جلسة 23 يناير سنة 1941
برياسة حضرة محمد فهمي حسين بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: عبد الفتاح السيد بك وعلي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.
-------------------
(95)
القضية رقم 44 سنة 10 القضائية
(أ) إثبات.
وارث. تصرف صادر من مورّثه في مرض الموت. حقه في الطعن عليه وإثبات مطاعنه بجميع الطرق. التاريخ المدوّن في ورقة التصرف. غير ثابت رسمياً. تمسك الصادر لمصلحته التصرف بتاريخه العرفي. إثبات حقيقة التاريخ بجميع طرق الإثبات. حق الوارث الطاعن في ذلك.
(المادة 228 مدني)
(ب) حكم. تسبيبه.
طلب احتياطي. إغفال الرد عليه. لا يعتبر قصوراً في التسبيب.
(جـ) بيع.
عقد لم يسجل. الالتزامات التي تترتب عليه. التزام الورثة. نقل الملكية إلى المشتري. تمسك الوارث ضد المشتري بعدم تسجيل العقد. لا يجوز.
(قانون التسجيل رقم 18 لسنة 1923)
الوقائع
تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكمين الابتدائيين وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة لهذه المحكمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الموضوع - فيما يأتي:
رفعت الست نرجس جرجس (المطعون ضدّها) الدعوى رقم 383 سنة 1938 أمام محكمة بني سويف الابتدائية على رياض بطرس مرجان ونصيف بطرس مرجان (الطاعنين) وقالت في صحيفتها المعلنة بتاريخ 3 من سبتمبر سنة 1938 إنها اشترت من زوجها المرحوم عبد الله بطرس مرجان بعقد عرفي تاريخه 21 من مارس سنة 1935: 14 فداناً و9 قراريط و10 أسهم بناحيتي أبو كساه وسنرو البحرية بمركز أبشواى مقابل 1500 جنيه أقرّ بقبضها، واشترط عليها إيفاء أقساط البنك العقاري واحترام عقود القسمة المحرّرة بينه وبين شركائه في الملك. وقد تنفذ هذا العقد بوضع اليد من ذلك التاريخ. والأطيان المبيعة ورثها البائع عن شقيقته الست فهيمة بطرس ووقعت في نصيبه بمقتضى عقد القسمة المؤرّخ في 12 من أكتوبر سنة 1933 المحرّر بينه وبين الطاعنين باعتبارهما باقي ورثة الست فهيمة. ولما كان البائع قد تعهد بعمل العقد الرسمي بمجرّد تسجيل عقود القسمة، ولوفاته بتاريخ 21 من يوليه سنة 1938 قبل عمل ذلك العقد، وبما أن الطاعنين باعتبارهما وارثيه ملزمان بتنفيذ ما تعهد به مورّثهما، فلذلك طلبت الحكم بصحة توقيع المرحوم عبد الله بطرس مرجان على عقد البيع، مع إلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1938 رفع الطاعنان الدعوى رقم 401 سنة 1938 أمام محكمة بني سويف الابتدائية على المطعون ضدّها وقالا في صحيفتها بعد أن استعرضا وقائع الدعوى السابقة إن المورّث عبد الله بطرس مرجان كان مريضاً واشتدّ عليه المرض فامتنع عن عمله يوم 12 من يوليه سنة 1938 وتوفى في ليلة 21 من ذلك الشهر بمصر، وكانت المطعون ضدّها تلازمه فحرّر لها عقد البيع الذي تتمسك به. ولما كان هذا العقد في هذه الظروف باطلاً لأنه في الواقع وصية فقد أرادت المطعون ضدّها أن تجعل منه عقد بيع صحيح فجعلت تاريخه 21 من مارس سنة 1935. وبما أن التاريخ العرفي لا يكون حجة على الوارث، ولم يكتسب العقد تاريخاً ثابتاً إلا من يوم الوفاة، فلذلك طلبا الحكم ببطلان عقد البيع المذكور مع إلزامها بالمصاريف. وبتاريخ 8 من فبراير سنة 1939 قضت المحكمة في الدعويين: (أوّلاً) الدعوى رقم 383 سنة 1938 بصحة توقيع المورّث عبد الله بطرس على عقد البيع المؤرّخ 21 من مارس سنة 1935 وألزمت الطاعنين بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. (وثانياً) الدعوى رقم 401 سنة 1938 برفضها وألزمت رافعيها بالمصاريف و200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وبنت المحكمة قضاءها برفض دعوى الطاعنين على ما يأتي:
"حيث إن عدم ثبوت تاريخ العقد المطعون فيه إلا من تاريخ وفاة البائع لا ينهض دليلاً على حصول تحريره وقت الوفاة أو في مرض موت البائع. ولهذا فليس من الضروري أن يكون العقد العرفي الصحيح ثابت التاريخ حتى يمكن الاحتجاج به على ورثة البائع، وإنما أجاز القانون لورثة البائع أن يثبتوا صدور العقد من مورّثهم في مرض موته بكافة طرق الإثبات. وهذا محل بحث المحكمة في هذه الدعوى".
"وحيث إن ظروف الدعوى وما هو ظاهر من الأوراق المقدّمة من المدّعى عليها تدل بجلاء على عدم صحة ما يدّعيه المدّعيان من صدور العقد في مرض موت مورّثهم، لأن العقد مكتوب صلباً وإمضاء بخط البائع، وليس ذلك حال المريض مرض الموت. ومما يؤيد صدور العقد في تاريخه، أي في 21 مارس سنة 1935 أن البائع قد أجر للغير سنة 1936 جزءاً من الأرض المبيعة بصفته نائباً عن زوجته المشترية بمقتضى العقود المقدّمة من المدّعى عليها. ولا يمكن الالتفات لقول المدّعيين إن هذه العقود قد أعطيت تاريخاً سابقاً مثل عقد البيع المطعون فيه لأن المستأجرين موقعون على نفس العقود واستمرّوا في الإجارة وقدّموا عقود الإيجار الموجودة تحت أيديهم الموقع عليها من المورّث عند ما سئلوا في الشكوى المقدّمة عقب وفاة البائع. ولا يعقل أن تكون المدّعى عليها قد اصطنعت هذه العقود في فترة مرض زوجها بمصر قبيل وفاته كما يدّعي المدّعيان".
"وحيث إنه لما تقدّم تكون دعوى المدّعيين ببطلان العقد لصدوره في مرض الموت على غير أساس ويتعين رفضها".
وبتاريخ 19 من إبريل سنة 1939 استأنف الطاعنان الحكمين أمام محكمة استئناف مصر وقيد استئنافهما برقم 540 سنة 56 قضائية، وطلبا في صحيفته إلغاء الحكمين وبطلان العقد الصادر للمطعون ضدّها من زوجها مع إلغاء كل ما يكون قد ترتب عليه من التسجيلات وإلزامها بالمصاريف عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 27 من فبراير سنة 1940 قضت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكمين المستأنفين وألزمت المستأنفين بالمصاريف وبمبلغ 400 قرش مقابل أتعاب المحاماة، وأسست قضاءها على ما يأتي:
"بما أن أساس نزاع المستأنفين (الطاعنين) هو أنهما يعتبران أن عقد البيع الصادر إلى المستأنف عليها (المطعون ضدّها) من زوجها قد تحرّر في مرض الموت وليس في التاريخ المثبت فيه ويستدلان على ذلك بعدّة أمور: (أوّلها) أن زوج المستأنف عليها كان حريصاً يكتب كامل عقوده بخطه ويوقع عليها بإمضائه ويعني بالتصديق بصفة رسمية على التوقيعات الحاصلة عليها، والعقد موضوع النزاع وإن كان محرّراً بخطه وموقعاً عليه منه إلا أنه لم يصدّق على التوقيعات لضيق الوقت بسبب وفاته فضلاً عن أنه لم يسجل. (وثانيهما) الصيغة الشاذة التي صيغ فيها العقد فقد ورد به من التأكيدات والتوضيحات ما لا يحصل إلا من شخص يتوقع الطعن على عمله لإجرائه في وقت شك وريبة. (وثالثها) حرص المستأنف عليها على عدم الإجابة شخصياً عندما سئلت لدى تحقيق الشكوى التي قدّمها المستأنفان بخصوص هذا العقد، وإحالتها على حضرة المحامي عنها. (ورابعها) صدور عدّة تصرفات في بعض الأطيان المبيعة بالعقد المذكور من زوج المستأنف عليها بعد تاريخ هذا العقد منسوبة إلى زوجها مباشرة دون أن يذكر أنه يتصرف بالنيابة عنها، مما يقطع في أن هذا العقد لم يكن موجوداً قبل تاريخ هذه التصرفات، وأنه حرر بعدها في مرض الموت. وخصوصاً أن بعضها كان ببيع جزء من هذه الأطيان، فلو كان العقد حرر في التاريخ المثبت فيه ليصدر البيع من المستأنف عليها لا من زوجها. (وخامسها) ما ورد بتحقيق الشكوى. (وسادسها) أن مرض الموت هو حالة نفسية تقوم بنفس المتوفى يثبتها القاضي من الظروف وتظهر نهاية بالتصرف الذي يقصد به الخلاص من التوريث الطبيعي".
"وبما أنه فيما يختص بالأمرين الأوّل والثاني فإن عدم التصديق على التوقيعات الموجودة بالعقد موضوع النزاع والزيادة في التحوّط في صيغته وذكر تاريخه بالهجرية والإفرنجية والقبطية لا يمكن أن تنهض بذاتها دليلاً على أن العقد حرر في مرض الموت. ولا حرج من الأخذ بما أورده الحاضر عن المستأنف عليها تعليلاً للتوضيحات والبيانات التي تضمنها العقد من أن الزوج ورث الأطيان موضوع العقد عن أخته كما ورث معه أخواه المستأنفان، وتملكت أختهم ما ورثوه عنها بعقد بيع صادر لها من زوجها كان محل طعن من أقارب زوجها وكان زوج المستأنف عليها والمستأنفان مدعى عليهم في الطعن المذكور. ولذلك رؤى من العقل أن يستوفى العقد الصادر للمستأنف عليها بحيث لا يكون هناك سبيل للطعن عليه بمثل ما طعن على عقد أخته. وأما عن عدم تسجيله فسببه واضح في نفس العقد وهو أن التسجيل لا يكون إلا بعد إتمام قسمة الأطيان المبيعة وفرزها من أطيان شريكيه في الملك على المشاع وهما المستأنفان. وأما بالنسبة للأمر الثالث فهو احتياط من المستأنف عليها أملته عليها الظروف السابق الإشارة إليها. وأما عن الأمر الرابع فكما وجدت هذه التصرفات المشار إليها فيه فكذلك وجدت تصرفات من زوج المستأنف عليها لاحقة لعقد البيع صرح فيها بأنه يتعاقد نيابة عن زوجته. فإذا كان في بعض العقود ينسب التصرف فيها لنفسه فهذا مما تبيحه علاقة الزوجية في كثير من الأحوال. وأما عن صدور بعض عقود بيع منه مباشرة عن بعض ما باعه بالعقد موضوع النزاع لزوجته المستأنف عليها فهذا يبرره عدم تسجيل العقد المذكور مما ترتب عليه بقاء التكليف على اسمه، فإذا ما أريد البيع للغير ونقل التكليف إلى اسم هذا الغير وجب أن يصدر البيع منه لا من المستأنف عليها ولا يقدّم هذا الإجراء في ذاته في صحة العقد موضوع النزاع كما لا يكون في ذاته دليلاً على أنه حرّر في مرض الموت".
"وبما أنه فيما يختص بما أورده المستأنفان عن مرض الموت فلا محل للخوض فيه ما دام أنهما لم يثبتا أن العقد موضوع النزاع لم يحرّر في التاريخ المثبت به. كما أنه لا محل للتعرّض لما ذهب إليه المستأنفان من أنهما يعتبران بالنسبة لمورثهما زوج المستأنف عليها من الغير، وأن ملكية الأطيان موضوع النزاع انتقلت إليهما بوفاته فيكونان مالكين للأطيان المذكورة دون المستأنف عليها التي لم تنتقل إليها الملكية بسبب عدم تسجيل عقد البيع الصادر إليها بفرض صحته. وذلك لأنهما من الورثة وبهذه الصفة يلتزمان بما صدر منه، وكل ما هنالك أن القانون أجاز لهما إثبات أن العقد حرر في مرض الموت".
"وبما أنه فيما يختص بتحقيق الشكوى التي يشير إليها المستأنفان فترى هذه المحكمة عدم الاعتماد على ما جاء بها لما لابسها من الظروف المريبة التي تحكم فيها المستأنف الأوّل لمركزه...... وبما أنه لما تقدّم وللأسباب الواردة بالحكمين المستأنفين والتي تعتمدها هذه المحكمة يتعين تأييدهما ورفض الاستئناف".
وبتاريخ 29 من مايو سنة 1940 أعلن الحكم للطاعنين، فطعن فيه وكيلهما بطريق النقض بتقرير تاريخه 19 من يونيه سنة 1940 وذكر به ثلاثة أوجه للطعن ثم بملحق للتقرير تاريخه 22 من ذلك الشهر وبه وجه إضافي. وقد أعلن التقرير وملحقه إلى المطعون ضدّها في 24 منه... إلخ.
المحكمة
ومن حيث إن الطاعنين يبنيان طعنهما على الأوجه الآتية:
(أوّلاً) أن محكمة الموضوع أخطأت في تطبيق القانون، لأنها أخذت بالتاريخ العرفي لعقد البيع الصادر للمطعون ضدّها، وهو 21 من مارس سنة 1935 من غير أن تستند إلى أية قرينة أو دليل على أن العقد كتب في هذا التاريخ، بل اقتصرت على مناقشة الأدلة والقرائن التي استند إليها الطاعنان في أن العقد كتب في يوليه سنة 1938، ورفضت المحكمة البحث فيما أثاراه من أن المورّث كان في شهر يوليه المذكور مريضاً مرض الموت، ثم قضت برفض دعواهما لعجزهما عن إثبات أن ذلك العقد لم يحرّر في التاريخ المدوّن به مع أنهما بصفتهما وارثين يعتبران في طعنهما على العقد من طبقة الغير فلا يسري عليهما ذلك العقد إلا إذا كان ثابت التاريخ.
(ثانياً) أن الحكم المطعون فيه قد أغفل ما طلباه من إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن العقد صدر في مرض الموت، ولم يشر إليه في أسبابه بما يصلح سبباً لرفضه.
(ثالثاً) أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الردّ على ما دفعا به أمام محكمة أوّل درجة ثم أمام محكمة الاستئناف من أن العقد موضوع النزاع لم يسجل فلم ينتقل به المبيع من ملك المورّث حتى مات، وبموته انتقل العقار إلى ملك الورثة انتقالاً صحيحاً يكون معه عقد البيع الصادر من المورّث عديم الأثر.
(رابعاً) أن الطاعنين قد دفعا أمام محكمة الاستئناف بأن العقد المتنازع فيه حقيقته وصية وقدّما لذلك أدلة كثيرة على بقاء يد المورّث قائمة إلى تاريخ الوفاة، سواء أكان ذلك بالإيجار أم بالاستغلال أم بالتصرف بالبيع أم باستمراره على دفع دين البنك، فلم يعن الحكم المطعون فيه بالإشارة إلى هذا الدفاع الجوهري. ولا تكفي إحالته إلى الحكم الابتدائي لأن العناصر الجديدة في إثبات هذا الوجه والتي تقدّمت أمام محكمة الاستئناف كانت للردّ على الحكم الابتدائي وكان على المحكمة المذكورة أن تضمن حكمها ما يفيد أنها قدّرتها ورفضتها. هذه هي أوجه الطعن.
ومن حيث إن النزاع الذي تردّد بين طرفي الخصومة أمام المحكمة الابتدائية ثم أمام محكمة الاستئناف ينحصر في أن المطعون ضدّها تمسكت بأن العقد الصادر لها من زوجها المورّث قد حرر في التاريخ المذكور فيه، وهو 21 من مارس سنة 1935 في حالة صحة البائع، وأنه يعتبر حجة على الطاعنين بما أنهما من ورثته. أما الطاعنان فقد تمسكا بأن العقد حرر في مرض الموت فهو وصية باطلة لعدم إجازتها من الورثة، وأن حقيقة تاريخ تحريره هو الفترة ما بين 12 من يوليه سنة 1938 تاريخ اشتداد المرض وليلة 21 من يوليه سنة 1938 تاريخ وفاة المورّث، وأنهما يعتبران بالنسبة لهذا التصرف من الغير فلا يسري عليهما إلا من وقت الوفاة، لأن العقد الصادر به لا يكون ثابت التاريخ إلا من ذلك الوقت.
ومن حيث إنه لما كان الوارث يعتبر في حكم الغير فيما يختص بالتصرف الصادر من مورّثه في مرض الموت إضراراً بحقه المستمدّ من القانون فإن له أن يطعن على هذا التصرف ويثبت مطاعنه بجميع طرق الإثبات. وإذا كان التاريخ المدوّن بالتصرف غير ثابت رسمياً فإن كل ماله - مع تمسك الوارث الذي صدر لمصلحته هذا التصرف بتاريخه العرفي - أن يثبت حقيقة التاريخ بجميع طرق الإثبات أيضاً.
ومن حيث إن محكمة الاستئناف لم ترفض البحث فيما ادّعاه الطاعنان من أن المورّث حرر العقد في مرض الموت، بل عرضت إلى الأدلة المقدّمة منهما في هذا الخصوص وفندتها واحداً واحداً، ثم انتهت إلى القول إنه لم يقم دليل على أن العقد حرّر في مرض الموت أو أنه لم يحرّر في التاريخ الوارد به. وأكثر من ذلك فإنها أيدت الحكم الابتدائي لأسبابه التي تضمنت البحث في صحة التاريخ العرفي المدوّن بالعقد وإيراد الأدلة والقرائن التي استخلص منها أن هذا التاريخ صحيح. ومحكمة الموضوع في قضائها بهذا تكون قد فصلت في مسألة موضوعية لا رقابة لمحكمة النقض عليها. ومتى تقرّر كل ذلك فإن الحكم إذ ذكر أنه لا محل للخوض فيما أورده الطاعنان عن مرض الموت بعد أن تبين عجزهما عن إثبات عدم صحة التاريخ العرفي ووقوع البيع في فترة المرض لم يخطئ في شيء، إذ البحث في مرض الموت بعد هذا الذي ذكره الحكم لم يكن مجدياً حقيقة. وعليه يكون الوجه الأوّل من الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فإنه وإن كان الثابت في الأوراق أن وكيل الطاعنين طلب في مرافعته أمام محكمة الاستئناف احتياطياً الإحالة إلى التحقيق "إن لم تكتف المحكمة بالتحقيقات التي قدّمت في القضية لإثبات أن العقد حرر في مرض الموت" فإن محكمة الموضوع بعد أن اقتنعت مما أوردته في الحكم - على ما سبق بيانه - بصحة التاريخ العرفي ولم ينازع أحد في أن المورّث كان في ذلك الوقت في حال صحته تكون قد رأت أن لا محل لإحالة الدعوى إلى التحقيق. وما دام المستفاد من الحكم المطعون فيه أن المحكمة اكتفت بالأدلة المطروحة عليها في تكوين عقيدتها في النزاع فإغفالها التحدّث صراحة عن الطلب الاحتياطي لا يكون قصوراً في تسبيب حكمها.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث فإن ما ذكره الحكم في شأنه سليم، لأن عقد البيع وإن كانت الملكية لا تنتقل به لعدم تسجيله فإنه تترتب عليه التزامات شخصية. وهذه الالتزامات الشخصية، وأهمها تمكين المشتري من نقل الملكية، تبقى في تركة المورّث بعد وفاته ويلتزم بها ورثته من بعده. وعلى ذلك فليس للطاعنين أن يتمسكا ضدّ المشترية من مورّثهم بعدم تسجيل العقد الصادر منه لها.
ومن حيث إنه عن الوجه الرابع فإن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الاستئناف بأن التصرف الصادر من المورّث وصية، بل كان طعنهما عليه أمام المحكمتين الابتدائية والاستئنافية أنه بيع صادر في مرض الموت، ومن ثم يكون وصية باطلة لعدم إجازته من الورثة. وهذا الدفاع يكفي في الرد عليه ما جاء في الحكمين الابتدائي والاستئنافي من أن هذا التصرف لم يثبت أنه صدر في مرض الموت. إذ معنى هذا أنه لا يعتبر وصية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق