وأما القول بأن تقدير اللجنة الأولى وصف بأنه تقريبي فلا يعتد به لأن إضافة كلمة تقريباً أمر تقتضيه طبيعة المهمة الصادر فيها التقدير، وبدليل أن التقدير الثاني الذي تعتمد عليه الحكومة قد وصف بهذا الوصف.
عن الوجه الثالث:
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ أدخل ضمن التعويض المحكوم به ما فات المطعون ضده من فرصة الترقي. لأن القول بأن الترقي لم يكن حقاً مكتسباً للمطعون ضده محله أن يكون الموظف باقياً في الخدمة، ففي هذه الحالة يصح القول بأن الترقي هو من الإطلاقات التي تملكها الوزارة، أما والوزارة هي التي قد أحالت المطعون ضده إلى المعاش بدعوى بلوغه السن بناءً على قرار باطل مخالف لقرار لا تملك نقضه فلا مناص من إدخال فوات هذه الترقية على المطعون ضده ضمن عناصر الضرر التي ترتبت على إخلالها بحقه في البقاء في الخدمة مدة أخرى؛ ذلك لأن القانون لا يمنع من أن يشمل الكسب الفائت الذي هو عنصر من عناصر التعويض ما كان المضرور يأمل الحصول عليه ما دام هذا الأمل له أسباب معقولة.
عن الوجه الرابع:
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن الدفاع الذي تقول الطاعنتان إنه أبدى لأول مرة أمام محكمة الاستئناف لم يكن دفاعاً جديداً بل ذكر أمام محكمة أول درجة التي أثبتت رد المطعون ضده عليه من أنه حرص على الاحتجاج على إعادة الكشف الطبي عليه مرة ثانية وسجله في شكوى قدمها في 7 من نوفمبر سنة 1923، كما أنه عندما التحق بخدمة وزارة الأشغال في سنة 1926 أرسلت إليه الوزارة كشفاً ببيان مدة خدمته باعتبار سنه 42 سنة بحسب قرار اللجنة الطبية الأولى الصادر في سنة 1922 فأقره وحفظ بملف خدمته. وقد اعتمدت محكمة الاستئناف أسباب الحكم الابتدائي التي أشير فيها إلى ما تقدم. على أن المحكمة لم تكن ملزمة بالرد على ما تثيره الطاعنتان بوجه الطعن ما دام المقرر هو أن تقدير السن عند عدم وجود شهادة ميلاد للموظف أمر متعلق بالنظام العام بحيث ترتبط به الحكومة كما يرتبط به الموظف فلا يسوغ العدول عنه. وإذن فلا تأثير لأي تقدير لاحق له حتى لو قبله الموظف.


(1) قررت المحكمة هذه القواعد أيضاً في الحكم الصادر بهذه الجلسة في القضية رقمي 58 و67 سنة 12 القضائية.
(2) لمحكمة النقض في هذا حكمان سابقان أحدهما في القضية رقم 26 سنة 1 بجلسة 31/ 12/ 1931 وهو منشور بالجزء الأول من هذه المجموعة برقم 28 ص 41 والثاني صدر بجلسة 13 إبريل سنة 1939 في القضية رقم 37 سنة 8 وهو منشور بالجزء الثاني برقم 178 بصفحة 541.
(3) يراجع في هذا المعنى حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 3 فبراير سنة 1938 في القضية رقم 53 سنة 7 ق المنشور بالجزء الثاني من هذه المجموعة برقم 90 بصفحة 262.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق