جلسة 16 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار/ أحمد سيف الدين سابق نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد محمود الباجوري، إبراهيم هاشم، محمد طه سنجر وإبراهيم فراج.
--------------
(40)
الطعن رقم 3 لسنة 49 القضائية "أحوال شخصية"
(1 - 3) وقف " الوقف الخيري".
(1) الوقف الخيري. ماهيته. الوقف على جهة من جهات البر التي لا تنقطع. حبس الأعيان اللازمة لإقامة الأضرحة والإنفاق عليها. هو وقف خيري.
(2) النظارة على الوقف الخيري بعد صدور القانون 247 لسنة 1953 المعدل. لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه. التزام من انتهت نظارته بتسليم أعيان الوقف لوزارة الأوقاف. اعتباره حارساً عليها لحين تمام تسليمها.
(3) النظارة على الوقف الخيري. اعتبار الناظر حارساً لحين تسليم الأعيان إلى وزارة الأوقاف. ق 247 لسنة 1953. أثره. عدم جواز عزله قضاء أو استبدال غيره به. وجه استمرار صفته لحين استلام وزارة الأوقاف للأعيان.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1 لسنة 1977 تصرفات أحوال شخصية بنها الابتدائية ضد الطاعن الأول بطلب عزله من النظر على ضريح الشيخ... الكائن ببندر طوخ وتعيينه هو ناظراً عليه بغير أجر، وقال بياناً لها إن النظارة على هذا الضريح كانت لوالده وخلفه فيها الطاعن الأول ورغم ذلك فقد استمر في خدمة الضريح دون انقطاع بمقتضى تفويض من كافة مشايخ الطرق الصوفية وإذ صار الطاعن المذكور عاجزاً عن أداء مهمته فقد أقام الدعوى. تدخل الطاعن الثاني خصماً منضماً إلى الطاعن الأول في طلب رفضها، وبتاريخ 22/ 6/ 1977 حكمت المحكمة بقبول التدخل وإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون ضده أن الطاعنين أهملا في إدارة الضريح وأنه أقدر منهما على إدارته وبعد سماع شهود الطرفين قضت في 15/ 2/ 1978 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 1 سنة 11 ق بنها، وبتاريخ 21/ 11/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وعزل الطاعن الأول من النظر على ضريح الشيخ..... وإقامة المطعون ضده ناظراً عليه لإدارة شئونه بدون أجر طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إن الضريح موضوع الدعوى وقف خيري آلت النظارة عليه إلى وزارة الأوقاف بمقتضى القانون رقم 296 لسنة 1954 الذي أجاز لها النزول عن النظارة لأحد أفراد أسرة الواقف إذا كان الوقف ضئيل القيمة أو الريع أو كان على جهة بر خاصة على ألا ينفذ هذا النزول إلا بتولية الناظر الجديد ومن ثم فإنه يكون لوزارة الأوقاف وحدها الحق في غزل من تنازلت له عن النظارة متى قامت لديها الأسباب الموجبة له وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعزل أولهما من النظر على هذا الضريح وأقام المطعون ضده ناظراً عليه فإنه يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كان الوقف يعد خيرياً إذا كان على جهة من جهات البر التي لا تنقطع، وكان العرف السائد بين المسلمين في العصور المتأخرة جرى على إقامة الأضرحة إعلاء لشأن المعروفين من أهل التقوى والصلاح حتى يتأسى بهم الكافة فإن حبس الأعيان اللازمة لإقامتها والاتفاق عليها يعد وقفاً خيرياً لما ينطوي عليه من معنى التقرب إلى الله تعالى. لما كان ذلك، وكان المشرع قد نظم النظارة على الأوقاف الخيرية بموجب القانون 247 لسنة 1953 المعدل بالقانونين 547 لسنة 1953 و296 لسنة 1954 و272 لسنة 1959 فجعلها لوزارة الأوقاف ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه وأوجب على من انتهت نظارته على هذه الأوقاف أن يسلم أعيانها لوزارة الأوقاف مع اعتبارهم حراساً عليها لحين تمام تسليمها. وإذ كان البين من الأوراق أن الطاعن الأول قد تولى النظر على الوقف موضوع النزاع بقرار صدر من محكمة مصر الابتدائية الشرعية في 31/ 1/ 1949 فإن وزارة الأوقاف تكون قد حلت محله في النظارة بحكم القانون المشار إليه اعتباراً من تاريخ العمل به في 21/ 5/ 1953، وإذ لم يدع أي من الطرفين تسلم الوزارة عين الوقف أو تنازلها عن النظارة للطاعن المذكور أو توكيلها إياه في إدارة الوقف طبقاً لأحكام القانون رقم 272 لسنة 1959 الخاص بتنظيم وزارة الأوقاف ولائحة إجراءاتها فإن يده على الوقف تكون يد حارس لحين تسليمه أعيانه لها، وإذ كانت هذه الحراسة قد افترضها الشارع بقصد تحميل النظار على الأوقاف المشار إليها المسئولية المدنية والجنائية عما قد يلحق أموالها من أضرار نتيجة الإهمال أو العبث خلال الفترة السابقة على التسليم فإن صفته كحارس تكون لصيقة بشخصه فلا يملك القضاء عزله أو استبدال غيره به وإنما تستمر حتى تتسلم وزارة الأوقاف أعيان الوقف، ومن ثم فإن الحكم إذ قضى بعزله وإقامة المطعون ضده ناظراً على الوقف لإدارته يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه. ولما تقدم تتضح سلامة ما قضى به الحكم الابتدائي من رفض الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق