جلسة 17 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم ودرويش عبد المجيد.
-----------------
(41)
الطعن رقم 1425 لسنة 47 القضائية
(1) بيع. حراسة.
عقد البيع غير المسجل. أثره. للمشتري طلب فرض الحراسة القضائية على العين المبيعة إذا خشي بقاءها تحت يد البائع طيلة فترة النزاع بينهما.
(2) حراسة. محكمة الموضوع. نقض.
تقدير الضرورة والخطر في النزاع الموجب لفرض الحراسة. من المسائل الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع.
(3) إثبات. "عبء الإثبات". حراسة.
المطاعن الموجهة لشخص المرشح لتعيينه حارساً قضائياً. عبء إثباتها. وقوعه على عاتق من يدعيها مدعياً كان أو مدعى عليه.
(4) نقض. "أسباب الطعن".
أسباب الطعن بالنقض. وجوب بيانها بوضوح بما ينفي عنها الغموض والجهالة. م 253 مرافعات.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 622 لسنة 1975 مدني كلى دمياط على الطاعن طالباً (أولاً) الحكم بصفة مستعجلة بفرض الحراسة القضائية على الأرض الزراعية ومساحتها 30 ف و18 ط و20 س المبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وتعيينه حارساً عليها لاستلامها وإدارتها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة حتى الفصل في موضوع النزاع. (ثانياً) الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 9/ 1/ 1970 والمتضمن بيع الطاعن له الأرض الزراعية سالفة الذكر وإلزامه بتسليمها إليه. وقال بياناً لدعواه أنه اشترى من الطاعن الأرض الزراعية محل التداعي بموجب عقد بيع عرفي مؤرخ 9/ 1/ 1970 ولكن الطاعن لم ينفذ التزامه بتسليمه الأرض المبيعة أو نقل ملكيتها إليه بل وتنصل من صدور هذا البيع منه وأساء إدارة واستغلال الأرض وتراخى في تحصيل ريعها وأن بقاءها في حوزته من شأنه أن يهدد حقوقه بخطر عاجل لا يكفي في درئه اتخاذ إجراءات التقاضي العادية الأمر الذي ينيط بالمحكمة اختصاص القضاء بصفة مستعجلة بوضعها تحت الحراسة القضائية إلى أن يفصل في موضوع النزاع المردد في الخصومة. وأثناء سير الدعوى سلك الطاعن سبيل الادعاء بالتزوير على عقد البيع. وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1977 قضت محكمة دمياط الابتدائية في الطلب المستعجل بفرض الحراسة القضائية على الأطيان المبينة بصحيفة الدعوى وتعيين المطعون ضده الأول حارساً عليها لإدارتها وإيداع صافى ريعها خزانة المحكمة إلى أن يفصل في النزاع الموضوعي. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه ورفض الطلب المستعجل بفرض الحراسة القضائية، وقيد الاستئناف برقم 149 لسنة 9 ق، وبتاريخ 3 من نوفمبر سنة 1977 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الثاني بمذكرته بعدم قبول الطعن بالنسبة له إذ لا شأن له بالنزاع ولم يكن خصماً حقيقياً أمام محكمة الموضوع، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني وبرفضه بالنسبة للمطعون ضده الأول، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة رأت أنه جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني فإن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر أمام محكمة الموضوع ونازع أي منهما الآخر في طلباته، وإذ كان البين من الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الثاني قد اختصم أمام محكمة الاستئناف دون أن توجه إليه طلبات وكان موقفه في الخصومة سلبياً فلم تصدر منه منازعة أو يثبت له دفاع ولم يحكم له أو عليه بشيء، فإن اختصامه في الطعن يغدو غير مقبول مما يتعين معه الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إنه نازع أمام محكمة الموضوع في توافر الضرورة الداعية إلى الحراسة فأبان في دفاعه أنه ملئ يمتلك الحد الأقصى المسموح به قانوناً من أرض زراعية وأن القدر محل النزاع مؤجر للغير وأنه يتعهد بإيداع الريع سنوياً خزانة المحكمة وبذلك ينتفي الخطر العاجل المبرر للحراسة ولا تكون لطالبها مصلحة في طلبه، إلا أن المحكمة أعرضت عن هذا الدفاع قولاً منها في حكمها باحتمال العبث بالأرض المبيعة وريعها وأن الملاءة لا تكفي لدفع الخطر، وهو قول من الحكم المطعون فيه غير صحيح، إذ الحراسة ليس من شأنها أن تدرأ الخطر عن المال المبيع وفي ملاءته ما ينفي احتمال العبث بالريع، ومن ثم يكون الحكم قد قضى بالحراسة دون تحقيق مبرراتها مخالفاً لذلك القانون ومخطئاً في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك إنه لما كان من المقرر وفقاً لنص المادة 730 من القانون المدني أن للقضاء أن يأمر بالحراسة إذا كان صاحب المصلحة في منقول أو عقار قد تجمع لديه من الأسباب المعقولة ما يخشى منه خطراً عاجلاً من بقاء المال تحت يد حائز، وكان البيع ينعقد صحيحاً بالعقد غير المسجل كما ينعقد بالعقد المسجل ومن آثار هذا الانعقاد الصحيح أن من حق المشتري أن يطالب البائع بالتسليم على اعتبار أنه التزام شخصي وأثر من آثار البيع الذي لا يحول دونه عدم حصول التسجيل ومن شأن هذه الآثار أيضاً أن يكون للمشتري إذا ما خشي على العين المبيعة من بقائها تحت يد البائع طيلة النزاع أن يطلب إلى المحكمة وضعها تحت الحراسة عملاً بنص المادة آنفة الذكر، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير الضرورة الداعية للحراسة أو الخطر الموجب لها من المسائل الواقعية التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع وحسبها أن تقيم قضاءها بهذا الإجراء التحفظي المؤقت على أسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض في أسبابه لوقائع الدعوى ومستندات الطرفين وأورد بياناً وافياً لماهية النزاع القائم بينهما ومدى استفحاله مستظهراً أن البائع الطاعن تراخى في تحصيل أجرة الأرض محل عقد البيع منذ تاريخ انعقاده كما لم يوف بما عليها من مستحقات ضرائبية وخلص إلى أن في بقائها في حيازته مع احتدام النزاع الذي بلغ حد طعنه بالتزوير على عقد البيع في الوقت الذي يقر فيه بحصول التصرف إنما يشكل خطراً عاجلاً على حقوق المشتري المطعون ضده الأول وأن ما يتحدى به الطاعن من ملائته لا يحول دون قيام هذا الخطر إبان نزاع قد يطول أمده بعد سلوكه طريق الادعاء بالتزوير، وكان هذا الذي أورده الحكم يعد استدلالاً سائغاً في تقدير الخطر المبرر للحراسة الذي اقترن بالنزاع المطروح وذلك لتجمع أسباب جدية يخشى معها على حقوق المشتري المطعون ضده الأول من بقاء الأطيان محل النزاع تحت يد البائع الطاعن فإن المجادلة في هذا الصدد تكون مجادلة موضوعية فيما تستقل بتقديره محكمة الموضوع تنحسر عنها رقابة هذه المحكمة ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة قواعد الإثبات، ويقول بياناً لذلك إنه عرض على محكمة الموضوع تعيينه حارساً فيما لو ارتأت وضع الأرض المتنازع عليها تحت الحراسة وتمسك في دفاعه بأن المطعون ضده الأول قد فشل في دراسته وأنه ليس مليئاً ولا يوثق في إدارته، بيد أن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع مجتزئاً في الرد عليه قوله بأنه دفاع مرسل لم يؤيد بدليل، فيكون الحكم بذلك قد ألقى عليه عبء إثبات مسألة غير مكلف بإثباتها إذ يقع عبء الإثبات على عاتق المطعون ضده الأول طالب الحراسة القضائية مما يعيبه بالقصور فضلاً عن مخالفة قواعد الإثبات.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المطاعن التي يثيرها الخصم على شخص المرشح بتعيينه حارساً إنما يقع عبء إثباتها على عاتق هذا الخصم الذي يدعيها إذ يصير بذلك مدعيا مطالباً بأن يقيم الدليل على ما يدعيه بغض النظر عما إذا كان هو المدعي أصلاً في الدعوى أو المدعى عليه فيها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن دفاع الطاعن الذي أثار بصدده اعتراضاً على شخص المطعون ضده الأول في إسناد الحراسة إليه لعدم تقديمه الدليل المؤيد لاعتراضه، ويكون النعي عليه بالقصور ومخالفة قواعد الإثبات في غير محله.
وحيث إن مبنى السبب الثالث هو النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت بالأوراق ويقول الطاعن في هذا النعي إنه ضمن مذكرات الدفاع وشواهد التزوير أمام محكمة الموضوع قوله بأن توفيق الأوضاع كان مقروناً بامتياز الثمن ولكن الحكم المطعون فيه جزأ هذا القول وافترض امتداد الخصومة وعاب عليه الطعن بالتزوير مع الاعتراف بالتصرف وفي ذلك مخالفة للثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرفها تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً واقعياً نافياً عنها الغموض والجهالة وبحيث يبين فيها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان الطاعن قد ساق النعي بمخالفة الحكم المطعون فيه للثابت بالأوراق بعبارة مبهمة غامضة لا تكشف بجلاء ووضوح عن الأمور التي تثبت بالأوراق ووجه مخالفة الحكم لها وموضع هذه المخالفة وأثرها في قضائه فإن النعي بهذا السبب يكون نعياً مجهلاً غير مقبول.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.
(1) نقض 17/ 6/ 1943 مجموعة القواعد القانونية في 25 عاماً قاعدة 7 ص 517.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق