الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 24 أبريل 2023

الطعن 54 لسنة 12 ق جلسة 15 / 4 / 1943 مج عمر المدنية ج 4 ق 47 ص 124

جلسة 15 إبريل سنة 1943

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

--------------

(47)
القضية رقم 54 سنة 12 القضائية

نزع ملكية للمنفعة العامة. 

مباشر أو غير مباشر. تتولد عنه الحقوق المشار إليها بالقانون الخاص بذلك. عدم استصدار مرسوم بنزع الملكية. لا يؤثر في ذلك. المادة 5 من ذلك القانون. المقصود منها. مالك. اتفاقه ودياً مع الحكومة على الثمن والتعويض دون دعوة المستأجرين للجلسة المحددة لذلك. لا يترتب عليه إسقاط حقوق المستأجرين للعقار وأصحاب المنفعة فيه قبل المالك.

-------------
إن نزع الملكية للمنفعة العامة كما يكون بطريق مباشر باتباع القواعد والإجراءات التي قررها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الصادر في 24 إبريل سنة 1907 والمعدل في 18 من يونيه سنة 1931 يمكن أن يكون أيضاً بطريق غير مباشر: إما تنفيذاً للمرسوم الصادر باعتماد خط التنظيم قبل صدور مرسوم نزع الملكية، وذلك باتفاق الحكومة مباشرة مع أصحاب الشأن، وإما بضم الحكومة إلى المال العام عقاراً مملوكاً لأحد الأفراد دون أن تتخذ الإجراءات المنوه عنها في قانون نزع الملكية المذكور. ذلك لأن الاستيلاء في هذه الحالات الأخيرة يستتبع نزع ملكية العقار بالفعل ونقل الحيازة من المالك الأصلي إلى الدولة، فيتحقق بهذا حكمه تماماً. وإذن فيتولد عنه، أسوة بنزع الملكية بالطريق العادي، جميع الحقوق المنصوص عنها في القانون المشار إليه لأولي الشأن من ملاك ومستأجرين وأصحاب حق المنفعة وغيرهم. ولا يؤثر في ذلك أن نزع الملكية لم يصدر به مرسوم، لأن النص الوارد بالمادة الخامسة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، حين أشار إلى هذا المرسوم وإلى نشره في الجريدة الرسمية، لم يقصد بذلك إلا تقرير حكم نقل العقار المنزوعة ملكيته إلى ملك الدولة وإضافته إلى المنافع العمومية من يوم نشر المرسوم، بغض النظر عن دفع المقابل بعد الاتفاق عليه أو تقديره. فإذا لم تر الدولة داعياً لهذا المرسوم واكتفت بالاتفاق ودياً مع المالك فلا يمكن أن يكون هذا الاتفاق سبباً في عدم تطبيق أحكام قانون نزع الملكية وإسقاط حقوق المستأجرين وأصحاب المنفعة التي رعاها القانون المذكور ونظمها قبل هذا المالك. فإذا سارع المالك في هذه الحالة إلى الاتفاق على الثمن دون أن يدعو المستأجرين للجلسة المحددة لذلك ليطالبوا بحقهم في التعويض عن الضرر الذي لحق بهم مباشرة من نزع الملكية، فإن المستأجر يكون له أن يرجع على المالك المؤجر بالتعويض عما لحقه من الضرر بسبب نزع الملكية.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأولين المرحوم أحمد حمدي أفندي رفع الدعوى 228 سنة 1937 أمام محكمة مصر الأهلية بتاريخ 10 و19 من ديسمبر سنة 1936 ضد الطاعنة بصفتها ناظرة على وقف أزبك الخيري وضد وزارة الأشغال المطعون ضدها الرابعة طلب فيها الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصاريف، وقال في عريضة دعواه إنه استأجر متجراً في عمارة بميدان الملكة فريدة تابع لوقف أزبك الخيري بأجرة شهرية قدرها 35 جنيهاً بعقد إيجار حرر في أول فبراير سنة 1934 على أن تكون مدته سنة قابلة للتجديد، وإنه أثث المحل بما يحتاج إليه من منشئات كالثلاجات والخزائن والأرفف وغيرها، وإنه في آخر يونيو سنة 1936 طلبت منه أن يخلي المحل في ظرف خمسة عشر يوماً لأن العمارة التي بها الدكان نزعت ملكيتها للمنافع العامة، فبادر إلى رفع دعوى إثبات حالة، وندبت المحكمة فيها خبيراً عاين المحل وأثبت حالته وقدم تقريراً عنه. ووجهت الطاعنة لوزارة الأشغال دعوى الضمان لكي تدفع لها ما عسى أن يقضي به عليها.
ولما توفي المرحوم أحمد أفندي حمدي أثناء نظر الدعوى حل ورثته المطعون ضدهم الثلاثة الأول محله فيها.
وفي 13 من يونيو سنة 1940 قضت محكمة مصر الأهلية حضورياً في الدعوى بإلزام الطاعنة بأن تدفع لورثة أحمد أفندي حمدي مبلغ 213 جنيهاً والمصاريف المناسبة و300 قرش أتعاب محاماة ورفضت باقي الطلبات.
استأنفت الطاعنة هذا الحكم بتاريخ 17 من سبتمبر سنة 1940 وطلبت الحكم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الورثة مع إلزامهم بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين، ومن باب الاحتياط وبالنسبة لدعوى الضمان بإلزام وزارة الأشغال بأن تدفع لها بصفتها مبلغ 213 جنيهاً والمصاريف المناسبة والأتعاب عن الدرجتين. كما استأنف الورثة هذا الحكم بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1940 وطلبوا قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة ووزارة الأشغال بأن تدفعا متضامنين لهم مبلغ 3000 جنيه ومن باب الاحتياط الحكم على الطاعنة بصفتها في مواجهة وزارة الأشغال بالطلبات السابقة مع إلزام من ترى المحكمة إلزامه منهما بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين، وبتاريخ 16 من نوفمبر سنة 1940 ضمت المحكمة الاستئنافين أحدهما إلى الآخر، ثم قضت في 28 من فبراير سنة 1942 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما أولاً برفض استئناف الطاعنة مع إلزامها بمصاريفه وثانياً فيما يختص باستئناف ورثة المرحوم أحمد أفندي حمدي بتعديل الحكم المستأنف بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمستأنفين المذكورين مبلغ 400 جنيه والمصاريف المناسبة لذلك عن أول درجة والمناسبة لمبلغ 187 جنيهاً عن ثاني درجة و600 قرش أتعاب محاماة عن الدرجتين ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
وبتاريخ 2 من أغسطس سنة 1942 قررت الطاعنة الطعن بطريق النقض في هذا الحكم وبتاريخ 8 و12 من ذلك الشهر أعلنت تقرير الطعن للمطعون ضدهم إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطعن مبني على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وذلك:
أولاً - لأن المادة السابعة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة اشترطت لأجل أن يكون للمستأجر الحق في المطالبة بالتعويض أن يكون بيده عقد إيجار ذو تاريخ ثابت سابق على المرسوم الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة، فإذا لم يتوافر هذا الشرط في حالة أي مستأجر فلا يكون له الحق في الرجوع بالتعويض على المالك من جراء عدم دعوته لجلسة الاتفاق على الثمن. وبما أنه لم يصدر مرسوم أصلاً بنزع ملكية العقار موضوع الدعوى للمنفعة العامة، لذلك يكون قد زال عن الطاعنة واجب دعوة مورث المطعون ضدهم المستأجر لجلسة الممارسة وسقط عنها هذا التكليف الذي أمرت به المادة السابقة الذكر لعدم توافر ما اشترطه القانون بشأنه ومن ثم لا حق لهذا المورث في الرجوع على الطاعنة بالتعويض مهما بلغت خسارته من جراء إهمالها دعوته لجلسة الاتفاق على الثمن أي لجلسة 11 من مارس سنة 1936، وتكون المحكمة إذ قضت له بالتعويض على هذا الأساس قد أخطأت في تطبيق القانون.
وثانياً - لأنه من القواعد القانونية المقررة أن المستأجر إذا حرم من الانتفاع بالعين المؤجرة بسبب خارج عن إرادة المؤجر كحادث قهري أو قوة قاهرة فله أن يفسخ العقد أو يطالب بتخفيض الأجرة، ولكن ليس له أن يرجع على المؤجر بأي تعويض. كما أنه من المعروف أن حرمان المستأجر من الانتفاع بسبب تعرض الإدارة له يعتبر بمثابة حادث قهري لا يعطيه حق مطالبة المؤجر بتعويض، وإنما له في هذه الحالة أن يرجع على جهة الإدارة بالتعويض إن كان له مبرر للمطالبة به. وبما أن الإدارة قد استولت على العمارة ملك الوقف وأصبحت من المنافع العامة بغير أن تستصدر مرسوماً بنزع ملكيتها، وكان من أثر ذلك حرمان المستأجر المورث من الانتفاع، فليس له في هذه الحالة أن يرجع على الطاعنة المؤجرة بأي تعويض إذ هي لم تكن السبب في حرمانه من الانتفاع، بل يعتبر استيلاء الإدارة على العقار بمثابة قوة قاهرة لا قبل للمؤجرة على دفعها، ويكون تعويض المستأجر قانوناً في هذه الحالة على وزارة الأشغال التي أخذت العمارة وأضافتها للمنافع العامة فعلاً، وتكون المحكمة الاستئنافية بناءً على ذلك قد أخطأت في تطبيق القانون عندما ألزمت الطاعنة بالتعويض الذي قدرته.
عن الوجه الأول:
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن محكمة الاستئناف بعد أن نفت دفاع الطاعنة من ناحية أن إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة التي نص عليها القانون لم تتبع بشأن العمارة التي كان مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأولين من بين المستأجرين لها، وأثبتت أن هذه الإجراءات قد روعيت ما عدا استصدار مرسوم نزع الملكية قالت بعد ذلك: وعلى أي حال سواء اتبعت إجراءات نزع الملكية أم لم تتبع، وسواء صدر مرسوم بنزع الملكية أم لم يصدر، فإنه لا نزاع في أن العقار موضوع النزاع قد أخذ للمنفعة العامة فعلاً. والمادة 7 من قانون نزع الملكية صريحة في وجوب تعويض كل ذي حق منفعة أو إيجار على العقار الذي يؤخذ للمنفعة العامة، وذلك لعدم الإضرار بمن نال هذا الحق بسبب أخذ العين للمنفعة العامة ومنع استفادة المجموع على حساب الفرد. ولا يؤثر على ذلك الاتفاق على الثمن بالمساومة لأن هذه المساومة لم تحصل بين وزارة الأوقاف وبين وزارة الأشغال وإنما حصلت بين وزارة الأوقاف وبين المحافظة، وهذا لا شأن له إلا عند نزع الملكية للمنفعة العامة وهذه المساومة منصوص عليها في المادة 6 من قانون نزع الملكية". وهذه المحكمة تقر محكمة الاستئناف على هذا الذي انتهت إليه، لأن نزع الملكية للمنفعة العامة قد يكون نزعاً مباشراً إذا ما اتبعت القواعد والإجراءات التي نظمها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الصادر في 24 من إبريل سنة 1907 والمعدل في 18 من يونيو سنة 1931. وقد يحدث نزع الملكية بطريق غير مباشر إما تنفيذاً للمرسوم الصادر باعتماد خط التنظيم قبل أن يصدر مرسوم نزع الملكية وذلك باتفاق الحكومة مباشرة مع أصحاب الشأن، وإما بضم الحكومة إلى المال العام عقاراً مملوكاً لأحد الأفراد دون أن تتخذ الإجراءات المنوه عنها في القانون المذكور، إذ يستتبع الطريق الغير المباشر نزع ملكية العقار بالفعل ونقل الحيازة من المالك الأصلي إلى الدولة فيتحقق بهذا حكمه ويتولد عنه أسوة بالصورة العادية المباشرة جميع الحقوق المنصوص عنها في القانون المشار إليه لأولي الشأن من ملاك ومستأجرين وأصحاب حق المنفعة وغيرهم. ولا يؤثر في ذلك عدم استصدار مرسوم نزع الملكية، لأن النص الوارد بالمادة الخامسة من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة الذي أوجب نشر هذا المرسوم في الجريدتين الرسميتين لم يقصد به إلا مجرد تقرير حكم نقل العقار المنزوعة ملكيته إلى ملك الدولة وإضافته إلى المنافع العمومية من يوم نشر المرسوم بنزع الملكية دون أن يكون ذلك متوقفاً على تقدير ما يقابل هذا النقل من ثمن أو تعويض أو دفع ما يقدر فيما بعد، فإذا ما استغنت الدولة عن هذا المرسوم الذي هو من عملها وحدها واكتفت بالاتفاق ودياً مع المالك بمفرده فلا يمكن أن يترتب على هذا الاتفاق عدم تطبيق أحكام قانون نزع الملكية وإسقاط حقوق المستأجرين وأصحاب المنفعة التي رعاها القانون المذكور ونظمها قبل هذا المالك الذي يساوم ويتفق مع نازع الملكية على الثمن دون أن يدعوهم للجلسة المحددة لذلك ليطالبوا بحقهم في التعويض عن الضرر الذي لحق بهم مباشرة من نزع الملكية.
عن الوجه الثاني:
وحيث إنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أن محكمة الاستئناف قد أثبتت بناءً على الأدلة المقبولة التي ساقتها في الحكم أن وزارة الأشغال المطعون ضدها الرابعة قد استولت على العمارة المنزوعة ملكيتها بعد أن دفعت للطاعنة كل ما يستحقه المستأجر مورث المطعون ضدهم الثلاثة الأولين من تعويض عما لحقه من الضرر نتيجة نزع ملكية هذه العمارة. ولما كان ما انتهت إليه المحكمة الاستئنافية في هذا الصدد من المسائل الموضوعية التي لا تجوز المناقشة فيها لدى محكمة النقض فضلاً عن أن الطاعنة لم تتعرض لهذا الأمر أصلاً في أسباب طعنها، لذلك لا حاجة للبحث فيما تتمسك به الطاعنة بوجه الطعن من عدم صحة توجيه دعوى التعويض إليها من المستأجر المذكور وأنه كان من الواجب عليه أن يطالب وزارة الأشغال به بدعوى أنها هي السبب في حرمانه من الانتفاع بما استأجره - بعد أن بتت محكمة الموضوع في مركز وزارة الأشغال ومدى ما تناوله الاتفاق بينها وبين وزارة الأوقاف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق