جلسة 30 من نوفمبر سنة 1965
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.
-----------------
(182)
الطعن رقم 465 لسنة 30 القضائية
نقل "مسئولية أمين النقل". مسئولية. "مسئولية تعاقدية ومسئولية تقصيرية". تقادم. "مدة التقادم".
خضوع دعوى المسئولية المترتبة على تخلف أمين النقل عن تنفيذ الالتزامات المتولدة عن عقد النقل لتقادم مدته 180 يوماً "م 104 تجاري". في حالة الغش أو الخيانة تكون الدعوى مستندة إلى المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية وتتقادم وفقاً لقواعد تقادم المسئولية التقصيرية (م 172 مدني).
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها - شركة مصر لحليج الأقطان - أقامت الدعوى رقم 93 لسنة 1957 تجاري كلي المنصورة ضد الطاعن بصحيفة أعلنت إليه في 14 سبتمبر سنة 1957 طلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 1994 ج و762 م وقالت شرحاً لدعواها إنها عهدت إلى الطاعن في 23/ 1/ 1949 بنقل عشر بالات من القطن ملك أحد عملائها من المنصورة إلى الإسكندرية ولكن الشحنة لم تصل إلى المرسل إليه فأبلغت الشركة عن الواقعة وباشرت النيابة تحقيقها وقيدتها برقم 80 لسنة 1949 جنح بندر المنصورة سرقة أقطان - ضد سائق السيارة وآخرين وادعت المطعون عليها مدنياً أمام محكمة الجنح ضد المتهمين بمبلغ 1975 ج و752 م وهو ما يمثل قيمة القطن المسروقة البالغ مقدراه 92 قنطاراً و22 رطلاً بواقع 93.22 ريالاً للقنطار وقضت المحكمة ببراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية مع إلزام الشركة المطعون عليها بمصروفاتها ومضت الشركة المطعون ضدها تقول إنها ترجع على الطاعن باعتباره أميناً للنقل وملزماً بثمن الأقطان البالغ 1975 ج 752 م وبالمصروفات التي تكبدتها بالادعاء مدنياً ومقدارها 19 ج و10 م فيكون المجموع 1994 ج و762 م وهو المبلغ المطالب به في الدعوى الحالية. دفع الطاعن الدعوى بسقوطها لمضي أكثر من 180 يوماً على علم الشركة بفقد البضاعة دون أن تقيم عليه دعوى المسئولية بصفته أميناً للنقل كما دفع بالسقوط لمضي أكثر من ثلاث سنوات على وقوع الجنحة عملاً بالمادة 172 من القانون المدني واحتياطياً طلب رفض الدعوى لافتقارها إلى الدليل الذي يؤيدها وفي 10/ 11/ 1959 قضت المحكمة برفض الدعوى استأنفت الشركة المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 17 سنة 12 ق استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وتمسك الطاعن بدفوعه وطلباته التي أبداها أمام محكمة أول درجة. ومحكمة الاستئناف قضت في 30 نوفمبر سنة 1960 بإلغاء الحكم المستأنف وألزمت الطاعن بأن يدفع للشركة المطعون عليها مبلغ 1975 ج و752 م طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض في 20 ديسمبر سنة 1960 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18/ 4/ 1964 وفيها صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها التي طلبت فيها نقض الحكم وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبعة أسباب حاصل السبب الأول منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وشابه القصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدها في رفع الدعوى بمضي مائة وثمانين يوماً على أن ما هو منسوب إلى الطاعن يعتبر غشاً لا يستفيد معه من أحكام المادة 104 من القانون التجاري وهو خطأ في القانون ذلك أن الغش هو إخفاء للحقيقة على الناقل فلا يندرج تحته ضياع البضاعة بطريق السرقة أو التبديد كما أن الحكم لم يبين أركان الغش المدعى به ومن ارتكبه ووجه تبعية هذا الأخير للطاعن مما يجعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حصل تحصيلاً واقعياً أن الطاعن قد تعاقد مع الشركة المطعون عليها على أن ينقل لها عشر بالات من القطن من المنصورة إلى الإسكندرية وأنه اعتمد السائق والسيارة ونقد هذا الأخير ما يكفي لتزويد السيارة من الوقود وأن الطاعن أقر بتحقيقات الجنحة رقم 80 لسنة 1949 المنصورة أن مركزه إزاء الشركة المطعون عليها كان مركز أمين نقل وخلص من ذلك إلى أن الطاعن مسئول عن فقد العشر بالات التي قبل نقلها وسرقت أو بددت ورد على الدفع بسقوط الحق في مطالبة المطعون عليها للطاعن بالتعويض بمضي 180 يوماً طبقاً للمادة 104 من قانون التجارة بقوله "إن هذا التقادم الجزائي لا يعمل به في حالة الغش وذلك ليس فقط عملاً بالمبدأ القانوني الأول التقليدي الذي يقول إن الغش يبطل كل التصرفات بل لأن هذا الاستثناء قد نصت عليه المادة 104 نصاً صريحاً حاسماً وليس هناك غش أكثر ظهوراً من ضياع البضاعة بطريق السرقة أو التبديد سواء أحصل ذلك من أمين النقل نفسه أو أتباعه الذين عينهم بدله للقيام بهذا التعهد" وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه باستبعاد مدة التقادم المنصوص عليه في المادة 104 صحيح ذلك أن هذه المادة إذ نصت على أن "كل دعوى على أمين النقل لسبب التأخير في نقل البضائع أو بسبب ضياعها أو إتلافها تسقط بمضي مائة وثمانين يوماً... وذلك مع عدم صرف النظر عما يوجد من الغش أو الخيانة فإن مفاد هذا النعي خضوع دعوى المسئولية المترتبة على التخلف عن تنفيذ الالتزامات المتولدة عن عقد النقل للتقادم المبين بها أما إذا صدر من الناقل أو تابعيه غش أو خيانة فإن الدعوى تستند في هذه الحالة إلى الفعل الضار ويكون أساسها المسئولية التقصيرية فتتقادم وفقاً للقواعد الواردة بشأن هذه المسئولية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله في هذا الخصوص فإنه لا يكون قد خالف القانون أو شابه القصور.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه إن صح قضاؤه برفض الدفع بسقوط حق الشركة المطعون ضدها في رفع الدعوى لمضي مائة وثمانين يوماً على علمها بفقد البضاعة دون أن تقيم دعوى المسئولية عليه بوصفه أميناً للنقل وتفرض قيام الغش الذي تنسبه إليه أو إلى أحد أتباعه أو مستخدميه مما يحرمه من الإفادة من حكم التقادم السالف الذكر المنصوص عليه بالمادة 104 من قانون التجارة فإن الحكم قد أخطأ في تطبيق القانون إذ رفض أيضاً الدفع بسقوط الحق في رفع الدعوى بمضي ثلاث سنوات على وقوع الجنحة عملاً بالمادة 172 من القانون المدني واعتبر مدة التقادم الواجبة التطبيق هي المدة الطويلة هذا في حين أن مسئولية أمين النقل في هذه الحالة ليست مسئولية عقدية وإنما هي مسئولية تقصيرية تطبق في شأنها المادة 172 السالفة الذكر وإذ كانت بالات القطن العشر قد سلمت لنقلها في 23/ 1/ 1949 وأقيمت الدعوى في 14/ 9/ 1957 فإنه مع افتراض قيام غش أو خيانة من جانب الطاعن أو أحد مستخدميه فإن الدعوى قد انقضت بمضي ثلاث سنوات ولا يطبق في شأن سقوطها كما ذهب الحكم المطعون فيه التقادم الطويل.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن بالات القطن قد سرقت أو بيعت من أحد تابعي الطاعن على ما سلف بيانه فإن مسئولية هذا الأخير في هذه الحالة. على ما جرى به قضاء هذه المحكمة ليست مسئولية تعاقدية بل مسئولية تقصيرية قوامها الخطأ المدعى عليه به ومن ثم تخضع في تقادمها إلى المادة 172 من القانون المدني التي تقضي بتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه. لما كان ذلك، فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع تأسيساً على سقوط الحق في رفع الدعوى هي خمس عشرة سنة يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم دون حاجة لبحث الباقي من الأسباب.
(1) راجع نقض 12/ 12/ 1963 مجموعة المكتب الفني س 14 ص 1151.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق