جلسة 4 من مارس سنة 1978
برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أنور خلف وعضوية السادة المستشارين: ممدوح عطيه، حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم ومحمد حسب الله.
----------------
(130)
الطعن رقم 451 لسنة 42 القضائية
(1، 2، 3) عمل.
(1) الأصل في الأجر أنه لقاء عمل. منع العامل من العمل بسبب راجع إلى رب العمل أثره. استحقاقه للأجر رغم ذلك. م 692 مدني. تطبيق هذا النص شرطه. أن يكون عقد العمل قائماً.
(2) إعانة غلاء المعيشة المقررة بالأمر العسكري 358 لسنة 1942 والأوامر الأخرى التالية المستحقون لها من العمال. بيانهم.
(3) إجازات العامل. حلول ميعاد الإجازة ورفض صاحب العمل الترخيص بها رغم طلبها. أثره. استحقاق العامل لمقابلها نقداً.
(4) تأمينات اجتماعية. عمل.
نظام تأمين الشيخوخة. حلوله محل نظام مكافأة نهاية الخدمة. ق 143 لسنة 1961.
(5، 6) عمل. وكالة.
(5) جمع العامل بين صفتي الوكيل والأجير. جائز.
(6) المنحة. ماهيتها. اعتبارها جزءاً من الأجر متى كانت مقررة في عقد العمل أو لائحة المنشأة أو جرى العرف بمنحها.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 24 سنة 1969 بندر دمنهور الجزئية التي قيدت برقم 212 سنة 1969 مدني كلي بعد إحالتها إلى محكمة دمنهور الابتدائية طالباً الحكم - أولاً - بإثبات قيام علاقة العمل بينه وبين المطعون ضدهم الأربعة الأول ومورثهم من قبلهم منذ سنة 1939 حتى تاريخ فصله في 12 من مايو سنة 68 مقابل أجر شهري مقداره 71 جنيهاً و248 مليماً شامل إعانة غلاء المعيشة وإلزام الهيئة المطعون ضدها الخامسة بتسوية معاشه على هذه الأسس - ثانياً - بإلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول متضامنين بأن يدفعوا إليه مبلغ 10119 جنيهاً قيمة مرتبه عن شهر مايو سنة 1968 وإعانة غلاء المعيشة عن خمس سنوات سابقة للفصل ومقابل الإجازات عن هذه السنوات ومكافأة نهاية الخدمة ومقابل مهلة الإخطار والتعويض عن الفصل التعسفي، وقال بياناً للدعوى أنه بتاريخ 13 من أغسطس سنة 1939 التحق بالعمل لدى المرحوم..... مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول واستمر قائماً لديهم بعد وفاة مورثهم في 20 من يوليو سنة 1959 متولياً أعمال التركة الإدارية والزراعية والتجارية لكنهم ألغوا في 12 من مايو سنة 68 التوكيل الصادر منهم إليه ولذلك فقد أقام دعواه بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 69 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق وفقاً لما أفصحت عنه بمنطوق حكمها، وبعد إجرائه بسماع شهود الطرفين، قضت في 28 من أكتوبر سنة 1970 - أولاً - بثبوت قيام علاقة العمل بين الطاعن والمطعون ضدهم الأربعة الأول ومورثهم المرحوم..... من قبلهم ابتداء من سنة 1939 حتى 12 من مايو سنة 1968 مقابل أجر شهري مقداره 32 جنيهاً وأجر إضافي في لقاء أعمال الوكالة قيمة 300 جنيه سنوياً منذ 20 من سبتمبر سنة 1959 حتى 12 من مايو سنة 1968 - ثانياً - بإلزام هؤلاء المطعون ضدهم متضامنين أن يدفعوا للطاعن مبلغ 32 جنيهاً و800 مليم قيمة أجره عن فترة عمله الأصلي والإضافي لديهم في شهر مايو سنة 1968 استأنف الطاعن هذا الحكم باستئنافه المقيد برقم 492 سنة 26 ق مدني أمام محكمة استئناف الإسكندرية (مأمورية دمنهور)، فقضت في 17 من إبريل سنة 1972 بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدهم الأربعة الأول متضامنين أن يدفعوا للطاعن مبلغ 64 جنيهاً و800 مليم يتكون من الأجر الذي قضت به محكمة الدرجة الأولى و42 جنيهاً مقابل الأجازة عن سنة عمله الأخيرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص ما جاء بالسبب الأول بشأن مقابل مهلة الإخطار وما جاء بالسبب الخامس بصدد منحة العيدين. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت أخيراً جلسة 28 من يناير سنة 1978 لنطره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والسادس منهما على الحكم المطعون في فساد الاستدلال وقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون من وجهين (أولهما) أنه قضى برفض طلبي التعويض ومقابل مهلة الإخطار واستناداً إلى أن الطاعن أنهى من جانبه عقد العمل وأنه لو صح القول أن إنهاء المطعون ضدهم الأربعة الأول وكالته عنهم يتضمن إنهاء عقد عمله فإن هذا لإنهاء مبرر لأنهم كانوا في سبيل إعادة تنظيم منشأتهم ولإخلاله بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل بامتناعه عن تقديم حساب مدة إدارته إليهم ومنازعتهم في أجرة المنزل الذي يسكنه وتحريره شهادة خلو طرف لأحد العمال لتقديمها في دعوى مرددة بينه وبينهم، حالة أن ادعاء المطعون ضدهم الأربعة الأول أنه لا تربطهم به إلا علاقة وكالة يحق لهم إنهاؤها في أي وقت يقطع بأنهم أنهوا عقده بغير مبرر كما أن الحكم لم يبين مسوغات إعادة تنظيم المنشأة والالتزامات التي أسند إليه إخلاله بها ولا يتصور هذا الإخلال مع مدة عمله الطويلة وهو غير ملزم بتقديم الحساب إلى هؤلاء المطعون ضدهم ويستند في وضع يده على المنزل إلى عقد إيجار ثابت التاريخ وقد حرر شهادة خلو الطرف نفاذاً للالتزام القانوني المقرر بالمادة 86 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بالإضافة إلى أن الحكم لم يراع أنه وقت فصله كان يبلغ من العمر 56 سنة ويحق له الاستمرار في العمل حتى سن الستين لاستكمال مدة استحقاق المعاش طبقاً للمادة السادسة من القانون رقم 63 لسنة 1964 (وثانيهما) إن الحكم قضى له بأجره مدة عمله خلال شهر مايو سنة 1968 فقط مع أنه يستحق أجر هذا الشهر بأكمله لأنه قدم إلى مكتب العمل طلباً تمسك فيه بالاستمرار في عمله لدى المطعون ضدهم الأربعة الأول وبوضع نفسه تحت تصرفهم لكنهم أنكروا قيام علاقة العمل لما أخطرهم هذا المكتب.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الأول مردود، بأنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض طلب التعويض ومقابل مهلة الإخطار على دعامات مستقلة متعددة من بينها أن الطاعن إنما فصل لإخلاله بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل متخذاً أسباب الحكم المستأنف قواماً لقضائه في هذا الخصوص، وكان يبين من الحكم الابتدائي أنه استند في قضائه برفض هذين الطلبين على أسباب مختلفة منها إن فصل الطاعن بني على المادة 76/ 6 من القانون رقم 91 لسنة 1959 لإخلاله بهذه الالتزامات الجوهرية بامتناعه عن تسليم المطعون ضدهم الأربعة الأول كشف حساب مؤيداً بالمستندات عن إدارته لتركة مورثهم في المدة من 20/ 9/ 1959 حتى 12/ 5/ 1968 مما اضطرهم إلى استصدار الحكم رقم 517 سنة 1968 مدني كلي دمنهور بإلزامه بتقديمه وقيامه بتسليم..... العامل لديهم شهادة - بحسن سيره وسلوكه قدمها في دعواه رقم 351 سنة 1968 عمال كلي دمنهور للنيل من دفاعهم فيها مما يعتبر كيداً لهم وعدم حرص على مصالحهم، ولما كانت هذه الدعامة من الحكم المطعون فيه كافية وحدها - لحمل قضائه ولا ينال منه أخذه بأسباب محكمة الدرجة الأولى في هذا الصدد ما دامت سائغة، فإن تعييبه في أية دعامة أخرى - أياً كان وجه الرأي فيها - يكون غير منتج. ولا يجدي الطاعن التحدي في هذا المقام بأن الحكم المطعون فيه رفض طلب التعويض عن فصله دون مراعاة أحقيته في متابعة عمله حتى سن الستين لاستكمال مدة استحقاق المعاش بالتطبيق للمادة السادسة من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم 63 لسنة 1964، ذلك أن الحكم المطعون فيه (وقد أقام قضاءه برفض الطلب المذكور على توافر مبرر فصل الطاعن - وفقاً لما سلف - بيانه فذلك حسبه إذ لم يكن عليه بعد أن يمحص هذا الادعاء الذي ساقه. والنعي في وجهه الثاني مردود بأنه لما كان الأصل في استحقاق الأجر بالتطبيق لنص المادة الثالثة من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 أنه لقاء العمل الذي يقوم به العامل، وكان النص في المادة 692 من القانون المدني على أنه "إذ حضر العامل أو المستخدم لمزاولة عمله في الفترة اليومية التي يلزمه بها عقد العمل أو أعلن أنه مستعد لمزاولة عمله في هذه الفترة ولم يمنعه عن العمل إلا سبب راجع إلى رب العمل كان له الحق في أجر ذلك اليوم" مفاده أنه يشترط - لاستحقاق الأجر في الحالة التي أفصحت عنها هذه المادة أن يكون عقد العمل قائماً لأن الأجر التزام من الالتزامات الناتجة عنه فتنحصر أحكامها عن حالة فصل العامل ما دام أنه ينهي هذا العقد ويزيل بالتالي الالتزامات المترتبة عليه، ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن قد فصل من عمله في 12 من مايو سنة 1968 فيضحى غير مستحق لأي أجر عن المدة اللاحقة لهذا التاريخ وإذ اقتصر الحكم المطعون فيه على القضاء له بأجر فترة عمله خلال شهر مايو 1968، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب. ذلك أنه قضى برفض طلب إعانة غلاء المعيشة عن خمس سنوات سابقة على فصله استناداً إلى قول الشاهد..... أنه بوفاة مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول انتهت الأعمال التجارية ولم يبق منها سوى عملية تأجير المحلج التي تولاها......، في حين أنه يستحق هذه الإعانة بمقتضى الأمر العسكري رقم 99 لسنة 1950 منذ تاريخ صدوره وشهد.... أنه تولى أعمال هؤلاء المطعون ضدهم التجارية كما أسندت إليه الوصية أعمالاً تجارية وصناعية منذ عام 1959.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الأمر العسكري رقم 358 سنة 1942 والأوامر العسكري التي تلته إلى أن صدر الأمر رقم 99 لسنة 1950 لم تفرض إعانة غلاء المعيشة لكل عامل مرتبط بعقد عمل فردي بل فرضتها على أصحاب العمل لصالح العمال الذين يشتغلون في المحال الصناعية أو التجارية وفي المحال التي عدها الشارع في المادة الأولى من قانون إصابات العمل رقم 64 لسنة 1936 في حكم المحال التجارية وهي اسطبلات السباق والنوادي الرياضية ومحال الإدارة المتعلقة بجميع الأعمال الخاصة أو الأعمال ذات المنافع العمومية. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض طلب الطاعن إعانة غلاء المعيشة عن خمس سنوات سابقة على فصله ابتناء على إنه عمل حال حيازة مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول في شئون الزراعة ولم يكن خلال هذه السنوات من عمال المحلات الصناعية والتجارية ومن في حكمها لأن الشاهد..... قرر أن الأعمال التجارية انتهت بوفاة ذلك المورث عدا عملية تأجير المحلج التي تولاها حتى تاريخ تأميمه شخص آخر غير الطاعن، ولما كان ما استخلصه الحكم من أقوال الشاهد لا يخرج عما يؤدي إليه مدلولها، وكان تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها من إطلاقات قاضي الموضوع ما دام قد التزم بمؤدى مدلولها كما أنه اطمئنانه إلى أقوال شاهد دون آخر مرجعه وجدانه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وبياناً له يقول أن - الحكم قضى برفض طلب مقابل الأجازات السنوية استناداً إلى أنه لم يثبت مطالبته المطعون ضدهم الأربعة الأول بها ورفضهم منحها له، في حين أن النص في المادة 58 من القانون رقم 91 لسنة 1959 على عدم جواز نزول العامل عن أجازته مؤداه أنهم يلتزمون بإثبات حصوله عليها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت إجازات العامل بأنواعها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عزيمة من الشارع دعت إليها اعتبارات من النظام العام وهي في نطاق القانون رقم 91 لسنة 1959 أيام معدودات من كل سنة لا يجوز في غير الأحوال المقررة في القانون ولغير مقتضيات العمل استبدال أيام أخر من السنة أو السنوات التالية أو مقابل نقدي بها وإلا فقدت اعتبارها وتعطلت وظيفتها ولم تحقق الغرض منها واستحالت إلى "عوض" ومجرد مال سائل يدفعه صاحب العمل إلى العامل وفي ذلك مصادرة على اعتبارات النظام العام التي دعت إليها ومخالفة لها والقول بأن للعامل أن يتراخى بأجازاته ثم يطالب بمقابل عنها معناه أنه يستطيع بمشيئته وإرادته المنفردة أن يحمل صاحب العمل بالتزام هو عوض حقه لا عين حقه بينما لا يدله فيه وهو حال يختلف عما إذا حل ميعادها ورفض صاحب العمل الترخيص له بها فإنه يكون قد أخل بالتزام جوهري من التزاماته التي يفرضها عليه القانون ولزمه تعويض العامل عنه، ولما كان الثابت في الدعوى أن الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه طالب بأجازاته موضوع التداعي وأن المطعون ضدهم رفضوا التصريح له بها، فإنه لا يحق له المطالبة بمقابلها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض مقابل الأجازات عدا السنة الأخيرة التي فصل فيها الطاعن من العمل، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيانه أن الحكم رفض طلب مكافأة نهاية مدة الخدمة مع أنها حق له لا ينال منه التزام المطعون ضدهم الأربعة الأول بأدائها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية كما أنهم وقد أنكروا علاقة العمل بينهم وبينه بقصد التهرب من أداء هذه المكافأة يكون صاحب المصلحة في مطالبتهم بها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادتين 70، 71 مكرراً من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 - المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 - والمادة الرابعة من القانون الأخير - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن نظام تأمين الشيخوخة قد حل محل نظام مكافأة نهاية الخدمة اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 في أول يناير سنة 1962 وأصبحت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية صاحبة الحق في اقتضاء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للعامل، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه برفض طلب هذه المكافأة على أنها من أموال تأمين الشيخوخة ويلتزم صاحب العمل بأدائها إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لتواجه التزامها بهذا التأمين قبل العامل الذي حل حقه فيها محل تلك المكافأة، فإنه يكون بمنأى عن مخالفة القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك أنه ثبت من كشفي الحساب المقدمين من الوصية إلى محكمة الأحوال الشخصية الولاية على المال عن سنتي 1961 و1962 أن مرتبه السنوي مقداره 732 جنيه أي 61 جنيه شهرياً يتضمن 3840 جنيه عن سنة 1961 بواقع 32 جنيه شهرياً و48 جنيه قيمة منحة عيدي الفطر والأضحى و300 جنيه المنحة السنوية لكن الحكم المطعون فيه قضى بأن هذا المبلغ الأخير مقابل أعمال الوكالة وأن أجره الشهري قيمته 32 جنيه فقط مع أن مؤدى نص المادة الثالثة من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن المنح التي تعطى للعامل وما يصرف له جزاء أمانته وكفاءته يعتبر من قبيل الأجر.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ليس في نصوص القانون ما يمنع من أن يجمع العامل بين صفتي الوكيل والأجير ويعامل بالقواعد القانونية الخاصة بكل صفة على حدتها، والأصل في المنحة التي تصرف للعامل الأجير أنها تبرع من قبل صاحب العمل ولا تصبح التزاماً يضاف إلى الأجر إلا إذا كانت مقررة في عقد العمل أو لائحة المنشأة أو جرى العرف بمنحها حتى أصبح العمال يعتبرنها جزءاً من الأجر، ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص قد انتهى إلى أنه لا خلف بين الطرفين المتداعين أن الطاعن ارتبط مع مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول بعقد عمل بالنسبة للأراضي الزراعية ثم اسند إليه هؤلاء المطعون ضدهم إدارة باقي أعيان التركة بموجب توكيل صادر منهم إليه مما يجعله عاملاً لديهم ووكيلاً عنهم ويكون بذلك قد جمع بين هاتين الصفتين وأن كشف حساب سنة 1961 المقدم من الوصية ينبئ عن أن أجره الشهري كعامل هو 32 جنيه وأنه حصل في هذه السنة على 300 جنيه مقابل أعمال الوكالة وإنه لا يقدح في ذلك ما ورد بالكشف من أن هذا المبلغ منحة أو لا يتصور حصوله على منح سنوية توازي مرتبه في العام بأكمله ويدون بالكشف قيمة المرتب الشهري ثم قيمة إحدى المنح السنوية منسوبة إلى هذا المرتب الشهري وإنه لا يعول في إثبات قيمة الأجر على ما ورد بالاستمارة رقم 1 تأمينات لأن الطاعن هو الذي وقع عليها فلا يسوغ له الاحتجاج على المطعون ضدهم الأربعة الأول بهذه الاستمارة التي اصطنعها. وإذ كان ذلك القضاء قد بني على أسبابه سائغة كافية لحمله وكان الحكم المطعون فيه لم يعتد في تقدير أجر الطاعن بالمنحة التي حصل عليها في عيدي الفطر والأضحى خلال سنتي 1961 و1962 ما دامت قد اقتصرت على هاتين السنتين ولم تجاوزهما إلى ما عداهما فافتقدت بهذه المثابة المقومات اللازمة لإسباغ وصف الأجر عليها مما يجعلها تبرعاً غير ملزم، فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق