الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 21 أبريل 2023

الطعن 36 لسنة 12 ق جلسة 31 / 12 / 1942 مج عمر المدنية ج 4 ق 13 ص 32

جلسة 31 ديسمبر سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك رئيس المحكمة وبحضور حضرات: حسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ونجيب مرقس بك المستشارين.

----------------

(13)
القضية رقم 36 سنة 12 القضائية

اختصاص. وقف. 

ركن الرضاء بالوقف. النزاع حول صحة الرضاء أو انعدامه. البحث فيه بحث في أصل الوقف. لا تختص به المحاكم الأهلية.
(المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية)

----------------
لا اختصاص للمحاكم الأهلية بالدعوى التي يرفعاه وارث بطلب إبطال الوقف الصادر من مورثه بناءً على أنه صدر في وقت كان فيه مسلوب الإرادة تحت تأثير التسلط أو الإكراه الأدبي أو الغش. لأن الإقرار بإنشاء الوقف هو الأداة الوحيدة التي ينشأ بها الوقف. فهو إذن أصله الأساسي، وكل نزاع خاص به يخرج عن اختصاص المحاكم الأهلية بحكم المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن في أن الطاعن رفع أمام محكمة قنا الابتدائية الدعوى رقم 115 سنة 1939 كلي على المطعون ضده قال فيها: إن مورثه المرحوم القمص ميخائيل شنوده كان قد أصيب في آخر عمره بضعف في قواه العقلية بسبب شيخوخته ومرضه وأصبح خاضعاً لإرادة وسلطان زوجته. ولذا قدم من يدعى فهيم يواقيم في 25 من يونيو سنة 1931 طلباً لمجلس حسبي قنا بتوقيع الحجر على القمص المذكور للعته أو الغفلة. وفي أثناء سير دعوى الحجر صدر منه في 5 من أغسطس سنة 1931 إشهاد بوقف جميع الأرض التي يملكها ومقدارها 59 ف و17 ط و1/ 2 و1 س على نفسه مدة حياته ثم من بعده على أولاد أخت زوجته واحتفظ لنفسه بشرطي البدل والاستبدال وحرم نفسه من باقي الشروط العشرة. وفي 5 من سبتمبر سنة 1931 أصدر مجلس حسبي قنا قراراً بالحجر المطلوب. فاستأنفه القمص أمام المجلس الحسبي العالي الذي قضى في 15 من نوفمبر سنة 1931 بإلغائه ورفض طلب الحجر. ثم توفي القمص ميخائيل في 14 من إبريل سنة 1936 وانحصر إرثه في زوجته بحق الربع وفي الطاعن بحق الثلاثة الأرباع، ثم توفيت الزوجة من بعده وانحصر إرثها في الطاعن وحده فأصبح هو الوارث الوحيد لجميع تركة القمص ميخائيل شنوده. وطلب الطاعن في دعواه المذكورة الحكم بإبطال الوقف الصادر من مورثه القمص ميخائيل شنودة في 5 من أغسطس سنة 1931 لصدوره في وقت كان فيه مسلوب الإرادة تحت تأثير التسلط والإكراه الأدبي والغش، كما طلب الحكم له بثبوت ملكيته للأعيان المبينة بحجة الوقف، فدفع المطعون ضده الدعوى بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظرها.
وفي 27 من إبريل سنة 1940 قضت محكمة قنا الابتدائية بعدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وألزمت الطاعن بالمصاريف و500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، فاستأنف الطاعن الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط طالباً إلغاءه والحكم باختصاص المحاكم الأهلية بنظر الدعوى وإعادتها إلى محكمة قنا للفصل في موضوعها، وقيد استئنافه بجدول تلك المحكمة تحت رقم 27 سنة 15 قضائية. وفي 15 من يناير سنة 1942 قضت محكمة استئناف أسيوط بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم اختصاص المحاكم الأهلية بالفصل في طلب إبطال الوقف وبإلغائه فيما يختص بطلب تثبيت الملكية، والحكم باختصاص المحاكم الأهلية بنظره وإيقاف الفصل فيه إلى أن يفصل من الجهة المختصة في الطلب الخاص بإبطال الوقف، وجعلت مصاريف الاستئناف مناصفة بين الطرفين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. أعلن حكم محكمة الاستئناف إلى الطاعن في 3 من مايو سنة 1942 فقرر في أول يونيو سنة 1942 بقلم كتاب هذه المحكمة أنه يطعن فيه بطريق النقض للأسباب التي ذكرها في تقريره الذي أعلن إلى المطعون ضده إلخ. إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ فيما قضى به من عدم اختصاص المحاكم الأهلية بنظر دعوى بطلان الوقف لصدور إشهاده من الواقف وهو مسلوب الإرادة تحت تأثير التسلط والإكراه والغش، وذلك بناءً على أن هذا البطلان يثير نزاعاً متعلقاً بأصل الوقف المحظور على المحاكم الأهلية التصدي له. ويقول الطاعن بياناً لدعواه إن الحكم المطعون فيه، أخذاً بما قضت به محكمة النقض والإبرام، اعتبر أصل الوقف هو عقده حالة كون أصل الوقف ليس كل ما يترتب عليه بقاؤه أو انعدامه بل يجب أن يكون هذا الأصل مقروناً ببحث دقيق ينبغي عرضه على جهة القضاء الشرعي ذات الاختصاص الأصلي في تطبيق أحكام الوقف، أما حيث يبدو الحكم ظاهراً واضحاً، أو حيث يتعلق البطلان بالأصول العامة التي تخضع لها كل العقود المدنية كالغش والإكراه أو التزوير، فإنه يكون من العبث حرمان المحاكم الأهلية من اختصاصها الطبيعي وإحالة الدعوى إلى المحاكم الشرعية.
وحيث إن انعدام الرضاء الصحيح بالوقف معناه فساد الإقرار الصادر من الواقف بإنشاء الوقف، وهذا الإقرار هو الأداة الوحيدة التي ينشأ بها الوقف، فهو إذن أصله الأساسي، وكل نزاع خاص به يخرج عن اختصاص المحاكم الأهلية بحكم المادة 16 من لائحة ترتيب المحاكم الأهلية.
وحيث إنه وإن كان الرضاء المعيب يفسد العقود والتصرفات المدنية إلا أن جواز تطبيق هذه القاعدة على الإشهاد بالوقف أمر لا يصح أن يفصل فيه القاضي المدني. لأن الوقف نظام إسلامي له اتصال بالأحكام الشرعية، وشرائط صحة إنشائه وضعها رجال الفقه الإسلامي، فيكون من اختصاصهم وحدهم القول بما إذا كان التسلط على الإرادة أو الغش أو الإكراه المعنوي مما يعيب الإشهاد بالوقف ويبطله لانعدام الرضاء الصحيح شرعاً من جانب الواقف.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من عدم اختصاص المحاكم الأهلية لاعتبار بطلان إشهاد الوقف لعيب في الرضاء من المسائل المتعلقة بأصل الوقف. وعليه يكون هذا الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق