جلسة 11 من يناير سنة 1978
المؤلفة من السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري؛ وصلاح نصار، ومحمود رمضان، وإبراهيم فراج.
-----------------
(39)
الطعن رقم 19 لسنة 46 ق "أحوال شخصية"
(1) أحوال شخصية "النسب". إثبات "الإقرار".
نفي ورثة الزوج حمل الزوجة وولادتها. لا يعد إنكاراً للإقرار المنسوب للزوج برغبته في تسمية الجنين باسم معين. هذا الإقرار يعد قرينة على حصول الحمل.
(2) حكم. بطلان.
خطأ الحكم بإيراد اسم الخصم المتوفى دون ورثته في ديباجته. لا يعد خطأ جسيماً ويترتب عليه البطلان.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المرحوم....... أقام الدعوى رقم.... أحوال شخصية "نفس" أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضم المطعون عليها الأولى بطلب الحكم بنفي نسب الولد الذي وضعته إليه وأمرها بعدم التعرض له بنسبه، وقال شرحاً لها أنه تزوجها بعقد صحيح محرر بتاريخ 12/ 11/ 1967 وفقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، ولم ينجبا أولاداً منذ زواجهما إلى أن فوجئ في 14/ 5/ 1971 بأنها وضعت ولداً أثناء إقامتها بمنزل والدها، وإذ لم يحصل تلاق أو مضاجعة بينهما لأكثر من عام بسبب مرضه، فقد أقام الدعوى بالطلبات سالفة البيان، وبعد وفاته قامت شقيقتاه - الطاعنة وأخرى توفيت - بتجديد السير في الدعوى وطلبتا توقيع الكشف الطبي على الزوجة لإثبات عدم صلاحيتها للإنجاب - وبتاريخ 17/ 3/ 1973 حكمت المحكمة بندب مصلحة الطب الشرعي لندب أحد أطبائها لتوقيع الكشف الطبي على المطعون عليها الأولى وبيان ما إذا كان قد سبق لها الحمل والولادة في تاريخ معاصر لتاريخ حمل وولادة الطفل المطلوب نفي نسبه أو أنها بسبب تكوينها الخلقي عليها أن تحمل وأن تضع في التاريخ سالف البيان، وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره، عادت وحكمت في 20/ 4/ 1974 برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة وأختها هذا الحكم بالاستئناف رقم........ القاهرة طالبتين إلغاءه والحكم بالطلبات، وإذ انقطع سير الخصومة بوفاة الأخت المشار إليها حددت المطعون عليها الأولى السير في الاستئناف ضد الطاعنة عن نفسها وبصفتها وارثة للمتوفاة وضد المطعون عليه الثاني بصفته وارثاً لها، وبتاريخ 4/ 4/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم رفض الاستجابة لطلبيها ندب ثلاثة من الأطباء المتخصصين في أمراض النساء لإعادة توقيع الكشف الطبي على المطعون عليها الأولى لتناقض تقرير الطبيب الشرعي المنتدب مع الشهادات الطبية المقدمة في الدعوى وصدوره عن غير متخصص في أمراض النساء، واكتفى بالاستناد إلى سلامة الأسس العلمية التي بني عليها التقرير وهو ما لا يصلح رداً على طلبها. هذا إلى أنه اتخذ من الإقرار المؤرخ 21/ 1/ 1971 والمدعي صدوره من زوج المطعون عليها الأولى قبل وفاته والذي أبدى فيه رغبته في إطلاق أسماء معينة على الجنين بعد ولادته قرينة مؤيدة لما جاء بتقرير الطبيب الشرعي قولاً بأنه لم يوجه إليه أي مطعن بما يفيد التسليم بصحته، حالة أن الثابت أنها تمسكت في صحيفة الاستئناف ومذكرتها الشارحة بعدم صحة واقعتي الحمل والولادة وطلبت إحالة الزوجة إلى لجنة طبية لفحصها مما يدل على إنكارها لهذا الإقرار، وهو ما يعيب الحكم بالإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق فضلاً عن الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كانت محكمة الموضوع قد رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالاً على الطعون التي وجهها الطاعن إلى ذلك التقرير، لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه التقرير، وهي غير ملزمة بأن تجيب الخصم إلى طلب الاستعانة بخبراء آخرين إذ الأمر في إجابة ذلك أو عدم إجابته متروك لتقديرها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد في خصوص الرد على ما وجه إلى تقرير الطبيب الشرعي من مطاعن قوله "..... وكان البين أن الطبيب الشرعي المنتدب قد باشر المهمة الموكولة إليه بعد كشفه عن المستأنف عليها - المطعون عليها الأولى - وفحصها موضعياً وتناسلياً انتهى إلى أنها قد حملت ووضعت فعلاً في أشهر متقدمة للحمل يمكن أن تتفق وتاريخ الحمل والولادة مع التاريخ المعاصر لتاريخ الحمل وولادة الطفل في يوم 14/ 5/ 1971 وهو ما تطمئن إليه هذه المحكمة وتأخذ به ومن ثم تلتفت عن إجابة طلب المستأنفين - الطاعنة وأختها المتوفاة - بإحالة الدعوى إلى التحقيق أو بندب لجنة طبية لإعادة الفحص حسبما جاء بمذكرتها المقدمة لجلسة 3/ 1/ 1976 لأن ما أورده الطبيب الشرعي بتقريره لا يتفق مع الأصول الفنية الطبية المطلوبة والمعمول بها في مثل هذه الحالة. وحيث إنه والحالة هذه يكون الحكم المستأنف قد حصل واقعات الدعوى تحصيلاً سليماً وأنزل عليها حكم القانون انتهى إلى قضاء يتفق والأسباب الكافية لحمله خاصة ولو تطعن أحد المستأنفتين على الإقرار المنسوب صدوره إلى الزوج المرحوم...... والمؤرخ 31/ 1/ 1971 والمقدم بحافظة المستأنف عليها المودعة ملف محكمة الدرجة الأولى برقم 6 ملف، إذ يعتبر قرينة على أن المستأنف عليها حامل ويوصى بتسمية الجنين عند انفصاله باسم...... إذا كان ذكراً وباسم...... إذا كان بنتاً - الأمر الذي يتعين معه القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف"، وكان هذا الذي أورده الحكم يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق باعتبار أن مجرد ادعاء الطاعنة بعدم قابلية المطعون عليها الأولى للحمل وتكذيبها واقعة المولودة وطلبها إحالتها للكشف الطبي لا يفيد صراحة أو ضمناً إنكارها صدور الإقرار المؤرخ 31/ 1/ 1971 من زوج المطعون عليها المذكورة أو طعنها عليه بأي وجه من أوجه البطلان، وكان الإقرار المشار إليه إذ تضمن إبداء الزوج رغبته في تسمية الجنين عند ولادته باسم معين يستقيم قرينة على أن الزوجة كانت حاملاً في المولود وقت صدور هذا الإقرار ويصلح التدليل به في نطاق الدعوى، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم وإن أورد اسمها إلا أنه لم يبين صفتها كوارثة لأختها التي توفيت أثناء نظر الاستئناف وتقرر انقطاع سير الخصومة بوفاتها وعجلتها المطعون عليها الأولى في مواجهتها هي وزوج شقيقتها المتوفاة - المطعون عليه الثاني - بصفتهما وارثين لها كما أنه أغفل إيراد اسم هذا الأخير وهو ما يعيبه بالبطلان.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النقض أو الخطأ في أسماء الخصوم وصفاتهم الذي لا يكون من شأنه التشكيك في حقيقة الخصم واتصاله بالخصومة المرددة في الدعوى لا يعتبر نقصاً أو خطأ جسيماً يترتب عليه البطلان، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن سير الخصومة في الاستئناف قد انقطع بوفاة إحدى المستأنفتين - شقيقة الطاعنة - وأن المطعون عليها الأولى عجلت السير فيها في مواجهة الطاعنة عن نفسها وفي مواجهتها هي وزوج المتوفاة المطعون عليه الثاني بصفتهما وارثيها وأن الأخير انضم إلى المطعون عليها الأولى في طلبها تأييد الحكم المستأنف، فإن الحكم وإن أخطأ بإيراده اسم المستأنفة المتوفاة دون ورثتها إلا أن هذا الخطأ لا يختفي به وجه الحق في التعريف بأشخاص الخصوم وليس من شأنه التشكيك في حقيقتهم من حيث اتصالهم بالخصومة المرددة في الدعوى، ومن ثم فإنه لا يعتبر خطأ جسيماً مما قصدت المادة 178 من قانون المرافعات أن ترتب عليه البطلان، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق